بقلم ديفيد أندرو وانبيرغ الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات والموظف رفيع المستوى السابق في قسم الشرق الأوسط بلجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب.
عندما التقى وزير الخارجية الأمريكي جون كيري نظيره السعودي الأمير سعود الفيصل في باريس، تلقى على الأرجح سيلا من الشكاوى بشأن سوريا. ولم يعقد أي مؤتمر صحفي إثر هذا اللقاء، وهو أمر مفهوم نظرا لحرص الرياض المتكرر على إضفاء السرية على مشاوراتها مع واشنطن.
لكن إعلان كيري قبل ذلك ببعض الوقت وفي نفس اليوم، عن إطلاق مؤتمر لدعم المعارضة السورية كان الهدف منه جزئيا تهدئة السعوديين. قبل ذلك بنحو أسبوع، التقى كيري الفيصل، وأشار بنفس دبلوماسي فاق كل المتعارف عليه، إثر اللقاء إلى إنّ الولايات المتحدة حصلت على دعم السعودية لشن عمل عسكري ضدّ سوريا.
وبعد الهجوم الكيماوي الذي أودى بحياة المئات في 21 أغسطس/آب، كان واضحا أنّ السعودية تدعم صراحة تدخلا عسكريا تقوده واشنطن.
لقد رغبت السعودية بشدة في أن ترى هجوما على سوريا وتنامت لدى مسؤوليها مشاعر الإحباط عندما بدأ الخيار الدبلوماسي يطل برأسه أكثر فأكثر في الولايات المتحدة. وفي الآونة الاخيرة، بدا وكأن السعوديين باتوا أقل رغبة مقارنة بالعادة، في إخفاء خلافاتهم مع الأمريكيين وعدم إظهارها علنا.
وفي نهاية الشهر الماضي، كانت السعودية وراء بيان للجامعة العربية شديد اللهجة ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ولكن وبسبب أن البيان أشار إلى مجلس الأمن، عاد السعوديون وقرروا أن تعلن الجامعة العربية بيانا جديدا في الأول من سبتمبر/أيلول يدعو "الأسرة الدولية إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة." وفي كلتا المناسبتين، كانت السعودية ترغب في إصدار بيان أشد لهجة وأكثر صرامة، لكن ذلك اصطدم بمعارضة شديدة من الجزائر ولبنان وحتى مصر.
وبعد أن أفشل فيتو روسي، إجازة استخدام القوة ضد سوريا من قبل مجلس الأمن، بدأت السعودية في حشد الأصوات وراء قرار مماثل في الجمعية العمومية. ولكن وبسبب أنّ المفتشين الدوليين لم يصدروا بعد تقريرهم وبسبب أن من شأن مثل هذا التصويت داخل الجمعية العمومية، تعقيد جهود الغرب، طلبت كل من واشنطن وباريس ولندن من الرياض تعليق جهودها في هذا الاتجاه.
ولفترة قصيرة، بدا وكأن واشنطن على وشك مهاجمة سوريا، ولكن عندما رفض مجلس العموم البريطاني إجازة ذلك لرئيس الوزراء، تراجع الرئيس باراك أوباما وقرر اللجوء إلى الكونغرس.
في تلك النقطة تحديدا ظهر سعود الفيصل علنا ليشير إلى احترازات بلاده، وفق في بيان شديد الوضوح "نطلب من المجموعة الدولية أن تقوم بالمطلوب... وقف الاعتداء على الشعب السوري قبل أن يباد بالكامل" في علامة على كون السعوديين أصبحوا الآن غير مرتبكين إزاء العملية ضد الأسد. وفعلا فقد كانوا من القلة الأشد تصلبا التي كانت ترغب في الهجوم على سوريا ضمن المشاركين في قمة العشرين في روسيا.
وفي نفس تلك القمة، قال وزير الخارجية جون كيري إنّ عدة دول عربية -ومن المتعارف عليه أن السعودية من ضمنها- عرضت أن تموّل التدخل العسكري في سوريا حتى لو تضمن ذلك غزوا بريا.
وفي اجتماع لمجلس الوزراء هذا الشهر برئاسة ولي العهد الأمير سلمان، كررت السعودية موقفها من الأزمة داعية "المجموعة الدولية إلى تحمل مسؤولياتها الإنسانية من أجل إنقاذ الشعب السوري من الإبادة."
ورغم ملامح الصمت التي تبدو عليهم منذ الاتفاق الروسي-الأمريكي، إلا أنّ ملامح عدم الرضى عن ذلك تبدو ماثلة أيضا. ففي اجتماع وزراء خارجية دول مجلس التعاون في الرياض، تحدثت البحرين نيابة عن جميع الأعضاء، معبرة عن رفضها للمقترح الروسي. ومن المعلوم عن السعودية، أنها لا تسيطر فقط على المجلس، وإنما أيضا أنها لعبت دورا بارزا في تشكيل القوة الخليجية التي تدعم النظام البحريني.
كما عكست تصريحات كتاب ومحللون مقربون من الحكومة السعودية الاختلاف بين الرياض وواشنطن. فقد عبر الكاتب خالد الدخيل عن اعتقاده في كون التطورات الأخيرة، أثبتت أنّ الخلافات بين البلدين بشأن كل أوجه الأزمة السورية تبدو عميقة. كما انتقد رئيس تحرير صحيفة الشرق الأوسط طارق الحميد الاتفاق الروسي-الأمريكي معتبرا إياه بمثابة "بيع للسمك وهو مازال في عمق البحر."
وعلى خلاف دول أخرى كانت تدعم التدخل مثل إسرائيل وفرنسا وتركيا، كان خيار السعودية واضحا في الوقت الذي زاوجت تلك الدول بين التلويح بالقوة وتحريك الدبلوماسية ومنح الدعم الضروري للرئيس باراك أوباما.
وبدأ سعوديون يطرحون سؤالا إشكاليا في الآونة الأخيرة حول المدى الذي ينبغي أن يصل إليه اعتماد بلادهم على الولايات المتحدة في الحفاظ على مصالحهم الأمنية.
وللسعودية أكثر من سبب يدفعها إلى الدفع باتجاه تدخل في سوريا، ومن دون شكّ فإن الدافع الإنساني أحدها. ولكن المملكة لا ترغب في رؤية نظام مدعوم من إيران الشيعية في قلب الشرق. وعلى الأرجح فإنّ ذلك من دوافع أنها تنفق مليارات الدولارات على التسلح من الولايات المتحدة.
وفي الوقت الذي سرّعت من نسق تسليح المعارضة السورية منذ الهجوم الكيماوي، يبدو غياب أي استعداد من جانب المملكة العربية السعودية للقيام بتدخل مباشر أمرا واضحا وملخصا لمجريات الأمور. وعلى المدى المنظور وحتى يحين وقت الحسم، مازال السعوديون ينتظرون منّا أن نقاتل مكانهم.
(cnn)
كيف تدفع السعودية باتجاه الحرب؟
info@assabeel.net (issa)
Thu, 19 Sep 2013 11:09:10 GMT
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى