آخر المواضيع

آخر الأخبار

12‏/08‏/2013

مرسي يعرّي البرادعي وحمدين!


شريف عبدالغني
شريف عبدالغني
لو لم يكن لمحمد مرسي إنجاز واحد، سوى أنه كشف وعرىّ للناس تلك الوجوه العكرة، والزعامات المغشوشة، التي كانت تتنكر وراء أقنعة ليبرالية وثورية ونخبوية، لكفاه هذا. بعد فوز مرسي في انتخابات الرئاسة تواترت أنباء -ثبت صحتها بعد ذلك- عن أنه عرض على الدكتور محمد البرادعي منصب رئيس الوزراء، وعلى اللي مش دكتور حمدين صباحي منصب نائب الرئيس. وقتها -وبسذاجة مفرطة- كتبت عن هذا العرض، وتوقعت قبولهما المنصبين. قلت على «تويتر»: «البرادعي رئيس وزراء وصباحي نائب رئيس.. ولا عزاء لشفيق».
لم يكن هناك عندي أدنى شك في أن أرى الثلاثي: الرئيس المنتخب والمذكور الأول وارد «فيينا» والثقافة الغربية، والثاني وارد «البرلس» والأفكار الناصرية «إيد واحدة». صحيح أن مرجعيتهم الفكرية متباينة، لكن ما يجمع الثلاثة أنهم أبناء لثورة 25 يناير التي أطاحت بمبارك، فضلا عن أنهم مدنيون أولاد مدنيين. إنهم -حسب تقديري الرومانسي البريء أيامها- أبناء معسكر واحد، ومن الطبيعي أن يكونوا معا ضد الثورة المضادة التي يمثلها ويقودها ويمولها الجنرال الهارب المعتمر في أحد مولات الخليج. المنطق والعقل والوطنية وحب مصر كان يحتم هذا. لكن لأننا في مصر بلد الضحك الذي هو كالبكاء، فقد حدث ما لم أكن أتخيله أو يخطر على بال بشر.. السيد الليبرالي والمناضل الناصري لم يقبلا فقط التعاون مع ابن الثورة، بل أصبحا إن شئت المبالغة حليفين لقائد الثورة المضادة، وإن شئت الدقة طابورا خامسا له.
من امتلك قوة التحمل مثلي وتابع ما تقيأ به البرادعي وصباحي، ضد مرسي، يظن أن الأخير ارتكب جريمة عظمى، بفوزه في انتخابات الرئاسة، وأنه خان الأمانة باحتكامه للصناديق. تقيؤات الليبرالي والناصري كانت أشد قسوة ممن صدر عن الجنرال الفلولي. كلمات الاستعلاء غير المبررة منهما تجاه رئيس منتخب لم أكن أعرف أيامها مبررها، مثلما لم أكن أعرف مصدر ثقتهما بأن مرسي راحل راحل. لكن المواقف الأخيرة وارتماءهما في أحضان الانقلاب كشفت كل شيء. المخفي خرج والمستخبي ظهر وعلى عينك يا تاجر واللي ما يشتري «يتعسكر».
من العار أن الرجلين اللذين طالما صدعا أدمغتنا بالحديث عن جمال الديمقراطية، وسحر الشفافية، وروعة الاحتواء، وخفة دم عدم الإقصاء، هما أول من أثبت أن ما تلفظا به هو «كلام ابن عم حديت»، ومن الممكن أن يتغير بين لحظة وأخرى حسب المصلحة. على حسب الريح ما يودي الريح.. ما يودي.. وياه أنا ماشي.. ماشي.. ماشي ولا بيدي. البرادعي الذي أيدته تماما يوم رفض خوض أي انتخابات إلا بشرط وجود ضمانات استراتيجية لنزاهتها، وكان يهرب من الاحتكام للشارع بدعوى التزوير المحتمل لإرادة الجماهير، لحس كل هذا وظهر في مؤتمر خيبة الأمل الديمقراطية خلف الجنرال الانقلابي وهو يعلن عزل الرئيس الشرعي المنتخب وإلقاء أصوات الجماهير في صناديق القمامة، ثم جابها من قصيرها وتولى منصبا تنفيذيا من على ظهر دبابة، وفي داهية الانتخابات ووجع القلب وتقديم نفسك للي يسوى واللي ما يسواش للناخبين. ما قبل به الليبرالي العتيد وإعطاؤه شرعية مزيفة للانقلاب الدموي، هو استكمال لدوره المشين بإعطائه غطاء سياسيا لبلطجية المولوتوف وقطاع الطرق وخطوط السكة الحديد والمترو منذ تولى مرسي السلطة، وخلعه عليهم لقب ثوار.
لكن من أعمالكم سلط عليكم. البرادعي لم يتحرك وهو يرى المصلين والمعتصمين العزل يقتلون بأيد باردة أمام دار الحرس الجمهوري، وقبلها في ميدان النهضة، وبعدها في المنصورة، ثم المنصة. وقبل هذا وبعده كلمته المشهودة بأن المزاج الشعبي يريد سحق «الإخوان»، وكأن الحشود المليونية التي تملأ مصر مساندة للشرعية ليسوا مواطنين ولا يستحقون الالتفات إليهم ولو بـ «غمزة عين»، مع الاعتذار للست الكاتبة صاحبة التعبير الشهير في التغزل بالجنرال. لكن ربك يمهل ولا يهمل.. عقاب البرادعي جاء سريعا وأقرب إليه من حبل الوريد. عبيد بيادة الجنرال في الإعلام ينهشون لحمه ويقطعون سيرته في الدقيقة 60 مرة. ربما فاقوا ما تعرض له من بذاءات أيام مبارك. إنه «عميل صهيوني أميركي ماسوني في قصر الرئاسة». هكذا يتحدثون عنه في سيمفونية متناغمة! لم يدرك الرجل أن الجنرال الانقلابي يريد حرق الجميع وكل من ارتبط اسمهم بنجاح ثورة 25 يناير وفي القلب منهم «الإخوان» والبرادعي، حتى تبقى في الذاكرة فقط «ثورة 30 يونيو المباركة.. الله يبارك فيك»، ويظهر هو فقط في صورة المنقذ الوطني المخلص النافذ إلى الألباب.. المستحوذ على الآهات.. المصباح الذي تحوم حوله الفراشات من عينة «اغمز بعينك» أو «بسّ بربش».
أما الزعيم حمدين، فحالته حالة. أيد طبعا الانقلاب، بعدما أدرك أنه لن يسقط مرسي انتخابيا، ولن ينفع مع الرجل إلا «الحل العسكري». ظن أن ملهمه وملهم الجنرالات الأستاذ هيكل، سيتوسط له عند العسكر فيقدمون الرئاسة على طبق من فضة لتلميذه الأثير. لكن يا فرحة ما تمت خدها الانقلابي وراح. قميص عبدالناصر شدوه منه وألبسوه للجنرال «ناصر 2013». خالد يوسف صديق المناضل الناصري امتطى طائرة الانقلابيين وشرخ جوا لتصوير الشرفاء الثائرين والمفوضين من أعلى. وكله لا يصب في ميزان حمدين بل في جعبة الجنرال. وحاليا لا يجد صباحي ما يفعله سوى السهر صباحي والدعوة للاصطفاف خلف الرئيس صنيعة الجنرال، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.
الاقتصادي الكبير حازم الببلاوي، رئيس حكومة الانقلاب، تخلى عن وقاره –وإنسانيته- ويهدد كل لحظة بأن الوقت حان لدك ميادين الاعتصام على من فيها المؤيدين للشرعية ورمزها محمد مرسي، ونسي أنه استقال حينما كان وزيرا للمالية أيام حكم المشير طنطاوي، احتجاجا على مذبحة ماسبيرو.
ووسط أمثال هذه الوجوه التي أسقطت أقنعتها دراما الرئيس المنتخب، يسطر المعتصمون ملحمة حقيقية تبهر أحرار العالم. هم ما زالوا على قضيتهم بإعادة رئيس مختطف ووطن مُصادر. يهتفون خلف «الألتراس» الذين يشعلون سماء «رابعة» حماسا ووطنية، بتكرار اسم الرئيس نكاية في أصحاب الأقنعة الساقطة: ياللي بتكره مرسي: مرسي.. مرسي.. مرسي!!
صحيفة العرب القطرية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى