آخر المواضيع

13‏/08‏/2015

دويتش فيله: الناجون من “ترحيلات أبو زعبل” يحتفظون بأمل ضئيل في العدالة

قتل 37 شخصاً في أغسطس 2013 مختنقين داخل عربة ترحيلات فيما يرى الناجون وعائلات الضحايا أن المتهمين سيحظون بأحكاماً مخففة

دويتش فيله – ناعومي كونراد – ترجمة: محمد الصباغ
كان آخر مكان رأى فيه جمال صيام ابنه عبارة عن زنزانة مزدحمة في أحد سجون القاهرة، وطلب منه شريف أن يحضر له ”آيس كريم“ ليشاركه مع رفاق زنزانته. يقول صيام بصوت خافت ”لقد أحب الآيس كريم“. لم يكن يعلم أن المرة القادمة التي يرى فيها ابنه الأصغر البالغ 28 عاماً ستكون في جنازته. كان شريف يدرس هندسة الاتصالات ووجهه كان مستديراً ومبتسماً كما ظهر في الصور التى وضعتها عائلته في المنزل الكائن بأحد ضواحي القاهرة.
بالعودة إلى 18 أغسطس 2013، كان شريف ومعه 44 آخرين متواجدين داخل سيارة ترحيلات صغيرة، وذلك رغم أن سعة السيارة تسع فقط لنصف هذا العدد. ألقي القبض على الرجال خلال المظاهرات الكبيرة التي تبعت إطاحة الجيش بالرئيس السابق المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين، محمد مرسي. جاء ذلك بعد عدة أسابيع من المظاهرات المناهضة لحكم مرسي الذى رآه كثيرون استبدادي وغير ديمقراطي. وبعد ستة أسابيع وتحديداً في 14 أغسطس، تحركت قوات الأمن إلى اعتصام رابعة العدوية حيث قتلت وألقت القبض على مئات المتظاهرين في عدة ساعات.
يقول والد شريف، مدرس فخري بمركز الدراسات الإقتصادية الزراعية بجامعة القاهرة، إن ابنه لم يكن عضواً بجماعة الإخوان المسلمين ولا حتى متعاطفا معهم. ذهب إلى الاعتصام صبيحة يوم الفض لمساعدة المصابين. ويضيف: ”أشعر بالعذاب.. كان يجب أن أمنعه من التوجه إلى الاعتصام، كان يجب أن أبقيه في المنزل، فقد كان يوماً خطيراً“.
بعد ستة أيام، كانت عربة الترحيلات التي تحمل شريف ورفاقه، جميعهم متهمين بالاعتداء وحيازة أسلحة ومجموعة أخرى من التهم التي تنفيها عائلاتهم بشكل قاطع. بحركة بطيئة كانت السيارة في طريقها إلى سجن أبو زعبل في شمال شرق القاهرة، وبدأت الحرارة في الارتفاع. ويقول أحد الناجين الثمانية لدويتش فيله ”كنا نختنق في العربة، كان الجو شديد الحرارة“، ويضيف حسين عبدالعال، 61 عاماً، إن المكان كان شديد الازدحام لدرجة أننا ”كنا نتحرك بصعوبة، كان بعض الأشخاص مستلقين على الأرض ومتكومين فوق بعضهم البعض. نقلونا كالأغنام“.
ويكمل عبد العال حديثه بأنه توجه يوم فض الاعتصام إلى رابعة العدوية من أجل أن يتوسل إلى ابنه بأن يترك المظاهرات ويأتي معه، يعمل ابنه طبيب وعضو بجماعة الإخوان المسلمين وكان بالمستشفى الميداني. ويضيف أنه بعد عدة ساعات، أصيب ابنه، أب لطفلين، في رأسه وقام هو بنقله إلى سيارة الإسعاف لكنه مات بعد ساعات قليلة بالمستشفى.
في صباح الأحد، استغرق سيارة الترحيلات التى تنقل شريف وعبدالعال ومن معهم ساعة كي تصل إلى سجن أبو زعبل. وظل المساجين محتجزين بداخل العربة لساعات داخل ساحة السجن، ثم بدأوا في الانهيار. يقول حسين عبدالعال: ”طرقنا الأبواب وتوسلنا إلى الضباط من أجل المساعدة“. وأكد عبدالعال في مكالمة هاتفية من مكان إقامته بالمنصورة أنه نجا من الموت لأنه كان قريباً من باب السيارة. وأضاف أن الضباط تجاهلوا توسلاتهم و بدأوا في السباب والضحك على الرجال المختنقين بالداخل. ولمرة واحدة ألقوا ببعض المياه إلى داخل العربة عبر الفتحات الضيقة التي بالكاد قد يطلق عليها اسم شبابيك.  ويضيف ”بعضنا فقط كان قادراً على التقاطها بالأيدي“.
وألتقت دويتش فيله بناج آخر هو محمد عبد المعبود، وقال إن قنابل الغاز ألقيت إلى داخل السيارة قبل أن تفتح الأبواب بقليل. وأضاف: ”احترقت عيناي ولم أستطع التنفس، لقد خنقتنا“. وأقر عبد المعبود بأنه من المحتمل أن قنابل الغاز قد ألقيت وهو بداخل السيارة ”لقد كنت في نصف واعي بما يدور حولي، من يدري“. وأكمل بأنه عندما كان خارج السيارة قام أحد الضباط بـ”رش وجهه بمادة فسفورية” على حد تعبيره.
لكن هل قتلت قنابل الغاز من كانوا داخل سيارة الترحيلات؟ لا يستطيع عبد العال الذى نجا من الأمر أن يؤكد ذلك، ويقول: ”أنا لست طبيبا. كان الكثير من الأشخاص ممددين على الأرض وبالكاد يتحركون“، وأضاف أنه بمجرد مغادرته العربة قام بتحريك أحد الرجال الممددين على الأرض، ”لم يتحرك، ربما كان ميتاً، لا أعرف“.
ويوافقه على ذلك عبد المعبود: ”كيف يمكنني القول إن كان الغاز قتلهم؟ أصيبوا بحالة إغماء. وربما كانوا بالفعل قد ماتوا“.
من المحتمل أن قنابل الغاز قد قتلت بعض الرجال، لكن أيضاً من الممكن أن بعضا منهم على الأقل قد ماتوا قبل ذلك. لكن لماذا أطلق الضباط قنابل الغاز على السيارة مزدحمة بالمساجين النصف واعين؟ تقول الرواية الرسمية إن المساجين حاولوا خطف ضابط شرطة، مما أجبر الحراس على إطلاق قنابل الغاز كدفاع عن النفس لتحرير زميلهم. لكن عبد المعبود يقول إن ذلك كذب ولا يمكن تصديقه ”كنا بالكاد نستطيع الحركة، فما بالك بفكرة احتجاز ضابط شرطة كرهينة“.
هل المحاكمة عادلة؟
يقول محمد هاشم، محامي الناجين وأقارب الذين قتلوا في أبو زعبل، إنه مقتنع بأنها كانت محاولة للتستر على ”محاولة قتل من الدرجة الأولى“. أصدرت إحدى المحاكم في مارس حكماً بالسجن عشر سنوات على الضابط ،عمرو فاروق، والسجن سنة لثلاثة ضباط آخرين من مساعديه، وهو الحكم غير المعتاد عليه في مصر حيث أفراد الأمن غالباً ما يهربون بفعلتهم.
وجدت محكمة استئناف في يونيو 2014 أن الضابط فاروق اتبع الأوامر وانتهت إلى أن المذنب هو ”شخص مجهول“ وأمرت بتحقيق جديد.
وقال المحامي، محمد هاشم، لدويتش فيله: ”هذه ليست محاكمة عادلة“ وقد رفض القاضي طلبه باستدعاء شهود رئيسيين. وقع الحادث داخل السجن، وسيكون من السهل أن نجد الضابط الذي أطلق قنابل الغاز ”ففي نهاية اليوم يقوم كل ضابط بتسليم قنابل الغاز التي تسلمها إلى سلطات السجن، وكل ما يجب عليها فعله هو أن تفحص من منهم لم يسلم ما كان بحوزته“.
ويأمل هاشم أن يتم الحكم بحبس فاروق عشر سنوات مرة أخرى وإن لم يحدث فسيقوم بالطعن.
وبالعودة إلى الشقة المليئة بالحزن في القاهرة، لا تعتقد عائلة شريف صيام أن العدالة ستتحقق. ويقول والده: ”تم تسييس القضية منذ بدايتها، سيخرج ضباط الشرطة من الأمر بسهولة“، وأضاف أنه يشعر بأن النظام لن يسمح بإدانة ضباط شرطة ”هذه دولة بلا قانون“. وانهارت زوجته بجواره وبكت في منتصف حديثه مشيرة إلى صورة ابنها وقالت ”أنا في ألم مستمر، لا أستطيع النوم“.
وبينما أخرج من المنزل قال الوالد ”نحن نريد العدالة، لكن حتى لو حكم على الضباط بعشر سنوات، فلن يبعد ذلك الألم الذي نعانيه“.
** (أصدرت المحكمة التى تنظر القضية حكما، اليوم الخميس، بتخفيف الحكم الصادر بحق مأمور قسم شرطة مصر الجديدة إلى 5 سنوات)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى