تعجب الكاتب الصحفي فهمي هويدي من الهجوم الإعلامي ومعاداة الدولة المصري اللامبرر على حركة حماس وعلى الفلسطينيين في قطاع غزة، متسائلا أليس الكيان الصهيوني هو العدو الحقيقي لمصر.
قال هويدي في مقاله الذي نشرته "الشروق" اليوم الأحد أنه :"لأول وهلة ينشرح صدر المرء حين يطالع تصريحات المسئولين والقادة المصريين التي تحذر من المساس بأمن مصر، ويكاد يستبشر خيرا حين يجد أن ذلك التحذير يلوح بقدرة مصر على تأديب المتطاولين وردعهم، إلا أنه لا يهنأ بتلك النشوة طويلا، حيث يفاجأ بأن هذه الرسالة موجهة إلى حماس في غزة وليس إلى الإسرائيليين، وهو ما يحول النشوة إلى خليط من مشاعر الغم والصدمة".
أضاف هويدي :"صحيح أن مثل هذه اللغة خاطب بها الإسرائيليون حكومة القطاع وقيادات المقاومة هناك، وهو أمر مفهوم لأن غزة لا تزال تمثل شوكة في حلوقهم، سواء لأنها تشكل رمزا للاستعصاء الرافض للاستسلام والركوع، أو لأنها لا تزال تمثل جبهة للمقاومة التي تحدث الاجتياح الإسرائيلي ونجحت في صده أكثر من مرة، أو لأنها باتت تشكل حجر عثرة يحول دون استمرار التنازلات والمساومة على المصير".
وقال :"صحيح أيضا أننا مازلنا نذكر قول وزير الخارجية المصري الأسبق الذي هدد يوما ما بكسر أي رجل تعبر الحدود المصرية وكان كلامه موجها إلى الفلسطينيين في غزة إلا أن ذلك بدوره كان مفهوما في ظل نظام كان يعد كنزا استراتيجيا لإسرائيل ومشاركا في حراسة أمنها وهو النظام الذي لم يحرك ساكنا أمام التعديات الإسرائيلية على الحدود المصرية، وقتلها لبعض الجنود المصريين ثم مداراة ذلك بالتعبير عن الأسف وبالوعد بإجراء تحقيق في ملابسات ما جرى".
وقال :"أفهم أيضا أن يروج المغرضون من عناصر اللوبي الإسرائيلي بين الفلسطينيين والمصريين «المتعاونين» للادعاء بأن استمرار المقاومة في قيادة قطاع غزة يمثل تهديدا لأمن مصر واستقرارها لأسباب عدة بوسع أي عقل لم يخترق ولم يشوه يدرك دوافعها. فهو من ناحية يصرف الانتباه عما تمثله إسرائيل من خطر، وهو من ناحية ثانية يصفى حساب نظام رام الله المتورط فى التنسيق الأمنى مع إسرائيل. ومن ناحية ثالثة فإنه يوقع بين مصر وبين حماس لكى يستدرج الأخيرة فى إحكام الحصار حول غزة والإسهام فى التنكيل بأهلها. فضلا عن أنه يشيع بين المصريين أكذوبة أن الخطر على مصر يأتيهم من غزة الصغيرة والمخنوقة وليس من إسرائيل المدججة بالسلاح النووى.
أضاف هويدي :"ذلك كله أفهمه، لكن ما يتعذر فهمه أن تنفجر فى مصر ثورة تطيح بنظام مبارك وسياساته، ويرتفع فى ظلها منسوب الوعي والجرأة والمشاعر الوطنية، ثم تفاجأ بتحذيرات نظام مبارك تطلق بنفس المفردات تقريبا في مواجهة القطاع وحماس ولا أستطيع أن أتصور أن ذلك راجع فقط لعزل الرئيس محمد مرسى وإسقاط نظام الإخوان فى مصر، وهو عنصر ثانوى وليس أصيلا فى المشهد، لأن ملف حماس مفتوح بصورة إيجابية مع الأجهزة الأمنية فى مصر قبل الإخوان وبعدهم".
وقال :"لقد أعلنت في غزة نماذج من وثائق الدس والوقيعة بين حماس فى مصر، ولم نعرف أن الأمر أخذ على محمل الجد فى مصر ويتردد الآن أن بعض القيادات الأمنية الفلسطينية الهاربة من القطاع والتي كانت تدير عملية التنسيق مع الإسرائيليين، عادت إلى القاهرة مؤخرا من مقرها في الخليج، لكي تستأنف مهمتها في التنسيق والكيد للمقاومة في غزة إلى جانب ذلك فإنني لا أستطيع أن أتجاهل اللغط المثار حول الأنفاق، التي أشيع بين المصريين أنها أحد منافذ الخطر الذي يهدد مصر".
ولفت هويدي في مقاله إلى أن أن هناك عوامل سممت العلاقة بين المقاومة الفلسطينية ومصر وقال :"لقد تجمعت عوامل كثيرة أسهمت فى إنجاح مسعى تسميم العلاقة مع المقاومة الفلسطينية وإقناع كثيرين بأن حماس أصبحت خطرا يهدد أمن مصر، الأمر الذى أدهش قادة المقاومة
الذين اعتبروا ذلك من المستحيلات التى لا تخطر على البال. وهو ما دفع الدكتور موسى أبومرزوق نائب رئيس المكتب السياسى لحركة حماس إلى كتابة مقال نشرته صحيفة «الحياة» اللندنية مؤخرا نفى فيه التهمة جملة وتفصيلا. ولأن الأمر لا يتعلق بمصير حماس ولكنه وثيق الصلة بأمن مصر، فقد تمنيت أن يخضع لتدقيق نزيه من جانب أية جهة تتقصى حقائقه وتكشف ما فيها من تدليس وزيف. وأحسب أن المنظمات الحقوقية المصرية أو حتى الجامعة تستطيع أن تقوم بتلك المهمة بجدارة، تخلصنا من الشعور بالخزى والعار الذى ينتابنا حين نجد أن المسئولين أصبحوا يتحدثون عن خطر حماس على أمن مصر، ولا يشيرون بكلمة إلى ما تمثله إسرائيل من تهديد لا تُخْطِئُهُ عين مفتوحة أو عقل رشيد.
وأنهى هويدي مقاله بالقول :"إن إنذار حماس ليس شجاعة وتهديدها ليس تعبيرا عن القوة كما أن أي عمل عسكري ضد القطاع ليس بطولة، لأنك لا تستطيع أن تفوز بشيء من ذلك إذا لطمت خدك أو غرست سكينا في قلبك، لكن ذلك كله يختبر حين تكون المواجهة مع العدو القابع وراء التل الذي يتهلل فرحا كلما رآك مستسلما للعمى وفاقدا للبوصلة".
المصدر:
التغيير -
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى