قالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ ، قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُون) )
في الأسطورة أن قوس قزح كان أمنية فتاة غضة تركت روحها العالم بعدما أزهقتها متعمدة روح شريرة . فتمنت الفتاة أن يرى أهلها بعد كل مطر قوسا ملونا يحمل لهم شيئا من الأمل .
البنت زي القدر
زي القمر والنصيب
زي الأمان م الخطر
زي الشروق والمغيب
زي ابتسامة مطر
ما بين حبيب وحبيب
في كل مرة تهب فيها أطياف الذكرى من هنا ، يعلق بروحي صورة أسماء . لا شجن في صورة لفتاة مبتسمة . تتقسم اللعنات بالتساوي بين الرصاصة التي قتلت ، و المبرر الذي أباح ، و الدولة التي وافقت و أيدت .
إن كنت لا تعي بشاعة ما حدث ، فإنك سترفضه لأن الدم حرام . وإن كنت تعيه و تفهم و لست من "ملة" الخصم السياسي ، سترفضه أيضا لأن الدم كله حرام . وإن كنت تعيه و تفهمه و لا تحرك فيك الدماء دما ، فأنت تحتاج إلى علاج نفسي .
أسماء بالنسبة لي كانت تجسيدا حيا على طيش الرصاص ، وعمى الآلة التي تضرب ، و بطش الأمر بالضرب . و إن كنت أرفض إجمالا و تفصيلا كل ما جادت به قريحة الإخوان السياسية ، فإن أنقى ما خرج من الصورة الكاملة كانت أسماء .
هل كان الموت يحتاج أن يختار كل هذا الجمال و النقاء ليجعله أيقونة توضع إلى جانب صور أكبر ؟
وفي القصيدة الجنان دايب صبابة وشجن
ومع النبي ع الحوض بتناوله شربة ماء
بنت اسمها أسماء
الحديث الأهم و الذي تقع فيه أسماء من القلب ، هو أن ما حدث في رابعة لم يكن ضد فصيل سياسي , تعاقبه الدولة على تحديه لنا كما يحبون أن يصوروه هم .ما حدث كان بلطجة سياسية خالصة حتى أنه يمكن تدريسها كيف يمكن ان تكون على أكمل وجه .
إنه عقاب للمصريين جميعا أيا كانت انتماءاتهم . منطقها في ذلك ألا حق لأحد في مواجهة إرادة هذه الدولة التي تريد أن يعلو صوتها فوق كل صوت ..فاختارت الآلة العسكرية لتكون صاحبة الجلالة في كل وقت .
التاريخ يقول أنه إذا تم تمرير هكذا حوادث بنجاح فإنها مرشحة للتكرار ضد أي فصيل آخر . و إذا تكررت بهذا الشكل فإننا فعلا سنصبح مثل سوريا و العراق!
الأنظمة التي من هذا النوع تُفني نفسها بنفسها . تشق قلبها بسكين البطش . تفتح أوردتها الثمينة للهواء ، معرضة دمها و شبابها لكل من هب و دب .
هل يجب أن نخاف يا أسماء ؟ أنتِ قولي لي . أنا خائفة لأننا لم نر بعد عقابا بحجم المذبحة. أتعرفين يا عزيزتي أن من بيننا من بارك سقوطك؟ومن زايد عليه ؟ و من انتظررؤية جسدك المسجى في سيارة الإسعاف ليتأكد أنكِ رحلت ِ ؟
أتعرفين أنهم غيروا اسم الميدان ؟ أتعتقدين أننى حقا سننسى ؟ أتعتقدين أنه يمكن أصلا أن ننسى يا أسماء اليوم الذي ذهبتِ فيه و لم تعودي ؟
تُرى من ستكون أسماء التالية ؟ و هل سيكون هناك تالية دون أن ندفع ثمن الأولى ؟ أيؤمنون حقا أن الله سيمررها ؟ كيف و هذه ليست سنته و الله ليس من سننه تمرير الجرائم ؟
ألا تدفع سوريا الآن كبيرها و صغيرها ثمن ما ارتكبه حافظ الأسد في حماة سنة 1982 حين دخلها بالدبابات ؟ صمت الناس وقتها على ما هو أفظع من رابعة .
كان الجنود يتسلون بقطع أذرع المعارضين و رصها على أرصفة الشوارع . دخلوا المستشفيات و قتلوا الأطفال حديثي الولادة بدعوى أنهم سيكبرون ليصبحوا معارضين ، اغتصبوا النساء و عذبوا الرجال و قتلوهم تقتيلا . مرت أكثر من ثلاثين سنة على الواقعة ، و أرواح الذين قُتلوا تتوعد صامتة .
في كلوقت و في كل بلد ستجد من يتحدث عما حدث هناك . قيمة الإنسان في كثير من دول العالم أعلى من قيمته عندنا بكثير . الأمل ألا ننسى .. ألا نمر من هنا دون ندم !
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى