اثيوبيا ونهر النيل

القاهرة ـ أشرف كمال

أزمة "سد النهضة" أو ما يعرف في أثيوبيا بـ "سد الألفية العظيم" جعلت من ملف مياه النيل والمشاريع التي تقوم أديس أبابا بتنفيذها، موضع الساعة في مصر، ومن هذا المنطلق نلقي نظرة مجردة على الأجواء التي تحيط بالمشاريع التي شرعت أديس أبابا في تنفيذها وتسير بخطى منتظمة في اتجاه استكمال البعض الآخر، بهدف الاستفادة من مواردها الطبيعية، في انتاج الطاقة الكهربائية.

في البداية يجب التأكيد على أن أثيوبيا تعتبر من الدول الغنية مائياً في القارة السمراء، حيث تملك ما يقرب من 122 مليار متر مكعب من المياه سنويا من خلال الأمطار و12 نهرا و22 بحيرة فضلا عن مخزون المياه الجوفية والذي يزيد عن 2 مليار متر مكعب، مما جعل من أثيوبيا أغنى دولة في أفريقيا مائياً بعد جمهورية الكونغو الديمقراطية، علما بأن مياه نهر الكونغو تعادل 17 مرّة من تلك الجارية في نهر النيل.
واثيوبيا التي يبدأ عندها 12 نهرا أهمها أوش، النيل، وابي شبيلي، جوبا، غيتالي، أمو، دخلت في خلافات وصراعات مع الدول التي تتقاسم معها مياه هذه الأنهار التي عبرت حدودها وأصبحت أنهارا دولية، فيما يحظى نهر النيل باهتمام ملحوظ في أثيوبيا، حيث يشغل مساحة كبيرة من وسط وشمال البلاد.
ومعلوم أن أهم روافد نهر النيل هما النيل الأبيض، والنيل الأزرق، والأول يمر من الكونغو الديمقراطية، بوروندي، روندا، تنزانيا، كينيا، أوغندا، ليلتقي في السودان النيل الأزرق القادم من أثيوبيا، التي يمر بها 74 مليار متر مكعب من أصل 84 مليارا بنسبة تعادل 86 بالمائة من مياه نهر النيل - 11 مليارا من النيل الأبيض و63 مليارا من النيل الأزرق.
والجميع يتذكر أن رد الولايات المتحدة على تمويل الاتحاد السوفيتي لمشروع السد العالي في مصر، تمثل في إقناع "هيلاسيلاسي" بضرورة الاستفادة من الموارد المائية في توليد 30 ألف ميجاواط من الطاقة الكهربائية.
لكن أثيوبيا انشغلت منذ عام 1960 حتى 1991 بالحروب الخارجية والثورات والتقلبات الداخلية، وما تابع ذلك من وضع اقتصادي مترد وعدم توفير الدعم المالي اللازم لتحقيق أكبر قدر من الاستفادة بمواردها المائية.
وخلال السنوات الماضية سعت أديس أبابا إلى إقامة عدد من مشاريع إنتاج الطاقة الكهربائية عن طريق استخدام الموارد المائية، فكان أول مشروع عام 1964 وعرف بـ "تس أباي الأول" لإنتاج 12 ميجاواط من الطاقة الكهربائية، ثم مشروع "تس أباي الثاني"عام 2005 لإنتاج 75 ميجاواط، وسبقه مشروع "سد فينشا" عام 1973 لإنتاج 84 ميجاواط ارتفعت بعد التأهيل عام 1999 الى 100 ميجاواط.
وفي عام 2002 بدأ العمل في "سد تكري" وانتهى 2010 لإنتاج 300 ميجاواط، ثم "سد تانا بيليس" عام 2004 وانتهى العمل به 2010 لإنتاج 460 ميجاواط .
هذا فضلا عن عدد من المشاريع الأخرى التي قامت الحكومة الأثيوبية بدراستها إلى جانب "سد النهضة" ومنها سدود "كارادوبي" لإنتاج 1700 ميجاواط، و "ميندايا" لإنتاج 1700 ميجاواط، و"مابيل" لإنتاج 1440 ميجاواط، و"دوس" لإنتاج 740 ميجاواط، و"ديدس" لإنتاج 300 ميجاواط.
هذه المشاريع التي يتقدمها سد النهضة من شأنها وضع أثيوبيا في مقدمة الدول المنتجة للطاقة الكهربائية في القارة السمراء، ومع حلول عام 2017 والانتهاء من سد النهضة يقدر الخبراء إنتاج أثيوبيا من الطاقة الكهربائية بـ 10 آلاف ميجاواط.
هذه المشاريع يتم تنفيذها بينما تتمسك مصر والسودان بإتفاق عام 1929، فيما ترى أديس أبابا أنها غير مُلزمة بإخطار مصر والسودان باىٍ من هذه المشاريع، لأنها لم تكن طرفا فيها وبالتالي فهي غير ملزمة بما ورد فيها من بنود، كما أن هذه الإتفاقية ترفضها دول البحيرات الإستوائية باعتبار أنها تم توقيعها من سلطات الاحتلال آنذاك.
وبينما تتمسك مصر والسودان بإتفاق عام 1902 بين السودان وأثيوبيا والذي يلزم أثيوبيا بعدم التعرض لسريان النيل بدون موافقة إدارة السودان، تقول أثيوبيا إن النص الإنجليزي والنص باللغة الأمهرية مختلفان وأن الاتفاقية لم يتم التصديق عليها فى أثيوبيا وبالتالي فليست لها صفة إلزامية.
الموقف حول مياه نهر النيل ربما يدفع إلى مزيد من الصراعات والخلافات بين دول الحوض خاصة مصر والسودان وأثيوبيا.

مواضيع مشابهة