كتب: محمد صفاء الدين – حسن عبد البر – مي محمود سليم – شريهان أشرف – أحمد مجدي
حالة من التدنى الأخلاقى والمهني سادت وسائل الإعلام مؤخرا، ودخلت العبارات الخشنة والألفاظ الخادشة إلى قاموس عدد من مقدمي البرامج وكتاب الصحف، كما بدأت بعض القنوات الفضائية تكشف صراحة عن عدائها الواضح لثورة 25 يناير. إضافة إلى تناول بعض وسائل الإعلام الخاصة، للأخبار الجنسية وفضائح الفنانين وإبرازها فى صدر صفحاتها الأولى أو على المواقع الإلكترونية، كما أن سطوة رجال الأعمال على القنوات والصحف الخاصة، للتقرب من السلطة بات أمرا مخزيًا، يؤكد دوران هذه القنوات في فلك السلطة وتوجهاتها.
الصحافة الرسمية.. دوران في فلك السلطة
مكرم محمد أحمد: الصحف بحاحة لتغيير شامل.. ولا جدوى من الترقيع
يخضع الإعلام الرسمي صحفا أو إذاعة أو تليفزيون لهيمنة السلطة، لاسيما فى اختيار رؤساء تحرير ومجالس الإدارات التى يقررها المجلس الأعلى للصحافة، المعين من قبل السلطة الحاكمة.
يقول مكرم محمد أحمد، نقيب الصحفيين الأسبق، إن الصحافة المصرية سواء القومية أو الخاصة تحتاج إلى تغيير شامل، أصبح ملحا وضروريا، لأنه لا توجد فائدة من عمليات الترقيع التي تكتفي بوضع حلول مؤقتة ومسكنات للصحف القومية بعدما فقدت كامل استقلالها.
وأضاف مكرم أن تعيينات رؤساء التحرير ورؤساء مجالس الإدارات سواء كانت من السلطة الحاكمة أو من تيار معين يسيطر على المجلس الأعلى للصحافة أصبحت تشكل تدخلا غير مرغوب فيه، ولابد لأبناء المؤسسة أن يختاروا رؤساءهم في إطار عقود واضحة وتكاليف محددة كما هو الحال في الصحف العالمية.
وأوضح نقيب الصحفيين الأسبق، أن الصحف الخاصة تعيش حالة مأساوية، فالصحفيين لا ينالون حقوقهم التي تنص عليها القوانين، وفي ظل الأوضاع الراهنة وشكل الصحافة الحالي لا تستطيع الصحافة القومية أو الخاصة القيام بدورها.
وشدد بشير العدل، مقرر لجنة الدفاع عن استقلال الصحافة، على ضرورة تحرير الصحف القومية والإعلام الرسمى من سيطرة الحكومة لأن المؤسسات التى تخضع للدولة تجعل الإعلام خاضعا للترويض، يدور فى فلك السلطة ويسبح بحمد الحاكم.
وأضاف العدل أن سيطرة رأس المال الخاص على الإعلام والصحافة يجعل منها وسيلة لتحقيق مكاسب خاصة، مشيرا إلى ضرورة إخضاع الإعلام إلى الالتزام بمواثيق الشرف الصحفية والإعلامية والجوانب المهنية.
وأكد الكاتب الصحفي، مؤنس زهيري، أن الإعلام الرسمي من صحافة وتليفزيون سرق واختطف وفقد وظيفته الأساسية المتمثلة في إعلام الناس بالخبر، مضيفا أن المؤسسات الإعلامية الرسمية لم تحاول تجديد مهمتها بعد ظهور الإعلام الإليكتروني الأسرع في نقل الخبر.
وأشار زهيري إلى أن رؤساء تحرير الصحف القومية أصبحوا موظفين لدى الحكومة ولا يفكرون في تطوير أدائهم، موضحا أن التلفزيون المصري أصبح هاو، لا يقدم جديدا، ولا يستطيع منافسة القنوات الخاصة التي تفعل ما تريد بلا حساب، وتخترق ميثاق الشرف الصحفي، بسبب توجهات وسياسات ملاكها، حتى أصبح الإعلام “كيد نسا”.
الوكالة الرسمية تحارب الإرهاب في مصر وتدعمه في سوريا
سياسة غريبة تتبعها وكالة أنباء الشرق الأوسط، الوكالة الرسمية للدولة, حينما تصف ما يقع في مصر من أحداث عنف بالإرهاب ومن ينفذونها بالإرهابيين, ثم تناقض نفسها وتصف من ينفذون أعمال التخريب في سوريا بالثوار.. أمر يثير الريبة في نفوس من يتابعها ولا يدري إن كانت تتعمد هذا الوصف أو تقع فيه بدون قصد، مما يستوجب وقفة مراجعة مع الوكالة الرسمية لمصر.
يقول تامر هنداوي، القيادي بحركة مصريون ضد الفقر والتبعية: من المفترض أن تعبر الوكالة عن الموقف الرسمي المصري، بمعني أن ما تذكره يعبر عن موقف الحكومة المصرية مما يحدث في سوريا, مضيفا أن النظام المصري لا يريد الاعتراف بأن ما يحدث في سوريا مؤامرة أمريكية صهيونية بأصابع تركية سعودية قطرية, وأن جزءا من هذه الأزمة يتمثل في علاقة مصر بالسعودية في الفترة الأخيرة, وأن النظام السعودي يدعم ما يحدث في سوريا بالأموال والمساندة الدولية, وبالتالي يلتزم النظام في مصر بالموقف السعودي.
وأكد هنداوي أن النظام المصري يتعامل بالقطعة مع الأمر، ففي الوقت الذي يحارب فيه الإرهاب هنا، يرفض الاعتراف بأن ما يحدث في سوريا إرهاب, وهي نظرة لا تعي الأمن القومي المصري الذي يرتبط بالأمن القومي العربي.. نظرة قاصرة تعتبر أمننا القومي مرتبطا بحدود الدولة فقط.
ويرى أحمد بلال، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع، أن ما تفعله الوكالة لا يحدث عن قصد, لأن مستواها متدن جدا، وتمتلئ أخبارها بالأخطاء الإملائية في الأخبار وفي الترجمة.
وأوضح بلال أن هناك وكالتي أنباء متميزتين في مجالهما، وتعرفان كيف تروجان لسياسات بلادهما، وهما وكالة الأنباء الإيرانية، ووكالة الأناضول الناطقة بلسان تركياالرسمي.
وتابع بلال: الدولة المصري فاشلة في توجيه إعلامها, ولا تستطيع أن تضبط مصطلحا في وكالة أنبائها، فالدولة تدعم حفتر في ليبيا، والوكالة تسمي الجيش الليبي بقوات حفتر, والقوات الإرهابية بالثوار, كما الحال في سوريا.
لغة الإعلام.. من تشكيل الرأى العام إلى «أخدناك ورا مصنع الكراسي»
تسير اللغة الإعلامية الصحفية في اتجاه هابط، إذ تحمل المانشيتات بمختلف الصحف عددا من العبارات والمصطلحات الرديئة التى لا تليق بلغة الإعلام، مثل “أخدناك ورا مصنع الكراسي” وغيرها، الأمر الذى يثير غضب فئات مجتمعية واسعة.
يقول ياسر عبد العزيز الخبير الإعلامي، إن آلة الارتباك والاضطراب والتغيرات الحادة التي شهدتها مصر في السنوات الأربع الماضية إضافة إلى ميراث العقود الثلاثة السابقة عليها كلها عوامل تضافرت لكي تصنع حالة من الخلل في الممارسة المجتمعية انعكست بطبيعة الحال على الإعلام.
وأشار عبد العزيز، إلى أن الأداء الإعلامي في مصر، إضافة إلى ما يتم تداوله على مواقع التواصل الاجتماعي يحتوى على أنماط أداء حادة ومنفلتة، وتركيز واضح على استخدام الألفاظ السوقية والمبتذلة، مشيرًا إلى أن المواجهة هي مواجهة مجتمعية وليست مواجهة إعلامية لأن الإعلام انعكاس وتعبير لما يجري في المجتمع والأمر مرتبط بتحقيق حالة من الاستقرار وتخفيف حدة التوتر.
ويرى الدكتور صفوت العالم، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن الإعلام في مصر أصبح يستخدم لغة هابطة نتيجة الواقع المجتمعي الذي نعيشه، ويضيف: يجب أن نفرق بين أمرين: الهبوط في استخدام اللغة، وبين استخدام لغة معينة أو ألفاظ لا تليق في التعبير عن الأخبار والتحقيق، في الحالة الأولى يجب أن نلجأ إلى لغة عربية سليمة ووسطى دون تعقيد أو دون هبوط حتى يستقيم المعنى للقارئ بسهولة ويسر.
أضاف العالم، أن الحالة الثانية ربما تحمل العناوين أو الفقرات على مصطلحات لها دلالة سياسية مثل قول السادات “اللي هيقرب من مصر هفرمه” والرئيس المعزول مرسي بقوله “شوية سياسيين متجمعين ورا مصنع الكراسي” إذ تحمل بعض العناوين الصحفية دلالة سياسية استنادا لشخصيات ثقيلة في الدولة.
وأكد العالم أن هناك مشكلة واضحة في العناوين الصحفية والإعلامية، إذ أصبحت تحمل مصطلحات هابطة، وبها مبالغات لا تعبر عن الدلالة إضافة إلى أن الفقرات قد تتسم بعدم الدقة، وذلك بسبب ضعف قدرة بعض الصحفيين وقلة خبراتهم دون مراجعة أو توجيه، لافتا إلى أن مواجهة المصطلحات الإعلامية الهابطة ربما تأتي بالتثقيف والتأهيل والتدريب.
الإعلام الخاص.. إعلان الحرب على «يناير»
وصل الإعلام الخاص إلى مستوى متدن من افتقاد المهنية وانعدام التوازن، في تقديم وتناول الأحداث، بعدما سيطر رجال الأعمال من ملاك القنوات على ما تبثه قنواتهم، مما أفقد هذه الوسائل الحد الأدنى من الحياد في تناول الأحداث السياسية التي تمر بها البلاد.
تقول الدكتورة وفاء ثروت، رئيس قسم الإعلام بجامعة المنيا، إن تشويه الإعلام الخاص لثورة يناير، جاء نتيجة الحراك السياسي الحالي، فالإعلام الخاص يحاول بقدر الإمكان التصفيق للسلطة الحاكمة والتطبيل لقراراتها وإن كانت خاطئة في محاولة من ملاك الصحف والقنوات للحفاظ على تواجدهم على الساحة السياسية، غير مدركين أن دور الإعلام الأساسي يتمثل في عرض ما تفعله السلطة بحيادية والوقوف على قراراتها سلبا وإيجابا.
وأكدت ثروت، أن الإعلام المصري يسير في اتجاهين لا ثالث لهما، الأول هو خط التأييد للحكم من جانب الصحف القومية والقنوات الخاصة والثاني يتمثل في القنوات المعارضة التي تحسب في الوقت الحالي على تيار الإخوان المسلمين ويتم مصادرتها والتضييق عليها، مضيفة أن الأزمة ليست في الإعلام فقط وإنما أيضًا في السلطة التى تكمم كافة الأفواه التى تعارضها حتى وإن كانت المعارضة بشكل متزن ومنهجي ومشروع”.
فيما أوضح الدكتور محمد الكاشف، أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة، أن تشويه الإعلام لثورة يناير في الوقت الحالي يأتي لخدمة فلول ورجال مبارك، ومن استفادوا من نظامه، مؤكدًا أن من يتصدرون المشهد الإعلامي في مصر يعتبرون أن ثورة يونيو ملك لهم، متجاهلين ثورة يناير، مشيرًا إلى أن هذا يعد محاولة بائسة من رجال النظام الأسبق في طمس الحقائق واستخدام سلاح التشويه وتوزيع الاتهامات الجزافية، من خلال نشرهم لمعلومات مغلوطة، دون أى أساس لصحتها.
هوس الترافيك يحول الصحف الإلكترونية لمواقع «بورنو»
اعتادت بعض المواقع الإليكترونية الإخبارية فى الفترة الأخيرة نشر الأخبار الجنسية وفضائح الفنانات، لجذب القراء لاسيما المراهقين، والحصول على ترافيك أعلى “زيارات أكثر”، لتصبح دائما فى مقدمة المواقع الأكثر قراءة.
يقول الكاتب الصحفي جمال الجمل، بعض الجرائد جعلت من نفسها وسيلة إعلان لا إعلام، فالمشكلة بدأت مع زيادة عدد مشتركي الإنترنت فى مصر، ووجود مواقع إخبارية إلكترونية، بدأت في نشر إعلانات مدفوعة، صار أصحابها يحرصون على نشرها في الموقع الذي يحقق معدلات زيارة أكبر، وكلما ضغط القارئ على إحدى المواقع تحسب لهذا الموقع أن هذه زيارة والموقع الذي يحقق معدلات عالية من الزيارات يستطيع أن يجلب إعلانات أكثر، وهو ما أحدث هوسا إعلاميا لبعض الجرائد.
أضاف الجمل، أن هذه المواقع، أصبحت تستخدم عناوين صحفية مماثلة للفوازير على شاكلة “شاهد ماذا حدث من هنا”، ثم تطور الأمر لأن يكون بعناوين أخرى جنسية على شاكلة “صور الفنانة كذا” وفضيحة فلان الفلاني” وشاهد من هنا، لافتا إلى أن شركات الإعلانات بدأت بتكوين إمبراطورية وهمية من خلال هذه الجرائد.
وأوضح “الجمل”، أن تبعات هذا الأمر فى منتهى الخطورة لأنها تفرغ الأخبار من مضمونها، وتحدث بلبلة من خلال عناوين قد تكون مخالفة للمحتوى الداخلي الخبري، وأساتذة الإعلام فى كل العالم يحذرون مما أسموه “إمبراطورية الغيبوبة” وقتل المضمون، لأن ذلك سيحدث حالة من عدم الثقة بين القارئ ووسائل الإعلام، فكلما فتح القارئ خبرا يجده معاكسا لمعنى العنوان، أو غير حقيقي، أو يتضمن كلاما في الجنس.
وأشار “الجمل”، إلى أن نقابة الصحفيين لا دخل لها بهذه الأمور أو شكل المحتوى الذي تقدمه الجرائد ولا يجب أن تكون رقيبا على أحد، لان ذلك ليس دورها فى الأساس، والمجلس الأعلى للصحافة أحيانًا يقدم تقارير عن الأخطاء المهنية، والمساوئ ولكن لا أحد يلتفت إليها، مؤكدا أن الحل الوحيد هو أن يطهر الوسط الصحفي نفسه بنفسه.
وقال الشيخ محمد عبد الله نصر، منسق حركة أزهريون مع الدولة المدنية، إن انتشار الأخبار ذات الطابع الجنسي، يأتى ضمن مؤامرة كبرى تحاك ضد مصر لهدم منظومة القيم والأخلاقيات المصرية، ونزع الوازع الديني لدى المصريين، لافتا إلى أن التركيز الإعلامي على الأخبار الجنسية يهدف لتجهيز المجتمع لاستقبال “داعش” وأفكارها، معللا ذلك بأن المجتمعات الشرقية لديها هوس جنسي وذلك يمكننا أن نتلمسه من خلال الفتاوى الجنسية التى يقدر عددها بالآلاف، والأخبار المنتشرة عن الجنس يوميا، و”داعش” والحركات الإرهابية يجندون الشباب بوعدهم بالحور العين فى الجنة.
وأضاف نصر، أن وسائل الإعلام التى تركز على الأخبار الجنسية مدفوعة دفعا لذلك حتى أصبحت مصر في المرتبة الثانية عالميا بحثا عن كلمة “جنس” على الإنترنت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى