شهود العيان : البلطجية استغلوا مسيرات الإخوان وتحريض شيوخ المساجد وأحرقوا منازل الأقباط .. وأسر مسلمة استضافت المتضررين
أهالي القرية يتهمون وسائل الإعلام بتأجيج الوضع وتصوير القرية وكأنها شيكاغو
قوات الأمن داهمت منازل قيادات الجماعة الإسلامية ولم تعثر عليهم فألقت القبض على أقارب المطلوبين
اعتقال عدد من أهالى القرية ليسوا مطلوبين أمنيًا .. وتعهدات بالإفراج عنهم
- قوات الأمن لم تستخدم مسجد عباد الرحمن كمقر احتجاز .. ,والقس "يوأنس" : لم يتم إجبار أى أسرة قبطية على ترك القرية
علي بعد 75 كيلو مترا علي الطريق الصحراوي الغربي لمدينة المنيا، تقع قرية " دلجا" أو "جلدة" كما ينطقها أهالي مركز ديرمواس، وتشتهر القرية المسلط عليها الضوء منذ فض اعتصام رابعة العدوية، بالزراعة والورش التجارية الصغيرة والعطور، بالإضافة إلى انتشار ورش لصناعة الأسلحة، إلا أن السياسة حولتها من قرية تجارية في المقام الأول، لقرية تخدم الصراع السياسة والطائفى أيضا في الفترة الأخيرة، فعقب استيلاء الإسلاميين على السلطة، ساهموا بشكل أو بآخر فى تعزيز العصبية الدينية بالقرية، علي الرغم من تواجد العديد من العائلات منتمية للحزب الوطني المنحل، فضلا عن التعايش السلمى الموروث منذ القدم بين حوالي 20ألف قبطي من أصل 125ألف نسمة حسب التعداد الرسمي للقرية.
وعقب عزل الرئيس محمد مرسي، فى 3 يوليو الماضى، بعد تظاهرات شعبية ضده وتدخل الفريق أول عبد الفتاح السيسي، القائد العام للقوات المسلحة، وإعلانه خارطة طريق جديدة بمشاركة البابا تواضروس، ممثلا عن الكنيسة، وجه الأقباط اتهامات بالتأمر على الرئيس المنتخب – كما يقول الأهالى- الأمر الذي جعل أقباط القرية يشعرون بالاضطهاد، نتيجة تعرضهم لأعمال البلطجة والسرقة والحرق والقتل التي حدثت لبعض سكان القرية من المسيحيين، ما شكل إاتماما إعلاميا بالقرية المغمورة، جعل منها ما يطلق عليه لفظ "الأرض المحظورة" أو "رابعة الصعيد"، ووصل الأمر الى وصفها بـ"دولة دلجا"، تلك المسميات الإعلامية التي ساهمت طبقا لرأي أهالي القرية في تأجيج الوضع، والمبالغة في نشر وقائع يبدو معظمها غير صحيح، حتى حوصوت من قبل قوات الجيش والشرطة فجر الإثنين، مدعومة بالمدرعات والطائرات، وفُرض حظر التجوال المؤقت، وألقى القبض على العشرات.
كل هذه التداعيات فرضت علي "شبكة حقوق الإخبارية"، النزول إلى أرض الواقع لإجراء أول تحقيق استقصائي بحثًا عن حقيقة الوضع في "دلجا" المجهولة ، ومعرفة تفاصيل 76 يومًا من الخوف والتعتيم الإعلامي ، وهى الفترة التى أعقبت عزل مرسي فى 3 يوليو الماضى ، والوقوف على حقيقة ما يحدث من خلال شهادات الأهالى من المسلمين والأقباط .
"مشهد الدخول": كمائن لتفتيش السيارات الخاصة وسيطرة أمنية
في بداية القرية مقابر للمسلمين والأقباط علي اليمين واليسار من الطريق الصحراوي الغربي، بعدها بقليل تبدأ كمائن الجيش في الظهور، أول كمين يحرسه جنود يفتشون السيارات القادمة للقرية، وهي عبارة عن سيارات خاصة "تاكسي" و"ملاكي"، لصعوبة تواجد مواصلات عامة في هذه الأوقات، والتعرف علي هويات من فيها، وتتصدر الكمين دبابة للجيش.
يتواجد بعد ذلك بعدة أمتار كمين آخر بجوار مسجد "عباد الرحمن"، وهو المسجد الذي تخرج منه مسيرات أنصار الرئيس المعزول، ومحاط بالعديد من قوات الجيش، مع تواجد مدرعتين بجانبه، بعد ذلك بقليل تتواجد منطقة "نقطة شرطة دلجا"، المدمرة بالكامل، ويتواجد أمامها قوات مكثفة من الجيش والشرطة تسمح فقط بمرور الإعلاميين، بعد التأكد من هويتهم للسماح لهم بتصوير ما يحدث بالقرية، وهذه المنطقة يختلط بها الأقباط بالمسلمين، وتتواجد بها مجمعات للمدارس والمعاهد الفنية.
أهالي القرية: الإعلام حول القرية لـ"شيكاغو".. ونناشد الأمن عدم القبض عشوائيا علي المواطنين
وكانت بداية اللقاءات مع أحد أهالي القرية ويدعي "محمد العوام"، وتحدث عن تداعيات فض اعتصام رابعة العدوية، يوم 14أغسطس، قائلا: إنه كان هناك العديد من أهالي دلجا فى الاعتصام في ميدان رابعة العدوية، منهم من أصيب ومنهم من فقد وانقطعت أخباره، وخرجت مسيرات حاشدة من الإسلاميين بالقرية، وأحدثت حالة من الهيجان استغلها بعض البلطجية في تكثيف أعمال العنف ضد الأقباط، من تدمير وحرق للممتلكات وسرقة منازل بعض المسيحيين، وحرقها من قبل البلطجية اندست في مظاهرات الإخوان في هذا اليوم، موضحا أن كثير ما ينشر في الإعلام شائعات وتحديدا في الوضع المعيشي لأقباط القرية، فنحن نقر بحدوث اعتداءات علي الأقباط ولكن ليس بالشكل المتداول إعلاميا، فمثلا تم الاعتداء على أحد التجار ويدعي نادي مقار، الذي ترك القرية بعد إثارته المشاكل تجاه أنصار التيار الإسلامي، وإطلاقه النار ابتهاجا بخطاب عزل مرسي، فتهجم عليه بعض أنصار المعزول، ما دفعه لإطلاق النار عليهم، وقتل أحد الأشخاص وأصاب 7 آخرين، قبل أن يجبر علي ترك القرية لعدم الفتك به.
وأضاف "العوام"، أن البلطجية فرضوا إتاوات علي الأقباط في هذا التوقيت، مستغلين الغياب الأمني منذ أحداث فض الاعتصام، ولكن في مناطق معينة، وبهدف حماية ممتلكاتهم من الأذي بشرط دفع الأموال – إتاوة-، لكن الإعلام ساهم في تضخيم الأمور، والمبالغة فيها بصورة ساهمت في تأجيج الوضع بين المسلمين والأقباط، خاصة أن أهالي البلد المسلمين حموا بعض المسيحيين في منازلهم التي تم تدميرها، ومن هذه الحالات قيام طبيب بشري مسلم بإيواء أسرة شخص قبطي يدعي "عماد"، ويقول: "الإعلام حول البلد لشيكاغو".
ووصف "العوام"، تفاصيل دخول قوات الأمن أمس لمحاصرة القرية، قائلا: "إن قوات أمن مشتركة بين الجيش والشرطة دخلت القرية من الطريق "الصحراوي الغربي"، بحوالي 70مدرعة، ولم تحدث أي مقاومة من الأهالي بعكس ما كان يقول الإعلام، ولو كان هناك سلاح مع الأهالي لكانت الخسائر ستكون من الجانبين، لكن لا توجد حالة إصابة واحدة لأي شخص لحظة اقتحام الأمن للقرية، وقد تمت مداهمة العديد من المنازل والسيطرة علي نقطة الشرطة، وإلقاء القبض علي البعض ومنهم مواطنين عاديين لم يكن لهم ذنب.
ويتابع: "ألقى القبض على شاب كان يشاهد قوات الأمن بالقرية، ولم يستطع الجري فألقوا القبض عليه، لكننا علمنا أنه سيتم الافراج عن كل من لم يكن صادر ضده أمر بالضبط والإحضار"، مضيفا أنه تمت مداهمة بعض منازل قيادات الجماعات الإسلامية والإخوان والمنتمين لهم، مثلما حدث مع الشيخ محمد توفيق جبر، أحد علماء القرية، المنتمي لجماعة الإخوان، وألقى القبض علي شقيقيه "أحمد وإبراهيم" وأبنائهم، رغم أنهم ليسوا من المطلوبين أمنيا، لكن تم القبض والتحفظ عليهم لحين ظهور الشيخ المطلوب، وتمت مداهمة منزل أبو المكارم محمد جلال، وتم التحفظ علي ابنه محمد طالب ثانوي، مؤكدًا على أن قوات الأمن لم تلقى القبض على أى بلطجي، نافيا مشاركة الإسلاميين فى أي اعتداءات علي الأقباط أو الكنائس، كما نفي ما تردد حول استخدام الأمن لمسجد عباد الرحمن كمقر احتجاز، مؤكدًا عدم صحة ما يتردد حول اعتقال المصلين.
وناشد "العوام"، القيادات الأمنية عدم القبض علي الأهالي غير المطلوبين وعدم ترك البلطجية، قائلا: "نحن نطالب الأمن بالقبض علي البلطجية الطلقاء، وإخراج الأهالي الذين لم يثبت ضدهم أي تهم، والتدقيق فى عملية الاعتقال".
وقال محمد فنجري علام، مهندس زراعي بـ"دلجا"، إن الإعلام هو السبب في تأزم الأوضاع بالقرية، نتيجة نشر العديد من الشائعات عن دلجا، مؤكدا على أن العلاقة بين المسلمين والأقباط علاقة وطيدةن مشيرا إلى أن عاصم عبد الماجد، القيادى فى الجماعة الإسلامية، تواجد مرة واحدة فقط بالقرية، عندما ألقي خطبة علي منصة الاعتصام لأنصار المعزول، قبل فض اعتصام رابعة العدوية، ولم يظهر بعدها ثانية بالقرية.
وأشار "فنجرى"، إلى أن من يفرض الإتاوات علي الأقباط هم البلطجية وليس الإخوان، مستغلين الغياب الأمني الحادث بالقرية، منذ فض الاعتصام، عن طريق تولية البلطجية حماية بعض الأقباط مقابل دفع إتاوة، وكان لا أحد يستطيع منعهم، مناشدًا الأمن بضرورة القبض علي البلطجية.
وشدد "فنجرى"، على أن سبب تحميل الإعلام مجمل ما يحدث من أعمال بلطجة وعنف في المحافظة لأهالي القرية، يرجع لمسيرات المعزول المستمرة يوميا والتي – للأسف- يتم دعمها من بعض أهالي القري المجاورة باستمرار، ويكون بينهم بلطجية، موجهًا اللوم لهذه المسيرات، موضحا أن القرية كانت في الماضى مشهورة بتصنيع الأسلحة ووجود ورش لهذا الغرض، لكنها لم تعد موجودة حاليًا، وخير دليل علي ذلك أنه لم يتم مقاومة قوات الأمن منذ دخولهم أمس، مشيرا إلى أنه حتي أثناء مداهمات المنازل لم تحدث أي مقاومة، مؤكدا القبض علي بعض الأهالي الذين ليس لهم أي علاقة لا بجماعة الإخوان ولا البلطجية، مناشدا الإعلام بتحري الدقة.
مواطنون: "قنوات فضائية ممنوعة من دخول القرية"
وعن الأداء الإعلامي تجاه ما يحدث في القرية، قال محمود قرشي، أحد أهالي القرية، إن هناك قنوات فضائية ممنوعة من دخول القرية، - منها مؤيدة للتيار الإسلامي، وأخرى مؤيدة للجيش وخارطة الطريق-، ووصف هذه القنوات بأنها "تخرف"، وتتعمد إثارة المشاكل رغم عدم حدوث أي شئ مع الشرطة والجيش، وكذلك عدم وجود أي اشتباكات أو إصابات، ومع ذلك نجد هذه القنوات تبث شائعات حول وجود مصابين ووفيات أمس، أثناء دخول الجيش والشرطة بالقرية، علاوة علي استمرارهما في نشر الأكاذيب، والمبالغة في الوضع بالقرية في الأحداث الماضية.
بينما قال أحد الحراس بالقرية، إنه لو رأي مراسل لأحدى القنوات، المحسوبة على التيار الإسلامي، في القرية سيقوم بربطة من قدميه وتعليقه في أحد المدرعات، فضلا عن الشكاوي المستمرة من رجال الأمن بالقرية منذ أمس، من التناول الإعلامي لهذه القناة عن الوضع في القرية، الأمر الذي أدي لوجود إجماع من الأهالي والأمن علي منعها من الدخول.
أقباط "دلجا": السياسة لن تفسد العلاقة مع المسلمين رغم ما فعله الإخوان والبلطجية.. و"يوأنس" ينفي التهجير
أكد العديد من أقباط قرية دلجا، علي علاقاتهم الوطيدة مع المسلمين، مشيرين إلى أنها لن تفسد، علي الرغم من بعض أفعال الإخوان المسلمين وبعض المتشددين والبلطجية، مؤكدين على أن 97%من مسلمي القرية معتدلين –حسب شهادات الأقباط-
وقال وحيد ثابت، أحد أقباط القرية، نحن فى تلاحم دائم مع المسلمين، فالمنازل والأراضي الزراعية متجاورة، ونعمل معا منذ القدم، إلا أنه عندما دخل الإخوان المسلمين في الصراع السياسي، هناك من نسي حق الجيرة، نتيجة خلط الدين بالسياسة، وكانوا يقولون: "من يؤيد مرسي مع الإسلام ومن ضده ضد الإسلام"، مضيفا أنه منذ ذلك الحين انتشرت المشاكل ومعاناة الأقباط، نتيجة قلة من المسلمين المتعصبين والبلطجية، علاوة علي اتهام الإخوان لأقباط القرية بالمشاركة في عزل مرسي، بسبب موقف البابا تواضروس وحضوره خطاب "السيسي"، رغم أن هناك بعض الأقباط أدلت بأصواتها لـ"مرسي" و"أبو الفتوح" في الانتخابات الرئاسية.
وتحدث أحد الأقباط، ويدعي عماد، قائلا: "اشتدت معاناتنا بعد خطاب الفريق "السيسي"، حيث تم حرق العديد من المنازل والممتلكات الخاصة بالأقباط، وفرض بعض البلطجية للإتاوات مقابل حماية ما تبقي منها، وكانت بمعدل 200جنيه كل ليلة، حسب المنطقة التي يتم حمايتها، استغلالا منهم للغياب الأمني بالقرية.
وأضاف: "تعرض الأقباط وقت فض اعتصام رابعة العدوية، لهتافات معادية من مشايخ متشددين بالمساجد، حيث كانوا يقولون "حي علي الكفاح – عليكم بالنصاري"، ما نتج عنه تدمير وحرق للكنائس مثل كنيسة العذراء، والمنازل القبطية المجاورة لها ونهبها من قبل بعض البلطجية والمتشددين، علاوة علي عمليات الخطف مقابل الفدية، والتي كان آخرها الجمعة الماضية، بعد خطف موزع الدقيق والاستيلاء علي أمواله.
وأشار "عماد"، إلى أنه رغم كل هذا فالعلاقة بين أكثرية المسلمين في البلد تجاه الأقباط أكثر من جيدة، فقد تعرض هو شخصيا لاعتداءات علي منزله المجاور للكنيسة، وتم حرقه وكان متواجدا لفترة ليست بالقصيرة في ضيافة وحماية أحد الأسر المسلمة بالقرية.
وقال أحد حراس كنيسة العذراء مريم بالقرية، إن البلطجية هم من اقتحموا الكنيسة وسرقوها وأشعلوا النيران فيها، في ظل غياب تام للأمن يوم 14أغسطس، مضيفا أن الشرطة جاءت مرتين في السابق ثم تركت القرية، وكنا نعاني من غياب أمني كامل، مشيرا إلى أن الأمن عندما حضر هرب البلطجية وألقوا القبض علي الأهالي، مطالبًا الأمن بالقبض علي البلطجية.
وأخيرا نفي القس يوأنس شفيق، كاهن كنيسة العذراء مريم، ما أثير حول تهجير بعض الأسر القبطية بالقرية، مضيفا أن بعض الأسر القبطية التي تركت القرية تركتها بمحض إرادتها، بعد تعرض العديد من ممتلكات الأقباط والكنائس للتدمير والحرق.
هذا الموضوع في قسم:
البوم صور:
بالفيديو .. "حقوق" تنشر أول تحقيق استقصائي من "دلجا": 76 يومًا من الخوف والتعتيم
mohamedeleryan
Wed, 18 Sep 2013 16:40:33 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى