الطفل المغولي تعبير طبي عن نوع من الإعاقة العقلية يتوقف فيها نمو الطفل العقلي عند سن معين ويستمر نموه الجسدي فيكبر الطفل ويتخطى طور البلوغ والشباب ويبقى عمره العقلي عند سن الثالثة أو السادسة .. هذه الإعاقة العقلية ليس لها علاج فهي ناجمة عن خلل جيني يحكم على المصاب أن يعيش حياته كلها بعقل طفل وجسم إنسان بالغ .
في الحياة السياسية .. هناك أيضا أطفال مغوليون يعيشون في المجتمع ويتجمعون في شكل تيارات وحركات وبعضهم يصل إلى مناصب سياسية أو أمنية أو إعلامية كبرى .. ويحاولون فرض قناعاتهم الذهنية المتخلفة على المجتمع من حولهم .
في الحياة السياسية هناك تيار من البشر توقف نموهم العقلي عند يوم 11 فبراير 2011 .. هذا التيار مازال غير قادر على استيعاب صدمة أنه راهن على فشل الثورة وأنه صدق خرافات "عكاشة" و"تامر بتاع غمرة" .. وتجاهل أن الثورة لم تصنعها مؤامرة وإنما احتقان سياسي واجتماعي وأمني واضح ومتراكم طوال سنوات من الفساد والشيخوخة التي أصابت النخبة الحاكمة.
وهناك تيار آخر من البشر توقف نموهم العقلي أيضا عند يوم 11 فبراير 2011 بصورة مختلفة .. هذا التيارمازال مسكونا بالنقاء الثوري البرئ والحالة الرومانسية التي سادت الميدان وغير قادر على استيعاب أن الثورة قد ارتكبت أخطاء مثل أعدائها بالضبط .. وأنه لا يصح تعليق كل تعقيدات وعثرات 30 شهرا من الفشل على الفلول والخونة والدولة العميقة والإخوان دون النظر إلى أطنان الخطايا التي ارتكبها الثوار أنفسهم سواء بحسن نية أو سوئها.
وهناك طبعا تيار ثالث توقف نموهم العقلي عند يوم 3 يوليو 2013 يعيشون حالة من الإنكار بأن مرسي قد خلعه الشعب وأن استمراره كان مستحيلا بعد أن أصبح مرفوضا من كل طوائف وتيارات المصريين ماعدا "الأهل والعشيرة" .. وهؤلاء المغوليون بالذات أمرهم أيسر على المجتمع وأهون فتخلفهم لا يضرون به إلا أنفسهم وقطيع السمع والطاعة معهم. وربما يكون في وجودهم خير للمجتمع لأنه يوحد الطوائف والتيارات المختلفة وهم يواجهون عدوا مشتركا يجاهر بالعداوة والكراهية للجميع .
المشكلة في التيارين الأولين من أطفال السياسة المغوليين الذين لا يدركون أن الرهان الوحيد على المستقبل هو وصول النخب إلى حالة من النضج السياسي الذي يعترف بالمتغيرات ويتعامل مع الواقع المتغير ولا يتخندق خلف الشعارات الفارغة من المعنى ..
ما يبعث على الأمل والتفاؤل هو أن أطفال السياسة المغوليين الذين توقف نموهم العقلي عند نقطة معينة من الزمن لا يمثلون حاليا أغلبية في النخب أو المؤسسات الحاكمة .. كثير من الفاعلين حاليا يبدو أنهم استوعبوا دروس الماضي ويتغير أداؤهم وخطابهم الإعلامي والسياسي بطريقة أكثر نضجا .. تستطيع أن تلمس ذلك بوضوح في كثير من الأمثلة والكيانات .. المؤسسة العسكرية اليوم بالتأكيد تتحرك في الحياة السياسية بحذر شديد وقد تعلمت من خطايا ومهازل مرحلة حكم المجلس العسكري المباشر..
ليست المؤسسة العسكرية وحدها التي تغيرت .. مؤسسة الأزهر ..الكنيسة .. رموز وشخصيات سياسية كثيرة تؤدي اليوم بطريقة أكثر نضجا وحذرا .. هناك نضج ملموس يجرى ويقود تطورا سياسيا قادما .. ولكن الخوف كل الخوف من أطفال السياسة المغوليين الذين يحاولون بكل سطوتهم ونفوذهم وأموالهم وغوغائيتهم أن يجروا الجميع إلى نقطة في الماضي توقف نموهم العقلي عندها .
إلى أطفال السياسة المغوليين من إعلاميين ومسؤولين ورجال أعمال وناشطين (من كل الإتجاهات) أقول بوضوح : "من لا يغير من نفسه ويعترف بأخطائه ويتعلم الدروس والعبر من حركة التاريخ عليه أن يبحث لنفسه عن مكان في مدارس التأهيل المهني".
http://tahrirnews.com/news/view.aspx?cdate=26092013&id=3401cc71-21c7-4527-8d27-42d14a3aa9fc
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى