آخر المواضيع

آخر الأخبار

06‏/10‏/2012

مذكرات اللواء فؤاد نصار رئيس المخابرات الحربية في حرب أكتوبر

لا يمكن فصل الاستعداد لحرب أكتوبر وكذلك خوضها عن تولي اللواء فؤاد نصار لرئاسة جهاز المخابرات الحربية.. وكما يقول نصار.. في أحد الأيام أرسل لي المرحوم المشير أحمد إسماعيل وزير الحربية وقتها والذي كانت تربطني به علاقة تعود إلي عام 1967عندما عملت معه وقال لي الرئيس السادات بيقول لك تمسك المخابرات الحربية؟ فقلت له أنا لا أعرف شيئا عن الأمن أنا مقاتل مكاني المعارك وميادين الحروب.. فقال لي: الرئيس بيقول لازم تحصل حرب.. فقلت له: إذا كان فيه حرب لازم أقعد 3 شهور أشوف هل أستطيع أم لا.. فقام أحمد إسماعيل واتصل تليفونيا بالسادات وقال لي وهو ممسك السماعة : الرئيس بيقول لك انت هتتشرط؟ فقلت له: لست أنا الذي أتشرط بل مصر هي التي تتشرط لأن حرباً مثل هذه ستكون مصر أو لا تكون.. وانا لو مسكت المنصب وفشلت سأذهب للقيادة وأضرب نفسي بالرصاص مثل اليابانيين.. فأنا خايف علي مصر وخايف علي نفسي.. فقال لي المشير إسماعيل.. تروح تستلم من اللواء محرز الذي كان قد تولي المخابرات بعد الفريق محمد صادق.

 

مذبحة الضباط

وفي المخابرات الحربية بدأ اللواء فؤاد نصار دراسة الموقف ووجد معلومات كثيرة.. وفي هذا الإطار يقول نصار.. بناء علي ما تم عرضه علي من تقارير توصلت إلي وجود تعاون وتنسيق بين المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأمريكية.. فبدأت أدرس كل شيء عن الجانب الاسرائيلي من خلال أصعدة مختلفة منها الطيران والمعدات والأسلحة وكل شيء وتوصلت إلي وجود ثغرات في الجيش الاسرائيلي يمكن استغلالها منها صعوبة تعبئة الجيش الاسرائيلي كله في وقت واحد لأن هذه العملية كانت تعتمد علي الاحتياط فالجيش العامل كله جيش صغير وعملية التعبئة تستغرق 48 ساعة وسلاح الطيران عندهم قوي جدا.. لذا كان لابد من أن نبدأ بضرب الجيش الصغير أولا ومفاجأته وخداعه وخداع الولايات المتحدة الأمريكية التي تسانده.. وبعد ثلاثة أشهر اتصل بي الرئيس السادات وقال لي: الثلاثة شهور انتهت ما رأيك الآن؟. فقلت له: لازم نعمل مفاجأة. أحتاج إلي سنة كاملة. فقال لي: 9 شهور كفاية.

يضيف نصار: لم يكن من الممكن أن أبدا عملي في جهاز المخابرات الحربية فيما يتعلق بالتخطيط لمفاجأة إسرائيل وأمريكا بالحرب دون اتخاذ خطوة حيوية وأساسية في عمل أي مؤسسة خاصة إذا كانت عسكرية وهي "التطهير".. وتمثلت هذه الخطوة في قراري الذي اتخذته بنقل 20 ضابطا من الذين لم يتعاملوا علي أننا في حالة حرب.. وهو قرار لم يعجب كثيرين حتي أن البعض وصفه بـ"المذبحة".. فعندما ذهبت إلي الاستخبارات الحربية وجدت ضباطاً يشغلون مواقعهم وكانت هناك كتيبة اسمها استطلاع المؤخرة، وفي أحد الأيام كنت ذاهباً لزيارتها في الصباح فلم أجد القائد.. فسألت أين هو؟ فقالوا لي.. انه موجود في بيت الرئيس السادات فهو يعرفه من أيام اليمن، وعلي ثقة وثيقة به فذهبت إلي مكتبي وقررت نقله إلي استطلاع البحر الأحمر فرفض هذا الضابط تنفيذ الأمر.

وفي اليوم التالي كنت في مكتبي وفوجئت بالرئيس السادات يتصل بي ويقول لي: مارأيك في فلان؟ فقلت له: ضابط ممتاز. فقال لي : هل تعرف ماذا فعل في اليمن؟ قلت له: يا أفندم عارف. عمل حاجات كثيرة مميزة.. ولكن لاني بأجهز الاستخبارات للحرب فأنا أريد ضابطاً مقاتلاً وليس ضابط أمن يذهب لبيت الرئيس.. ولم يعقب الرئيس علي كلامي وبعدها أصدرت نشرة بنقل 20 ضابطا فقد كنت أريد ضباطا علي قدر من المسئولية في الحروب.

 

منظمة سيناء

بعد نقل الضباط العشرين بدأ نصار عمل الاستعدادات اللازمة لتنفيذ خطة الخداع الاستراتيجي وهنا يؤكد علي معلومة مهمة جدا وهي عدم مساعدة المخابرات الحربية المصرية من قبل أي جهة أو أي جهاز مخابرات حربية عربية بما فيها المخابرات السورية التي لم تقدم لنا أي معلومة.. وفي إطار هذه الاستعدادات انشأ نصار منظمة سيناء واستقبل أحد شبابها وعينه برتبة عقيد لتجنيد أفراد من سيناء لمد المخابرات الحربية بالمعلومات ثم أنشأ قوات خاصة في مبان بها غرف منفصلة.. وقد فوجئ في هذه الأثناء بتطوع الكثير من أبناء سيناء حيث تم تدريبهم علي أجهزة اللاسلكي وكيفية الإرسال بالشفرات والإقامة خلف خطوط العدو.. وعند عودتهم كان يقوم بمقابلتهم وتوجيه رسالة شكر لهم من القيادة السياسية علي دورهم البطولي.

وبجانب منظمة سيناء كانت توجد كتيبة في المخابرات للاستطلاع خلف خطوط العدو وهي كتيبة يقول عنها اللواء فؤاد نصار أنها كانت مدربة علي الحصول علي المعلومات واستمر عملها 9 أشهر دون أن يعلم بها أحد.. وفي أواخر شهر أغسطس 1973 أرسل 20 مجموعة من هذه الكتيبة إلي سيناء استعداداً للحرب وحصلوا علي معلومات دقيقة وكاملة عما يدور في سيناء وكذلك عن مراقبة حركة المطارات ومخازن الطوارئ ومناطق الحشد العسكري وتحركات القيادات الإسرائيلية.. وظلت هذه القوات تقوم بدورها إلي ما بعد الحرب وكان يتولي إعاشتها منظمة سيناء.

ويستكمل نصار.. كانت خطة الخداع الاستراتيجي لإسرائيل والعالم كله تقتضي إخفاء الأمر حتي علي الجيش نفسه.. وأذكر أنني في نهاية سبتمبر 1973 وقبل الحرب بأيام عقدت اجتماعا لقادة مكاتب المخابرات الحربية في مدن القناة وكان من واجبات هذه المكاتب تشكيل مجموعات المقاومة الشعبية في كل مدينة وقلت لهم إن إسرائيل ستقوم بضربة ضدنا.. وفي إطار الخطة أيضا استدعيت الجنرال جودسكي كبير ضباط الاتصال السوفيت في مصر وقلت له إن لدينا معلومات بأن إسرائيل ستقوم بعمليات عسكرية ضدنا وأنها ستشن ضربة جوية غرب القناة وطلبت منه إفادتنا بمعلوماتهم عن ذلك ثم استدعيته بعد ثلاثة أيام وكررت نفس المطلب.

وفي يوم 4 أكتوبر فوجئت بأن السوفيت جمعوا عائلاتهم من سوريا ومصر وقاموا بترحيلها إلي بلادهم عبر السفن والطائرات فقد استشعروا من وجودهم في سوريا كخبراء حتي مستوي الكتيبة بأن هناك حرباً قادمة وكان لهذا الإجراء السوفيتي رد فعل شديد لدي إسرائيل حيث اجتمعت القيادات الإسرائيلية وتدارست الموضوع ولكنهم خرجوا منه بنتيجة أن هناك سببين لهذا الإجراء.. إما أن الخلافات المصرية السوفيتية التي بدأت عقب ترحيل الخبراء السوفييت في عام 1972 قد زادت.. أو أن الولايات المتحدة طلبت من السوفيت إخراج خبرائها من سوريا حتي لا يستطيع السوريون أن يحاربوا.

في إطار خطة الخداع أيضا كان من الضروري ان نعرف هل علمت إسرائيل بنوايانا وبموعد الحرب أم لا؟! هكذا يتساءل نصار قائلا.. كانت وسيلتنا في ذلك هي مراقبة مخازن الطوارئ الستة في سيناء التي يضعون بها دباباتهم وذخائرهم.. فإذا علمت إسرائيل بنوايانا فسوف تعلن التعبئة وتفتح المخازن ليذهب كل جندي إلي المخزن الذي توجد به دبابته.. ولذلك أرسلنا في يوم 9سبتمبر عناصر من وحدة استطلاع مؤخرة العدو إلي سيناء وهي إحدي وحدات المخابرات الحربية المدربة للحصول علي معلومات عسكرية دقيقة عن العدو.. كما ارسلنا 22 مجموعة تم إنزالها بحرا وجوا بالهليوكبتر لمراقبة محاور التقدم وتقاطعات الطرق ومخازن الطوارئ لكشف أي تحركات للعدو في سيناء والتأكد من نجاح خطة الخداع.

ويضيف.. وفي الساعة الخامسة من صباح يوم 5 أكتوبر تلقيت بلاغا من مجموعة الاستطلاع في منطقة المليز بأن طلائع القوات الإسرائيلية بدأت تصل بالطائرات، وأبلغت هذه المعلومات إلي القائد العام للقوات المسلحة وكنا نعرف أن الوقت قد فات بالنسبة لإسرائيل فاستكمال تعبئة وحداتها في سيناء يتطلب 48 ساعة وقد زاد من عنصر المفاجأة أننا بدأنا العمليات في الثانية ظهراً.

 

وثيقة الحرب

رغم الدور الذي تميزت به المخابرات الحربية في حرب أكتوبر إلا أن هذا الدور ظهر بوضوح أكثر خلف خطوط العدو لاسيما فيما يتعلق بإحضار العديد من الأسري من داخل سيناء.. وهنا يؤكد اللواء فؤاد نصار علي أن بدو سيناء ضربوا أروع الأمثلة في البطولة والتعاون والشجاعة مشيرا إلي انه تعامل مع الكثير من رؤساء القبائل والعشائر والذين لا يمكن وصفهم إلا بالأبطال فعندما كان الجيش المصري يحارب في الغرب كان البدو يحاربون في الشرق حيث أسهموا في إغلاق الكثير من فوهات النار التي كانت موجودة في القناة وكان مقررا أن تفتح في أثناء الحرب لتغطية مياه القناة وحرق كل من يفكر في عبورها.

ويشير رئيس المخابرات الحربية الأسبق إلي وثيقة خطيرة لمحضر هيئة العمليات التي ضمت قادة الحرب برئاسة الرئيس الراحل أنور السادات مساء يوم 1 أكتوبر ورد فيها ما قدمه القادة عليه ـ أي السادات - من تقدير مواقف وتقارير نهائية حول الاستعدادات للمعركة.. وافتتح الحديث الفريق أول أحمد إسماعيل وزير الحربية وقتها فقال.. الخطة حسب ما لدينا من إمكانيات.. والسيد الرئيس معنا في كل خطوة.. سنعمل جميعا ونبذل أقصي جهد لنا وشعارنا النصر أو الشهادة.. واقترح عرض تقارير القادة والرؤساء بشكل عام ومدي استعداد القوات لتنفيذ المهام وأي صعوبات تذكر بصراحة.. ثم قال نصار: نجحنا في الحشد حتي 26/9. وموشي دايان أعلن أن مصر وسوريا حشدتا قواتهما.. ويصعب علي العدو القيام بعملية هبوط بري حاليا.. المعركة الرئيسة ستكون شرق المضايق.. سيحاول العدو تدمير قواتنا الجوية.. لم يحرك العدو أي قوات حتي اليوم غرب المضايق.. أما اللواء محمد الجمسي رئيس هيئة العمليات فقد أشار في الوثيقة إلي انه لا تغيير في خطه العمليات حيث تمت مرحلتا التجميع ُورفعت درجة استعداد القوات المسلحة.. خطة الخداع الاستراتيجي والتعبوي تسير بالتنسيق مع الإعلام والخارجية.. لم يُعلن توقيت الهجوم حتي الآن.. بينما قال الرئيس السادات في الوثيقة نفسها انه يجب استخدام الطيران مركزا.. وأشار اللواء محمد علي فهمي قائد قوات الدفاع الجوي إلي انه جارٍ عمل الانتقالات لتوفير حماية لتجميع القوات البرية في العملية الهجومية.. وقال اللواء بحري فؤاد ذكري قائد القوات البحرية إنه لا تغيير عن الخطة وان القوات أخذت مواقعها.. وان الغواصات بدأت في التحرك لتنفيذ مهمتها.. بينما أكد اللــواء سعيد الماحي مدير المدفعية أن المدفعية جاهزة لتنفيذ المخطط.. تمهيد النيران أربع قصفات منها واحدة كاذبة.

وفي الوثيقة ذاتها كما يشير نصار قال السادات: "اعملوا حسابكم المعركة طويلة، ويجب الاقتصاد لتحقيق الهدف" فيما شدد اللـواء مهندس جمال محمد علي مدير المهندسين علي أن خطة التأمين الهندسي للقوات الجوية تم تأمينها وقال إن المعركة معركة مهندسين وتبدأ بنا وهذا يحتم علينا الإسراع في فتح الساتر الترابي وتدبير مهمات الكباري.. حياتنا هي حماية المعابر يجب تركيز الدفاع الجوي لحمايتها.. وأشار اللواء عبد المنعم واصل قائد الجيش الثالث إلي انه لا تغيير في المهمة وان الجميع متفهمون لها وانه تم عمل مشروعات بجنود للواءات وهي قادرة علي تنفيذ المهام.. تم التجهيز الهندسي والمصاطب والمنطقة الابتدائية للهجوم.

وفي الوثيقة ذاتها قال اللواء فؤاد نصار انه يحتمل أن يقوم العدو بأعمال ضد الجبل الأحمر ومدينة نصر مشيرا إلي أن العدو عنده دبابات روسية ت-54 استولي عليها في حرب 67 وربما يستخدمها في الهجوم المضاد وقد يحدث "لخبطة" لقواتنا ويجب تمييز الدبابات.. فيما قال اللواء عبد المنعم خليل قائد المنطقة المركزية "كنت مكلفاً قبل أقل من شهر بالمرور علي الجيش الثاني والثالث لمراجعة موقف الاستعداد والحقيقة أني متفائل بالنصر والروح المعنوية عالية.. سيتم الانتشار في المنطقة المركزية يوم 4 أكتوبر مع آخر ضوء".. وشدد الرئيس السادات علي أن للعدو عملاء في المنطقة يُمكنه من خلالهم عمل أي شيء في الداخل.. القاهرة فيها 6 مليون وله عملاء في السفارات الأجنبية.. يجب التنسيق مع ممدوح سالم والداخلية والمخابرات العامة والحربية.. وأكد العميد نبيل شكري قائد الصاعقة أن قوات الصاعقة علي استعداد تام وأنهم قاموا بمشروعات مشابهة للمهام المطلوبة.. وطلب الإمداد للوحدات بأي وسيلة.. فيما قال الفريق سعد الشاذلي رئيس أركان حرب "نحن ملتزمون بالإمداد بعد 48 ساعة".

وخلال هذا الاجتماع التاريخي ـ والكلام لنصار ـ تحدث الرئيس السادات فاستعرض موقف السنوات السابقة علي عام 1973وعـرض مواقف إسرائيل وأمريكا وروسيا والموقف العربي والأفريقي.. ثم اختتم اللقاء قائلا: "أشرف لنا ألف مرة أن نأخذ قضيتنا في يدنا مهما كانت التضحيات حتي لا نموت موتا أكيدا بالسكون.. ونقول للعالم نحن أحياء.. أنا أتحمل وراءكم المسئولية كاملة تاريخيا ومادياً ومعنوياً.. تصرفوا واعملوا بكل ثقة واطمئنان وحرية.. إن شاء الله اجتماعنا المقبل بعد المعركة وندخل للمراحل التالية، ونزيح الكابوس الرهيب ونستعيد كل ما فقدناه".

 

بحيرة طبرية

ويتذكر اللواء فؤاد نصار انه أثناء حرب أكتوبر قامت إسرائيل بعمل مشروع في بحيرة طبرية فقام برصده مخابراتيا وكتب تقريرا للرئيس السادات قال فيه إن إسرائيل تتدرب علي عبور قناة السويس عن طريق البحيرات المرة التي تشبه بحيرة طبرية.. فتم وضع خطة بتواجد فرقة مدرعة في هذه المنطقة للتصدي للقوات الإسرائيلية وبعد عدة أيام من الحرب ازداد الضغط علي الجيش السوري وطلبت سوريا تطوير الهجوم لدي مصر لتخفيف الضغط عليها.. وبدأت الفرقة المدرعة في العبور للضفة الشرقية وفي تلك اللحظة قامت أمريكا بإبلاغ اسرائيل بالعبور. فقام شارون وفرقته بالهجوم ودخل الثغرة.

ويضيف نصار.. أثناء عبور القوات الإسرائيلية للثغرة فوجئنا بقيام صاروخ غريب يدمر كتائب الصواريخ المصرية دون أن يرصد أو تتصدي له صواريخنا والمضادات فاتصل بي الرئيس السادات لمعرفة حقيقة هذه التدميرات وكشف هذا اللغز طبيب ترك الطب وعمل بالمخابرات في البحوث العسكرية الذي توصل الي أن هذا الصاروخ أمريكي حديث ومطور جداً يستطيع أن يركب شعاع الرادار ويدمر مواقع الصواريخ.. فأخبرت السادات بذلك فقال قولته الشهيرة: "انني استطيع أن أحارب إسرائيل وليس أمريكا".

ويواصل قائلا.. أثناء الثغرة كان رجال الاستخبارات الحربية يتابعون ما يحدث تفصيلياً في الثغرة وأبلغوني أن موشي ديان جاء إلي الثغرة ليلتقي بالقوات الإسرائيلية.. وعلي الفور اتصلت بالسادات فطلب مني تحديد موقعه علي مسافة 20 متراً فأعطي أمراً للقوات الجوية بضرب هذه المنطقة بالنابالم.. وبالفعل نفذت القوات العملية وتم حرق المنطقة وأبلغت السادات وانتظرنا خبر موت ديان.. وفي اليوم التالي جاءتني صور ديان فوق نخلة والنار تحته مشتعلة وأوصلت هذه الصور للسادات.

وكان من أصعب المواقف التي تعرض لها اللواء فؤاد نصار أثناء حرب أكتوبر ـ كما يروي ـ هو كيفية عبور المانع المائي الذي يعد من أصعب العمليات العسكرية خاصة ان قناة السويس ذات مواصفات خاصة فعرضها 200 متر وشواطئها عمودية مما يصعب استخدام المعدات البرمائية إضافة إلي أن الشاطئ الغربي عليه مانع ترابي من 18 إلي 25 متراً عمودياً علي القناة وفوقها تحصينات خط بارليف ودشم قوية محصنة ومجهزة بالنابالم علي سطح القناة بدرجة حرارة 700 درجة وبارتفاع متر ونصف المتر مما جعل العسكرية العالمية تؤكد استحالة عبور المانع إلا باستخدام القنبلة الذرية.

لم يكن عبور المانع المائي من أصعب المواقف التي تعرض لها اللواء فؤاد نصار فهناك موقف آخر كان كفيلا بقلب حرب أكتوبر رأسا علي عقب لولا يقظة المخابرات الحربية التي استطاعت أن تتوصل إلي خطة كانت قد أعدتها لحرق الجنود المصريين وإبادتهم في مصيدة قناة السويس من خلال دفن أنابيب النابالم والصهاريج في تحصينات خط بارليف والتي تنتهي فتحاتها إلي مياه القناة مباشرة لكي تكون جحيما في النار المشتعلة لو حاولت القوات المصرية العبور إلي الضفة الشرقية في سيناء.. وكما يقول اللواء فؤاد نصار فقد تكتمت إسرائيل هذا الأمر حتي يكون مفاجأة للمصريين وحاجزا أمام الوصول الي حافة خط بارليف الحصين.. وكانت تقوم الخطة علي فتح الأنابيب بالنابالم المتدفق إلي مياه القناة بحيث تحاصر القوات المصرية عند العبور وتوقعها في مصيدة الهلاك تحت قصف الطيران الإسرائيلي إلا أن المخابرات الحربية استطاعت أن تكشف الخطة الإسرائيلية قبل ليلة 5 أكتوبر وصارت لديها معلومات كاملة عن خزانات النابالم التي أقامها الإسرائيليون في خط بارليف ليتم صبها عبر المواسير في مياه القناة حتي تتحول الي جحيم حارق للقوات المصرية.. وكانت المعلومات مزودة بالتفاصيل وتتضمن مواقع المواسير وفوهاتها.. وعندما وصلتني هذه المعلومات ـ والكلام لفؤاد نصار ـ قمت بإبلاغها سرا إلي الفريق أحمد إسماعيل قائد الجبهة وطرحت فكرة أن تقوم مجموعة من الصاعقة بعملية إمرار جوي في العمق لتفجير خزانات النابالم ولكن بدت العقبة في عدم معرفة مكانها بالتحديد واحتمال اكتشاف الإسرائيليين للعملية.. ووضعت خطة بديلة لسد فوهات المواسير تتضمن قيام مجموعة من القوات الخاصة التابعة لسلاح المهندسين بالغطس تحت الماء الي الضفة الشرقية للقناة وكان ذلك في ليلة 5-6 أكتوبر.. وكان الأمر يتطلب العبور إلي الساتر الترابي وتفتيش خط بارليف في مناطق محددة ـ طبقا لمعلومات المخابرات الحربية ـ لتحديد أماكن الفتحات ومسار الأنابيب الخفي من العمق الي ضفة القناة.. ?وبالفعل تمكنت المجموعة من إزالة توصيلات المواسير وسد فوهات أخري ليستحيل بذلك ضخ النابالم من خلالها عند فتحها من مكانها في سيناء.. وكان لفشل عملية أنابيب النابالم تأثير علي نجاح عبور القوات المصرية الي الضفة الشرقية وإقامة رؤوس الكباري والاستيلاء علي التحصينات المهمة في خط بارليف خلال ست ساعات فقد فوجيء الإسرائيليون بالعبور الكاسح وتدفق الآلاف من الجنود المصريين؟!

هناك تعليق واحد:

  1. غير معرفأكتوبر 06, 2016

    تحية إعزاز وتقدير لكل العظماء الذين شاركوا فى حرب العاشر من رمضان السادس من أكتوبر رحم الله من إنتقل إلى الرفيق الأعلى وبورك فيمن بقى حياً شاهداً على عظمة مصر وجيشها وشعبها

    ردحذف

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى