أميرة يحيى تكتب : فلتسقط حدودكم

مثلي مثل غيري تأثرت كثيرا بصورة الطفل الذي جرفت المياه جثته على الشواطئ التركية بعد غرقه هو ومن معه أثناء محاولة هروبهم من بلدهم، حينها فقط سألت نفسي من يهرب من الموت إلى موت أخر؟ كيف لهم أن يتخذوا مثل هذا القرار، فكانت الإجابة أنهم كانوا على أمل أن تفتح لهم بلاد العرب حدودها وتأويهم من ويلات الحرب التي يعايشونها يوميا دون أن يتحرك لحكام العرب ساكن، الأمل الزائف كان كفيلا أن يجعل أب يعد ابنه أنه سوف يصل به إلى بر الأمان ذات يوم؟

أعرف أن هذا الطفل سيحيا عند الله أفضل بكثير من وجوده على هذه الأرض، ولكنه سيظل يلعننا ويلعن صمتنا الغادر، في الوقت الذي تموّل فيه السعودية الحرب في سوريا بطرق خفية، ترفض استقبال اللاجئين، وذلك حسبما جاء في بيان برنامج حقوق اللاجئين والمهاجرين بمنظمة العدل الدولية والذي أفاد أن السعودية وهى واحدة من أغنى الدول العربية رفضت إستقبال لاجئ سوري واحد وأن هناك خمس دول فقط من سمحت بدخولهم وهي تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، بغض النظر عن اختلاف تعامل حكومات تلك البلاد معهم.

في الوقت الذي تخشى فيه هذه البلاد على حدودها، قامت عائلة شخص يدعى "كريستوفر كاترابون" بتشكيل فريق إنقاذ خاص يمشط البحر المتوسط للبحث عن لاجئين وقاموا بإنفاق 8 مليون دولار على تجهيز سفينتهم الخاصة بالإنقاذ ولشراء الأطعمة والأدوية، أمضت العائلة 6 أشهر في البحر وقاموا بإنقاذ 3000 شخص حتى الأن، وعرضت 11 ألف عائلة إيسلندية إستقبال لاجئ سوري في كل عائلة، وقامت العائلات بالنمسا، محطة قطار فيينا تحديدا، بإقامة إحتفال لاستقبال اللاجئين وقاموا بتوزيع الماء والأطعمة عليهم، وهناك المزيد من الأمثلة التي يمكن ضربها لمظاهر الانسانية التي لم ترتبط بديانة، هذه البلدان لم تخشى على حدودها ولا اقتصادها مثلما فعلتم أنتم، ماذا تفيد الحدود والأنهار والأموال إذا ماتت الضمائر.

فلتسقط عروشكم وممالكم التي شيدتموها لتعزلكم عن العالم، فالطفل الذي غرق اليوم ما هو إلا ضمائركم المريضة وعقولكم الخاوية، والحدود التي أغلقتموها أمام اللاجئين ماهى إلا أسوار ستسجنون بها يوما ما عندما تسقطون، فالدين الذي تتخذونه ستارا برىء منكم. وأخيرا أعرف أن الطفل "عيلان الكردي" لن يكون الأخير الذي يتحمل نتيجة أفعالكم وصمتكم العاجز- إن صح التعبير- أمام عنجهية بشار الأسد، ولكنني على يقين تام أن عين الله لم ولن تنام وأنه قادر على أن يخسف بعروشكم الأرض.

- See more at: http://elyomnew.com/readers/32834#sthash.36EfJTkk.dpuf

مواضيع مشابهة