بعد عشرة أيام من الحرب الدائرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في غزة، يبدو وكأن لا أحد يستطيع وقف إطلاق النار في قطاع غزة، رغم إطلاق مصر لمبادرة لوقف إطلاق النار ورغم الجهود الدبلوماسية لعدد من الأطراف الدولية.
اقترحت مصر خطة وقف دائم لإطلاق النار في غزة يوم الثلاثاء (15 يوليو/ تموز 2014) وافقت عليها إسرائيل بينما رفضتها حماس التي قالت انه تم تجاهل شروطها، وتريد حماس من إسرائيل ومصر، التي تختلف حكومتها المدعومة من الجيش مع الحركة الإسلامية، إنهاء القيود المفروضة على الحدود التي عمقت الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها 1.8 مليون شخص يسكنون القطاع.
وسقط حتى الآن ما لا يقل عن 224 فلسطينيا معظمهم مدنيون قتلوا بسبب الهجمات الإسرائيلية، وفي إسرائيل قتل مدني في هجوم بصاروخ من بين أكثر من 1300 صاروخ فلسطيني يقول الجيش الإسرائيلي إنها أطلقت من غزة. ورغم الحديث عن هدنة طويلة الأمد تبدأ صباح غد الجمعة، إلا أن أفيخاي ادرعي المتحدث باسم الجيش الاسرائيلي أسرع بالنفي قائلا لقناة الجزيرة إن "التعليمات الصادرة الى الجيش هي مواصلة العملية العسكرية ضد حركة حماس والمنظمات الإرهابية الأخرى". في المقابل قال سامي ابو زهري المتحدث باسم حركة حماس التي تدير غزة "أريد أن أؤكد أن حماس لن تقبل اية عروض ما لم يستجب لشروطنا مسبقا قبل وقف اطلاق النار ونحن مستمرون ونمتلك النفس الطويل للاستمرار حتى نجبر الاحتلال للخضوع الى شروطنا".
حظوظ نجاح المبادرة المصرية؟
يعتبر عدد من المحللين موقف مصر من الهجمات على غزة هذه المرة مختلفا لأنها تسعى في الواقع لإضعاف حماس وإنهاء سيطرتها على غزة. ويصف سامح راشد الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجي موقف مصر في العملية الإسرائيلية الحالية بـ"الـضعيف من اللحظة الأولى، وذلك بسبب الإجراءات التي اتخذتها مصر بحق غزة وحماس في الأشهر الماضية"، مؤكدا أنه لم يكن متوقعا لمبادرتها أي أمل في النجاح".
حللون يرون أن المبادرة المصرية تسعى في الواقع لإضعاف حركة حماس
وحول تفاصيل المبادرة أوضح سامح راشد لـDW أنها "لم تحمل إيجابيات كافية من وجهة نظر حماس، وبالتالي فالاستمرار في مواجهة آلة العنف الإسرائيلية بالصواريخ أكثر جدوى لدى حماس (داخلياً أمام الشارع الفلسطيني وخارجياً أمام العالم) من قبول مبادرة مصر التي تحمل بنوداً واضحة ومحددة في صالح إسرائيل وعامة أو مؤجلة بالنسبة للفلسطينيين".
ويضيف سامح راشد "لا أعتقد أن مصر تتمسك بوقف إطلاق النار. فمصر الحالية من مصلحتها استمرار استتنزاف قدرات حماس وتدمير قوتها العسكرية وكسر إرادتها السياسية. لذا لا أريد أن أكون تآمرياً، لكن طريقة وتوقيت ومضمون المبادرة المصرية يعني لأي مراقب ولأي سياسي أنها ولدت ميتة أصلاً ولم تكن لتقبل فلسطينياً بأي درجة".
أما الدكتور أحمد تهامي الحاصل على الدكتوراة في العلوم السياسية من جامعة درهام ببريطانيا فيعتبر أن "حالة عداء ما بين مصر وحركة حماس حاليا وتجلى ذلك في رفض المبادرة المصرية وهذا نوع من الإحراج لمصر.. لابد للوسيط أن تكون علاقته جيدة بالطرفين.. لكن مصر علاقتها سيئة بحماس وهذا ظاهر في وسائل الإعلام الخاصة بالطرفين".
حماس ترى أن بنود المبادرة المصرية مجحفة في حقها
وأضاف لـDW أن عدم وقف إطلاق النار حتى هذه اللحظة رغم مرور 10 أيام لأن "إسرائيل وأطراف في الدول العربية تريد خنق حماس وإنهاء سيطرتها على غزة في إطار الحرب على الإخوان التي نجحت في الإطاحة بحكم مرسي، كما أن الفلسطينيين يريدون أن يستثمروا صمودهم في العمليات العسكرية الأخيرة ضدهم من أجل الحصول على فك دائم للحصار خاصة معبر رفح، فضلا عن إيجاد منفذ بحري".
المشكلة ليست في وقف إطلاق النار؟
"وقف إطلاق النار بحد ذاته ليس مشكلة.. المشكلة فيما بعد الوقف من إجراءات وترتيبات، وبالتالي فرص الالتزام بهذا الوقف مستقبلاً وإلى أي مدى زمني" كما يوضح سامح راشد، مشيرا إلى أنه ليس من الواضح أن مصر لديها ضمانات محددة في هذا الخصوص، بدليل إحالة الجوانب الإيجابية بالنسبة للفلسطينيين إلى مفاوضات لاحقة منفردة مع كل جانب، أو رهنها بالظروف الأمنية المواتية.
ويتفق معه الدكتور أحمد تهامي حيث يقول "المشكلة ليست في وقف اطلاق النار بقدر ما أن المشكلة تكمن في ترتيبات ما بعد إطلاق النار، وأعتقد أن هناك صراعا حقيقيا دائرا الآن حول هذا الأمر، مشيرا إلى أن دروس التجارب السابقة بخصوص الهدنة علمت الفلسطينيين أن رفع الحصار لا يمكن ان يكون دون ضمانات.
فيما يقول الدكتور مازن النجار الأكاديمي والمفكر الفلسطيني "إنه من الممكن أن تعقد هدنة لكن المشلة أنه في كل مرة تعقد هدنة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية بجهود مصرية مخلصة يتم اختراقها من جانب الإسرائيليين سواء باستهداف شخصيات فلسطينية أو اغتيال شباب.. لو توقفت إسرائيل عن نقض الاتفاقيات فإن الهدنة ستستمر طويلا". وأوضح لـDW أنه من بين اختراق الهدنة اعتقال الأسرى المحررين في صفقة تبادل الأسرى مع جلعاد شاليط بالرغم من أن الصفقة كانت بضمانات دولية، وهذا مخالف للأعراف الدولية".
إلا أن تهامي يؤكد أنه حتى إذا تم الاتفاق على هدنة طويلة المدى فان الصراع العربي الإسرائيلي مستمر، ومرشح للانفجار في أي لحظة خاصة عندما يخل أحد الأطراف بالاتفاق أو عندما تكون هناك فرصة قوية يراها أحد الطرفين مواتية لتسديد ضربة للطرف الآخر لإضعافه كما حصل أكثر من مرة، خاصة لإنه ليس هناك ضمانات دولية".
متى يمكن أن يتوقف النار؟
يشير الدكتور تهامي إلى أن مصر لو قدمت تنازلات في معبر رفح وحدثت نوع للمصالحة مع حركة حماس فسيعتبر نصرا للديبلوماسية المصرية". فيما يقول راشد إن "التوصل إلى هدنة سيعني انتصاراً للطرف الثالث الذي نجح في إقناع الطرفين بالهدنة سواء كان مصر أو قطر أو تركيا أو أي طرف آخر. والهدنة يجب أن تكون بشروط غير منحازة أو تنتقص من أي طرف وإلا لن تقبل حيث ستعد حينئذ هزيمة سياسية قبل أن تكون عسكرية".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى