بعد أكثر من عام ونصف على انهيار جهاز الشرطة و سيادة ظاهرة الانفلات الأمني في أعقاب ثورة يناير، ورغم أن البعض يلاحظ تحسنا طفيفا، يتساءل الكثير من المصريين " متى يعود الاستقرار إلى شوارع المدن المصرية؟".
" ادخلوها بسلام آمنين" بهذه الآية المعلقة في صالة الوصول بمطار القاهرة الدولي من سورة الحجر كانت و لا تزال مصر تستقبل القادمين إليها. لكن "بلد الأمن والأمان"، كما يحلو لشعبه أن يطلق عليه، أصبح يعيش في دوامة الانفلات الأمني منذ الثامن والعشرين من يناير العام الماضي. فمنذ انهيار شرطة حبيب العدلي، وزير الداخلية الأسبق في عهد مبارك، في أعقاب الثورة وفتح واقتحام السجون وهروب السجناء، عاش سكان المدن المصرية فترات عصيبة لم يذوقوا فيها طعم الآمان. الجهاز الأمني الذي طالما شكا الشعب المصري من ما ذاقه على يديه من تعذيب وقسوة وجبروت في عهد مبارك وكان احد أهم أسباب قيام ثورة يناير، أصبح مستأنساً وأليفا للغاية بعد الثورة حتى من قبل المجرمين. ولأشهر طويلة بعد الثورة شعر المصريون بتهديد دائم بالسرقة والقتل و الاغتصاب في ظل غياب تام للشرطة ومحاولات تفتقد للخبرة للسيطرة على الانفلات الأمني لقوات الجيش التي كانت تقوم بالمهام الأمنية في تلك الأشهر. ومع انتخاب رئيس جديد الذي وعد بعودة الأمن إلى شوارع المحروسة خلال مائة يوم تفاءل المصريون خيراً. لكن وبعد أكثر من المدة التي حددها الرئيس لا تزال مشكلة الأمن تؤرق الشعب المصري. ففيما يشعر البعض بتحسن الأوضاع الأمنية، لا يزال آخرون يرون الانفلات الأمني قائماً. DW عربية تعكس الآراء المتباينة في الشارع المصري.
تباين الآراء حول الوضع الأمني في شرق القاهرة
"الأمن تحسن كثيراً عن أيام الثورة والأشهر التي تبعتها"، بهذه الكلمات بدأ حمادة متولي حديثه لـDW عربية. ويعمل متولي رئيساً للأمن بأحد مباني حي مصر الجديدة الراقي. ويتحدث متولي عن أيام الانفلات الأمني في المنطقة قائلاً: "كانت أيام الثورة والأشهر التي تبعت قيامها مليئة بالحوادث في المنطقة ما بين سرقة واختطاف وغيرها". و يتابع متولي: "أما الآن فالأمن قد استتب في المنطقة هنا بنسبة قد تصل إلى 99% ونادراً ما يحدث شيئاً يعكر الصفو". ورغم ذلك لا يرجع متولي عودة الأمن إلى انتشار الشرطة فيقول في هذا الصدد: "لا توجد شرطة ولا نراها في الشوارع إلا نادراً لكني اعتقد أن قرب مقر الرئاسة مع تنصيب الرئيس الجديد جعل اللصوص تخاف أن تقترب من هذه المنطقة".
الحارس حمادة متولي
و قريباً من حي مصر الجديدة وتحديداً في منطقة حدائق القبة تعيش ربة البيت أمنية العناني والتي لا ترى كلام متولي يعكس واقعها. وتشرح أمنية ما تشعر به لـDW عربية قائلة: "الأمن أصبح ظاهريا فقط وليس جوهريا". و تفسر أمنية: "ما اعنيه هو أننا نرى دوريات وحراسات في الشوارع ولكنها غير مجدية ومازالت حوادث السرقة والخطف والاغتصاب تحدث ولا يوقفها احد". و عبرت أمنية لـDW عربية عن عدم شعورها بالأمان إلى الآن كما عبرت عن خيبة أملها في الرئيس الجديد حتى اللحظة بعد أن فشل في تنفيذ وعده بإعادة الأمن إلى الشارع المصري.
و رغم ذلك تُرجع أمنية مشكلة عدم فاعلية جهاز الأمن إلى "بدائية الهيكل الأمني" مطالبة باستخدام التكنولوجيا لتسهيل المهمة على رجال الشرطة. و تشرح أمنية فكرتها لـDW عربية قائلة: "نظام العسكري الذي يقف في الشارع ليتابع الحالة الأمنية أصبح بائدا ويجب أن يحل محله نظام متطور كاستخدام الكاميرات في الشوارع مثلاً". وتتابع: "استخدام الكاميرات في الشوارع سيتيح للضباط أن يجلسوا في مكاتبهم يتابعون أربعة أو خمسة ميادين في نفس الوقت. و إذا ما حدثت مشكلة يعطوا تعليماتهم لأقرب دورية أمنية في المنطقة للتدخل. و تعتقد أمنية أن حل كهذا سيكون أكثر سرعة وفاعلية من أنظمة الشرطة المتبعة حالياً في مصر.
ربة البيت أمنية العناني
"الشرطة تبذل جهداً لاستعادة الأمن"
"الأمن عاد في المناطق الراقية فقط. أما المناطق الفقيرة فلا يزال الانفلات الأمني فيها مستمرا"، كما يقول العامل عمرو سيد لـDW عربية. ويسكن سيد ناحية حي شبرا الشعبي بشمال القاهرة. و لا يشعر سيد بالأمن، بل يشعر بتهديد دائم على نفسه وأسرته، عن ذلك يقول: "في أي لحظة الآن قد تجد أمامك من يشهر ساطورا في وجهك أو سلاحا ناريا". و يستطرد: "أخاف على بناتي وزوجتي من الخروج وحدهن خاصة عند حلول الظلام، وحتى أنا أصبحت أتجنب البقاء في الشارع لساعات متأخرة من الليل". ويرى سيد أن جهاز الشرطة لم يستعيد بعد عافيته مما يتيح له القضاء على كل مظاهر البلطجة في الشارع. و يقول سيد لـDW عربية: "الشرطة لا تزال تبني نفسها من جديد وفي رأيي هي تحاول أن تحسن من الحالة الأمنية لكن المشكلة ستأخذ وقتاً حتى تعود إلى ما كانت عليه من قبل".
و اتفق الطالب حسام علي الذي يسكن في حي السيدة زينب وسط القاهرة مع ما قاله سيد في أن الشرطة تبذل جهداً مؤخراً لاستعادة الأمن. لكن علي يختلف مع سيد في الاستنتاج، حيث يرى أن تلك الجهود قد أتت ثمارها. و يقول علي في هذا الصدد لـDW عربية: "الآن حينما تسير ليلاً تجد دوريات الشرطة منتشرة، وصادفت العديد منها من قبل، حيث أنني دائم التواجد خارج المنزل حتى ساعات متأخرة من الليل". لكن علي يعاتب رجال الشرطة بسبب "عدم التعامل الجاد" – على حد تعبيره- مع وقائع التحرش خاصة في الأعياد. و يشرح علي لـDW عربية ما يقصده قائلاً: "مثلاً في عيد الأضحى نزلت لجان شعبية إلى وسط البلد لمنع التحرش بالفتيات كما يحدث دوماً لكننا سمعنا أن الشرطة كانت تحتك بهؤلاء الشباب عوضاً عن عونهم في مهمتهم". و في ختام حديثه لـDW عربية طالب علي المواطنين بالصبر على جهاز الشرطة حتى يستعيد كامل قواه، فيما طالب جهاز الشرطة أيضا أن يكون أكثر جدية وصرامة في التعامل مع الخارجين عن القانون. و يقول علي لـDW عربية في الختام: "مصر لن تعود كما كانت بلد الأمن والأمان حتى يتعاون الشرطة والشعب للقضاء على كل من يرى في الفوضى مصلحة له".
DW.DE
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى