.. لو أن رئيسًا آخر غير «مرسي» المنتمي لجماعة «الإخوان المسلمين» اتخذ القرارات الأخيرة وأصدر «الإعلان الدستوري» الأخير لكان رد فعل المصريين مختلفًا، لكنه الخوف من «الإخوان» و«حكم الإخوان»، واستحواذ الإخوان، وخطط الإخوان، وتكويش الإخوان.
.. وقناعتي أن الرئيس يخوض معركته الأخطر.. وربما تكون الأخيرة، والخصم هذه المرة ليس الشفيق فريق،.. ولا المشير طنطاوي،.. ولا أحزاب المعارضة والحركات الثورية التي لا تلتقي على كلمة سواء أبدًا،.. ولا المال السياسي لبقايا النظام الفاسد الذي يأبى (الرحيل) مهما سألناه،.. ولا الإعلام الذي فقد أغلب مصداقيته لدى الشارع.. ولا «الداخلية» التي ترفض العودة..
الخصم هذه المرة هو «القضاء»،.. بل و«المحكمة الدستورية» نعم.. فما أعلنه مرسي من قرارات ما هو إلا «ضربة» استباقية لما كان مقررًا حدوثه يوم 2 ديسمبر المقبل عندما تصدر المحكمة الدستورية حكمها بحل مجلس الشورى».
وبعد أن حُل مجلس الشعب المنتخب،.. وطبعًا «كله بالقانون»!
ويبدو أن السيناريو المتوقع – والمعد له مسبقًا – كان صدور حكم المحكمة الدستورية بعدم دستورية «الإعلان الدستوري» قبل الأخير، الأمر الذي سيؤدي إلى استعادة شرعية إشراف المجلس الأعلى للقوات المسلحة على البلاد، وسحب صلاحيات الرئيس التشريعية في غياب مجلس الشعب، وادخال البلاد في «حسبة برما» ونفق آخر أكثر إظلامًا مما نحن فيه!
فكانت «مفاجأة» الرئيس بالقرارات «الصادمة» التي تربك حسابات خصومه، إلا أن الموقف يظل شديد الخطورة مع إصرار المحكمة الدستورية على تطبيق «القانون»، وإصدار حكمها حول شرعية الإعلان الدستوري قبل الأخير، وحل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وبالتالي إعادة مصر «بالقانون» إلى المربع رقم واحد.
وقراءة محايدة للإعلان الدستوري الجديد بمواده الست الفعلية، لن نجد خلافًا على المادة الأولى التي تقضي بإعادة التحقيقات والمحاكمات في جرائم قتل وإصابة المتظاهرين، ولا المادة الثالثة الخاصة بتعيين النائب العام لمدة 4 سنوات ولا الرابعة التي تمدد فترة انعقاد «تأسيسية الدستور» لشهرين، وربما حتى الخامسة التي تمنع القضاء من حل مجلس الشورى أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور وكذلك المادة السادسة.
ويظل الخلاف على المادة الثانية التي «تحصن» الإعلانات الدستورية وقوانين وقرارات رئيس الجمهورية «السابقة» واللاحقة منذ 30 يونيو وحتى «نفاذ» الدستور، وانتخاب مجلس الشعب الجديد، والمهم «انقضاء» جميع الدعاوى المتعلقة بالإعلانات الدستورية وقرارات الرئيس والمنظورة أمام أية جهة قضائية.
وهذه المادة «ظاهرها العذاب.. وباطنها الرحمة»، فشكليًا هي تحول الرئيس وقراراته السابقة واللاحقة إلى «مقدسات» لا تمس، وتحول من يشغل المنصب حاليًا وحتى «نفاذ» الدستور وانتخاب مجلس الشعب إلى حاكم أوحد.. فرعون.. ديكتاتور.. لا تجوز محاسبته سوى أمام الله عز وجل يوم العرض عليه،.. وهو ما لا يقبله عقل ولا منطق.. وهذا هو «العذاب» الظاهر، وكأس السم الذي علينا تجرعه.
أما «الرحمة» المبطنة فهي «القضاء» على التحايل على «القضاء» وإدخال البلاد في متاهات قانونية تدفع بمصر عبر «ثغرات» القانون أو دروب المحامين في وقت لا تحتمل فيه أيًا من ذلك،.. وربما نتحدث عن كيفية «صنع» القوانين طوال 60 عامًا، وتعيين وكلاء النيابة والقضاة أيضًا في مقال لاحق».
ومن يدري ربما تكون مصر بالفعل في أمس الحاجة إلى ديكتاتور عادل «مؤقت» يقيلها من عثرتها، ويردها عن الهاوية التي تكاد تقع فيها، ويمنع عنها شر حرب أهلية حقيقية وقودها المصريون: مسلمون ومسيحيون،.. «إخوان» و«ليبراليون».. سلفيون وعلمانيون.. وبسطاء ومساكين.. لا يعلم سوى الله متى تبدأ ومتى تنتهي..
.. أرجوكم.. ارحموا مصر.. المحروسة.. بلد الوسطية والتسامح. «مصر» القلوب الصافية.. وابتسامات الفقراء.. وأحضان البسطاء.. وحياء الفتيات.. وشهامة الشباب.. ونخوة الرجال.. ورحمة النساء.. وبركة العجائز.. ومساجد آل البيت.. وأضرحة أولياء الله الصالحين.
مصر التي ندعو الله أن يحفظها وشعبها من كل سوء ويا رب.. لا نسألك رد القضاء.. بل نسألك اللطف فيه. {والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون} (يوسف: 21).
معركة الرئيس الأخيرة - حسام فتحي
قسم الأخبار
Mon, 26 Nov 2012 07:15:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى