رد الأستاذة منى حوا "مديرة حملة الأندلس" على مقال بلال فضل "كباريه الأندلس"
إلى الأستاذ القدير بلال فضل، رداً على مقالك "كباريه الأندلس" ..
تحيّة طيبة وإحترام،
أعرفك بنفسي، أنا منى حوا، فتاة بسيطة تحمل فكرة، فأنا من دشّن المبادرة السنوية بإحياء الأندلس في يوم 2 يناير من كل عام، ومعي جمع طيب من الشباب الواعي من مختلف الأطياف والتوجّهات والدول المترامية، فتاة تعرف جهلها أكثر من معرفتها بأي شئ آخر، ومن معرفتي بجهلي أكتب لك .. فاسمحلي ببعض النقاط حول ما كتبتموه.
بالنسبة لدعوة حركة أحرار في ميدان "سنفكس"، فقد كان التجمع ثقافيا وفكريا وحضاريا جداً، قام الشباب فيه بعرض وثائقيات مترجمة من الاسبانية والإنجليزية، كما قامو بعرض مصوّر لبعض جوانب الحضارة الأندلسية، وناقشوا سوية في تجمعهم أسباب سقوط الأندلس، مسقطين ذلك على واقع مصر، الذين يشاطرونك قلقهم الشديد من أن تصبح أندلساً أخرى، فليسوا أقل ثقافة من كريمكم، وبعضهم قرأ فعلاً كتب المؤرخ القدير عنان وسواه، بل وتعدى ذلك لقراءة كتب أخرى موسوعية، وعلى أية حال لدي بعض الملاحظات على ما كتبت..
ذكرت أن الشباب تجمّعو من أجل إحياء" ذكرى سقوط الخلافة الإسلامية في الأندلس"، ولا أعلم من أين وكيف ولماذا أقحمت كلمة خلافة؟ فالأندلس لم يكن بها خلافة أصلاً حين سقوطها بل لم يكن بها خلافة حتى قبل سقوطها بمئات السنين فالخلافة في الأندلس كانت محدودة الفترة، حيث عرف عن الأندلس النزعة الإستقلالية طويلاً، ومع تحفظّنا عموماً - إلا أننا ننتسائل، ما جدوى إقحامك لتوصيف "الخلافة" في النصّ، أم أنك تسعى لإضافة "فزاعة" كلامية لمغزى في بطن الكاتب .. تسائلي هذا أيضاً أضمه لذكرك إسم الشيخ "الحويني" وتركيزك على فكرة "سلفيته" و"سبي الجواري الأسبان" وكلام آخر شديد "السطحية" مع إحترامي لكم، وكأنك تريد إضافة صبغة أخرى على التحرّك الذي قام به الشباب، - ومع تحفظّنا الكبير أيضاً، وإحترامنا لجميع التوجّهات-، إلا أن حركة أحرار حركة شبابية تجمع في داخلها أطياف عدّة، لا تتبنى فكر الحويني ولاسواه، فقد تجد ياسيدي الكريم في حركة أحرار ِفتاة بدون حجاب وفتاة أخرى بنقاب، وقد تجد شاب حليق الذقن وآخر ملتحي .. حركة يجمع أفرادها الحدّ الأدنى وتختلف في الحدّ الأقصى، يجمعهم أي فكرة إنسانية ..
أم بالنسبة لتعليقك في شأن موقع التجمّع والرابط العجيب جداً بجامعة الدول العربية، فقد قمت مسبقاً - وقبل كتابة مقالكم عفكرة – بمراسلة المنظميّن وتسائلت عن سبب إختيار ميدان سفنكس لتجمع إحياء الأندلس، و وردتني الإجابة بأنه تم إختيار هذا الميدان تحديداً في مكان حيوي وواسع، لا أقل ولا أكثر، .. أتسائل حقاً كيف أهتدت مخيلتك الساخرة لإعتبار أن الميدان أختير لإسقاط ضم الأندلس مستقبلاً لجامعة الدول العربية كإنتصار مسجلّ للأخوان المسلمين (!) ياراجول، ألم تحاول قراءة المقال قبل إرساله، ألم تحاول ترديده بصوت عالي خاصة في هذه الجزئية، ألا يبدو تصورك ساذجاً جداً وجداً ولا يصدقه عاقل ؟
أما بالنسبة للشعارات التي رفعت في تجمع الشباب في الميدان " سنعود للأندلس" و"لم ننس الأندلس"، فصدقني ماقصده كاتبوا هذه الشعارات التي أخذت حيزاً كافياً من السخرية، لم تكن تشبه لا من قريب ولا من بعيد فكرة الغزو، فالإستعادة الحقيقة هي إستعادة الذات، وهي أمر كتبته أنت، رغم أنك لم تدركه، فالهوية التاريخية جزء من الذاكرة وجزء من الحاضر وجزء من المستقبل، هو أمر أدركه أولئك الشباب "المتحمّسون" و"الغيرون" ولم يدركه قلمك الهازئ من لاشئ ..
تسائلت وتسائلك حقّ مشروع، عن رأي "أهل الأندلس" عن رجوعنا اليهم، لك أن تعلم حجم الرسائل التي وصلتنا من المهمشين في شمال أفريقيا من أصول أندلسيّة، في المغرب والجزائر وتونس، كل اولئكم ذوي الأصول الأندلسية، حجم الشكر الكبير لذكرنا شأنهم المنسي المغيب من الذاكرة والحاضر، رجل في الجزائر يكتب في رسالته أن بكى عندما شاهد شباب من مختلف أرجا ء العالم يضعون اسم الأندلس على صفحاتهم يوم 2 يناير، مشيراً لبيته الذي طرد منه أجداده قبل ثلاثة قرون،
أما عن الرسائل التي وردتنا من اسبانيا، فقد قمت بنفسي بالإتصال بالأستاذ بمجموعة مسؤولين وباحثين أندلسيين في جنوب أسبانيا وفي المغرب، وقد لاق الحراك تفاعل وترحيب عظيم، خاصة مع التقصير الإعلامي الكبير جداً تجاه مسألة الأندلس، فالحديث عن الأندلس في ذكرى السقوط هو تظاهرة سنوية رافضة للإبادة ومن منطلق إنساني نشترك به مع كل الأديان والشعوب، ولن يكون أمراً طارئاً إلا على من يجهل الأمر أو لا يتابعه أو حتى لايعنيه - وهو شأنه، فالدعوة لإحياء الأندلس سنوياً يوم 2 يناير يتزامن مع الدعوة لإلغاء الاحتفال بهذا اليوم الذي هو يوم رسمي وشعبي في غرناطة تخرج فيه البلدية والجيش بنفسه، رفض هذه الإحتفالات تثير جدلاً واسعاً في عمق إسبانيا سنوياً وليس امراً مستحدثاً،
وهناك عدد كبير من الكتاب والأدباء والمفكرين والفنانين والسياسيين يرفضون الإحتفال بالإبادة والجريمة وهذا أمر يدركه من يقرأ تاريخ الأندلس بتجردّ، لا بوجهة نظر المغلوب أو الغالب، ويطالبون برد الإعتبار للهوية الأندلسية سنوياً يوم 2 يناير في يوم يُرى فيه إساءة لهويتهم، من بين أبرز المطالبين بذلك خوان غويتيسولو أديب عظيم في اسبانيا ويسمى شكسبير إسبانيا، وكذلك أنتونيو غالا الشهير وكذلك الراحل روجيه غارودي الذي لا يخفى إسمه على أحد، و الأديب أمين يعلوف ولويس غارثيا مونتيرو وغيرهم كثر، وليسوا وحدهم فحسب فهناك جمعيات حقوقية بارزة تصطف معهم من جمعيات حقوق إنسان بارزة وأحزاب يسارية وجمعيات علمانية شهيرة لا يتسع لإسمهم المقال،
ذوي الأصول الأندلسية بشكل عام يعتبرون المشارقة أنانيون، أنانيون لصمتهم ولجهلهم ولعدم الإكتراث بالإحتفال بإبادتهم، ماذا سمعت انت وانت تتباهى بأسماء الكتب التي نسختها مع شكي الكبير بأنك قمت بقراءاتها، ماذا سمعت عن اسبوع اسبانيا المقدس، الذي تخرج به اسبانيا عن بكرة ابيها تحتفل وهي ترتدي ازياء محاكم التفتيش الإرهابية التي قامت بابشع الجرائم التاريخية، ماذا تعرف عن الحركات المنهاضة لهذا السلوك الهمجي المرفوض في دولة علمانية تمارس سلوكاً مخالفاً للدستور الإسباني وتقاضيهم عليها مؤسسات حقوقية كبرى؟ ماذا تعرف عنهم؟
لا اعلم لأي مستوى وصل بك إستخفافك بالقارئ، لدرجة أن تتباهى بذكر كتاب لم تقرأه أصلاً، حتى أنك قمت بنسخ اسم مترجم الكتاب وليس الكاتب ! وأعنى بذلك كتاب "العرب لم يغزو الأندلس" والذي لم يكتب أصلاً بسبب الذريعة العجيبة التي قمت بإقحامها لتوافق ماتريد إقناع القارئ به، واسم الكتاب الأصلي والذي ترجمه إسماعي الأمين هو الثورة الإسلامية في الغرب، "La revolución islámica en Occidente" للمؤلف: لاغناسيو أولاغي Ignacio Olagüe، وهو أكثر كتاب يحارب فكرة أن أهل الأندلس الأًصليين هم الأسبان الذين نعرفهم اليوم، وهو أكثر كتاب يناقض الفكرة التي بدأت أنت في الحديث عنها بفكرة "سنحررها من قبضة سكانها الأصليين" !
ثقّ تماماً أن هناك من يتحدّث عن الأندلس ويحيها سنوياً حتى يعيدها لمسار صحيح مترفّع عن السطحية، حتى لا تصبح مربوطة بالأذهان بـ"كباريه" و"نوادي الكرة" ، بل لأنه تاريخ "إبادة"و"جريمة" !
الشئ الوحيد الذي يستحق الإقتباس في مقالك مع بعض التحوير ما سأعيده لك بصياغتك أنت (( عقولنا أجدى وأبدى بأن نستعيدها قبل إستعادتنا للأندلس، ولو فعلنا وشغّلناها فيما هو أبعد من الحفظ والتلقين لأدركنا أن الأندلس ليست «مطية » كما يعتقد بعض الكتّأب الحالمون والذين لو قرأوا عن تاريخها من مصادر متعددة لكانوا أول المشاركين في تلك الوقفة بنفس الحماس، بل أن بعضهم كان سيصاب بالصدمة لحجم جهله !! ))
ختاماً : أودّ أن أنوّه على أني ما كنت أريد الرد – نهائياً - على المقال لأسباب عدّة، إلّا أن المقال المؤطر بظاهر ثقافي أخذ إنتشاراً أوسع مما أعتقدت، من حقّي الدفاع عن الفكرة، مثلما من حقّ الجميع الإعتراض والإختلاف، لكن ليس من حقّهم –أبداً - الإهانة أو إساءة الأدب .
مع خالص الحب لمصر، وأهلها الذين هم أهلي.
هل أتاكم نبأ فضيحة الموسم لـ"بلال فضل" مدعي الثقافة؟
قسم الأخبار
Mon, 07 Jan 2013 18:17:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى