العناوين التي تبشِّر بتصاعد الأوضاع سياسيًا وميدانيًا ميزت صحفًا مصرية اليوم، ومن بينها "حرب شوارع على الأبواب"
"مصر... قبل الانفجار".. "حرب شوارع على الأبواب".. "حرب المليونيات تشتعل".. "مواجهات الدم"..
هذه بعض العناوين التي تصدرت صحفًا مصرية تتبنى مواقف معارضة للرئيس المصري محمد مرسي، اليوم الأحد، واصفة سخونة المشهد السياسي والميداني في مصر، والذي اشتعل عقب إصدار الرئيس محمد مرسي إعلانًا دستوريًا "مؤقتاً" الخميس.
وينص هذا الإعلان على إعادة محاكمات قتلة ثوار 25 يناير، ومنح معاشات استثنائية لمصابي الثورة، وتحصين مجلس الشورى (الغرفة الثانية للبرلمان) والجمعية التأسيسية للدستور من الحل بأي حكم قضائي، بالإضافة إلى تحصين قرارات الرئيس من أي طعن عليها في القضاء واعتبارها نافذة بشكل نهائي فضلاً عن تعيين نائب عام جديد.
وتتضافر العديد من العناصر لترسم هذا المشهد المرشح "للتصعيد"، في مقدمتها ما أعلنته القوى السياسية المؤيدة والمعارضة للإعلان من تنظيم مليونيات متزامنة الثلاثاء المقبل، واستقالة مستشار ثان للرئيس احتجاجاً على عدم رجوع الأخير لهيئة مستشاريه قبل إصدار الإعلان الدستوري.
فعلى المستوى السياسي، أسفر الإعلان الدستوري عن حالة استقطاب حاد، وتباين واضح قسمت القوى السياسية بين مؤيد جداً ومعارض جداً، وضم معسكر المؤيدين الأحزاب والقوى الإسلامية، فيما اجتمعت القوى والأحزاب الليبرالية واليسارية على رفض الإعلان، مشكلة ما يسمى بـ"جبهة الإنقاذ الوطني"، برئاسة محمد البرادعي رئيس حزب الدستور، وحمدين صباحي رئيس التيار الشعبي، وعمرو موسى، رئيس حزب المؤتمر.
كما دعت جمعية عمومية حاشدة للقضاة أمس إلى تعليق العمل بالمحاكم والنيابات بدءًا من الثلاثاء المقبل في حال عدم تراجع مرسي عن الإعلان الدستوري فيما أبدى تجمع "قضاة من أجل مصر" تأييده للرئيس.
وبين المؤيدين والمعارضين للإعلان الدستوري بقي موقف كل من هيئة مستشاري الرئيس والجيش المصري رمانة الميزان، القادرة على ترجيح كفة طرف دون الآخر في حال تدخلها وانحيازها لأحدهما.
وعلى مستوى هيئة المستشارين أعلن الشاعر والكاتب الصحفي فاروق جويدة استقالته من منصبه كمستشار للرئيس احتجاجًا على الإعلان قائلاً "لن أقبل أن أكون ديكورًا لأي مشهد من المشاهد لأن هذا وضع لا أقبله لنفسي ولن أقبل أن أشارك في أي شيء يتجاوز حدود الحرية"، وهو الموقف ذاته الذي سبقه إليه سمير مرقص مساعد الرئيس لشئون التحول الديمقراطي.
وداخل هيئة مستشاري الرئيس أيضاً يوجد من يدافع بقوة عن الإعلان الدستوري مثل باكينام الشرقاوي، مساعد رئيس الجمهورية للشئون السياسية.
وبعد اجتماع ثان منتظر بين مرسي وهيئة المستشارين اليوم، في حال اتخذت هيئة مستشاري الرئيس موقفاً موحداً برفض الإعلان الدستوري فإن ذلك سيقوي جبهة معارضيه، فيما ستدعم موقفه في حال أيدت الإعلان، وهو السيناريو ذاته الذي ينطبق على موقف الجيش، الذي تتردد دعوات له بالتدخل.
وجاءت استقالة جويدة بعد ساعات من حضوره اجتماعًا أمس للرئيس بفريق مساعديه ومستشاريه.
وفي الوقت الذي قال فيه ياسر علي، المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، في تصريحات صحفية إن مرسي "رفض الاستقالة التي تقدم بها مرقص"، مضيفًا أن "جميع مستشاري الرئيس باقون في مواقعهم"، أكد مرقص أن استقالته "نهائية ولا رجعة فيها".
ومما يزيد من سخونة الموقف الذي يصفه متابعون بأنه "أخطر أزمة سياسية تواجهها مصر" في عهد مرسي، انتقاله من المستوى السياسي إلى الميداني، في هيئة حرب مليونيات، وتظاهرات شملت مظاهر عنف متبادلة، فضلاً عن استمرار الاشتباكات في محيط ميدان التحرير بين نشطاء معارضين لمرسي وقوات الأمن.
وألقي القبض أمس على 8 متهمين في محاولة إحراق أحد مقار الإخوان المسلمين بالإسكندرية، وهي المحاولة التي تكررت في أكثر من محافظة مصرية على مدار الأيام السابقة، فيما تم الاعتداء بالضرب على كل من المرشح الرئاسي السابق أبو العز الحريري، وعضو مجلس الشعب المنحل حمدي الفخراني، المعارضين للإعلان الدستوري، واتهما عناصر الإخوان المسلمين بالضلوع في هذا الاعتداء.
وعلى المستوى الميداني أيضاً دعت جماعة الإخوان المسلمين أعضاءها للتظاهر اليوم الأحد في الميادين العامة بمحافظات مصر، عقب صلاة المغرب، تأييداً للإعلان الدستوري، والاحتشاد في مليونية الثلاثاء بميدان عابدين وسط القاهرة، وهو التوقيت ذاته الذي دعت إليه جبهة الإنقاذ الوطني لتنظيم مليونية معارضة في ميدان التحرير.
ويخشى مراقبون من تزامن الفعاليتين وقرب موقعهما جغرافياً، مما قد يسفر عن مزيد من الاشتباكات العنيفة في ظل حالة الاحتقان المتزايدة بين الطرفين، والتي عكسها تمسك جبهة الإنقاذ الوطني برفض الحوار مع الرئيس.
وفي بيان أصدرته عقب اجتماع أمس، اشترطت الجبهة ألا يكون هناك حوار قبل "إسقاط الإعلان الدستوري ودعم الحشد الثوري في ميادين مصر ودعم الاعتصام السلمي الذي تقوم به جماهير الشعب وشباب الثورة ودعم القضاة ورجال القانون في موقفهم الحاسم بالدفاع عن السلطة القضائية التي ألغاها الإعلان الدستوري".
وتعهدت القوى المجتمعة بـ"تصعيد الخطوات السياسية السلمية وفقاً لما تراه القيادة الجماعية للجبهة والقوي الثورية من شباب الميدان".
ورغم توحد موقفهم الرافض للإعلان الدستوري، تتباين سياقات المعارضين، فبينما تنطلق فئة من ضرورة إسقاط حكم مرسي، ينطلق آخرون من قاعدة التمسك بالحريات ورفض تحصين قرارات الرئيس وتركيز كافة السلطات القضائية والتنفيذية والتشريعية في يده، ويطالبونه فقط بالتراجع عن بنود الإعلان التي تكرس ذلك، في رأيهم.
في المقابل، يرى المؤيدون أن الإعلان الدستوري مؤقت لحين انتخاب برلمان جديد، ويمثل ضرورة تقطع الطريق على من يصفونهم بـ"الفلول والثورة المضادة"، وتعطيل مسيرة الاستقرار السياسي والتحول الديمقراطي في مصر، ويتيح فرصة زمنية كافية لاستكمال الدستور والانتخابات، على حد قولهم.
وتزامن صدور الإعلان الدستوري الخميس مع تواصل الاحتجاجات في شارع محمد محمود بمحيط ميدان التحرير وسط القاهرة لليوم الرابع على التوالي، مما زاد الموقف في الميدان تعقيداً، حيث انضم لمتظاهري "محمد محمود" المحتجين على الإعلان الدستوري بدءاً من مساء الخميس، وارتفع عددهم مع ظهر الجمعة.
كما يأتي هذا الإعلان صبيحة نجاح الوساطة المصرية في إقرار تهدئة بين إسرائيل والمقاومة الفلسطينية بقطاع غزة، عقب 8 أيام من التصعيد المتبادل أسفرت عن مقتل 163 فلسطيني وإصابة 1383 آخرين، مقابل مقتل 5 إسرائيليين أعلنت عنهم وسائل الإعلام العبرية.
وعلى الصعيد الدولي قال روبرت كولفيل المتحدث باسم مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان نافي بيلاي إن "الإعلان الدستوري الجديد الذي أصدره الرئيس محمد مرسي يثير مخاوف كبيرة بشأن حقوق الإنسان".
وأوضح في إفادة صحفية بالأمم المتحدة في جنيف نشرته على موقعها على الإنترنت الجمعة "يساورنا قلق عميق بشأن التداعيات الهائلة المحتملة لهذا الإعلان على حقوق الإنسان وسيادة القانون في مصر"، مضيفاً "نخشى أيضًا من أن هذا يمكن أن يؤدي إلى وضع مضطرب جدًا على مدى الأيام القليلة القادمة بدءًا من اليوم في الحقيقة".
وفي السياق ذاته قالت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، فيكتوريا نولاند، في بيان صحفي الجمعة "إن أحد تطلعات الثورة كانت في ضمان عدم تركز السلطة بشكل كبير بأيدي شخص واحد أو مؤسسة واحدة"، مضيفة أن الولايات المتحدة تعتبر الإعلان الدستوري الذى أصدره الرئيس المصري "يثير القلق لدى الكثير من المصريين والمجتمع الدولي"، وداعية لحل المشاكل في مصر بـ"الطرق السلمية وعبر الحوار الديمقراطي".
القاهرة - الأناضول
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى