تسلط موجة العنف غير المسبوق في مصر الضوء على أمور عديدة، منها عدم شفافية السلطات والتضييق على وسائل الإعلام، والترحيض على الإعلام الغربي. هذا بالإضافة إلى ارتباك الإعلام الرسمي وتقديمه روايات مختلفة لبعض الأحداث.
تشهد مصر منذ نحو أسبوع موجة عنف لم تشهد مثلها في تاريخها الحديث. ويقدر عدد القتلى نتيجة عملية فض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة بحوالي 1000 إلى 1500 قتيل بحسب ما يقول باسم الـسمرجي من مركز القاهرة لحقوق الإنسان مستندا إلى البيانات الرسمية وحسابات قام بها المعهد.
وفي حال ثبوت صحة هذه الأرقام فإن هذا يعني أن عدد من قتلوا في الرابع عشر من آب/أغسطس الماضي يفوق عدد قتلى ثورة يناير 2011. وينتقد السمرجي الطريقة الوحشية التي تم بها فض اعتصامي رابعة والنهضة ويقول: "الجيش أو أي من كان يحكم البلاد في الوقت الحالي، ارتكب مجزرة بقيامه بفض الاعتصام بهذه الطريقة. قتل 600 شخص في غضون ساعات قليلة لا يمكن وصفه إلا بالمجزرة".
أعلن وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عن خارطة طريق للوضع السياسي المصري خلال الأشهر المقبلة.
غياب الشفافية
هذه الطريقة العنيفة في فض الاعتصام ليست السبب الوحيد الذي يدعو للقلق، لاسيما عندما يتحدث وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي عن "خارطة الطريق". ووفقا لخطة السيسي ستشهد الشهور المقبلة صياغة الدستور والانتخابات الرئاسية والبرلمانية. لكن عدم شفافية النظام الحاكم حاليا يذكر بالسلوك المستبد للرئيس المخلوع حسني مبارك والرئيس المعزول محمد مرسي.
بدا التضارب في البيانات وعدم الشفافية واضحا يوم الأحد الماضي، إذ أوردت وكالة الأنباء الرسمية نبأ مقتل 38 معتقلا في عربة نقل الموقوفين. وبدت تصريحات وزارة الداخلية حول الحادث متعارضة للغاية، فمرة يتم الحديث عن تعرض العربة للاعتداء في محاولة لتهريب المساجين ومرة أخرى يتم الحديث عن قيام المساجين بأخذ أحد الحراس كرهينة. لكن العامل المشترك في الروايتين هو أن قنابل الغاز هي السبب وراء اختناق المساجين.
ويتساءل السمرجي : "كيف يمكن أن يختنق 38 إنسانا بفعل فنابل الغاز المسيل للدموع؟..هذا الأمر لا يقنعني مطلقا. يجب على الحكومة أن توضح لنا بالضبط تفاصيل ما حدث، لكن هذا لن يحدث".
وما لم تخرج الحكومة بتفسير مقنع، فإن الباب يظل مفتوحا أمام إمكانية تصديق رواية الإسلاميين التي تتحدث عن القتل المتعمد للمعتقلين، الذين يتجاوز عددهم وفقا لهذه الرواية الـ 50 شخصا. ويعتبر التشكك العام في بيانات الإعلام الحكومي من النقاط التي تضعف مصداقية النظام. ومازالت بعض الأنباء التي أوردها الإعلام الرسمي بحاجة لتوضيح كما هو الحال مع قصة الجثث المحترقة التي تم العثور عليها. ويطالب السمرجي بكشف ملابسات هذه الواقعة بعيدا عن البيانات والمعلومات ضعيفة المصداقية.
تضييق وانتقاد متزايد لوسائل الإعلام المنتقدة للنظام.
تقييد حرية الصحافة
ثمة تطورات أخرى تشير إلى أن مصر تسير في اتجاه بعيد تماما عن الديمقراطية، فبعد إغلاق وسائل الإعلام المنتقدة للنظام، صار مراسلو الصحافة العالمية الآن محل استهداف إذ شهدت الأيام الماضية حالات متكررة لقيام مدنيين بخطف الصحفيين أثناء أداء عملهم وتسليمهم للشرطة أو الجيش. وبالرغم من أن السلطات أطلقت سراح هؤلاء الصحفيين بعد ساعات قليلة إلا أن الإشارة هنا واضحة ومفادها: من سيزيد في النقد سينال منا ما لا يرضاه.
وأعرب المسؤولون المصريون بوضوح عن عدم رضاهم على التغطية "أحادية الجانب" لمراسلي وسائل الإعلام العالمية التي رأت أنها تقدم الأخبار بطريقة تنحاز فيها إلى جماعة الإخوان. وبدأت السلطات في مصر حاليا بالحديث عن الإخوان كمنظمة إرهابية محاولة بذلك تبرير طريقة تعاملها العنيف.
وعن طريقة تعامل الشارع المصري مع وسائل الإعلام الأجنبية يقول السمرجي، إن المواطن العادي يتلقى يوميا جرعات مكثفة من الإعلام عن خطورة الأجانب ورغبتهم في إلحاق الضرر بالبلاد؛ وبالتالي وضعهم في صورة العدو. وهنا يرى الكثير من المصريين أن من واجبهم الوقوف إلى جانب الجيش المصري ضد هذا "العدو" غير المصري.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى