«تقصى الحقائق لـ 4 منظمات»: ضحايا «أحداث بورسعيد» قُتلوا برصاص الشرطة

 

 

كشف التقرير النهائى لنتائج بعثة تقصي الحقائق المشكلة من ٤ منظمات حقوقية فى أحداث بورسعيد الأخيرة، والتى أودت بحياة 42 شخصًا بينهم ٢ من رجال الشرطة وإصابة مئات الآخرين، عن أن الشرطة فتحت النار على المواطنين حين تعرضت لإطلاق نار يوم 26 يناير الماضى بعد الحكم فى قضية «استاد بورسعيد»، فقتلت وجرحت عدداً من المحتجين والمارة، موضحاً أن البعثة جمعت أدلة تشير إلى أن جميع الضحايا من المدنيين قُتلوا برصاصات عيار 7.62 ملم التى تستخدمها الشرطة.

وأوضح التقرير، الذى صدر السبت، بعد انتهاء عمل البعثة المشكلة من باحثين من مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، ومؤسسة الكرامة، وهيومن رايتس ووتش، أن الدكتور عبدالرحمن فرح، مدير المستشفيات بمديرية الشؤون الصحية فى بورسعيد، أكد لفريق الباحثين أن الأغلبية الساحقة من القتلى قتلوا بطلقات حية، وأصيب معظمهم فى النصف الأعلى من الجسم، و11 منهم فى الرأس والعنق، فيما أصيب اثنان بطلقات فى الرأس من الخلف.

وتابع التقرير أن أحد الأطباء الشرعيين الذين أجروا بعض عمليات التشريح أكد أنه بخلاف رجل واحد توفى بنوبة قلبية نجمت عن التعرض المفرط للغاز المسيل للدموع، فإن الآخرين جميعاً أصيبوا بطلقات من عيار 7.62 ملم الذى تستخدمه الشرطة، مشيراً فى الوقت ذاته إلى أن تلك الطلقات تعد متاحة على نطاق واسع فى السوق السوداء، أن معظم قتلى يوم 26 يناير أصيبوا من أعلى، ما يدل على احتمال إصابتهم من قبل رجال الشرطة الذين تمركزوا فوق سطح السجن وأطلقوا النار على الحشود بعد أن بدأ الهجوم على السجن.

وأوضح التقرير أن تحقيق النيابة المبدئى فى أحداث بورسعيد شابته مخالفات إجرائية، تشمل الاحتجاز التعسفى ومزاعم بالتعذيب، كما أنها لم تبدأ التحقيق فى الأحداث إلا بعد مرور 3 أيام على اندلاعها، ما أدى إلى إعاقة التحقيق من البداية، حيث لم يزر وكلاء النيابة مسرح الأحداث ولا أشرفوا على تشريح الجثامين، كما أن وكلاء النيابة أخفقوا فى استدعاء ضابط شرطة واحد لاستجوابه بشأن تعامل الشرطة واكتفوا باستجواب الـ36 المحتجزين بتهم حيازة واستخدام أسلحة نارية.

وأكد أن الشهود قالوا إن الشرطة ظلت تطلق النار على الناس فى محيط السجن العمومى لما يناهز الساعة بعد توقف النيران الموجهة إليها، فتسببت فى عدد من الوفيات والإصابات. وقال 5 شهود على الأقل للمنظمات إنهم شاهدوا عربات شرطة مدرعة تتحرك عبر شوارع بعيدة عن السجن وبداخلها أفراد شرطة يطلقون النار عشوائياً على المارة، ما أدى إلى سقوط وفيات وإصابات أيضاً، بينما قال أحد كبار مسؤولى الأمن فى بورسعيد لإحدى المنظمات: «لم يُقتل أحد ممن أطلقوا النيران على الشرطة. ونحن الآن نقبض عليهم بناءً على ما التقطته كاميرات المراقبة».

وشدد التقرير على أن الأدلة تشير بوضوح إلى إخفاق الشرطة فى إطلاق النار عند الضرورة القصوى فقط، وأنها فى بعض الحالات أطلقت النار على أشخاص من الواضح أنهم لا يحملون سلاحاً، وبدت وكأنها على نحو يتعمد الإيذاء، حيث قال ٥ شهود على الأقل إن ضباط الشرطة كانوا يطلقون الذخيرة الحية على نحو يبدو أنه عشوائى باتجاه المناطق السكنية، وفى بعض الحالات دمروا واجهات المتاجر وجرحوا وقتلوا بعض الأشخاص.

ودعا السلطات المصرية إلى أن تضمن قيام قاضى التحقيق بإجراء تحقيق محايد ومستقل فى أحداث بورسعيد، ومحاكمة أى شخص تظهر ضده أدلة بارتكاب أى جرم، بما فيه القتل غير المشروع أو الاستخدام غير المشروع للقوة، مؤكداً أنه ينبغى أن يشمل التحقيق دور مسؤولى الأمن الذين أمروا بذلك الرد أو شجعوا عليه، أو أخفقوا فى ممارسة الضبط اللازم للقوات على مدار أيام العنف الثلاثة. كما ينبغى إنصاف ضحايا أى انتهاك لحقوق الإنسان وعائلاتهم وتعويضهم بشكل ملائم.

وحث التقرير الرئيس محمد مرسى على إعطاء الأولوية لإصلاح قوات الأمن المركزى. ومراجعة الأوامر التى يصدرها مسؤولو وزارة الداخلية للقوات على مستوى الشارع، وأن يأمر الوزارة علناً بالالتزام بالمعايير الدولية فيما يتعلق باستخدام القوة والأسلحة النارية، وخاصة مبادئ الأمم المتحدة الأساسية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية، بدلاً من تشجيعها وتوفير الغطاء السياسى لها.

وطالب بتعديل المادة 102 من قانون هيئة الشرطة رقم 109 لعام 1971 بحيث تقصر استخدام القوة المميتة على حالات الدفاع عن النفس أو الآخرين ضد تهديد وشيك بالموت أو بالإصابة الخطيرة، أو لمنع ارتكاب جريمة بالغة الخطورة تتضمن تهديدا جسيما للأرواح، أو للقبض على شخص يمثل الأخطار المذكورة ويقاوم سلطة الشرطة، حينما يثبت عدم كفاية الوسائل الأقل شدة لتحقيق هذه الأهداف، والتشاور مع مقرر الأمم المتحدة الخاص المعنى بحرية التجمع وتكوين الجمعيات بشأن كيفية ضمان أمن المتظاهرين وتنظيم الاحتجاجات السلمية.

وأوصى بإلغاء مرسوم وزارة الداخلية رقم 156/1964 الذى يسمح باستخدام الذخيرة الحية لتفريق المتظاهرين، وإبداله بآخر يتفق مع المعايير الدولية للحفاظ على الأمن، حيث تحظر هذه المعايير استخدام الأسلحة النارية والذخيرة الحية فى مواجهة المظاهرات والاضطرابات العامة، وتلزم الشرطة فى جميع المواقف الأخرى باستخدام القوة المميتة فقط بالقدر اللازم لحماية أرواحهم وأرواح الآخرين.

ودعت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة هيومن رايتس ووتش، الرئيس إلى أن يقر علناً أن حق الشرطة فى استخدام القوة المميتة ليس بدون ضوابط، وأن يأمر الشرطة بقصر استخدام أى نوع من القوة على حالات الضرورة القصوى، مشيرة إلى أن غياب إصلاح الشرطة واستمرار العمل بقوانين عهد مبارك الرئيس السابق التى تمنح الشرطة طلاقة يد فى استخدام القوة المميتة، وغياب المحاسبة يعنيان أن مصر ستشهد مثل هذه الانتهاكات مراراً وتكراراً.

وقال حسام بهجت، مدير المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، إنه بناءً على الأدلة المتوافرة نلاحظ استخداماً غير مشروع للقوة، حيث ظلت الشرطة تطلق النار بعد توقف التهديد الموجه ضدها بوقت طويل. وإذا صح هذا فإن هذا الاستخدام غير المشروع للقوة المميتة ليس إلا الأحدث من نوعه فى قائمة طويلة من الحالات التى أظهرت فيها الشرطة ميلها الخطير لتجاوز القوانين التى تلتزم بحكم واجبها بحمايتها.

يذكر أن المنظمات الأربع كانت أوفدت فريقاً من الباحثين لبورسعيد لمدة 3 أيام بدأت فى 27 يناير الماضى، وجمعوا أدلة من شهود العيان، وزاروا المستشفيات وأجروا المقابلات مع الطواقم الطبية والخبراء الجنائيين والمصابين وعائلات الضحايا، كما زاروا موقع إطلاق النار وراجعوا مقاطع فيديو وحصلوا على تقارير الصفة التشريحية وشهادات الوفاة.

هذا المحتوى من «المصري اليوم».. اضغط هنا لقراءة الموضوع الأصلي والتعليق عليه.

«تقصى الحقائق لـ 4 منظمات»: ضحايا «أحداث بورسعيد» قُتلوا برصاص الشرطة
وائل علي,محمد ماهر,بسمة المهدي
Sat, 02 Mar 2013 17:52:04 GMT

مواضيع مشابهة