يميل بعض الإعلاميين فى مصر إلى نوع من "الرقاعة" الإعلامية إن صح التعبير، كأن "يشبط" فى كلمة فارغة أو جملة تافهة لا قيمة لها وتثير السخرية أكثر مما تثير الاهتمام، وتدفعك إلى الإشفاق على صاحبها أكثر من انشغالك بما يقول، ثم هم يختارون هذا الكلام الفارغ لكى يبنوا عليه جدلاً واسعًا وحديثًا طويلاً وحوارات وفتاوى واستنفار الرأى العام للاستعداد لهذا الموقف الجلل، والحكاية كلها أقرب إلى ملاسنات الخواجة بيجو وأبو لمعة فى برنامج "ساعة لقلبك" الشهير، لا أفهم بأى مقياس إعلامى أخذ بعض مقدمى البرامج حكاية هدم أهرامات الجيزة على محمل الجدية والاهتمام، أو إزالة "أبو الهول" من الوجود، طيب إذا كانوا يقولون فى أمثالنا الشعبية الجميلة: إذا كان المتحدث مجنونًا خلى المستمع عاقل، ولن يبدو أن العقل ضاع من الاثنين، لقد خرج شاب لم يسبق له التعامل مع شاشات التليفزيون أو الكاميرات فأصابته "الخضة" ربما، وأراد أن يسجل حضورًا، فقال إنه سوف يهدم أهرامات الجيزة، الله يقويه، وقد اعتبرتها نكتة عندما سمعتها، واستحضرت بالضبط كلام "أبو لمعة" عندما عزم على حمل الأهرامات فوق ظهره، فلما تحداه "الخواجة بيجو" طلب منه أن يحملها له على ظهره أولاً، هل هذا موضوع يحمل على محمل الجد، هل تلك قضية نشغل بها بال الرأى العام بوصفها أخطر قضايا مصر الآن ونستغل فيها مساحة ساعات من البث الفضائى فى قنوات يفترض أنها محترمة، هل وصل التدنى فى الخلاف السياسى إلى حد أن تصطاد مثل هذه الكلمات المضحكة لتبنى عليها موقفًا تحاول أن تشوه به التيار الإسلامى مثلاً.
إن التاريخ يحدثنا أن أهرامات الجيزة وأبو الهول مر عليها أجيال من أهل الإسلام من أصحاب النبى والفاتحين والملوك والخلفاء والأمراء والدول والممالك الإسلامية والعلماء والدعاة من كل لون ومذهب، ولم يخطر على بال أحدهم أن يهدم الأهرام مثلاً، حتى لو استطاع، كما أن أيًا من دول الإسلام التى مرت على مصر لم تمس أبو الهول بسوء، والوحيد الذى اعتدى على أبو الهول هو شخصية علمانية ليبرالية يتيه بها العالم الغربى فخرًا كأحد أبرز رموز فرنسا النور والحضارة، وهو "نابليون بونابرت" الذى قصف أبو الهول بالمدفعية لكسر أنفه، ربما لأنه رأى أن "أنف" أبو الهول ترمز إلى شموخ مصر على مر التاريخ، فأراد ـ كغازى ـ أن يكسر أنفها، فلم يبق بعدها فى مصر سوى أشهر قليلة خرج بعدها مدحورًا وأنفه هو فى التراب، بعد ثورة "التيار الإسلامى" وقتها، إن صح التعبير، ممثلاً فى الأزهر وعلمائه ورموزه وطلابه..
مؤسف جدًا أن نذكر البعض بذلك، ومؤسف جدًا أن نضطر إلى الحديث عن ذلك، ومؤسف أكثر أن يضطرنا بعض الإعلاميين لأن نتوقف عند هذا الكلام الطائش والمضحك الذى يطلقه "أبو لمعة"، لكن بعض الإعلاميين يصر على أن يؤدى دور "الخواجة بيجو" لكى يكتمل المشهد المسف.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى