مرسي هو "الرئيس المنتخب" ..
هذه الجملة يرددها مؤيدوه مثل "اللبنانة" في كل جملة .. ولا يرفضها معارضوه في أي لحظة .. دعنا من المعارضين فهم وحشين وكفار وفلول كما تحاول دعاية الإخوان أن تصورهم .. وخلينا شوية مع المؤيدين الذين لا يدركون أنهم وهم يصرون على هذا الوصف لمرسي ينقصون من درجته درجة ويتفقون مع المعارضين في نزع شرعيته ..
يعني إيه ..
زملائي الصحفيون ودارسو علوم السياسة سيفهمون كلامي بالتأكيد .. فعندما يفوز أي مرشح بإنتخابات الرئاسة .. وفي الفترة التي تفصل بين لحظة الفوز وتسلم السلطة فعليا .. يطلق عليه الإعلام لقب "الرئيس المنتخب" .. فقد حصل على تزكية الصندوق وثقة الناخبين .. ولكنه لم يصبح رئيسا شرعيا بعد ولا يمتلك سلطات الرئيس .. فهو لا يمتلك صفة الرئيس ولا سلطته إلا بعد أن يتم تنصيبه رسميا .. بأن يقسم اليمين الذي يحدد العهد أو التعاقد بينه وبين شعبه (من إنتخبه منهم ومن لم ينتخبه) .. بعد أن يقسم الرئيس اليمين الدستوري يصبح من الناحية الفعلية "رئيسا" وتستطيع وسائل الإعلام والمخاطبات الرسمية أن تطلق عليه "رئيسا" ليس قبلها ..
القسم هو ما يمنح الرئيس شرعيته وسلطته .. والحنث بالقسم هو ما يرفع عن الرئيس هذه الشرعية .. الرئيس يقسم على أن يحترم القانون والدستور فإن أخل بهذا القسم عن عمد فقد شرعية القسم .. كان نيكسون رئيسا منتخبا وشرعيا للولايات المتحدة .. ولكنه في لحظة ما ضبط متلبسا بمخالفة ما أقسم عليه .. إرتكب جريمة (تبدو عادية في نظر أي ديكتاتور) وهي التنصت على خصومه السياسيين .. ولذلك فقد إعتبره الشعب الأمريكي أخل بقسمه وأجبره على الإستقاله ..
الموضوع واضح وبسيط .. وربما كل المؤيدين الذين يدافعون عن مرسي ويكررون أنه "الرئيس المنتخب" ينطقون بكلمة الحق دون أن يدرون .. فهو فعلا الرئيس المنتخب .. عاد إلى مرحلة ما قبل القسم الذي حنث به بعد أن داس على القانون والدستور الذي أقسم أن يحافظ عليه .. وجمع في يديه سلطات مطلقة بأمر منه ..
يسأل الناس .. وهل معنى ذلك أن نخلع الرئيس .. وهل من الصالح العام أن نغير رئيسا كل خمسة أشهر ..
الواقع أن خلع الرئيس أو الإطاحة به أهون بكثير من قبول ديكتاتور .. إذا كان مرسي يريد أن يكمل مدته فيجب عليه أن يتعهد بأن يحترم القانون والمبادئ الدستورية الواضحة التي تفصل بين السلطات في الدولة .. وإلا سيكون خلعه مهما كان أمرا صعبا ومرهقا ومكلفا أهون من قبول ديكتاتور يتربص بالقانون ولا يحترمه ومستعد لخرقه في أي وقت
يسأل الناس .. وماذا عن ميليشيات الإخوان ودعوات الجهاد دفاعا عن مرسي ..
الواقع أنه إذا كان بقاء مرسي سيكون خوفا من ميليشيات الإخوان فهذا يعني ببساطة أننا نسلم الوطن إلى ديكتاتور يستند إلى عصابة تحكم بالقوة وتفرض قانونها بالعنف والإرهاب والتخويف .. لا يوجد أسوأ من هذا في التاريخ الحديث ..
في ألمانيا .. حصل حزب هتلر على 33% من أصوات الناخبين .. ولكنه كان يمتلك ميليشيات متعصبة تأتمر بأمره يطلق عليها فرق العاصفة أو ذوي القمصان البنية .. وبفضل هذه الفرق تمكن أن يفرض إرهابه وسطوته على الجميع وينكل بكل معارضيه .. دفعت ألمانيا والشعب الألماني بعد ذلك الثمن فادحا .. مات عشرون مليون ألماني في الحرب العالمية الثانية ودمرت ألمانيا تماما لأن الناس خافت أن تتصدى لعصابة تغتصب الحكم .. خاف الناس أن يسقط عشرات أو مئات فمات عشرون مليونا .. وفي العراق ربما لو تصدى العراقيون في يوم من الأيام لصدام وعصابات البعث لما وصل أغنى بلد عربي إلى ما هو فيه حاليا من دمار وموت وانقسام
دروس التاريخ واضحة .. من يستسلم لحكم العصابات بدافع الخوف يدفع الثمن .. والدم المؤجل الذي ندخره دفاعا عن الحق في مواجهة الديكتاتور يسفك أضعافه المضاعفة إذا تمكن هذا الديكتاتور وعصابته وأصبحوا حكاما للبلاد ..
كان رئيسا منتخبا .. ثم أقسم فأصبح رئيسا .. ثم حنث بالقسم ليصبح ديكتاتورا ..
أراده المصريون رئيسا للجمهورية .. وأراد لنفسه أن يكون رئيس عصابة .. نرفض رئيس العصابة ولو على جثثنا .. ونقبل بالرئيس إذا تعهد أن يحترم القانون ويحترم دماءنا .
المصدر : http://bit.ly/TUWKAy
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى