مر أكثر من 7 سنوات منذ بدأ هؤلاء النسوة حركتهن التي أطلق عليها «أمهات ميدان مايو»، ولم يجد جديد، لايزال الهدف الرئيس للحركة لم يتحقق، «نريد معرفة مصير أبنائنا»، هو الشعار الذي رفعهن في مواجهة الدولة التي اختارت أن تلعب لعبة لا تليق بدولة لديها دستور وقانون أن تلعبها، هي لعبة رجال العصابات، تليق بهم ويليقوا بها، لعبة الاختطاف المفاجئ والاختفاء إلى الأبد، ما يطلق عليه دوليًا «الاختفاء القسري».
ما لم يعلمه هؤلاء النسوة، حين خطت أقدامهن ميدان «مايو» قبل ديسمبر عام 1983 أن حركتهن، التي شغلت العالم وأصبحت رمزًا للنضال ضد «الاختفاء القسري»، عقب اختطاف أبنائهن من قبل الأنظمة الديكتاتورية الحاكمة للأرجنتين في تلك الحقبة، إلى جانب نضالهن كان ليكون أحد الأسباب التي ستؤدي لسقوط الديكتاتور الأخير في تلك الأنظمة، رينالدو بينوني، بعد ساعات قليلة فقط، مجبرًا أن يقدم استقالته.
حين غادر «بينوني» مكتبه للمرة الأخيرة كرئيس للبلاد، كانت حصيلة قرابة عقدين من الحكم العسكري الديكتاتوري، والذي بدء بانقلاب قاده جورج رافائيل فيديلا، عام 1976، تشير إلى حدوث 30 ألف حالة اختفاء قسري، و15 ألف حالة إعدام، و80 ألف حالة سجن سياسي، بالإضافة إلى مليون ونصف المليون حالة نفي خارج البلاد، حسب الأرقام الموثقة بالأمم المتحدة.
وتعتبر الأرجنتين أحد أهم الأمثلة في التاريخ على مرارة ظاهرة الاختفاء القسري وتبعاته، ذات الظاهرة التي تعاني مصر مؤخرًا من عودتها، حسب منظمات حقوق الإنسان.
وقد وثقت منظمة Humans Rights Watch، المعنية بحقوق الإنسان، 44 حالة اختفاء قسري في مصر من شهري مارس إلى مايو من العام الحالي، بينهم 31 حالة في شهر مايو وحده، فيما أصدرت التنسيقية المصرية للحقوق والحريات تقريرًا بمناسبة اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري، قالت فيه إن حالات حالات الاختفاء القسري في مصر منذ بداية 2015 وحتى أغسطس بلغ 1250 حالة، وكذلك رصدت مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان اختفاء «أكثر من ألف شخص منذ بداية 2015».
أما المجلس القومي لحقوق الإنسان المصري فأصدر تقريرًا قال فيه إن حالات الاختفاء بلغ عددها 163 حالة، منها 66 تنطبق عليها معايير الاختفاء القسري، بالإضافة إلى 64 حالة احتجاز دون وجه حق و31 حالة فشل في متابعتها، موضحًا أن ترتيب المحافظات التي تعرض قاطنوها لأكثر حالات الاختفاء تصدره العاصمة القاهرة بـ60 حالة، تبعتها كفر الشيخ بحوالي النصف، 31 حالة، والجيزة بـ16.
وكان المجلس قد شكل لجنة رباعية من أعضاءه، في يونيو الماضي، وأعلن عن عدد المختفين 163 وهو منذ أبريل فقط، موضحًا أنه يخاطب النائب العام في هذه المسألة، كما أفصح عن تلقيه 50 شكوى عن مختفيين قسريًا، خلال عقدهم لجلسة استماع مع أهالي المختفين لاستقبال الشكاوى ومتابعتها.
كما سافر وفد من المجلس لمحافظات متعددة ليلتقي بأهالي المختفيين، وترأس الوفد ناصر أمين، مدير مكتب الشكاوى بالمجلس. وتضمن الوفد أيضًا كمال عباس، مقرر لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وجورج إسحاق، مقرر لجنة الحقوق السياسية والمدنية، وعضو المجلس، راجية عمران، وباحثين آخرين.
وكان ناصر أمين، المحامي الحقوقي وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، قد حمل، في تصريحات صحفية، الدولة مسؤولية حوادث الاختفاء القسري، مؤكدًا أنها «لا يمكن أن تحدث في دولة بها قانون ودستور»، حسب تعبيره.
وتعتبر أشهر حادثة اختفاء قسري عام 2015 في مصر هي حادثة اختفاء المصورة أسماء الطويل، التي اختفت في الأول من يونيو، هي واثنين من أصدقائها، صهيب سعد وعمر محمد، من كورنيش النيل، بعد خروجهم للعشاء وركوب الخيل، حاملة كاميرتها الشخصية. وانتشرت قصة إسراء الطويل سريعًا على مواقع التواصل الاجتماعي ودشنت الصفحات و«الهاشتاجات» للبحث عنها، حتى تم اكتشاف وجودها «بالصدفة»، حسب رواية صفحة «إسراء الطويل فين»، بعد حوالي 15 يومًا من اختفائها، في سجن القناطر.
وكشفت الصحفة تفاصيل ظهور «الطويل» وقتها: «تم ترحيلها إلى سجن القناطر يوم الثلاثاء الموافق 16/6/2015 حيث شاهدتها إحدى الزائرات للمعتقلين هناك»، وأضافت: «في اليوم الأربعاء 17/6/2015 توجه أهل إسراء إلى سجن القناطر حيث تم إدراج إسمها في الكشوف الرسمية، بالصدفة البحتة كانت إسراء خارجة من السجن (بلباس السجينات الأبيض- جسديًا متماسكة ولكن نفسيًا مهزوزة) لتركب عربة الترحيلات في طريقها إلى العرض مرة ثانية على نيابة أمن الدولة لاستكمال التحقيق، فشاهدها أهلها وتم التواصل مع المحامين لحضور العرض معها».
إسراء الطويل لا تزال قيد الحبس، بعد توجيه تهم لها بـ «الانضمام لجماعة إرهابية أسست على خلاف القانون، وبث أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم العام»، فيما لم يتكشف حتى اللحظة أسباب عدم إعلان وزارة الداخلية احتجازها من البداية مع إيضاح الاتهامات الموجهة إليها، كما لم يتضح أسباب نفيها قطعيًا وجود إسراء الطويل لديها قبل أن يكتشف وجودها بسجن القناطر.
أما أحدث حوادث الاختفاء التي تفجرت إعلاميًا، فهي للناشط مصطفى الماصوني، والذي اختفى منذ 26 يونيو الماضي ولم يتم معرفة مكانه حتى اليوم، فيما انتقد الإعلامي محمود سعد وزارة الداخلية في هذا الأمر، خلال برنامجه «آخر النهار»، في حلقة السبت الماضي: «الماصونى راح فين، عيب كده، عملتوا الحركات دى قبل كده، وقولتوا إسراء الطويل مش عندنا، وطلعت عندكم»، مضيفًا: «لكم شواهد قديمة بتخلى الدماغ عايزة تتضرب في الحيط، يوجد 163 شاب مختفي، والأخبار دى لو طلعت بره هتأذينا».
أما أهالي المختفين قسريًا، فدعوا لعصيان مدني في يونيو لكن شيئًا لم يحدث، بينما أطلقت مؤسسات حقوقية وأحزاب سياسية العديد من الحملات لمناهضة الاختفاء القسري، وتدخلت نقابة الصحفيين، ممثلة في نقيبها، يحيى قلاش، بتقديم بلاغ للنائب العام، في يونيو الماضي، أدان من خلاله وزارة الداخلية متهمًا إياها بممارسة الاختفاء القسري في حق محمد البطاوي، الصحفي بمؤسسة «أخبار اليوم».
ولا تزال مصر ترفض التوقيع على «الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري»، بينما وقعت عليها العديد من الدول التي ذاقت يومًا مرارة الاختفاء القسري وتبعاته معدلة مسارها، كالأرجنتين وتشيلي وألمانيا، فهل تغير القاهرة توجهها وتتجنب طريق الأرجنيتن الأول لتلحق بها في الثاني؟
مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان، 
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى