آخر المواضيع

آخر الأخبار

13‏/10‏/2012

المعتقلون ثوار.. والقتلة أبرياء - سيف الدين عبدالفتاح

 

فى ثلاثة أيام حملت الأحداث وعالم إعلامها ثلاثة أمور شكلت بحق مفارقات كبيرة تؤكد أن الطريق لايزال طويلا لتحقيق أهداف الثورة فى 25 يناير، صحيح أننا بدأنا نسير فى بداية الطريق الصحيح بهذه النوعية من القرارات الجامعة والفارقة والكاشفة والبانية لتماسك الجماعة الوطنية واصطفافها فى عملية بناء حقيقية لمصر الجديدة، مصر الثورة التى نريد.
هذه الأمور الثلاث تتمثل فى صدور يوم الإثنين الماضى قرار العفو عن المعتقلين وحلول ذكرى شهداء ماسبييرو فى يوم الثلاثاء، وفى يوم الأربعاء الذى يليه صدر الحكم ببراءة جميع المتهمين فى موقعة سميت بالجمل وأسميها أنا بـ«موقعة البغل»، تمييزا لها عن موقعة الجمل التاريخية، وكذلك لأن من قام بها فى حقيقة الأمر تصرف بعقلية البغال فامتهنوا شرف الاحتجاج السلمى وثورة جعلت سلوكها الحضارى نموذجا شهد له القاصى والدانى.
هذه الأمور الثلاث تجعلنا نتوقف بحق أمام هذا الحدث الثورى العظيم وما ترتب عليه من أحداث، حمل بعضها خطوات فى الطريق الصحيح، وحمل البعض الآخر تذكيرا بعالم أحداث وقع فيه شهداء ولم يحدث فى المقابل حركة قصاص تقيم العدل وتحقق حياة الأمم وإحيائها بحفظ الحرمات وحماية الكرامات، وحدث فى الثالث أنه حينما تحين ساعة القصاص فإننا جميعا نصدم ونصطدم بأحكام قضائية عنوانها البراءات للمتهمين، ولسان حال الجميع يقول من قتل هؤلاء الشهداء؟!، أم أن أحداث الثورة التى شهدناها جميعا لم تكن شيئا واقعا أو مذكورا، وكأنه ضرب من تخيل محض أو أوهام، ونسى هؤلاء أن الرؤية العيانية كانت رؤية أمة بأسرها وشعب بأكمله لا يجوز عليها التخيل أو التوهم أو الغفلة أو النسيان.
●●●
دعونا إذن نتعلم من عالم مفارقات هذه الثورة المباركة، فى مفتتحها يصدر القرار الرئاسى بالعفو عن المعتقلين، قرار انتظره الجميع لمعرفة القاصى والدانى كيف كانت تدار الأمور ضمن مسار تشويه متعمد للثورة والثوار، هذا المسار للأسف حمل محاسبة من أصحاب المصالح والثورة المضادة الكامنة والظاهرة لهؤلاء الثائرين بأثر رجعى وفعلى يجعل من بعض الثوار فى دائرة التجريم والأحكام العسكرية والمدنية، الأحكام على هؤلاء كانت سريعة وقاسية، قام بها من قام لتكون عبرة لمن يعتبر من الثوار والثائرين، لسان الحال قبل المقال يشير «علشان متعملوهاش تانى»، «أنتم افتكرتم أنكم فى ثورة بصحيح»، أفيقوا نحن هنا، لم يتغير شىء»، أرادوا بذلك أن يرسخوا فى العقول ويشيعوا لدى الكافة أن الثورة التى قامت ومثلت طاقة الأمل الإيجابية لم تكن إلا وهما، وكأننا لم نعش هذه الثورة بكل وقائعها بأيامها وساعاتها، بدقائقها وثوانيها، وكيف أراد النظام البائد ومن بعده دولته العميقة والقبيحة وثورته المضادة الفضيحة أن يجهض حركة الثورة والثوار، وصل الأمر فى حركته الدنيئة إلى القتل العمد والقنص للأرواح والعيون والإصابات فى مقتل وغير مقتل فى عمل ليس انتقاميا فحسب، بل عملا ممنهجا شهدناه بأعيننا وعايشناه بكياناتنا.
نقول ذلك بمناسبة قرار الرئيس معتمدا توصيات اللجنة التى شكلها لفحص حالات المتهمين المحكوم عليهم فى أحداث ثورة 25 يناير وأصدر مساء الاثنين الماضى قرارا بقانون بالعفو الشامل عن كل من حكم عليه فى أحداث الثورة وما تلاها بأى جناية أو جنحة فى إطار فاعليات ارتكبت بهدف مناصرة الثورة فى الفترة من 25 يناير 2011 حتى 30 يونيو 2012، فيما عدا جرائم القتل العمد.
ويؤكد القانون حقوق الاستدراك من أنه على كل من سقط اسمه سهوا أن يتقدم بتظلم للنائب العام أو المدعى العام العسكرى خلال شهر من نشر الأسماء المشمولة بهذا القرار، ويتم تشكيل لجنة لفحص تظلماتهم، ويتم العمل بهذا القانون من اليوم التالى لنشره فى الجريدة الرسمية.
إن «إصدار رئيس الجمهورية قرارا بصفة قانون للعفو الشامل عن الثوار هى المرة الثانية التى يستخدم فيها صلاحياته التشريعية للوفاء بما قطعه على نفسه من تعهدات بالعفو عن الثوار المحاكمين عسكريا».
وأن معنى العفو الشامل هو إسقاط الجريمة وما يترتب عليها من آثار وتبعات، فيكون لهم الحق فى مباشرة حقوقهم السياسية وغيرها من الحقوق، التى كان يحرم منها المحاكمون جنائيا.
هذا القرار الذى لقى إجماعا شعبيا، بما يحققه دعما للحرية واحتراما لحق التجمع والتظاهر، وحرية الرأى والتعبير فى مصر بعد ثورة يناير.
إن هذا القرار يترجم تلك الحريات، التى ظل النظام السابق يطاردها بقبضته الأمنية ويصادر حقوق المواطنين فيها وينتهكها، وتحذر أى نظام سياسى بعد الثورة من تكرار هذه الأخطاء فى حق الشعب.
إن الشباب من الثوار والمواطنين وأسر الشهداء وذوى المعتقلين، لم ينتظروا قرارا منذ قيام الثورة؛ بقدر انتظارهم لقرار العفو عن جميع المعتقلين مدنيا وعسكريا؛ بسبب مناصرتهم للثورة.
إن تميز هذا القرار فى أنه يشكل خطوة إلى الأمام فى إطار المصالحة التى يقوم بها الرئيس بين أطياف المجتمع وبعضه، وهذه النوعية من القرارات يستطيع الرئيس من خلالها أن يقود البلاد إلى نهضة حقيقية.
●●●
إلا أننا ما زلنا ننتظر الانتصار لدماء الشهداء بإعادة المحاكمات الحقيقية، بأدلة اتهام جديدة تحفظ تحقق القصاص العادل لهم ولذويهم ومجتمعهم ووطنهم حفاظا على حرمة الحياة الإنسانية واحترام حقوق المواطنين وحرياتهم فى التعبير والاحتجاج.
يؤكد ذلك ما وقع فى ذاكرة الأمة إذ جاء الثلاثاء الذى يوافق ذكرى مرور عام على مذبحة «ماسبيرو» التى أوجعت قلب مصر، والقتلة مازالوا طلقاء، دون قصاص، تؤكد هذه الذكرى أن العمل لن يكتمل إلا بمتابعة جادة وحقيقية لكل ملفات الذين سقطوا شهداء أو مصابين والقصاص لهم فى محاكمات حقيقية ترد الحقوق وتنتصف لأصحابها.
وجاء الأربعاء يصدم الناس بحكم كاشف عن مشهد لابد أن يكتمل به قرار العفو الرئاسى ذلك أن براءة المتهمين فى «موقعة البغل» التى كانت فارقة فى مسار الثورة المصرية لأنها كانت الموقعة التى جددت شعلة الثورة وعزيمة الثوار على المواصلة حتى إسقاط النظام، وذلك حين انتصروا فيها على جموع البلطجية الذين أطلقتهم قيادات الحزب الوطنى محملين بالسيوف والسنج والسلاسل وكل الأسلحة البدائية للتوغل فى جموع المسيرات السلمية دهسا وقتلا وترويعا بهدف فض ميدان التحرير من الثوار وفشلوا فى هذا، حملت هذه الموقعة إشارات رمزية بالغة الدلالة لمعركة الثورة، وهى الإطاحة بمنظومة فكرية وسلوكية كاملة وشاملة بالغة البدائية والبلادة والغباوة أوقعت مصر فى شباكها العفنة لمدة ثلاثين عاما، إنها الموقعة الأكثر بلاغة عما تعنيه الثورة، والأكثر فضحا لبهيمية العهد البائد، والأكثر تعبيرا عن مدى إختلافه عن عبقرية الثوار صناع العهد الجديد.
وعلى الرغم من رمزية الموقعة فى ذاكرة الثورة المصرية أتى هذا الحكم الذى يرجع إلى ضعف الأدلة التى قدمتها النيابة العامة، وهو أمر لم يعد من الممكن قبوله، من النائب العام ومن النيابة، فإذا لم يقوموا بواجبهم فليتنحوا جانبا وليستقيلوا، ليس معنى الالتزام بالقانون أن تضيع الحقوق وتستباح حرمات حياة الناس، ويستباح مبدأ القصاص وضروراته، ومن ثم فإن مؤسسة الرئاسة يجب أن تكون ملتزمة بما قطعته على نفسها من تعهدات بإعادة محاكمة قتلة شهداء ثورة 25 يناير، وأن لجنة تقصى الحقائق التى تقوم بجمع المعلومات حول الثورة والمسئولين عن الجرائم التى ارتكبت بحق الثوار لا بد أن تقدم معلومات جديدة تطالب بجيل جديد من المحاكمات للمسئولين الحقيقيين عن دماء الثوار.
●●●
إن هذا الشعب وهذا الوطن لن يغمض له جفن إلا باستكمال حلقات التحقيق الفعال والقصاص العادل لشهداء سقطوا، إن المشكل الحقيقى كيف تحبس الثورة أبناءها؟!، وقد صحح قرار العفو الرئاسى هذه المسألة الهزلية، وكيف من قتل شهداءها يمرح وتبرأ ساحته؟!، وهو أمر يجب تصحيحه من كل طريق وبكل الآليات والأساليب.
مشهد الثورة واكتماله لن يكون إلا بعفو شامل عن الثوار وقد تحقق، ومحاكمات ناجزة عادلة لم تتحقق، وقصاص قائم عادل وكامل من المجرمين والفاسدين والقتلة، أدواتنا فى ذلك قيادة سديدة راشدة، وقضاء طاهر مستقل، ونيابة عامة تملك من إسمها حقيقة وظائفها تدافع عن حق هذا الشعب وتحمى حقوق هذا الوطن وتمكن لأهداف هذه الثورة ومكتسباتها.

المعتقلون ثوار.. والقتلة أبرياء - سيف الدين عبدالفتاح
قسم الأخبار
Sat, 13 Oct 2012 09:58:00 GMT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى