سحب سوداء كثيفة تجمعت فى سماء مصر خلال الساعات الماضية تشير كلها إلى أن المصريين اليوم على موعد مع جمعة خطيرة، تختلف عن غيرها من «جمع» اتخذت عناوين وأماكن عديدة على امتداد الشهور الماضية.
إن نظرة سريعة على نوعية الأخبار والتسريبات الرائجة قبيل هذه الجمعة تنبئ بأن هناك سيناريوهات رعب جاهزة لهذا اليوم، فحين تطالع أخبارا من نوعية ضبط صواريخ كانت فى طريقها إلى القاهرة قادمة من السويس مع إقحام اسم كتائب عز الدين القسام فى القصة، والتأكيد على أن الصواريخ كانت ذاهبة للإخوان المسلمين لمساعدتهم ضد الشعب المصرى..
إذن باختصار هناك ثنائية جديدة يتم ترسيخها وتكريسها فى الوعى الجمعى تقوم على أن الإخوان والرافضين للانقلاب على التجربة الديمقراطية شىء، والشعب المصرى شىء آخر.. وكأنهم قرروا استبدال «مناهضة الإخوان» بـ«معاداة إسرائيل» برفع الصهاينة من قائمة أعداء الشعب ووضع الإخوان مكانهم.
وحين يتزامن ذلك مع إغراق ساحات الكلام والثرثرة الورقية والفضائية ببيانات وتحذيرات صادرة عما يسمى «رابطة سكان رابعة» ومثيلاتها فى مناطق أخرى تنذر المعتصمين بالجلاء عن أماكنهم فى غضون ساعات وإلا فالتحرك ضدهم قادم، فإننا نكون أمام سيناريو يمهد لكارثة إنسانية قد تقع وتقضى على ما تبقى من أمل فى رأب الصدوع ومعالجة الشروخ العميقة التى تضرب البنية المجتمعية بعنف.
إن هناك إلحاحا شديدا على تصوير الإسلاميين والمعتصمين منذ أكثر من عشرين يوما دفاعا عن شرعية اختطفت وديمقراطية أجهضت على أنهم مجموعة من المارقين والأعداء لمصر، فيما يتم تناولهم باعتبارهم العقبة الوحيدة أمام استقرار البلاد وتقدمها، الأمر الذى يدفع البعض لاستخدام مفردات تنتمى إلى أحط عصور العنصرية فى جنوب أفريقيا، بما يحيلك إلى لغة ومنهج «الأبرتهايد» أو الفصل العنصرى بين البيض والسود..
بينما يتعامل آخرون إعلاميا وسياسيا مع المصريين المعتصمين فى الميادين بالطريقة ذاتها التى جرى استخدامها إبان مأساة اللاجئين السودانيين الجنوبيين فى ميدان مصطفى محمود بمنطقة المهندسين قبل سنوات.
وفى ظل هذا المناخ التحريضى الاستئصالى العنيف ضد المعتصمين فى الميادين، تقرأ أخبارا كنا نظن أننا ودعناها إلى غير رجعة بعد ثورة الحرية والكرامة الإنسانية فى ٢٥ يناير من نوعية «مواطن غزاوى يطلق على مولوده اسم سيسى ـ الأهرام ١٧ يوليو» أو «دعوى أمام القضاء الإدارى تطالب الرئيس المعين بإطلاق اسم السيسى على الميادين والشوارع الرئيسية وترقيته إلى رتبة المشير».
وكأن مصر كلها تمر بمرحلة نكوص ديمقراطى وطفولة سياسية وإعلامية لا تجد لها وصفا إلا فى تلك الصورة التى انتشرت فوق الجسور وعلى المواصلات العامة للجيش وهو يحمل الشعب الوليد على ذراعه ويهدهده!
إن شبح دفع البلاد إلى سعير احتراب أهلى لم يكن قريبا كما هو فى هذه اللحظات العصيبة، خصوصا مع ارتفاع نبرة تأليب الشعب ضد قطاع آخر عريض وأصيل من أبناء مصر إلى مستويات غير مسبوقة فى شراستها وانسلاخها عن كل منطق إنسانى.
وبالقدر ذاته الذى يصبح واجبا على عقلاء هذه الأمة أن يفعلوا شيئا لكبح جماح المندفعين إلى المحرقة، يكون لزاما على كل مواطن مصرى أن يستدعى ضميره ويستنهض فطرته السوية قبل أن يكون مجرد سكين يغرسه آخرون فى كبد جاره أو قلب صديقه، أو حتى فى جسد عابر سبيل.
وائل قنديل يكتب: استنهضوا ضمائركم فى جمعة الخطر
fatma khalil
Fri, 19 Jul 2013 08:40:00 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى