تمرد
سادت حالة من التوتر بين "تمرد" التي سعت مؤخرًا للانتقال من العمل الثوري لمثيله السياسي التنظيمي من ناحية، وبقية القوى الثورية الأقدم من ناحية أخرى، بعدما خرجت للعلن، بعد طوال كمون سياسي، وأتى هذا التوتر على أرضية، إعلان تمرد قبل أيام رغبتها خوض الانتخابات البرلمانية على جميع المقاعد البرلمانية، بهدف إيجاد برلمان يعبر عن ثورة 30 يونيو وحقوق المواطن البسيط، محاولة منها للتعبير عن الثورة والثوار.
برغم بروز العديد من التساؤلات حول تلك الإمكانية، التي لا يقدر عليها أحزاب مدنية لها ثقلها، فإن تلك الرغبة أثارت حالة من الاستنكار السياسي من جانب القوى الثورية الأخرى، التي أكد العديد منها أن "تمرد" ليس من حقها الاستحواذ والهيمنة على مقاعد البرلمان بمفردها، أو الادعاء أنها تمثل القوى الثورية في البرلمان المقبل من جانب واحد، ودون التشاور مع بقية القوى الثورية التي ساندت حملتها لإزاحة الإخوان عن السلطة.
في رده على تلك الاتهامات، أكد قيادي في حملة "تمرد" أن تلك القوى الثورية التي أظهرت معارضتها، وبدأت في مهاجمة "تمرد" يشعر الكثير منهم بعقدة النقص تحديدًا بعد ثورة 30 يونيو، واهتمام القوى السياسية والمسئولين الحكوميين بالحملة ومسئوليها، كما رأينا مؤخرًا، وأن استمرار بعض القوى الثورية وتحديدًا التكتل الثوري في مهاجمة الحملة أمر لا يستحق التعليق من جانب تمرد، لكون هذا التكتل لا يستطيع أن يفعل ما فعلته تمرد من إسقاط نظام الإخوان، أو التعبير عن ضمير المصريين.
وأكد على هذا التوجه أيضًا، محمد هيكل عضو المكتب السياسي لحملة تمرد بقوله: أن الحملة استطاعت تحقيق إنجاز كبير قبل وبعد 30 يونيو، أما القوى الثورية التي تحرص على الهجوم على "تمرد" ماذا فعلت خلال تلك الفترة، موضحًا أن تلك القوى التي تهاجم "تمرد" الآن هي نفسها القوى التي كانت تدعو لعدم الاستقرار السياسي ومهاجمة الدستور أيام الرئيس السابق محمد مرسي، كما أن تلك القوى ليس لها وجود أو دور مؤثر بالمشهد السياسي.
في رده على تلك الاتهامات، رفض محمد عطية عضو المكتب السياسي لتكتل القوى الثورية، قال: إن ما أعلنته "تمرد" لا يمثل أو يعكس رأي سوى قلة من شباب الثورة، أن قرارها بالاستحواذ على المشهد السياسي الثوري أصابنا بالدهشة؛ نظرًا لما تحمله تلك الرغبة من وجود مصادر تمويل خفية وأجندة سياسية تدفع بتمرد لصدارة المشهد السياسي على حساب الآخرين، والذي سيؤدي بدوره لإجهاض الاستحقاق الانتخابي والتيار الثوري برمته. فليس من المعقول، حسب تأكيداته أن نسمح لعديمي الخبرة السياسية أن يتحدثوا باسم شباب الثورة، أو باسم المصريين الذين شاركوا في حملتها لإسقاط الإخوان.
كما اعتبر محمد عطية رغبتها في خوض الانتخابات تحت لافتة الثورة دون غيرها من القوى الشبابية يستهدف ليس الحفاظ عليها كما يدعو مسئوليها، وإنما تفتيت القوى الثورية والوطنية المصرية وشقها لصالح جماعة الإخوان والتيارات المتطرفة، وطالب بعدم استجابة المصريين أو القوى الثورية لدعوة "تمرد" لدخول القوى الثورية تحت عباءتها، لكونها لن تستطيع خوض الانتخابات حتى لو في أصغر أحياء مصر.
وأيده في وجهة النظر تلك، هيثم الخطيب القيادي بحزب الدستور ومنسق اتحاد شباب الثورية بقوله: لا أعتقد أن الغرض الحقيقي لرغبة "تمرد" تجميع القوى الثورية والدخول بالانتخابات في قائمة واحدة على جميع المقاعد البرلمانية، فالغرض الحقيقي محاولة الاستمرار في تصدر المشهد السياسي بعد انتهاء الغاية من الحملة وسقوط الإخوان بعد 3 يوليو، هذا أمر طبيعي لمن يريد البقاء في المشهد السياسي ولديه هواجسه بتراجعه حظوظه السياسية بعد انتهاء مهمته، فالحملة تختلف عن الأحزاب والتيارات السياسية، لكونها نشأت لغاية محددة، وانتهت تلك الغاية فعليهم أما التحول لحزب سياسي أو ترك المشهد السياسي بعد أداء مهمتهم الأساسية.
وأضاف الخطيب أن الكثير من حملة "تمرد" ليس لديهم هذا الإحساس بأنهم أصحاب فضل كبير على المصريين، بالمساهمة في إسقاط نظام الإخوان، وإنما قلة صغيرة لا تتجاوز أصابع اليد الواحد من لديها هذا الشعور.
وتابع الخطيب، من الصعب تصديق رغبة "تمرد" في الاستحواذ على البرلمان المقبل، لكونها ببساطة ليست لديهم القدرة العملية على تحقيق ذلك، والأهم أنه لا أحد يستطيع الحديث عن الاستحواذ على البرلمان طالما لم يقر الدستور بعد وتحديد آلية الانتخاب وهيكل العضوية داخل البرلمان، كما الدوائر الانتخابية لم تتحدد بعد، فكيف في ضوء هذا الغموض السياسي لتمرد أن تتحدث عن رغبتها في الاستحواذ على الأغلبية داخله، وإنما هناك جوانب خفية في هذا الإعلان.
بل تساءل الخطيب حول النوايا الحقيقية لتمرد في الاستمرار داخل المشهد، وقال: سمعنا أن تمرد سوف تنشأ حزب سياسي.. فأين هذا الحزب؟ وأين تلك الخطوات التي قامت بها تمرد لتأكيد تلك الرغبة في تأسيس كيان حزب سياسي؟ وأين هي التوكيلات التي جمعتها؟ وأين الوكلاء المؤسسون؟ تساؤلات مازالت غامضة؟!
واتفق معهما محمد جمال النفراوي عضو تنسيقية 30 يونيو وعضو المجلس الوطني، بتساؤله عن الكيفية التي يمكن لتمرد أن تستحوذ بها على البرلمان، فهناك أحزاب سياسية لها ثقلها وتاريخها الطويل عاجزة ومازالت عن تحقيق تلك الغاية، وإنما القصد من هذا البروز الجديد لتمرد هو الظهور الإعلامي بعدما انسحبت عنها الأضواء مؤخرًا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى