قرأت دستور بلادي (1) - د. أشرف نجم

أخلصت النية لربي .. وتجردت من كل أهوائي .. وخلعت كل انتماء لي إلا لوطني وأمتي .. ولبست منظار الحياد.

قرأت الديباجة والباب الأول والثاني

مبهور أنا بديباجة دستور بلادي ..

بهرتني صياغتها العربية الرصينة، وأخذ بلبي تمجيدها لثورتنا المجيدة، فذكرت شعارها وشهداءها ومفجريها ومن ناصروها.

بهرتني المبادئ الإحدى عشر التي قررتها:

ü الشعب مصدر السلطات.

ü نظام الحكم ديمقراطي.

ü كرامة الفرد من كرامة الوطن.

ü الحرية حق للجميع.

ü تكافؤ الفرص والمساواة بين الجميع.

ü سيادة القانون أساس الحرية.

ü الوحدة الوطنية فريضة وركيزة الدولة الحديثة.

ü الدفاع عن الوطن شرف وواجب.

ü الأمن نعمة كبرى تسهر عليه الشرطة.

ü الوحدة أمل الأمة العربية.

ü ريادة مصر الفكرية والثقافية تجسيد لقوتها.

الحق .. أن ديباجة دستور بلادي تكفي لتصنع أمة عظيمة.

موافق أنا – بتحفظ – على الباب الأول: مقومات الدولة والمجتمع

فأما التحفظ فعلى المادة (4) التي حصنت شيخ الأزهر .. وكنت أتمنى ألا تفعل .. ولم تنص صراحة على انتخابه .. وكنت أتمنى أن تفعل .. غير أنها أحالت الأمر للقانون الذي نأمل أن يصدر مرسخا مبدأ الانتخاب ومحددا فترة ومدة.

وأما الموافقة .. فلأن هذا الباب:

· يؤكد دين الدولة ولغتها وهويتها.

· يرسخ مبدأ التحاكم إلى مبادئ الشريعة الإسلامية.

· يحفظ للأزهر استقلاله وهيبته.

· يحفظ للنصارى حقهم في التحاكم لشرائعهم واختيار قياداتهم الروحية.

· يؤكد النظام الديمقراطي للدولة، بالتعددية والمساواة وتداول السلطة والفصل بين السلطات وسيادة القانون.

· يرسخ أن الحفاظ على أمن الوطن شرف وواجب.

· يلزم الدولة بحراسة حرية المواطن وأمنه، والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص.

· يحمي الأسرة بسياج الدين والأخلاق والوطنية.

· يجعل الدولة حامية لمقومات المجتمع وآدابه وأخلاقه.

· يعالج جوانب الاقتصاد المختلفة ويفصل فيها.

· يلزم الدولة بتنمية الريف والبادية ورفع مستوى المعيشة فيها.

· يحمي الملكية العامة والخاصة.

وفوق كل ذلك ثلاثة أشياء رائعة .. ولأول مرة:

1. لأول مرة ينص الدستور على أن نهر النيل ومياه مصر ثروة وطنية تلتزم الحكومة بالحفاظ عليها والدفاع عنها.

2. لأول مرة يلزم الدستور الدولة بإعادة إحياء نظام الوقف الذي هو رافد أساسي للاقتصاد وضامن كبير لاستقلال المؤسسات.

3. لأول مرة ينصف الدستور العمال والفلاحين فيجعل للعمال نصيب في المؤسسات التي يعملون بها وأرباحها، ويجعل لهم تمثيل 50% في مجالس إدارتها، ويجعل للفلاحين تمثيل 80% في إدارة الجمعيات التعاونية.

فخور أنا بديباجة دستور بلادي .. وبابه الأول.

قرأت الباب الثاني من دستور بلادي (الحقوق والحريات)

إنه ينقل مصر إلى أفق جديد من الحرية ..

يكفي أن تقرأ هذه المادة في صدر الفصل الأول (الحقوق الشخصية):

المادة (31): الكرامة حق لكل إنسان، يكفل المجتمع والدولة احترامها وحمايتها.

ولا يجوز بحال إهانة أى إنسان أو ازدراؤه.

ثم يكمل الباب بنصين آخرين:

1. الحياة الآمنة حق تكفله الدولة لكل مقيم على أراضيها، ويحمى القانون الإنسان مما يهدده من ظواهر إجرامية.

2. لجسد الإنسان حرمة، ويحظر الاتجار بأعضائه. ولا يجوز أن تجرى عليه التجارب الطبية أو العلمية بغير رضاه الحر الموثق، ووفقا للأسس المستقرة فى العلوم الطبية، وعلى النحو الذى ينظمه القانون.

إن دستور بلادي يحفظ كرامة الإنسان .. أي إنسان .. في أي مكان .. وذلك مصداقا لقوله تعالى: “ولقد كرمنا بني آدم”.

ثم استمعوا إلى مقتطفات رائعة من نفس الفصل:

· المواطنون لدى القانون سواء؛ وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك.

· الحرية الشخصية حق طبيعى؛ وهى مصونة لا تمس.

· فيما عدا حالة التلبس، لا يجوز القبض على أحد ولا تفتيشه ولا حبسه ولا منعه من التنقل ولا تقييد حريته بأى قيد إلا بأمر قضائى مسبب يستلزمه التحقيق.

· كل من يقبض عليه، أو يحبس، أو تقيد حريته بأى قيد، تجب معاملته بما يحفظ كرامته. ولا يجوز تعذيبه، ولا ترهيبه، ولا إكراهه، ولا إيذاؤه بدنيا أو معنويا .. ولا يكون حجزه ولا حبسه إلا فى أماكن لائقة إنسانيا وصحيا، وخاضعة للإشراف القضائى.

· السجن دار تأديب وتهذيب وإصلاح؛ يخضع للإشراف القضائى، ويحظر فيه كل ما ينافى كرامة الإنسان، أو يعرض صحته للخطر.

· لحياة المواطنين الخاصة حرمة، وسريتها مكفولة.

· للمنازل حرمة. وفيما عدا حالات الخطر والاستغاثة، لا يجوز دخولها ولا تفتيشها، ولا مراقبتها إلا فى الأحوال المبينة فى القانون، وبأمر قضائى مسبب يحدد المكان والتوقيت والغرض.

· حرية التنقل والإقامة والهجرة مكفولة.

ثم يكمل الفصل الثاني (الحقوق المدنية والسياسية) صورة “مصر الثورة“:

ü حرية الاعتقاد مصونة.

ü حرية الفكر والرأى مكفولة.

ü ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه.

ü حرية الإبداع بأشكاله المختلفة حق لكل مواطن.

ü الحصول على المعلومات والبيانات والإحصاءات والوثائق، والإفصاح عنها، وتداولها، حق تكفله الدولة لكل مواطن.

ü حرية الصحافة والطباعة والنشر وسائر وسائل الإعلام مكفولة.

ü حرية إصدار الصحف وتملكها، بجميع أنواعها، مكفولة بمجرد الإخطار.

ü للمواطنين حق تنظيم الاجتماعات العامة والمواكب والتظاهرات السلمية.

ü وحق الاجتماعات الخاصة مكفول دون إخطار، ولا يجوز لرجال الأمن حضورها أو التنصت عليها.

ü للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية، والأحزاب بمجرد الإخطار .. ولا يجوز للسلطات حلها أو حل هيئاتها الإدارية إلا بحكم قضائى.

ü حرية إنشاء النقابات والاتحادات والتعاونيات مكفولة … ولا يجوز للسلطات حلها أو حل مجالس إدارتها إلا بحكم قضائى.

ثم ينقلنا الفصل الثاني إلى مصاف الدول المتحضرة .. في مادتين حضاريتين:

1. ترعى الدولة مصالح المصريين المقيمين بالخارج، وتحميهم، وتكفل حقوقهم وحرياتهم، وتعينهم على أداء واجباتهم العامة نحو الدولة والمجتمع المصرى، وتشجع إسهامهم فى تنمية الوطن … وينظم القانون مشاركتهم فى الانتخابات والاستفتاءات.

2. تمنح الدولة حق الالتجاء للأجانب المحرومين فى بلادهم من الحقوق والحريات العامة التى يكفلها الدستور …. ويحظر تسليم اللاجئين السياسيين.

ويأتي الفصل الثالث (الحقوق الاقتصادية والاجتماعية) ليكمل الصورة الرائعة:

o لكل مواطن الحق فى التعليم عالى الجودة، وهو مجانى بمراحله المختلفة.

o حرية البحث العلمى مكفولة. والجامعات والمجامع العلمية واللغوية ومراكز البحث العلمى مستقلة.

o تلتزم الدولة بوضع خطة شاملة للقضاء على الأمية وتجفيف منابعها.

o الرعاية الصحية حق لكل مواطن.

o لا يجوز فرض أى عمل جبرا إلا بمقتضى قانون.

o والإضراب السلمى حق، وينظمه القانون.

o المسكن الملائم والماء النظيف والغذاء الصحى حقوق مكفولة.

o لكل شخص الحق فى بيئة صحية سليمة.

o يُحظر كل صور القهر، والاستغلال القسرى للإنسان، وتجارة الجنس.

o تكفل الدولة خدمات التأمين الاجتماعى .. ولكل مواطن الحق فى الضمان الاجتماعى.

o تعمل الدولة على توفير معاش مناسب لصغار الفلاحين والعمال الزراعيين والعمالة غير المنتظمة، ولكل من لا يتمتع بنظام التأمين الاجتماعى.

o لكل طفل، فور الولادة، الحق فى اسم مناسب، ورعاية أسرية، وتغذية أساسية، ومأوى، وخدمات صحية، وتنمية دينية ووجدانية ومعرفية .. وتلتزم الدولة برعايته وحمايته .. ويحظر تشغيل الطفل، قبل تجاوزه سن الإلزام التعليمى، فى أعمال لا تناسب عمره، أو تمنع استمراره فى التعليم.

o تكفل الدولة رعاية النشء والشباب، وتأهيلهم وتنميتهم.

o تلتزم الدولة برعاية ذوى الإعاقة صحيا واقتصاديًا واجتماعيا.

ثم يثبت الباب أن هذا هو “دستور الثورة” .. فيقول: تكرم الدولة شهداء ومصابى الحرب وثورة الخامس والعشرين من يناير والواجب الوطنى، وترعى أسرهم والمحاربين القدامى والمصابين وأسر المفقودين فى الحرب وما فى حكمها .. ويكون لهم ولأبنائهم ولزوجاتهم الأولوية فى فرص العمل .

وختاماً … يبني الفصل الرابع (ضمانات حماية الحقوق والحريات) سوراً لحماية الحريات .. فيقول:

§ سيادة القانون أساس الحكم فى الدولة.

§ استقلال القضاء وحصانة القضاة ضمانتان أساسيتان لحماية الحقوق والحريات.

§ التقاضى حق مصون ومكفول للناس كافة.

§ ويحظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء.

§ ولا يحاكم شخص إلا أمام قاضيه الطبيعى؛ والمحاكم الاستثنائية محظورة.

§ العقوبة شخصية، ولا جريمة ولا عقوبة إلا بنص دستورى أو قانونى، ولا توقع عقوبة إلا بحكم قضائى، ولا عقاب إلا على الأفعال اللاحقة لتاريخ نفاذ القانون.

§ والمتهم برئ حتى تثبت إدانته فى محاكمة قانونية عادلة.

§ حق الدفاع أصالة أو بالوكالة مكفول.

§ كل اعتداء على أى من الحقوق والحريات المكفولة فى الدستور جريمة لا تسقط عنها الدعوى الجنائية ولا المدنية بالتقادم.

أرأيتم دستوراً في الدنيا يفيض بكل هذا الكم من الحريات وضماناتها ؟

أفاخر أنا الدنيا بالباب الثاني من دستور بلادي