شريف عبدالغني يكتب
صبيحة يوم عزل الرئيس محمد مرسي واختطافه، من قبل بلطجية.. عفوا من قبل أسيادنا وتاج رؤوسنا سادة وأشراف المحروسة الجدد، خرجت الصحف التي يضع هؤلاء السادة أصحابها والقائمين عليها في «بياداتهم»، بعنوان واحد تنويعاته مختلفة: مصر رجعت تاني لينا.
مبروك. ألف مبروك رجوع مصر لأصحابها الحقيقيين. ولاد الناس آه. ولاد البطة السودا لأ. نحن أولادها المارقون الإرهابيون الفاشيون ليس لنا مكان فيها. الجسم يطرد كل ما هو غريب عنه. نحن أغراب عن مصر، لكن أروح لمين وأقول يا مين ينصفني منك. ياكل طرطور في مصر كيف الخروج. الأبواب موصدة والمنافذ مسدودة والبحار تلتهم الهاربين في مراكب الموت وتقول: هل من مزيد. لذلك نستحق زئير الأسود: نحن لا نلتهم أولادنا.. تنقطع أيادينا.. وما نحبش الحلفان لكن طلاق تلاتة لو ما اتعدلتوا ومشيتوا على العجين ما يتلخبطش لتشوفوا السواد ألوان.. اللي فات كوم واللي جاي كوم تاني.. والـ 6 آلاف إرهابي اللي غاروا في مصيبة وحملناهم في الجرافات مجرد عينة يا شعب ناكر للجميل يخاف ما يختشيش.
عندهم حق. ما دخلنا نحن بمصرهم. نحن مماليك وإخشيد ليس لنا إلا الانسحاق تحت بيادة أسيادنا. إن نحن إلا عبيد إحساناتهم. المطلوب إخصاؤنا جميعاً مثل جدنا الكبير «كافور» حرصاً على نساء البلاط من خدامهم. لسنا بحاجة إلى «متنبي» يهجونا. الهجاؤون كثر في الفضائيات والصحف، والشتائم نقاوة والألسن تنقط زفت وقطران على الخارجين عن طابور لعق البيادة.
يجب أن نسمع الكلام ونخلينا طيبين محترمين صالحين. من الآخر «أهالي شرفاء». نصحى الصبح نسمع «صباح الخير يا مصر» ونغني «تسلم الأيادي»، ثم نقف في طابور «العيش» حتى الظهر. بعده نصل الشغل بسبب الزحام على العصر.. ناخد 10 جنيه مكافأة عدم إنتاج، نجيب بها «بقسماط» للأولاد وإحنا راجعين.
. لمّ نفسك. إنت مش فالح غير في الخلفة وتحميل أسيادك تكاليف ومصاريف توابعك، من أين يأتون لك أيها العبد، وهم على الحميد المجيد. إياك أن تنظر إلى ما ملكت أيمانهم وبنوكهم ومزارعهم ومشاريعهم. إنه رزقهم و «عرقهم». لا تلومن إلا نفسك على فقرك. لو كنت طموحاً مثلهم ومفتح مخك تاكل الشهد. تلتزم بالقوانين والطوارئ وحظر التجول وتخرس خالص، يا سلام تبقى صاحبي وحبيبي. تنشف دماغك هعصرك أنزل منك معتقلين صغيرين.
كل ما علينا أن نفعله مساء أن نفتح التلفزيون ونجلس أمام ستنا لميس وسيدنا عكاشة ونحفظ ما تقوله جميلة الشاشات وما ينطق به فحل الفضائيات. ولو قابلنا أياً من أسيادنا صدفة في إشارة مرور فالمطلوب أن نبتعد عنهم فوراً. أجسادهم معطرة ببرفانات باريس، ووجوههم مليحة بفعل عمليات الشد والكي والنفخ في شنغهاي. ونحن «رائحتنا نتنة» كما وصفنا المفتي علي جمعة، وما أدراك ما علي جمعة. وجوهنا سوداء.. ليست لون خيرك مصر. مصر أصبح لونها بمبمي، وأنا جنبك.. لكن لا يمكن أن تكون سعاد حسني جنبي. أنا لست حسين فهمي. السندريلا ملك حصري للواد التقيل اللي مجننها.
صراحة والصراحة راحة إحنا ما بنعرفش في الذوق. يجب أن نشكر بكل عبارات التفخيم جناب الجنرال مدحت العدل وسيادة الفيلد مارشال علي الحجار. لقد سبقا الجميع وفهما خريطة مصر الدافئة. لخصا القصة كلها في رائعة «إحنا شعب وإنتو شعب.. لنا رب وليكو رب».
مصر الجديدة تتحدث عن نفسها.احتفالات نصر أكتوبر أوضحت الفارق بين «الشعب النتن» و»الشعب النظيف». الأول نزل إلى الشوارع في عز الحر في تحد صارخ لنواميس الكون التي تقول: إن مصر تغيرت نحو النظافة. فمن أين أتى هؤلاء «الأوباش» وأستأذن طبعاً مولانا علي جمعة أن أسرق منه هذا اللفظ المسجل باسمه في الشهر العقاري. لقد خرجوا وعادوا مهزومين وبـ68 ضحية جديدة وفقدوا مئات المعتقلين وافتقدوا آلاف المختفين. أحسن. المركب اللي تودي.
أما الشعب الآخر، فطبقته المتوسطة فتحوا لها ميدان التحرير للاحتفال.
بعضهم وبعضهن كما أظهرت الصور قدم أوراق اعتماده وقبّل البيادة. ونسوة وشباب وفتيات رقصوا فشر فيفي عبده وتلقفوا الهدايا التي تلقيها الطائرات التي سبق ورسمت لهم قلوب وردية وفوشيا أيام «التفويض». (لما تيجي طيارات.. ترمي حبة منشورات.. ترمي في التحرير جوايز.. ترمي لينا تهديدات.. ليه تفرق في المعاملة.. ليه تقسمنا لحارات). يا ساتر يا رب.اللهم اخزيك يا شيطان. لماذا تذكرت الآن هذا المقطع من «ثورة دي ولا انقلاب». صحيح شيطان ملعون.
نأتي لصفوة شعبهم ونخبتهم التي هي أنظف من ملابس داخلية مغسولة بـ «برسيل». هؤلاء دعوهم إلى الحفلة الكبيرة شرقي القاهرة، بعيدا عن الزحام وتلوث النهار. الكبار لا يحتفلون إلا ليلاً. الليل والسماء والأضواء والنجوم تعرفهم.. شايفة القمر يا إلهام. هم ينامون نهاراً في فيلاتهم وأبراجهم المكيفة بعيداً عن ضوضاء «الأوباش» المتظاهرين في الشارع. كلهم تسابقوا على حضور الحفلة. إنه واجب وطني. كعادتهم لا يتأخرون عن تلبية نداء الوطن.
من زمان لم يحضروا حفلات وانسدت نفسهم عن الدنيا منذ تنحي كبيرهم مبارك. لكن لأنهم طيبون عاد لهم بدلاً من مبارك ألف مبارك، بينما مرسي وصحبه في غيابات المعتقلات. ماذا يعني أن كل المعتقلين من حملة الدكتوراه والماجستير وغيرها من الشهادات، بينما حضور الحفلة وشعب مصر النظيف معظمهم يفك الخط بالعافية. دكتوراه إيه وماجستير مين يا سيد يا محترم.. بكام؟! نحن في زمن «الجنيه غلب الكارنيه»، ونانسي أهم من مرسي، والطرطور يلبسه الشعب.
كلهم كانوا هناك. أرامل المخلوع وأيتامه وأولاده من بتوع «إحنا أسفين يا كبير». فنانون على إعلاميين. رجال أعمال مع رجال دعارة. مصري وعربي. شامي على مغربي. المنظر مبهج في ذكرى النصر وعبور القناة. الأكتاف عارية. والأذرع مكشوفة. والسيقان تلمع، وتعيشي يا مصر في عزة ونصر. فعلاً مصر تتحدث عن نفسها.. وقف الخلق ينظرون جميعاً كيف أبني قواعد «جذب الستات» وحدي. ما أجمل البحث عن «شرعية» عند هؤلاء بعيداً عن «الأوباش». ليس مهماً أن كثيراً من الحضور هم»بصاصون « محتملون . لكنهم «قوة مصر الناعمة» ومصدر فخرها وعزتها، وأجدى نفعاً من الإرهابيين المحتملين. وليس مهماً كذلك «التسريبات» الأخيرة. إنها مفبركة، أما هذه الأجساد المتوحشة فهي واقع حقيقي. قد يكون الغيب حلواً لكن الحاضر أحلى.
في مصر المنقلبة.. شعب يواجه الرصاص بصدور عارية موحدة. وشعب يحتفل بانتصار أكتوبر بـ»صدور مفتوحة منتفخة»، لهذا ألتمس لعلي جمعة كل العذر لما هتف: اضرب في المليان!!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى