لم يكن "الإنترنت" الشرارة التي فجرت ثورة 25 يناير بوجود مواقع للتواصل الاجتماعي أتاحت فرصة تنظيم الشباب لصفوفهم والنزول في مظاهرات 25 يناير التي فجرت أحداث الثورة فيما بعد، ولكن أهمية هذه الشبكة العنكبوتية كمنت في أنها كانت بمثابة الأرشيف الذي وثق جرائم النظام والتي كانت وراء اشتعال غضب الجماهير ومطالبتهم برحيل مبارك ونظامه.
فالجهاز الأقوى لنظام مبارك، كان سببا في مباشراً في إحداث حالة من السخط لدى قطاعات الشباب - المتابعين لمواقع التواصل الاجتماعي - بسبب ما تم نشره من تسجيلات حول تجاوزات وجرائم بعض أفراد الشرطة بحق المواطنين ولعل أحد أشهر هذه "الفيديوهات" حادث تعذيب عماد الكبير، وتعذيب فتاة بتعليقها كـ "الشاة المشوية" بين كرسيين، فضلاً عن التسجيل الذي قيل أنه كان سبباً في قتل الشهيد خالد سعيد، والذي تضمن فضح حالة فساد داخل أحد أقسام الإسكندرية.
الحالات كثيرة والنماذج المصورة لا تعد، ولكن السؤال الأبرز هنا، هو لماذا كان يقوم أفراد الشرطة من ضباط وأمناء بتصوير أنفسهم وهم يقومون بتعذيب المواطنين دون أدنى خشية منهم بوقوع أي عقاب في حقهم.
هذا السؤال الذي لم يجد له الباحثون عنه إجابة، رسخ لدى الجميع الاعتقاد بأن ما تشاهده أعينهم من انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان، ما هي إلا عقيدة راسخة داخل هذا الجهاز، لاسيما وأن أيا من المرتكبين لهذه "الفضائح" لم ينالهم أي عقاب بعد كشف هذه التسجيلات، حتى من تقدم منهم للمحاكمة أمام القضاء، لم تتم إدانته مثلما كان الحال في قضية عماد الكبير، فبعد الحكم على الضابط المتهم بتعذيبه بالسجن 3 سنوات، حصل على البراءة في الاستئناف!!.
سادية الشرطة
لم تكن هذه الفضائح أو تلك التسجيلات، انعكاساً لفساد داخل جهاز الشرطة، بقدر ما كانت مؤشراً على وجود حالة من "السادية" لدى بعض المنتمين لهذا الجهاز، وكيف أن أمراض نفسية توطنت لدى بعضاً منهم، وهو ما يتنافى وطبيعة مهمات هذا الجهاز القائمة في الاساس على تحقيق الأمن والعمل على تطبيق القانون، فبدلاً من أن تترسخ هذه المبادئ داخل الشرطة، استقرت بدلاً منها تلك التصرفات المريضة من قبل بعضهم، زاد من هذه الإشكالية ارتقاء هؤلاء لمواقع هامة بالجهاز، رسخت بـ "الشرطة" هذه السادية القائمة على القمع والتعذيب وانتهاك قانون الإنسان.
هذه السادية والتي كانت تمارس قبل ذلك في الغرف المغلقة وخلف غياهب سجون ومعتقلات أمن الدولة، باتت تمارس عياناً بياناً دون أي رابط أو ضابط، لم لا وقد ارتقى أصحاب هذا المنهج بمختلف المناصب القيادية بالوزارة، وتحول رجال الشرطة على أيديهم من الخادمين للشعب، إلى أسياد الشعب وجلاديه،، حتى إذا ما قامت الثورة كانت الشرطة هي الوحيدة التي لم يعرف المتظاهرون أمامها معنى السلمية، فكان الحرق والتخريب مصير أقسام الشرطة تساوت في ذلك مع مقار الحزب الوطني الذي عاث في الأرض فساداً على مدار عقود وبات الإثنان هما محل سخط المصريين وانتقامه.
وبعد مرور أكثر من عامين على الثورة، ما تزال الشرطة تتحسس طريقها بين بقاء المنهج "السادي" الذي يسعى بعض "فلول" مبارك بالوزارة إلى استمراره، وبين انتصار مبادئ الثورة وتمكنها من ضبط أداء الداخلية بما يخدم هذا الشعب ويحقق له الأمن الذي ينشده .. في انتظار الشرطة "خادمة الشعب".
المصدر:
التغيير - علي أحمد علي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى