بكري: "طنطاوي" أيقن أن مبارك للمجموعة الاقتصادية.. وكان يرى أنها تشكل خطراً على البلاد
طنطاوى
تنشر «الأسبوع» و«الوطن» فصولاً منتقاة من كتاب سوف يصدر قريباً بعنوان «لغز المشير» للزميل الكاتب الصحفى مصطفى بكرى. وتتناول هذه الحلقات أدق تفاصيل المرحلة الانتقالية وحقائق الأحداث التى شهدتها، وأسراراً تنشر للمرة الأولى عن مواقف ظلت طى الكتمان طوال المرحلة الماضية.ويركز الكتاب على وقائع المرحلة الانتقالية التى تولى فيها المشير حسين طنطاوى، إدارة شئون البلد، بوصفه رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة.
وفى هذا الفصل، يتناول «المؤلف» تفاصيل الحوار الذى جرى بينه وبين المشير حسين طنطاوى يوم التاسع عشر من أبريل 2011، أى بعد اندلاع ثورة 25 يناير بأسابيع قليلة. ويؤكد المشير طنطاوى خلال هذا اللقاء الذى سجّل المؤلف تفاصيله كاملة، موقف الجيش من التطورات التى شهدتها البلاد فى هذه الفترة، وتصوراته للفترة المستقبلية.
تذكرت فى هذا الوقت ما نشرته فى صحيفة «الأسبوع» فى عام 2007، عندما قيل لى: إن المشير طنطاوى احتد على الدكتور أحمد نظيف وعدد من وزراء المجموعة الاقتصادية عندما اعترض على محاولة الحكومة بيع بنك القاهرة، ووصل الأمر إلى حد اتهام البعض منهم بخيانة مصر والتفريط فى مقدراتها لصالح الأجانب.
ساعتها حمل مانشيت صحيفة «الأسبوع» عنواناً يقول: «وزير سيادى يتهم حكومة نظيف ببيع مصر للأجانب».
ويومها قامت الدنيا ولم تقعد وثار أحمد نظيف واشتكى للرئيس، وطلب من وزير الداخلية حبيب العادلى معرفة المصدر الذى أمدنى بوقائع ما حدث فى جلسة مجلس الوزراء.
كان الرئيس مبارك يتابع تفاصيل ما جرى فى اجتماع الحكومة، بعد أن أبلغه بها أحمد نظيف رئيس الوزراء فى هذا الوقت، وغضب غضباً شديداً، وخلال افتتاح الرئيس مبارك لفندق «الفورسيزون جراند بلازا» بالإسكندرية فى 3 يوليو 2007، قال للمشير طنطاوى أمام الحاضرين: بلاش تتدخل فى الاقتصاد يا حسين، لقد عرفت بما حدث داخل مجلس الوزراء فى صفقة بيع بنك القاهرة، وأنا أنصح أن تترك الاقتصاد لأصحابه من الاقتصاديين.
أدرك المشير معنى الرسالة، وثبت له يقيناً أن مبارك منحاز إلى توجه المجموعة الاقتصادية التى كان يرى المشير أنها تشكل خطراً على البلاد وأمنها القومى.
■ ■
قلت للمشير طنطاوى خلال اللقاء: أنا عرفت أن الرئيس كان غضبان، ولكن موقفك سيسجله التاريخ بأحرف من نور، لأنك تصديت لبيع بنك القاهرة وبنوك ومصانع وشركات عديدة.
لم يعلق المشير على ما قلت، انتقل على الفور إلى موضوع آخر، سألنى عن الانتخابات البرلمانية وعما إذا كنت متفائلاً.
- قلت له: الانتخابات ستكون ساخنة جداً.
- قال: متخافش.. الجيش سيؤمن كل شىء.
- قلت: هناك أحزاب عديدة ستدخل الانتخابات.
- قال: فى اعتقادك الإخوان ياخدوا كام فى هذه الانتخابات؟
- قلت: أظن أن الإخوان لن يحصلوا على أكثر من 20 أو 25 ٪.
فى هذا الوقت كان اللواء حسن الروينى قد عاد إلى جلسة اللقاء مع المشير، واستمع إلى ما قلته عن احتمالية حصول الإخوان على نسبة من 20 إلى 25 ٪ من مقاعد البرلمان المقبل، نظر المشير إلى اللواء حسن الروينى وقال له:
اسمع يا حسن، مصطفى قال نفس النسبة اللى أنا متوقعها للإخوان فى مجلس الشعب، أنا عندى ثقة أن الشعب المصرى واع وسيختار من يحرص على مصالحه أياً كانوا.
ساعتها قال اللواء حسن الروينى، أنا بختلف يا فندم اسمح لى، الإخوان لديهم أساليب عديدة وطرق ملتوية وهيخدعوا الناس بكلامهم المعسول وأحاديثهم عن الدين، أنا مش مطمئن يا فندم.
- قال المشير: فى كل الأحوال، احنا حنعمل انتخابات نزيهة والشعب يتحمل مسئوليته فى الاختيار، هذا حق الشعب ولن نصادر حقه أبداً.
- قلت للمشير: واضح أن هناك إصراراً على تسليم البلاد سريعاً إلى السلطة المدنية التى سيجرى انتخابها.
- قال: عندما تسلمنا السلطة من الرئيس السابق تعهدنا فيما بيننا على تسليمها فى فترة لا تزيد على ستة أشهر، ولكن كما شاهدت، الأحزاب وشباب الثورة طالبوا بفسحة من الوقت، حتى يتمكنوا من تنظيم صفوفهم، وأنا شخصياً أتمنى أن تكون هذه القوى ممثلة فى البرلمان المقبل، وقال: «نحن سيكون موقفنا على الحياد ولن نتدخل ضد أحد أو لصالح أحد ولن نسمح أبداً بتزوير الانتخابات».
- واستكمل المشير حديثه بالقول: نحن على ثقة أن مصر ستعبر هذه الأزمة رغم أننا نعرف أنهم لن يتركونا فى حالنا، كثير من الحقائق غائبة عن الناس، وأنا سبق أن حذرت أكثر من مرة من أن البلد مستهدف، ولكن للأسف، هناك من يصور الأمور على غير حقيقتها، ومع ذلك أقول لك إن الجيش مستعد لتحمل دفع الضريبة كاملة، لقد رفضنا توجيه طلقة رصاص واحدة إلى الشعب أثناء ثورة 25 يناير، وسيبقى موقفنا ثابتاً برغم كل محاولات الاستفزاز والتحريض، لكن لازم الجميع يتأكد أن جيش مصر لا يمكن أن يرفع السلاح فى وجه شعب مصر، وهذا موقفنا وسيظل كذلك لحين تسليم السلطة والانسحاب إلى ثكناتنا العسكرية.
فى هذه اللحظة كان الحوار قد وصل إلى منتهاه، ساعات قليلة وسوف نغادر إلى قنا، ودعت السيد المشير، ومضيت مع اللواء حسن الروينى إلى خارج غرفة الصالون، بينما مضى المشير إلى مكتبه ليواصل عمله.
بعد ذلك بقليل كنت أغادر على الطائرة المتجهة إلى الأقصر، جنباً إلى جنب مع الشيخ محمد حسان والدكتور صفوت حجازى، كما رافقنا فى هذا الوقت اللواء على القرشى أحد كبار قادة المنطقة العسكرية المركزية متجهين إلى قنا، حيث كان فى استقبالنا هناك اللواء محسن الشاذلى، قائد المنطقة الجنوبية، واللواء محمد إبراهيم، مدير أمن قنا، الذى عين بعد ذلك وزيراً للداخلية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى