عادل القاضي – التقرير
أربعة تسريبات خرجت حتى الآن من مكتب وزير الدفاع والرئيس المصري الحالي عبد الفتاح السيسي، تداولتها ثلاث فضائيات مصرية وعربية هي: مكملين – الشرق – الجزيرة، كان أخطرها تسريب قناة “مكملين” حول تصريحات عبد الفتاح السيسي واثنين من معاونيه والتي تضمن إساءات بالغة واحتقار لدول الخليج. ولا يزال السؤال مطروحا بلا إجابة: من الذي سجل هذه الجلسات السرية التي دارت بين حلقة ضيقة مغلقة من حكام مصر العسكريين الجدد؟ ومن سربها؟
وكان ملفتا أن التسجيلات كلها خرجت من مدير مكتب السيسي ولم تكن تسجيلات هاتفية فقط، ولكن من داخل الحجرة نفسها، ما يشير لزرع ميكروفونات أو أجهزة رصد حديثة سواء داخل المكتب أو في مكان قريب منه أو عبر تكنولوجيا متطورة عبر أقمار صناعية قد لا تحتاج لزرع أجهزة.
اجتهادات كثيرة قيلت -دول دليل محدد- عن تورط أجهزة استخبارات أجنبية، أو قيام عناصر رافضة للسيسي ومجموعته من العسكريين بتسريبها، أو تسريب أنصار السيسي لها لإنهاء دوره بعدما سبب حرجا للجيش وبات عبئا عليه ونفذ دوره بإبعاد الإخوان عن الحكم. وقيل أيضا إنها ربما تمت بواسطة “متعاطفين” مع التيار الإسلامي الذي يلقى عمليات قتل واعتقال هي الأكبر في تاريخ مصر. وقيل إنها ربما من فعل تنظيم جديد “للضباط الأحرار” على غرار تنظيم عام 1952 الذي قام بثورة أطاحت لاحقا بالملك، وكان يسرب أيضا أسرار القصر الملكي وفضائحه.
وبسبب صعوبة اختراق رافضي الانقلاب من التيار الإسلامي (الإخوان) للستار الحديدي للنظام، طرح البعض فرضية بروز صراعات داخلية قوية داخل أجنحة النظام، تدفع الأطراف الراغبة في إضعاف والتخلص من السيسي بتسريب ما يمكن أن يتسبب لإحراجه وإبعاده لاحقا.
وأرجع من روجوا هذه التكهنات لأسباب -غير موثقة- عن “حالة تذمر آخذة بالاتساع داخل صفوف المؤسسة العسكرية بسبب توريط الجيش في صراع داخلي حول السلطة“، وتعريض حياة الجنود في سيناء للخطر بعدما تم تحويل سيناء إلى “ساحة حرب واستنزاف” حقيقية للجيش بسبب السياسات الرسمية الاستفزازية التي ضاعفت من مشاعر الكراهية والعداء في صفوف المواطنين تجاه مؤسسات الدولة، والتي يرى كثيرون من أهالي سيناء أنها أسوأ من حكم إسرائيل لسيناء وقت احتلالها.
تكهنات أخرى قالت إن بعض الأوساط الأمنية بدأت هي الأخرى تضيق ذرعا بانسداد أفق الخروج من الأزمة السياسية في البلاد التي تشهد تزايدا لعمليات استهداف رجال الأمن والشرطة المكلفين بحماية غيرهم، وأضحوا غير قادرين على حماية أنفسهم، وبات الخطر يتهددهم داخل مقارهم الأمنية وداخل بيوتهم، وهو ما انعكس على تعليمات لضباط الجيش والشرطة بعدم ارتداء الزى العسكري الرسمي في الشوارع المصرية.
وقد قمتُ بهذا التحقيق الاستقصائي لبحث كل الاحتمالات، وانتهيتُ لحصر ست جهات محتملة وراء تسريبات مكتب السيسي هي: المخابرات الأمريكية – أجهزة رقابية وأمنية مصرية – صراع أجنحة المجلس العسكري الحاكم ممثلا في أربعة شخصيات عسكرية: (العقيد أحمد علي – اللواء محمد العصار – الفريق صدقي صبحي – الفريق سامي عنان).
المخابرات الأمريكية
ولأن من روجوا لترجيحات مختلفة عن سيناريو التسريب أجمع أغلبهم على تورط “أجهزة مخابرات أجنبية“، فقد قيل إن هذه الأجهزة تركية تارة، وقطرية، تارة أخرى، ولكنّ مسؤولين أمنيين رسميين ذكروا أنها “المخابرات الأمريكية“، ورجح خبراء أمنيون وعسكريون ذلك بالنظر لسبق تورط أمريكا في التجسس على مكالمات الرئيس المخلوع مبارك في قضية السفينة أكيلي لاوروا.
ورجحت هذا الخيار مؤخرا وكالة اسوشيتدبرس وصحيفة واشنطن بوست في تقرير نشر أول أمس الثلاثاء 10 فبراير نقل عن “اثنين من كبار مسؤولي الأمن المصري” أن الاشتباه يدور حول مساعدة “مخابرات أجنبية” لمن سجلوها المتصور أنهم “متعاطفون مع الإسلاميين“، بحسب الوكالة الأمريكية.
فبحسب ما نشرته الوكالة الأمريكية في تقرير نشرته الثلاثاء 10 فبراير بعنوان: (زعيم مصر في موقف دفاعي بعد اتهامه بإهانة حلفائه الخليجيين) قيل إن: “مصر تجري تحقيقات مكثفة داخل مكتب السيسي وفي وزارة الدفاع ووحدات الجيش عمن وراء التسريبات التي جرت من داخل مكتب السيسي وسببت حرجا كبيرا له مؤخرا مع دول الخليج، اضطرت السيسي للوقوف في موقف دفاعي حرج والاتصال بزعماء الخليج للتأكيد على احترامه لبلادهم“.
وقالت إن اثنين من كبار مسؤولي الأمن المصري أبلغوا وكالة أسوشيتدبرس الأمريكية أن التسجيلات “مفبركة“، لكنهم اعترفوا أن محققين يجوبون مكتب الرئيس، ووزارة الدفاع والجيش للبحث عن أي متعاطفين محتملين مع الإسلاميين، وقالوا إنه تم استخدام “تكنولوجيا متقدمة” في التسجيلات، ما يثير الاشتباه في مساعدة “مخابرات أجنبية لمن سجلوها“، بحسب قولهم.
ولكن اتهام المخابرات الأمريكية بالتصنت وتسريب مقاطع من هذه التسجيلات، شكك فيه بعض الخبراء الأمنيين الذين تساءلوا: هل من المنطقي أن تسرب أي مخابرات معلومات حصلت عليها من داخل مكتب وزير الدفاع شخصيًا لبثها على الفضائيات؟
وهل التسريب قامت به أجهزة استخبارات متعاطفة مع جماعة الإخوان ويهمها إظهار أن الحكم في مصر غير مستقر ولا يستطيع تأمين شؤونه واتصالاته السرية؟ أم قامت به أجهزة استخبارية لا تهتم بالتعاطف مع الإخوان، وقد تكون داعمة للسيسي نفسه، ولكنها تسرب هذه التسريبات بغرض “التحكم والسيطرة” على السيسي مثلما فعلوا مع مبارك، بدليل أنهم لا يسربون كل شيء ولكن بعض المحادثات فقط؟
ووفقًا لبعض المصادر الفنية، فإن أجهزة التجسس على المكالمات المستوردة في مصر يبلغ حجمها حبة الترمس، ويتم وضعها داخل مقبس الكهرباء أو جهاز التليفزيون، كما توجد أجهزة تسجيل في نفس الحجم وبها جزء مغناطيسي بحيث يتم وضعها أسفل المكاتب أو داخل النجف لرصد وتسجيل جميع محادثات المسؤولين في غرف مكاتبهم.
ولكن في ظل وجود ثلاث جهات تقوم بالمراجعة الدورية لمكاتب الأمانة العامة لوزارة الدفاع للتأكد من خلوها من أي أجهزة تصنت، يبقي السؤال الأصعب والأكبر هو: لماذا لم يتكشف أحد من هذه الجهات تلك الميكرفونات المثبتة داخل مكتب الوزير أو مدير مكتبه؟ هل اكتشفتها في وقت لاحق؟ هل هي التي وضعتها وبالتالي لم تكشف عنها؟
تكهنات تركية
هذا التوقع أيدته أيضا صحيفة “يني عقد” في خبر لها، 9 فبراير الجاري، وقال عبد الرحمن دلي باك في مقال له بالصحيفة إن: “التسجيلات التي جرت في مكتب السيسي قام بها أعضاء مقربون منه في المكتب، وقد يكون من قام بالتسجيل هم أحد أجهزة الاستخبارات العالمية أو العربية“.
ويلفت “دلي باك” إلى أنّ من يقف وراء السيسي ويدعمه هو نفسه من يقوم بدعم “الكيان الموازي” والمعارضة في تركيا للإخلال التوازن في البلاد سياسيًا.
وحول الهدف من وراء هذه التسجيلات، يقول “دلي باك” بأن الأمر بات مؤسف جدًا لقائد الانقلاب عبد الفتاح السيسي، وداعميه من دول الخليج العربي، وعن التوقيت الذي رافقته التسجيلات يرى “دلي باك” بأن الأمر فيه احتمالات عدة؛ فإما أن عهد السيسي قد انتهى، أو قد يكون قد كثرت أخطاؤه مع حلفائه وداعميه، أو من المحتمل ان تكون رسالة واضحة للزعماء العرب توضح لهم حقيقة ما خفي عنه تجاه “السيسي“.
أربعة تسريبات
ومنذ ديسمبر الماضي تم تسجيل أربعة تسريبات في مكتب وزير الدفاع والرئيس الحالي السيسي هي:
1- مرسي في البحرية – قناة مكملين
التسجيل الأول كشف عن المكان الذي احتجز فيه الجيش الرئيس مرسي عقب الانقلاب العسكري، وتعود أحداثه إلى أكتوبر 2013 قبل بدء جلسات محاكمة (محمد مرسي)، وأذيع يوم 04/12/2014، وشارك فيه: اللواء ممدوح شاهين – النائب العام المستشار هشام بركات – قائد القوات البحرية اللواء أسامة الجندي – وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.
وفيه يحاول (شاهين) تزوير أوراق رسمية لكي يتم اعتبار جزء من قاعدة أبي قير البحرية -التي تم نقل (مرسي) إليها بعد أحداث دار الحرس الجمهوري- سجنا تابعا لوزارة الداخلية، بهدف جعل إجراءات القبض عليه قانونية لا يمكن الطعن عليها.
2- الأذرع الإعلامية – قناة مكملين
التسجيل الثاني كان عبارة عن مكالمة هاتفية للواء عباس كامل مدير مكتب السيسي يملي فيها علي المتحدث العسكري السابق (العقيد أحمد علي) أوامر المشير السيسي للإعلاميين المصريين الذي وصفهم بأنهم “بتوعهم” أمثال (إبراهيم عيسى – أحمد موسى – أماني الخياط – يوسف الحسيني – رولا خارسا – عزة مصطفى – محمود سعد).
والهدف من التعليمات للصحفيين هو الرد على هاشتاج (#انتخبوا_الـ***) الذي انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي بعد إعلان ترشح السيسي لانتخابات الرئاسة، وبهدف أن يبدأ الإعلاميون حملة تلميع للسيسى أمام الشعب قبل انتخابات الرئاسة، وفيه يتصل مدير مكتب السيسي أيضًا بـ (فهد العسكر) نائب رئيس الديوان الملكي السعودي ليطالبه بإيقاف برنامج الإعلامي الساخر (باسم يوسف) الذي كانت تبثه قناة MBC مصر.
3- القضاء الشامخ – قناة الشرق
وهذا التسريب الثالث يتناول قضيتين كانتا منظورتين أمام القضاء: الأولى قضية سيارة ترحيلات أبو زعبل التي كان يحاكم فيها 4 ضباط من بينهم نجل العميد (عبد الفتاح حلمي) أحد الذين حشدوا لـ 30 يونيو، والذين كانوا يحاكمون بتهمة قتل 37 محتجزا حرقا وخنقا بالغاز داخل السيارة بعد فض ميدان رابعة العدوية.
وفيه يطلب (عباس كامل) من اللواء (ممدوح شاهين) أن يطلب من القاضي إدخال شهود لنفي الواقعة لصالح الضباط المتهمين، وهو الأمر الذي قبله شاهين، وتم بالفعل الحكم على الضباط في القضية بسنة مع إيقاف التنفيذ.
أما المكالمة الثانية، فيتحدث فيها (عباس كامل) إلى النائب العام (هشام بركات) بشأن قضية رجل الأعمال (حسن محمد حسنين هيكل) نجل الكاتب الصحفي (محمد حسنين هيكل) والذي كان مُتهما في قضية التلاعب في البورصة مع نجلي الرئيس المخلوع (علاء وجمال مبارك) ومُنع على إثرها من السفر، حيث يطالب (كامل) من النائب العام رفع اسم نجل (هيكل) من قائمة الممنوعين من السفر، بناء على طلب الكاتب الشهير الذي أبدى امتعاضه من منع نجله من السفر بسبب تلك القضية.
4- السيسي يحتقر الخليج – قناة مكملين
والتسريب الرابع الذي رافقه حملة إعلامية لتسويقه في الخليج، عبر هاشتاج (#السيسي_يحتقر_الخليج)، ظهر فيه صوت السيسي نفسه لأول مرة، بصحبة صهره رئيس المخابرات الحربية وقتها اللواء (محمود حجازي) الذي أصبح رئيسا للأركان، واللواء (عباس كامل) وتم خلال يوم اجتماع المجلس العسكري لإعلان ترشح السيسي للرئاسة.
وتناول هذا التسريب رؤية قيادات الجيش المصري لدول الخليج وحكامه كـ “بقرة حلوب” لتدفق الأموال لخزائن الجيش، وهو التسريب الذي ما تزال ردود الفعل تتوالى عليه، وفيه كشف أسرار الجيش (ترشيح المجلس للسيسي رئيسا) لمكتب رئيس الديوان السعودي السابق (خالد التويجري).
عسكريون وراء التسريبات
تكهنات أخرى تحدثت عن دور عسكريين وراء التسجيلات في مكتب السيسي، ربما لأسباب تتعلق بخلافات داخلية والرغبة في استبعاد اللواء عباس كامل صديق السيسي وأحد الذين جاء اسمه في كل التسريبات لأنها تمت في كتبه، أو بسبب صراع أجنحة داخل المجلس العسكري الذي يحكم مصر فعليا، ومن هؤلاء:
المتهم الأول: العقيد أحمد على، حيث لوحظ أن الإعلامي (عمرو أديب) المقرب من المؤسسة العسكرية، ذكر في برنامجه (القاهرة اليوم) حلقة السبت 6 ديسمبر 2014 اعترافا ضمنيا بصحة التسريب الأول، وذكر أنه مسجل منذ عام ونصف، ولكنه تساءل عن المغزى توقيت نشرها، ثم لم يلبث أن أضاف: “ الضابط الذي سجل هذه التسريبات “ماشي” وهذه آخر حاجة يعملها“، وكان هذا في نفس توقيت إنهاء عمل العقيد أحمد علي وانتقاله لرئاسة الجمهورية قبل أن تؤكد تقارير أخرى عدم وجود دور له بالقصر الرئاسي واحتمال نقله ملحق عسكري في إحدى سفارات مصر بالخارج.
وقد أوضح أسامة جاويش مذيع قناة مكملين -الذي أذاع التسريب الأول- أن الضابط الذي يقصده (أديب) هو العقيد (أحمد علي) المتحدث الرسمي السابق باسم المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذي استقال من منصبه بعد انتخاب عبد الفتاح السيسي رئيسا، وظهر في التسريبات عندما خاطبه (اللواء عباس كامل) بقوله: “أنت بتكتب يا أحمد؟“، وتم نقله للعمل ملحقا عسكريا.
ولكن إذا صحت معلومات (أديب) عن تحديد الضابط الذي أخرج التسجيلات الأولى التي وصلت لقناة “مكملين” وتمت السيطرة على الموقف، فكيف أرسلت التسريبات التالية لقناتي الشرق ومكملين مرة أخرى؟
المتهم الثاني: اللواء محمد العصار، حيث كشف التسريب الثاني أن السيسي ترك مكتبه ونزل للاجتماع مع اللواء (العصار) -وفقا لكلام مدير مكتبه اللواء (عباس كامل)- ورد عليه اللواء (محمود حجازي) رئيس المخابرات الحربية في هذا التوقيت أنه هو الآخر كان سينزل لمقابلة اللواء (العصار) في مكتبه.
ولأن نزول الوزير لمكتب أحد مساعديه أمر مخالف للأعراف العسكرية والرتب وخلافه، فقد طرح هذا الجانب من التسريب مزيد من علامات الاستفهام حول موقف اللواء (العصار)، الذي أشيع معارضته لانقلاب 3 يوليو 2013، وتحفظاته على نتائج هذا المسار، إىي الحد الذي فجر إشاعات أنه تحت الإقامة الجبرية، ولكنه ظهر في مناسبات عدة بصورة عادية مع أعضاء المجلس العسكري.
و”العصار” من الشخصيات القليلة في المجلس العسكري القديم والجديد الذي يتمتع بقدر من الوعي السياسي، فضلا عن علاقاته الوطيدة بالجانب الأمريكي من خلال عمله كمساعد لوزير الدفاع لشؤون التسليح، وهو الموقع الذي استحدث خصيصا له بعد إحالته للتقاعد ليظل مسؤولا عن التسليح قرابة 15 عاما.
المتهم الثالث: الفريق صدقي صبحي، والسبب الذي جعل كثيرين يتهمون الفريق صدقي صبحي وزير الدفاع الحالي بأنه المسؤول عن التسريبات هي أن اسمه وصوته لم يرد في هذه التسريبات، رغم أنه في بعضها كان رئيسا للأركان، وفي البعض الآخر كان وزيرا للدفاع.
ولذلك طرح غيابه عن هذه التسريبات احتمالات وتساؤلات حول أن يكون هو المستفيد منها ومن ثم رغبته في التخلص من السيسي وأن يحل محله برغم أن الدستور حصن موقفه بنص محدد يسمح له بأن يظل في منصبه 8 سنوات دون عزل، ما يجعل من الصعب على السيسي أن يتخلص منه بسبب نص الدستور لو كان هو الذي يقف وراء هذه التسريبات.
المتهم الرابع: اللواء محمد رأفت شحاته، حيث يوجه البعض أصابع الاتهام إلى الرئيس الأسبق لجهاز المخابرات العامة وأول رئيس للجهاز من بين أبنائه، والذي أدى اليمين أمام الرئيس محمد مرسي، بعدما أقيل سلفه اللواء (مراد موافي) عقب مذبحة رفح الأولى، و قوّى من أسهمه الدور الذي لعبه في التواصل مع الفصائل الفلسطينية في غزة لإتمام صفقة وفاء الأحرار لتبادل الأسرى مقابل الجندي (جلعاد شاليط) خلال الفترة الانتقالية.
وسر اتهامه بأنه وراء هذه التسريبات، ما أشيع عن تسريبه لاتصالات ما قبل 30 يونيو التي مهدت للانقلاب، وتنصته على بعض قضاة المحكمة الدستورية إبان أزمة الإعلان الدستوري نوفمبر 2012، وقويت هذه التكهنات بعدما تمت إقالته من منصبه كرئيس للمخابرات العامة بعد أيام قليلة من 3 يوليو لصالح أستاذ السيسي اللواء (محمد فريد التهامي)، وتم تعينه مستشارا أمنيا للمستشار (عدلي منصور) خلال فترة رئاسته المؤقتة، ولكنه توارى وراء الكواليس خلال تلك الفترة.
ولكن هناك من يستبعد هذا بسبب عدم وجود دور مباشر للمخابرات العامة داخل مبنى الأمانة العامة لوزارة الدفاع، الذي تتولاه المخابرات الحربية لا العامة.
المتهم الخامس: الفريق سامي عنان، وتردد اسم رئيس الأركان الأسبق مرارا منذ خروج التسريبات الأولى للسيسي وقبل إعلان ترشحه للرئاسة والتي أذاعتها شبكة رصد وقناة الجزيرة، من حوار السيسي مع رئيس تحرير جريدة المصري اليوم -آنذاك- (ياسر رزق)، وغيرها من تسجيلات الشؤون المعنوية وفق ما صرح به الدكتور (باسم خفاجي) مالك قناة الشرق، وقيل إن السبب خلافات بينهما ورغبة السيسي في إبعاد عنان عن الترشح للرئاسة لصالحه.
وجاء اضطرار (عنان) للانسحاب من سباق الرئاسة أمام السيسي، ليثير تساؤلات حول ضغوط عليه ربما جعلته يتجه لخيار تسريب مكالمات السيسي بواسطة أعوانه من العسكريين الناقمين على أداء السيسي؛ إذ إنه يتمتع بعلاقاته القوية داخل مقر الأمانة العامة لوزارة الدفاع التي كانت دائرة نفوذه لسنوات طويلة، كما أن البعض يربط توقيت رفض لجنة الأحزاب لحزبه الذي أسسه بتسريبات 5 ديسمبر 2015، ورفض هيئة المفوضين للحزب يوم 28 نوفمبر 2014 وتسريبات نفس اليوم.
ويشار هنا إل اتهام البعض ما أسموه “تنظيم ضباط أحرار جديد” بالتسريب وقالوا إنهم من أنصار الفريق (سامي عنان).
ولكن هناك من يشككون في تورطه في التسريبات، لعدم الدخول في صدام مع المجلس العسكري الحالي وتشويه حياته العسكرية والعامة، ويرجعون ذلك لتوافقه مع السيسي ضد الإخوان الذين عزلوه من منصبه بواسطة الرئيس مرسي عقب مذبحة رفح.
المتهم السادس: أجهزة رقابية، وهناك متهم سادس بتسريب وتسجيل هذه اللقاءات هو الأجهزة الرقابية والأمنية، خصوصا في ظل الصراع بين الأجهزة الذي ظهر عقب انقلاب 3 يوليو للبحث عن نفوذ لكل منها.
فالقانون في مصر يعطى 8 جهات الحق في مراقبة أي تليفون وتسجيل المكالمات هي: الرقابة الإدارية – مباحث التليفونات – المخابرات العامة – المخابرات الحربية – سلاح الإشارة – مباحث أمن الدولة – مباحث الأموال العامة – مباحث الآداب.
وحتى سنوات قليلة مضت، كان القانون يشترط للمراقبة الحصول على إذن من قاضٍ جزئي، لكن وُجِد أن ذلك يعرقل عمل هذه الجهات فتم الاكتفاء بالحصول على إذن من النيابة.
وقد نشرت صحف مصرية مؤخرا تقارير لبعض إمكانيات هذه الأجهزة الرقابية والأمنية في التسجيل لغيرها، منها (جهاز الرقابة الإدارية) الذي قيل إن لديه قدرات هائلة، منها مثلًا ما يوجد في الطابق 11 بمبنى الرقابة الإدارية بشارع النزهة بالقاهرة، من أجهزة سنترال قادرة على تسجيل ورصد “اتصالات مليون مواطن دفعة واحدة“.
ومن هذه الأجهزة (جهاز الأمن الوطني) -أمن الدولة سابقا- التي يقول البعض إن له ثأرا أو خلافا مع الجيش منذ ما تردد عن سماح قوات الجيش باقتحام المتظاهرين لمبنى مباحث أمن الدولة في مدينة نصر عام 2011 إبان ثورة يناير، وأن المخابرات العسكرية نقلت عددا كبيرا من الملفات والتسجيلات قبل الاقتحام.
هل التسريبات مفبركة؟
ويبقي السؤال: هل هذه التسجيلات مفبركة؟ ولو كانت مفبركة؛ لماذا لم يعلن النائب العام نتائج التحقيقات التي قال إنه باشرها منذ التسريب الثاني، الذي جاء اسمه هو فيه شخصيا؟ ولماذا هذا الغضب الرسمي والعصبية في نفي التسريبات وكان يمكن تجاهلها لحد دخول رئيس الوزراء على أكثر من فضائية بعد التسريب الرابع والاخير لينفي تارة ويقول، تارة أخرى، إن التسريب لا يؤثر على علاقات مصر بالخليج؟ ولماذا بادر السيسي نفسه بالاتصال بأربعة من قادة دول الخليج لينفي التسريب الأخير ويشدد على احترام مصر لدول الخليج؟
لكن، لماذا يربط الإعلام والمسؤولون المصريون دائما في تصريحاتهم عن التسجيلات بين شيئين متناقضين هما: أنها “مفبركة“، وأنها تمت بواسطة جهاز “مخابرات أجنبية“، وتأكيد صحف مصرية وخليجية أن معلومات ذكرتها مصادر أمنية أكدت ضبط أجهزة تصنت أمريكية في مبنى قريب من المبنى الذي جرت فيه تسجيلات التسريبات؟
حيث ذكرت هذه الصحف -ومنها صحفية “الجريدة” الكويتية- 9 فبراير الجاري أن: “مصدر مطلع أفاد بأن التحقيقات المصرية بشأن التسريبات من مكتب الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى الخاصة بدول الخليج، تشير إلى ضلوع المخابرات الأمريكية بالأمر“، مضيفا أن: “جهازًا للتنصت تم العثور عليه في أحد البيوت القريبة من أحد مقرات الرئيس السيسي“.
وقال المصدر: “إن التنصت تم عن بعد وبواسطة تقنيات تم زرعها في أجهزة الواي فاي وعبر هاتف نقال يعود لأحد موظفي القصر الرئاسي تمت قرصنته“.
وأضاف أن جهاز المخابرات المصري مقتنع تماما بأن الـ”سى آى إيه” وراء الموضوع؛ لأن التقنيات المستخدمة متوافرة فقط لدى الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن “المخابرات المصرية رصدت مكالمات لعملاء السى آي إيه بهذا الشأن مع أشخاص أُسندت لهم مهمة نقل التسريبات لقنوات تليفزيونية مختلفة تعرف بعدائها للسيسي وللنظام المصري الحالي“.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى