قالت صحيفة فرانكفورت الجمينة الرسمية في ألمانيا في استعراضها للمعلومات المعلنة حتى الآن عن "تقرير تقصي الحقائق" الذي يقع في عرض ثماني مائة صفحة إن التقرير يعيد خلط الأوراق في المشهد السياسي المصري بصورة جذرية و لاسيما بعد توصل لجنة تقصي الحقائق إلى دلائل ملمومسة عن القتل العمد لنظام مبارك و أجهزته الأمنية و طرف من الشرطة العسكرية و ذلك بعلم و أمر مبارك شخصيا. و أشارت الصحيفة أن الكثير من المعلومات التي جمعتها لجنة تقصي الحقائق كانت تحت سمع و بصر و يد النائب العام المقال عبد المجيد محمود إلا أنه لم يحلها للقضاء أو قام باعدامها مما تسبب في براءات غير مبررة لمن لطخت أيديهم بدماء ضحايا الثورة الذي يسمون في الخطاب المصري "بشهداء الثورة". و تابعت الصحيفة أن هذا التقرير يبرر ساحة الرئيس مرسي شخصيا و ساحة الإخوان المسلمين الذين اتهمهم البعض من قبل بالتواطؤ السري مع قيادات النظام السابق و تسهيل تهريبهم خارج مصر أو التواطؤ مع المجلس العسكري في صفقة سرية ما.
و بعد هذا التقرير، و الكلام ما زال للمحلل السياسي الألماني ، يجد رموز المعارضة الليبرالية المصرية التي تعجلت في التحالف مع بقايا النظام السابق (الفلول: الصحيفة أوردت "الفلول" لفظا) في موقف مخز لأنهم وقفوا في خندق واحد مع من تلطخت أيديهم بالدماء ضد الشرعية التي تسعى إلى رد الحق لأصحابه و يتحتم عليهم الآن مراجعة النفس. و أبرزت الصحيفة التي أفردت تقريرين في نفس اليوم لهذا الموضوع أن لجنة تقصي الحقائق لم تأت أداة كيد و انتقام من أحد و إنما جاءت وفاءا من الرئيس الديمقراطي بوعده الثوري أمام الناخبين بالقصاص العادل ممن يثبت تورطه في سفك دماء شهداء الثورة المصرية. و اعتقدت الصحيفة أن عقوبة الإعدام لمبارك من السيناريوهات القانونية التي غدت مطروحة الآن بعد هذا التقرير الذي يمثل تحديا كبيرا أمام القضاء المصري الذي لازال فيه جزء كبير مواليا للنظام السابق، إذ يتحتم على هؤلاء القضاة الآن أن يثبتوا مصداقيتهم للجميع و لاسيما بعد أن بدأت النيابة العامة في مصر تحرياتها حول جرائم النظام السابق ضد الثائرين في ضوء المعلومات الجديدة.
أما صحيفة "سود دويشة" فقالت في تحليلها الذي جاء تحت عنوان "مبارك أشرف على أحداث الثورة بقناة فيديو مباشرة" : "إنه فكر في صيف 2012 و قدّر... و مع فريق محاميه في دلالة التفاصيل قد تدبر... فقال لهم إلى صالة المحاكمة على سرير مرض دحرجوني... وبنظارة شمسية عن العيون أحجبوني...فإذ رأى القضاة حالي... ما أهانوني...وارتأوا أنني طيلة ثمانية عشر يوم الثورة كنت بالضعف عن كل قرار معزولا... و كان وزير الداخلية وحده بالأمر مكفولا." و تابعت الصحيفة: و لكن وزير الداخلية السابق حبيب العادلي قال للجنة تقصي الحقائق: "ما كان سمعه و لا بصره يغادر في الثورة صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها... و قال لي... اقمع بكل السبل الثورة ومن زكاها".
جدير بالذكر أن ألمانيا تتابع المعالجة القضائية لأحداث الثورة في مصر باهتمام بالغ حيث قبعت ألمانيا خمسة عشر عاما بعد الوحدة تعالج جرائم ديكتاتورية حزب الوحدة الإشتراكي في ألمانيا الديمقراطية ضد الألمان الشرقيين الذين كانوا يعدمون رميا بالرصاص الحي في حالة ضبطهم في محاولة هروب من فوق سور برلين إلى ألمانيا الغربية، حيث ترتب على انقسام الألمانيتين في أعقاب الحرب العالمية الثانية انشطار أفراد الأسرة الواحدة بين الألمانيتين. كما أن ولايات ألمانيا الديمقراطية التي أدارتها ديكتاتورية حزب الوحدة الإشتراكي الشيوعي (إس إيه ديه) إلى الحضيض الإقتصادي ظلت تتلقي المساعدات الإقتصادية من ألمانيا الغربية و من الإتحاد الأوروبي قرابة عشرين عاما حتى تلحق بمستوى الشق الغربي من ألمانيا، بل إن ألمانيا الغربية فرضت على جميع مواطنيها ضريبة خاصة عرفت باسم ضريبة "إعادة بناء الولايات الألمانية الشرقية" بالإضافة إلى حزمة الضرائب الكبيرة التي يخضع لها المواطن. و لهذا لا عجب أن تبقي بصمات الفساد الديكتاتوري الإقتصادي في مصر لعدة سنوات قادمة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى