أصدرت المفوضية المصرية للحقوق والحريات تقريرها بعنوان “ساعات استباحة القتل الجماعي”، متناولاً أحداث العنف التى شهدتها مصر فى 2013، بداية بالحرس الجمهوري، وأحداث المنصة، وفض اعتصامي رابعة العدوية والنهضة يوم 14 أغسطس 2013، وتفريق المتظاهرين نفس اليوم في محيط رابعة العدوية على يد قوات الجيش والشرطة.
مظاهر التنكيل شملت كل مؤيدي ثورة يناير.. «الصباغ» نموذجًا
أوضح التقرير أن تلك الأحداث كانت بمثابة الضوء الأخضر لقوات الأمن في الإطاحة بمعارضين سياسيين والتنكيل بهم في وقائع قتل على مدار سنتين سابقتين، والتنكيل بهم داخل السجون بذريعة محاربة الإرهاب، مؤكدًا أن الوقائع لم تشمل إسلاميين فقط، بل تخطت إلى جميع مؤيدي ثورة 25 يناير من حركات احتجاجية وأحزاب سياسية، كان أشهرها واقعة قتل عضوة حزب التحالف الشعبي الاشتراكي شيماء الصباغ، بميدان طلعت حرب بطلقات خرطوش قوات الأمن.
ورصد التقرير استخدام قوات الأمن الذخيرة الحية بنيَّة القتل، حيث استعملت القوات الغاز المسيل للدموع وطلقات الخرطوش والرشاشات الآلية، والقنص المباشر في الرأس والصدر؛ مما يشير لنيَّة القتل، لافتًا إلى استعمال المعتصمين الحجارة والألعاب النارية والنبال وزجاجات المولوتوف، وكان بعض الأفراد يحملون الأسلحة النارية “المقروطة” وطلقات الخرطوش.
وأضاف تقرير المفوضية أنه كان بإمكان القوات المدربة التعامل مع الأفراد المسلحين نظرًا لقلة عددهم عن طريق الاستعانة بوسائل تصوير دقيقة يمكن من خلالها تحديد الأفراد المسلحين وسط الاعتصام للتعامل معهم بدلاً من استهداف المدنيين العُزل من السلاح في أماكن قاتلة، بحيث لا يؤدى استخدام القوات لحق الدفاع الشرعى إلى سقوط عدد كبير من الأبرياء.
الشرطة استخدمت الذخيرة الحية ضد المتظاهرين
وأكد التقرير أنه في أعقاب فض اعتصام رابعة العدوية، تجمعت مسيرات في عدة أماكن بالقاهرة في طريقها لميدان رابعة العدوية، وصلت المسيرات على أطراف الميدان فى أوقات متفرقة، بداية من التاسعة صباحًا وحتى نهاية اليوم، وتعاملت قوات الجيش التى كانت تؤمن لقوات الداخلية عملية الفض بجانب بعض الأفراد الذين يرتدون زيًّا مدنيًّا، ويعتقد أنهم “بلطجية”، مع تلك المسيرات بعنف مفرط وقوة مميتة، حيث استُقبلت تلك المسيرات بوابل من قنابل الغاز المسيلة للدموع لتفريق تلك الجموع، وسرعان ما لجأت القوات لاستخدام الذخيرة الحية وقنص بعض المتظاهرين من أعلى المبانى على أطراف الميدان، بينما كان هدف المتظاهرين تخفيف الضرر عن المعتصمين وفك الحصار عنهم، فكانوا يردون بالحجارة، وسرعان ما تشكلت مستشفيات ميدانية في الشوارع الجانبية لكثرة أعداد الجرحى والقتلى.
تباين فى عدد القتلى بين المنظمات الحقوقية
اختلف حصر عدد القتلى في العديد من التقارير الصادرة عن عدة جهات، كالمجلس القومي لحقوق الإنسان، الذي ذكر في تقريره أن عدد القتلى بفض ميدان رابعة العدوية 624، وأن عدد القتلى بميدان النهضة أكثر من ثمانين حالة.
ووفقًا لتقرير هيومن رايتس ووتش، وصل عدد القتلى بميدان رابعة العدوية 817 حالة، وبلغ عدد القتلى في فض ميدان النهضة 87 حالة.
ووفقًا للمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، بلغ عدد القتلى في فض ميدان رابعة العدوية 932، وعدد القتلى في فض ميدان النهضة 87 حالة.
واعتمدت المفوضية على الأعداد التى حصرتها المنظمات الأخري، مثل هيومان رايتس ووتش، والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وموقع ويكي ثورة التابع للمركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، ولكن أجرت المفوضية مقابلات مع أسر تأكدوا من وفاة ذويهم في عملية الفض، لكن لم يتمكنوا من الوصول إلى جثثهم؛ مما يشير لوجود عدد من الوفيات لم يقيد بالكشوف التابعة لوزارة الصحة.
32 حالة اختفاء قسرى عقب الفض
أكدت المفوضية أن الأحداث التى سبقت فض الاعتصام وأحداث الفض بشكل عام تركت وراءها كثيرًا من الأفراد الذين تعرضوا للقبض والاختفاء في أماكن احتجاز سرية، حيث لم يستطع ذووهم ولا محاموهم التوصل إليهم، رغم بحثهم عنهم في أماكن الاحتجاز واتخاذهم كافة الإجراءات القانونية من شكاوى وبلاغات للنائب العام، لكن دون جدوى، مما يثير الكثير من الشكوك حول وجود مقابر سرية تم دفن بعض الجثث بها.
وأشار التقرير إلى أن بعض الأهالى تأكدوا من وفاة ذويهم أثناء عملية فض الاعتصام، لكن لم يعثروا على جثثهم، كما أنهم غير مقيدين بالكشوف أو في تقارير المنظمات الأخرى رغم إقامة أسرهم مراسم العزاء، حيث رصدت المفوضية 32 حالة اختفاء قسري عقب تلك الأحداث لا يعرف ذووهم مصيرهم حتى الآن رغم اتخاذهم كافة الإجراءات القانونية.
تطبيق العدالة الانتقالية وإلغاء قانون التظاهر.. أبرز توصيات المفوضية
أوصت المفوضية المصرية للحقوق والحريات فى تقريرها بالشروع في مناقشة قانون العدالة الانتقالية على منظمات حقوق الإنسان المصرية والدولية والأطراف السياسية في مصر والجهات القضائية المختلفة، والإفصاح عن مكان أو مصير المفقودين منذ فض اعتصامات أنصار مرسي في يوليو وأغسطس 2013، بالإضافة إلى الانضمام لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، بجانب إلغاء القانون رقم 107 لسنة 2013 الصادر بقرارٍ من الرئيس المؤقت عدلي منصور بتاريخ 24 نوفمبر 2013، المعروف باسم قانون التظاهر، الذي يضيق تعريف التظاهر والتجمع السلمي إلى الحد الذي يصبح معه من المستحيل عمليًّاّ تنظيم أي شكل من أشكال الاحتجاج السلمي، ويضع قيودًا مجحفة على الحق في التجمع والتعبير عن الرأي، ولا يتسق مع الحد الأدنى من المعايير الدولية، أو مع نصوص الدستور المصري الذي تم إقراره في 2014.
كما أوصت بإلغاء القانون رقم 136 لسنة 2014 الصادر بقرارٍ من الرئيس عبد الفتاح السيسى بتاريخ 27 أكتوبر 2014 والمعروف باسم قانون المنشآت العسكرية، الذى يعطى قوات الجيش حق التواجد فى الشارع المصرى والمنشآت المدنية بدعوى حمايتها، بالرغم من أن تدريب قوات الجيش قتالى وأنهم غير مؤهلين للتعامل مع مدنيين، وهو ما يزيد من انتهاكات حقوق الإنسان، بالاضافة إلى تعديل القوانين المنظمة لاستخدام القوة والأسلحة النارية من قِبَل الشرطة، بحيث تتوافق مع الحد الأدنى من المعايير، وتحديدًا قانون هيئة الشرطة رقم 109 لسنة 1971، والقرار الوزاري رقم 156 لسنة 1964 والمكمل للمادة 102 في القانون السابق ذكره.
وشددت على ضرورة إنشاء آلية رقابة مستقلة عن الجهاز التنفيذي؛ للتحقيق في حوادث القتل أو الإصابة الخطرة، التي تنتج عن التعامل الشرطي، سواء وقعت في أماكن الاحتجاز التابعة لوزارة الداخلية أو في الكمائن والشوارع والطرقات وأي مكان لا يتبع مباشرة جهاز الشرطة؛ بهدف تعزيز المحاسبة والحد من ممارسات العنف الشرطي غير القانوني والاستخدام المفرط للقوة وللرصاص، كما طالبت بنشر تقرير لجنة تقصي الحقائق المشكلة من قِبَل الرئيس السابق عدلي منصور.
من جانبه قال محمد صبحى، الحقوقي بمركز نضال، إن عددًا كبيرًا من الحقوقيين تواجدوا أثناء نقل الجثث، مشيرًا إلى أنه كان واحدًا منهم، مضيفًا “للأسف بسبب كثرة الجثث وعدم استيعاب المراكز الطبية والمشارح لأعدادهم، لم يتمكن أى مركز حقوقي من رصد العدد الحقيقى للقتلى فى هذا اليوم”.
وأوضح “صبحى” أنه “لا يوجد اعتصام يفض بهذا الكم من الضحايا، ويوصف بأنه راعى المعايير الدولية والقانونية، خاصة أن الأجهزة الأمنية بالفعل فقدت السيطرة على رجالها أثناء الفض”.
وفى نفس السياق قال عبد الرحمن جاد، الباحث بالمفوضية المصرية، إن المركز اعتمد فى عدد الضحايا على المراكز الحقوقية، التى تباينت أقوالها بسبب كثرة الضحايا الذين سقطوا فى هذا اليوم، مؤكدًا أن هناك عددًا من الأهالى علموا بمقتل ذويهم، لكنهم لم يتمكنوا من دفنهم، وأن هناك عددًا من المتظاهرين لم يتم التعرف على أماكنهم حتى الآن، وهل هم أحياء بالفعل وفى السجون، أم قتلوا ودفنوا دون معرفة أماكنهم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى