هل تقوم المنظمات الحقوقية المصرية حقا بواجباتها؟ أم أنها مجرد كيانات تلعب أدوارا سياسية لصالح الأنظمة المختلفة، وتضرب بحقوق الإنسان عرض الحائط؟ وكيف يمكن تفسير قيام المنظمات الحقوقية العالمية مثل "هيومن رايتس ووتش" و"العفو الدولية"، بإدانة المذابح المروعة التي صاحبت الانقلاب الدموي في مصر، في الوقت الذي بدت فيه المنظمات المصرية "ودن من طين..وودن من عجين" بل أن مسئوليها أخذوا في تبرير عمليات قتل المتظاهرين بشكل أفقدها أي مصداقية
وفيما يلي نماذج تدلل على ذلك الفارق تشير بجلاء إلى أن مصطلح "حقوق الإنسان" في مصر لا طعم ولا لون ولا رائحة له، بل تستخدم كأدوات تبرير لآلة القمع التي تدهس معارضيها بلا هوادة.
مذبحة الحرس الجمهوري
كان موقف هيومن رايتس ووتش واضحا في رد الفعل على مذبحة الحرس الجمهوري حيث قالت في بيان لها على موقعها الرسمي إن على الرئيس المؤقت عدلي منصور ضمان التحقيق المحايد مع ضباط الجيش والشرطة في وقائع القتل التي جرت أمام مقر الحرس الجمهوري يوم 8 يوليو 2013، وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يتمتع الجيش بسجل معروف من اللجوء السريع والمفرط إلى القوة المميتة لتفريق المتظاهرين. وقد وصف شاهد بعد شاهد كيف أطلق الجيش النار على الحشود، بمن فيهم العزل. على الحكومة أن تتوصل إلى المسؤول وأن تضمن محاسبته، إذا كانت ترجو إظهار احترامها للحقوق الأساسية في هذه الفترة الانتقالية".
وأردف بيان المنظمة: "في 8 يوليو تحركت قوات الجيش والشرطة قبل الفجر مباشرة لتفريق اعتصام لمؤيدي الإخوان المسلمين. واندلع العنف على مدار الساعات الست التالية، فقام ضباط عسكريون، بينهم جنود متمركزون فوق أسطح المباني العسكرية، بإطلاق الذخيرة الحية، التي قتلت وجرحت المتظاهرين في حالات كثيرة. ألقى المتظاهرون بالحجارة وزجاجات المولوتوف، وأطلقوا الأعيرة النارية في بعض الحالات. عند انتهاء الصباح كان 51 متظاهراً، و3 من أفراد قوات الأمن، واثنان من ضباط الشرطة، وفرد عسكري واحد قد لقوا حتفهم، بحسب وزارتي الصحة والدفاع.
وتابع البيان: "قال الناطق باسم القوات المسلحة، العقيد أحمد علي، إن المتظاهرين حاولوا اقتحام مبنى الحرس الجمهوري. لكن الجيش لم يكشف عن أية أدلة تؤيد قوله، ولم تجد هيومن رايتس ووتش أدلة على حدوث هذا، بل اكتشفت أن المتظاهرين كانوا يصلّون أو يتجمعون سلمياً وقت تحرك الجيش والشرطة لفض الاعتصام".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن تحديد الحالات المشروعة لإطلاق النار المؤدي إلى القتل على وجه الدقة هو أمر مستحيل ـ والمقصود هنا تلك الوقائع التي كان قتلاها مسلحين ويطلقون النار على قوات الأمن. لكن ما يتضح من حصيلة القتلى والأدلة المستمدة من الشهود هو أن الجيش رد بقوة مميتة تتجاوز بكثير أي تهديد ظاهري تعرضت له حياة الأفراد العسكريين.
لمطالعة النص الكامل للبيان
http://www.hrw.org/ar/news/2013/07/15/51-0
وعلى النقيض من هذا البيان القوي، جاء بيان المنظمة المصرية لحقوق الإنسان التي يترأسها حافظ أبو سعدة واهيا محاولا إمساك العصا من المنتصف ومحاولة إلصاق الاتهامات إلى أنصار الإخوان، لا سيما عند قولها: "وقد سبق وأن حذرت المنظمة أن لغة التصعيد والتهديد التي قام بها قادة جماعة الأخوان والتهديد بإخراج الرئيس بالقوة وإعادته للقصر هو السبب الحقيقي للعنف، وخاصة أن هذا العنف سوف يؤدي بلا شك إلى تفجير الأوضاع في مصر.والمنظمة إذ تشدد مجددا على أهمية الحق في الحياة والحق في التظاهر السلمي إلا أنها في الوقت ذاته ترفض بكل السبل القيام بأي أعمال عنف أو تخريب حفاظا على أمن الوطن والمواطنين، وخاصة ما يتعلق بمحاولة جر البلاد إلى اقتتال داخلي طائفي بغيض يهدد الدولة المصرية، وهو الأمر الذي يستوجب معه التعامل بحزم مع مجريات الأمور والتحقيق في ملابسات هذه الواقعة لمعرفة حقيقة ما حدث أمام مقر نادي الحرس الجمهوري، وتقديم المتورطين للمحاكمة".
"وطالب أبو سعده بفتح تحقيق فوري وعاجل ومستقل عن الأحداث، وأن تعلن المؤسسة العسكرية تفاصيل هذا الأمر للرأي العام لتوضيح واستجلاء الحقائق للشعب المصري، والقضاء على أي محاولات للقضاء على الدولة المصرية، وتقديم المتورطين في قتل المتظاهرين والجنود إلى القضاء لمحاكمتهم وتوقيع عقوبات رادعة لكل من تسول له نفسه اللعب بأيدي خفية والعبث بمقدرات هذا الشعب وجره إلى منعطف العنف.
نص بيان المنظمة
ونقل موقع "حقوق" عن أبو سعدة قوله تعليقا على مجزرة الحرس الجمهوري قوله: "، إن ما حدث اليوم من محاولة لاقتحام الحرس الجمهوري من قبل بعض الجماعات المتطرفة، يعد أمرًا كارثيًا يندى له الجبين.وأضاف: "ننتظر نتائج التحقيقات للكشف عن المسئولين عن تلك المذبحة وفضحهم أمام المجتمع، وأغلب الروايات تؤكد أن ما حدث هو مخطط مقصود لتوريط القوات المسلحة في مشاهد دموية في محاولة لاستحضار مشهد سوريا".
فض الاعتصام
كالعادة جاءت تقارير المنظمات الحقوقية العالمية في مذبحة فض اعتصام رافضي الانقلاب في 14 أغسطس الأكثر صدقا من نظيرتها المصرية، فتحت عنوان "سفك دماء مأساوي في مصر يستدعي التحقيق. المحايد على وجه السرعة"، قالت منظمة العفو الدولية في بيان لها نشر على موقعها الإلكتروني في 16 أغسطس : " يتعين إجراء تحقيق وافي محايد في فض اعتصامي القاهرة عن طريق العنف هذا الأسبوع، حيث استخدمت قوات الأمن القوة المميتة غير المبررة ونكثت بوعدها بالسماح للجرحى بمغادرة الاعتصام بأمان. وتابع البيان: "فقد أدت مستويات العنف غير المسبوقة إلى مقتل ما يربو على 600 شخص في مختلف نحاء مصر. وتحدثت وزارة الداخلية عن إصابات قاتلة ذهب ضحيتها 43 من منتسبي قوات الأمن. ومن المتوقع أن ترتفع أعداد القتلى مع نقل الجثث إلى المستشفيات وأماكن حفظ الجثث فيها.".
وفي هذا السياق، قال فيليب لوثر، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في منظمة العفو الدولية، إنه "واستناداً إلى الشهادات الأولية وغيرها من الأدلة التي قمنا بجمعها بأنها لا تدع مجالاً كبيراً للشك في أن تصرفات قوات الأمن لم تولِ أي اعتبار للحياة البشرية على نحو صارخ، ولا بديل لإجراء تحقيقات وافية تتسم بالحيدة والاستقلالية على وجه السرعة".
ومضى فيليب لوثر إلى القول: "بينما استخدم بعض المحتجين العنف، كان رد السلطات غير متناسب على نحو فظيع، وعلى ما يبدو فإنها لم تميز بين المحتجين الذين يستخدمون العنف، والمحتجين السلميين. ولم يسلم المتفرجون من عواقب استخدام العنف. "فقد استخدمت قوات الأمن القوة المميتة عندما لم تكن لها ضرورة لا مناص منها لحماية الأرواح أو الحيلولة دون الإصابات الخطيرة- وهذا انتهاك واضح للقانون والمعايير الدوليين؛فسرعان ما تخلت قوات الأمن عن وعود سابقة لاستخدام القوة تدريجياً عند فض الاعتصامات، وبإطلاق تحذيرات كافية للمعتصمين وتوفير مخارج آمنة لخروجهم".
http://www.amnesty.org/ar/for-media/press-releases/egypt-s-disastrous-bl...
وجاء تقرير "هيومن رايتس ووتش" في تحليله لأحداث فض الاعتصام حيث وصفت وصفت منظمة هيو رايتس ووتش فض الاعتصام بأنه أسوأ حادث قتل جماعي غير مشروع في تاريخ مصر الحديث ، وفقا لما أورده الموقع الرسمي للمنظمة الحقوقية
وتابعت: التحقيق المستمر لهيومان رايتس ووتش يشير إلى أن قرار استخدام ذخيرة حية بنطاق كبير من البداية يعكس فشلا في التقيد بالمعايير الدولية للشرطة في استخدام القوة المميتة، ولا يمكن تبريره باضطرابات سببها المتظاهرون، أو حيازة بعضهم لأسلحة بصورة محدودة. فشل السلطات في توفير خروج آمن للمعتصمين، بما يتضمن المصابين بذخيرة حية، ومن هم بحاجة إلى عناية طبية عاجلة يعد انتهاكا خطيرا للمعايير الدولية".
http://www.hrw.org/news/2013/08/19/egypt-security-forces-used-excessive-...
بينما جاءت تصريحات من يوصفون بأنهم "حقوقيون مصريون مخزية للغاية، فقد قال عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان ومدير المركز العربى لاستقلال القضاء والمحاماة، ناصر أمين في حوار مع صحيفة التحرير نشر في 11-9-2013: "، بعد ما رصدناه بأنفسنا فى رابعة ونتحدى أى مؤسسة سواء حقوقية محلية أو دولية أن تتحدث عن وقوع قتيل واحد في رابعة العدوية قبل الساعة الثانية عشرة والنصف، رغم أن فض الاعتصام بدأ منذ السابعة صباحا، ولم يبدأ إطلاق نار على الإطلاق إلا بعد صلاة الظهر، وكان الإطلاق من مكان قريب من مسجد رابعة العدوية"، ونقلت عنه صحيفة الوطن في يوم فض الاعتصام قوله إن قلة الخسائر البشرية يؤكد التزام أجهزة الأمن بالمعايير الدولية في فض الاعتصام".
مذبحة 6 أكتوبر
المتأمل للفارق بين بيان منظمة العفو الدولية الذي صدر تنديدا بالمذبحة وبين تصريحات حقوقيين مصريين يلمح فارقا شاسعا فقد قالت المنظمة في تقرير تحت عنوان مصر: "استخدام قوات الأمن للقوة بشكل مفرط يشير إلى وجود نمط من هذا القبيل تجيزه الدولة" صرحت منظمة العفو الدولية أن الأدلة التي جُمعت من إفادات شهود العيان والعاملين في مجال الرعاية الصحية والجرحى من المتظاهرين تشير إلى استخدام قوات الأمن للذخيرة الحية لتفريق حشود المتظاهرين سلمياً بتاريخ 6 أكتوبر الجاري. وقد تم قُتل 49 شخصا على الأقل وجُرح المئات في القاهرة وحدها لدى لجوء قوات الأمن إلى استخدام القوة المفرطة والمميتة دون مبرر لتفريق المتظاهرين من أنصار مرسي. وبحسب روايات شهود العيان، اكتفت قوات الأمن في بعض الحالات بالمشاهدة بينما قام رجال بزي مدني مسلحين بسكاكين وسيوف أو أسلحة نارية بالهجوم على المتظاهرين والصدام معهم".
وفي معرض تعليقها على ما حدث في 6 أكتوبر ، قالت نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بمنظمة العفو الدولية، حسيبة حاج صحراوي: "لقد تقاعست قوات الأمن المصرية بشكل مدروس عن الحيلولة دون وقوع خسائر في الأرواح؛ إذ وجد المارة أو المتظاهرين السلميين أنفسهم عالقين وسط أعمال العنف في عدد من الحالات".
وأضافت حاج صحراوي قائلة: "على الرغم من أن بعض أنصار مرسي قاموا برمي الحجارة، وإحراق الإطارات واستخدموا الألعاب النارية وغيرها من المواد الحارقة ضد قوات الأمن وسكان المنطقة، فلقد لجأت قوات الأمن مرة أخري إلى استخدام القوة المميتة دون أن يكون هناك ضرورة قصوى. ويظهر أن استخدام القوة المفرطة قد أصبح هو الإجراء الطبيعي المعتمد في عمل قوات الأمن المصرية".
فيما نقلت صحيفة اليوم السابع عن أبو سعدة قوله إن " اشتباكات عناصر الإخوان بالأمس مع قوات الأمن والأهالي كانت تهدف لموقعة جمل جديدة، موضحا أن أعداد القتلى والمصابين كانت مرشحة للتزايد"، محملا المسؤولية الكاملة للذين دعوا لتلك التظاهرات بالتزامن مع احتفالات نصر أكتوبر المسئولية الكاملة عن سقوط هذا العدد من القتلى والمصابين، مؤكدا أن تلك التظاهرات كانت دعاوى للعنف.
ذرائع واهية
فجر سايس الجراج أحمد حسن محمد المجني عليه في واقعة احتجازه، وتعذيبه والاعتداء عليه بالضرب وقطع إصبعه في محيط اعتصام أنصار الرئيس محمد مرسي بـ«رابعة العدوية» مفاجأة أمام محكمة جنايات القاهرة ، مفادها أن المتهمين الـ5 من رافضي الانقلاب في القضية أبرياء من الاعتداء عليه، وهم الذين أنقذوه من يد الأشخاص الذين عذبوه، وهو الاعتراف الذي يضع ظلالا من الشك والريبة حول صحة ادعاءات حقوقيين مصريين بحدوث حالات تعذيب ارتكبها مؤيدو الرئيس المنتخب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى