برعاية النظام.. مذيعون ومذيعات يهزون عرش مصر

ازمات المذيعين

صحيح أن سقف الحرية أصبح لا وجود له، لكن اتجاه معالجة القضايا المجتمعية يظهر مدى تهديد المنظومة الإعلامية لحقوق المواطن، الذي مازال يحلم بالحصول على المعلومة الصحيحة الكاملة، فضلاً عن عدم فتح المجال العام، واتساعه أمامه للتعبير عن رأيه بالقدر الكافى، انطلاقاً من كون وسائل الإعلام غير متاحة أمامه بسهولة.
ومع ذلك، يُفند التقرير الـ13 الخاص بالمواقع الإخبارية، الصادر عن "الشبكة العربيّة لدعم الإعلام ـ الصوت الحر"، والمعني برصد المستجدات في قطاع الإعلام والصحافة خلال شهرَي يوليو وأغسطس 2014 ، في أحد فصوله "الأزمات التي يتسبّب بها مذيعون ومذيعات".
وأشار التقرير في فصله الذي جاء تحت عنوان "مذيعون ومذيعات... وأزمات"، إلى أنّ شهر يوليو الماضي، شهد عدداً غير مسبوق من الأزمات المحليّة والإقليميّة، تسبّب بها أخطاء مذيعين ومذيعات على القنوات الخاصة والحكومية، وأثارت في كل مرة ردود فعل عنيفة وحملات على الـ"سوشيال ميديا".

الأزمة الأشهر: أماني الخياط
وكانت أولى هذه الأزمات تحت عنوان "أماني الخياط والمغرب"، ففي حلقة 16 يوليو، من برنامج "صباح أون"، انتقدت المذيعة أماني الخياط، دور المغرب في القضيّة الفلسطينيّة، ووصفت اقتصاد المملكة بأنه قائم على "الدعارة"، قائلة :"إن ترتيب المغرب مُتقدم بين الدول المصابة بمرض الإيدز".
وأثار التعليق غضب المغاربة، وكتب أحدهم لصاحب قناة "أون تي في"، نجيب ساويرس، على حسابه على "تويتر"، شاكياً ما حدث. وهو ما دعا ساويرس إلى الرد على "تويتر" قائلاً :"إنه لم يسمع بالأمر لكنه سيُحقق فيه".
وبالفعل اعتذرت القناة في بيان لها، كما اعتذرت الخياط نفسها على الهواء، غير أن ردود الفعل استمرت، واضطرت وزارة الخارجيّة إلى الاعتذار عن طريق السفارة في العاصمة الرباط، وانتهى الأمر بإعلان إدارة القناة قبول استقالة الخياط نتيجة العيب والتجاوز في حق الشعب المغربي.
وفي محاولة لتهدئة الأمور، نقل التليفزيون المصري، وقناة "أون تي في" على الهواء مباشرةً احتفالات المغرب بعيد الجلوس الـ15 للملك محمد السادس، وطلب رئيس "اتحاد الإذاعة والتليفزيون" عصام
الأمير، من الشعب المغربي" تجاوز ما حدث من خطأ غير مقصود على الإطلاق، موضحا أن ما بين الشعبين أبقى وأقوى.
حكمت عبد الحميد وآخرون:-
الأزمة الثانية، كانت تحت عنوان "حكمت عبد الحميد وغزة"، فقد قرر التلفزيون المصري وقف المذيعة حكمت عبد الحميد، إحدى مقدمات برنامج "صباح الخير يا مصر"، لمدة أسبوع، بعد تعليقها على العدوان الإسرائيلي على غزة في حلقة بتاريخ 17 يوليو قائلة: "حماس تقول إمّا أن تفتح مصر معبر رفح
وأن يتم إخضاعها للإشراف الدولي وإما نُقتل... طيب إحنا مالنا".
كذلك، أزمة "قناة الفراعين وإسرائيل"، فقد أذاعت القناة الإسرائيليّة الثانيّة بتاريخ 16 يوليو، تقريراً أشادت فيه بمذيعة قناة "الفراعين" حياة الدرديري، وصاحب القناة توفيق عكاشة، لما أبدياه من مواقف رافضة لحركة "حماس" أثناء العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة.
وللإعلامي إبراهيم عيسى أزمته مع الأزهر أيضا، فقد تعرّض عيسى لهجوم شديد على صفحات "فيسبوك" و"تويتر" بعد تصريحاته في برنامجه الرمضاني "مدرسة المشاغبين"، التي قال فيها إنّه "لا يوجد شيء في الدين الإسلامي يُسمى عذاب القبر، أو الثعبان الأقرع"، بعدها أعلن الأزهر عن تشكيل لجنة للرد عليه.

عبد الرحيم علي وساويرس
من جهتها، قررت إدارة قناة "القاهرة والناس"، بتاريخ 18 أغسطس، تعليق برنامج "الصندوق الأسود"
الذي يُقدمه الإعلامي عبد الرحيم علي، الذي اشتهر بتسريب تسجيلات هاتفية لسياسيين ونشطاء، بما في ذلك من خرق فاضح للحياة الشخصيّة لعدد كبير من المصريين.
وجاء القرار بعد إعلان "علي" عن إذاعته لتسجيل مكالمة بين رجل الأعمال نجيب ساويرس، والدكتور محمد البرادعي، وما أن أعلن "علي" ذلك على الهواء، حتى قامت القناة بقطع البث وأذاعت فيلماً كوميدياً قديماً، ثم أعلنت القناة في بيان لها أنّ "تعليق البرنامج جاء بسبب استغلال الشبكة في
خلاف علني بين شخصين".
وكان ساويرس قد غرّد على "تويتر" قائلاً: "مشاهدة حلقة ثانية من المخبر عبد الرحيم علي، ستجعلني أتعاطف غصباً عني مع الإخوان المسلمين"، إلا أن "علي" وضع التسجيل الذي لم يُذع على موقع "البوابة نيوز" التابع له.
واستمرّت الحملة بين ساويرس وعلي، الذي أعلن عن إنشائه لقناة تحمل اسم برنامجه الموقوف "الصندوق الأسود"، ثم فاجأ الجميع بظهوره على نفس "القاهرة والناس" في برنامج الإعلامي أسامة كمال، "القاهرة 360" وذلك في 29 أغسطس لشرح موقفه.
محمد الغيطي والأسطول الأميركي:-
أثارت تصريحات المذيع محمد الغيطي في برنامجه "صح النوم" على قناة "التحرير"، التي قال فيها إنّ رجال الضفادع البشرية في الجيش المصري، قد اعتقلوا أحد قيادات الأسطول السادس الأميركي، ردود أفعال كثيرة.
وأضاف الغيطي أن مسؤولاً في القوات المسلحة اتصل بالرئيس الأميركي، باراك أوباما، طالباً منه عدم التدخل في الشؤون المصريّة.
ونشرت وسائل الإعلام فيما بعد على لسان ما وصفته بمصادر عسكرية نفياً لهذا الكلام، وانتقد إعلاميون كثر ما جاء على لسان الغيطي، كمثال على عدم التدقيق فيما يتداوله الإعلام من أخبار، بالإضافة إلى الانتقادات التي طالته على مواقع التواصل.
لكنّ منظومة الإعلام المصري تغاضت عن الأخطاء الفادحة، التي ارتكبها هؤلاء، والتي وصلت إلى حدّ التوتر الدبلوماسيّ.
وأُعيد المذيعون والمذيعات المفصولون من القنوات إلى العمل، عبر نوافذ إعلاميّة أخرى، أو حتى على نفس القناة.
ويُبيّن التقرير عدداً من هذه النماذج، كإعادة الإعلاميّة "رانيا بدوي" إلى العمل بعد فصلها من قناة "التحرير"، عقب إغلاقها الهاتف في وجه السفير الإثيوبي في القاهرة، وانضمّت البدوي إلى أسرة برنامج الإعلامي عمرو أديب، "القاهرة اليوم" على قناة "أوربيت".
كذلك، بعد إيقاف المذيعة "مها بنسي" لفترة عقب تعليقها على حالات التحرش في ميدان التحرير
بالقول "مبسوطين بقى" على الهواء مباشرة، عادت بهنسي إلى تقديم برنامجها "صباح التحرير ويك إند"، على شاشة قناة "التحرير".
أمّا المذيعة أماني الخياط، فقد عادت إلى العمل عبر قناة "القاهرة والناس" بدءاً من شهر سبتمبر الماضي، وذلك بعد فسخ تعاقدها مع "أون تي في".