ما زال حادث سقوط الطائرة الروسية السبت الماضي الموافق 31 أكتوبر في محافظة سيناء بمصر هو الخبر الأهم عالميًّا، الخبر الذي بات يتصدر جميع واجهات الصحف العالمية، فتحطم الطائرة الروسية على أرض مصر يعد أكبر كارثة في تاريخ الطيران الروسي.
الطائرة التي كانت تحمل على متنها 217 راكبًا روسيًّا بالإضافة إلى 7 من طاقم الطائرة قد قضى جميع ركابها ولم ينج أحد، وكان على متن الطائرة 17 طفلًا ـ الرقم المُعلن ـ لكن وفقًا لنائب عمدة سان بيترسبرج فالرحلة رقم 9268 كانت تحمل على متنها 25 طفلًا.
في بداية الأمر، يوم الحادث، طغى الارتباك على الموقف، فما بين نفي من جهات عدة أن الحادث لم يقع بالأساس، فوسائل إعلام تركية أعلنت على لسان مسؤولين أن الطائرة قد دخلت المجال الجوي التركي، في الوقت نفسه انتقل شريف إسماعيل رئيس الوزراء المصري على الفور إلى سيناء قاطعًا زيارته لمحافظة الإسماعيلية مما أكد أن الحادث قد وقع بالفعل.
بدايةً .. ماذا حدث؟
في صباح السبت الموافق 31 من الشهر المنصرم، بدأت الأخبار تتواتر عن سقوط طائرة ركاب روسية إير باص 321، أعلن التليفزيون المصري التابع للدولة عن الحادث ومن ثَم انتقل رئيس الوزراء شريف إسماعيل مع محافظ جنوب سيناء، ولكن غاب عن المشهد وزير الطيران حسام كمال.
كانت الطائرة الروسية تحلق على ارتفاع 31 ألف قدم عندما بدأت بالتأرجح في الجو 3000 قدم للأعلى وللأسفل قبل اختفائها من الرادارات وسقوطها.
سبب التحطم لا يزال ـ حتى لحظات كتابة هذا التقرير ـ مجهولًا، إلا أن فرضية أن تكون الطائرة قد أُسقطت بقنبلة أو عبوة ناسفة على متنها هو الأرجح.
ما هي السيناريوهات المتاحة لسبب تحطم الطائرة؟
هناك عدة سيناريوهات قد تُفسر سبب وقوع الطائرة، فعلى مدار أسبوع من سقوط الطائرة ظهرت عدة تفسيرات لا حصر لها، سنتناول بعضًا منها هنا، سواء تلك التي يمكن أن يتم إثبات صحتها أو تلك المستحيلة.
إعلان تنظيم ولاية سيناء مسؤوليته عن الحادث
أولًا: فور الإعلان عن سقوط الطائرة الروسية، أعلن تنظيم ولاية سيناء – أنصار بيت المقدس (سابقًا)، والذي أعلن بيعته لداعش العام الماضي، وتواجده الأساسي في محافظة شمال سيناء – مسؤوليته عن الحادث، في بيان مفاده: “إسقاط طائرة روسية وهلاك ما يزيد على 220 صليبيًّا روسيًّا كانوا على متنها”، لكن المُلفت للنظر أن التنظيم قد وضع تاريخًا مغايرًا لتاريخ سقوط الطائرة، فالطائرة سقطت يوم 18 محرم 1437 هجريًّا، بينما التاريخ الموضح على البيان الصادر عن التنظيم هو 17 محرم 1437.
بعد البيان الصادر عن تنظيم ولاية سيناء ظهر فيديو نُسب للتنظيم لشخص يوجه قذيفة لطائرة في الجو ـ لكن الفيديو تم حذفه من موقع يوتيوب ـ كما أكدت المخابرات الأمريكية أنه من المستحيل أن تكون الطائرة قد تم استهدافها بصاروخ من هذا الارتفاع، وأضافت أن مثل هذه القذائف التي تستطيع إسقاط طائرات من ارتفاع عالٍ، ليست متاحة للتنظيم، ولا يمكنه الوصول إليها؛ حيث إن جنوب سيناء تحت السيطرة الكاملة للحكومة المصرية، فوفقًا لتصريحات المخابرات الأمريكية أن هذا الافتراض “ليس على الطاولة”.
يوم الأربعاء الموافق 4 نوفمبر، أصدر تنظيم ولاية سيناء تسجيلًا صوتيًّا أعلن فيه مسؤوليته للمرة الثانية بعنوان: “نحن من أسقطها، فموتوا بغيظكم”، وكان التسجيل الصوتي لا يحوي أية دلائل على أن التنظيم هو من أسقط الطائرة، لكن التسجيل ذكر أن “يوم بيعتنا للدولة الإسلامية هو يوم إسقاطنا للطائرة الروسية”، ومن المُرجح أن أبا أسامة المصري: زعيم تنظيم ولاية سيناء هو من ألقى البيان الصوتي.
وقوع الطائرة لعطل فني
الطائرة الروسية من طراز إيرباص A 321 كانت قد تعرضت لحادث قبل ذلك أدى إلى وقوع ذيل الطائرة.
بالإضافة إلى أن قناة روسيا 24 التليفزيونية أذاعت تقريرًا من شرم الشيخ: حيث نقلت عن بي بي سي عن أرملة أحد طياري الطائرة المنكوبة أن زوجها اشتكى من المشاكل التقنية للطائرة.
ووفقًا لجريدة المال على موقعها الإلكتروني فقد علمت من أحد مصادرها القريب من التحقيقات أن الطائرة الروسية التابعة لشركة ميتروجيت تمتلك واحدًا من أعلى سجلات أعطال الطائرات في مطار شرم الشيخ من 2013 وحتى العام الحالي.
وأضافت الصحيفة على موقعها الإلكتروني أن الشركة لا تتعاقد مع أي من شركات الصيانة في مصر “مصر للطيران”، “ES” وأن مهندسًا روسيًّا يقوم بالكشف عن الطائرة قبل إقلاعها.
وكانت وكالة سبوتنيك الروسية قد نشرت تقريرًا يوضح أن الطائرة المنكوبة كانت تعاني من شقوق في الجزء الخلفي، بالإضافة إلى أن بوابة “يكاترينبورغ أون لاين” الإخبارية الروسية كانت قد نشرت صورة أرسلها أحد القراء لها موضحة الشقوق الموجودة بالطائرة، وكان قد قام القارئ بتصويرها في مايو 2015.
وجدير بالذكر أن وفدًا من شركة إيرباص قد جاء إلى مصر للحضور؛ وذلك من أجل متابعة سير التحقيقات، والتي إن أثبتت أن سبب التحطم عطل فني سيلحق خسائر فادحة بالشركة وبسمعتها، وكان رد الفعل الأول من الشركة هي التأكيد على أن طياراتها لا يمكن أن تقع بسبب عطل فني، وأنه حتى إن ارتكب الطيار خطأ قاتلاً فنظام الطيار الآلي يسمح بتفادي أي أخطاء قد تحدث من جانب الطيار.
وفي مداخلة مع برنامج “هنا العاصمة” المذاع على إحدى الفضائيات المصرية قالت “أوكسانا جولوفينا”، المسؤولة بالشركة المالكة للطائرة الروسية: إن الطائرة قد أجرت الفحص الفني الدوري للطائرة عام 2014، ونفت أن تكون الطائرة بها أي أعطال فنية أو أي شيء يؤثر على رحلاتها الجوية!
وأضافت إنه إذا كان هناك، أي عطل في الطائرة، فلن تجازف الشركة بحياة ركابها والإقلاع بها دون إصلاح العطل.
وقوع الطائرة بسبب انفجار ناتج عن قنبلة
أظهرت المعاينة الأولى لجثامين ضحايا الطائرة، أن الجثامين قد تضررت بشكل كبير ويُرجح أن تكون التشوهات الموجودة على الجثامين نتيجة لحدوث انفجار.
وهنا يمكن الحديث عن احتماليتين:
أن تكون الطائرة قد حدث بها انفجار؛ بسبب خزان الوقود، على سبيل المثال، أو أي عطل أدى إلى انفجار الطائرة وانشطارها في الجو.
أما الاحتمال الثاني، فهو زرع عبوة ناسفة على متن الطائرة أدت إلى انفجارها.
الصندوقان الأسودان كانا قد تضررا جراء سقوط الطائرة، حتى جاء تفريغ الأول دون أن يظهر شيئًا، أما الثاني فقد أكد سقوط الطائرة جراء انفجار، وأعلنت وسائل الإعلام الفرنسية أمس سقوط الطائرة جراء قنبلة، بالإضافة إلى سماع أصوات “غير اعتيادية” جاءت من قمرة القيادة.
وذكرت جهات أمريكية أن الأقمار الصناعية الأمريكية فوق سيناء قد رصدت وهجًا يخرج من مكان سير الطائرة وقت سقوطها، ولكنها قالت: إن الصور المُلتقطة من القمر الصناعي لا يمكن أن تعرف سبب التفجير.
وأرجعوا سبب انشطار الطائرة في الجو إلى انفجار داخلي، وليس سببًا خارجيًّا، كإطلاق صاروخ أو غيره.
وقد نشرت عدة مواقع متخصصة في تتبع حركة الطيران العالمية، خط سير رحلة الطيران منذ الإقلاع وحتى الهبوط، كصور لرحلة الطائرة المنكوبة.
رسم توضيحي 1 من موقع فلايت رادار يوضح خط سير وسرعة الطائرة فور إقلاعها
من موقع بلان فايندر يوضح اقلاع الطائرة وسقوطها من ارتفاع 30 الف قدم
خريطة توضيحية لموقع سقوط الطائرة
تباين المواقف العالمية حول سقوط الطائرة
تباينت المواقف العالمية من سقوط الطائرة: فروسيا ومصر ـ حتى الأمس ـ كانتا على نفس الموقف وبنفس التصريحات المتشابهه. أما الولايات المتحدة وبريطانيا فاتخذوا موقفًا مشابهًا أيضًا!
فروسيا ومصر أصرتا على أن ما حدث هو عطل فني ولا شبهة لحادث إرهابي، وقد أكد مصدر عسكري مصري للإعلام أن الحادث، ليس إرهابيًا، واستبعد أن تكون العناصر الإرهابية في سيناء وراءه، وكذلك كان الموقف الروسي، حتى نشر موقع روسيا اليوم الإخباري مقالا سمى ما تقوم به بريطانيا: “ابتزازًا” لمصر.
كانت بريطانيا أول الدول التي أعلنت أن سبب سقوط الطائرة هو عبوة ناسفة على متن الطائرة، وقامت بإجراءات عديدة منها: منع السفر لشرم الشيخ، وإجلاء رعاياها دون حقائب سفرهم، وإرسال طائرات شحن من شأنها أخذ أغراض مواطنيها، إلا أن السلطات المصرية منعت ـ أمس ـ حركة هذه الطائرات التي من شأنها إجلاء السائحين البريطانيين، كما توجه السفير البريطاني الموجود في مصر “جون كايسن” إلى مطار شرم الشيخ، وكان قرار بريطانيا بمنع السفر لمصر قد حدث أثناء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي لبريطانيا.
وكذلك كان الموقف الأمريكي، حيث كانت الولايات المتحدة أول من أعلن وجود “وهج” في مسار الطائرة ورجح أن تكون الطائرة قد أسقطت بفعل قنبلة.
وجدير بالذكر أن الإعلام البريطاني هو الأكثر متابعة ونشرًا لتقارير تخص الحادثة، رغم أن هيئة التحقيق تتكون من طرف محايد وهو فرنسا، بالإضافة إلى روسيا ومصر.
ونشرت وسائل إعلام بريطانية أمس، أن رجال الأمن في المطار قد تركوا أعمالهم، ولم يكونوا منتبهين، وأضافت أنهم معظم الوقت يلعبون “كاندي كراش”، وظهر فيديو آخر لسياح يقومون بتقديم رشوة لبعض رجال الأمن؛ من أجل أن الإسراع في عمليات تفتيشهم وإنهاء إجراءاتهم.
الأمر الذي اعتذر عنه مراسل الـ”بي بي سي” الذي كان المصدر الأول للخبر، حيث أوضح فيما بعد أن الصور المنتشرة والتي ساهم هو في نشرها كانت رسوما دفعها أحد السياح، وكان رجل الأمن المصري يُحصلّها منه، لكن الاعتذار لم يلق نفس الرواج الذي لاقته الشائعة، بالإضافة إلى أن الاعتذار صدر من الصحفي وحده، ولم تنشر أية صحف الخبر الصحيح، وأن الأموال التي تلقاها رجل الأمن كانت رسومًا وليست رشوة.
أما روسيا فقد قامت الأمس بتحول نوعي في موقفها، فقد أمر بوتين بوقف كافة رحلات الطيران من وإلى مصر وذلك حتى ضمان أمان هذه الرحلات، بالإضافة إلى إجلاء جميع الرعايا الروس من مصر.
وقد جاء قرار بوتين بعد ما يقرب من أسبوع من الحادث، وكان بورتينكوف مدير جهاز الأمن الفيدرالي الروسي قد نصح بوتين بهذا الإجراء، بالإضافة إلى نصائح هيئة مكافة الإرهاب الوطنية بعودة المواطنين الروس إلى بلادهم.
المصالح المختلفة في تفسير سقوط الطائرة
كانت المصلحة الروسية والمصرية تقتضي ألا تكون داعش هي سبب سقوط الطائرة الروسية في سيناء، حيث إن روسيا بذلك ستتورط في الحرب السورية أكثر، ويمكن أن يتسع الأمر لاستهداف الروس في عدة بلاد أخرى، مما قد يؤثر على روسيا في الداخل، أما عن مصر، التي تمر بأزمة اقتصادية عصيبة، فقد أصبحت الآن شرم الشيخ، التي كانت مقصدًا للسياح، ومصدرًا للعملة الصعبة، في مأزق صعب؛ فالسياحة الآن في حال لا يرثى لها، حيث يمثل السياح الروس الأغلبية من السياح الأجانب في مصر، وكانت شرم الشيخ مقصدًا لهم، بالإضافة إلى السياح الإنجليز.
أما عن التحول في الموقف الروسي، فيبدو أن روسيا وجدت أنه لا مفر من الحفاظ على مواطنيها بعد أن أضحى الخبر عالميًّا: “انفجار، ومرجح أن تكون قنبلة، هي سبب التفجير”.
وقد أكد سامح شكري وزير الخارجية المصري في أول تصريح رسمي منذ الحادث أن مصر لا تؤيد أية فرضية حول سبب سقوط الطائرة، وأن مصر تنتظر نتائج التحقيق.
صحف بريطانية: طائرة بريطانية تفادت صاروخًا أطلق عليها في شرم الشيخ في أغسطس
كانت صحيفة الدايلي ميل البريطانية قد نشرت اليوم خبرًا زعمت فيه أن طائرة ركاب بريطانية تابعة لخطوط طومسن البريطانية قد تفادت صاروخًا كاد يصيبها أثناء هبوطها في مطار شرم الشيخ، وذلك في أغسطس الماضي، ولا أحد يعلم لم الإعلان عن هذا الأمر الآن، ولا يوجد أي دليل عليه، غير حديث الصحف البريطانية الدايلي ميل والاندبندنت عن هذا الأمر.
وذكرت الصحيفة أن مساعد الطائرة هو من كان يتولى القيادة عندما رأى قائد الطائرة الصاروخ، وأمره بالانحراف يسارًا حتى يتفادى الصاروخ، وأضافوا: أنهم لم يخبروا أحدا بهذا الأمر سوى الطيارين الخمسة؛ وذلك حرصًا على ركاب الطائرة، فيما أوضحت الاندبندنت أن هذا الصاروخ جزء من تدريبات الجيش المصري وأن الصاروخ تابع بالفعل للجيش المصري.
ولكن قام فيليب هاموند وزير الدفاع البريطاني بتكذيب هذا الخبر، وقال: إنه عارٍ تمامًا من الصحة، غير أن الخبر كان قد انتشر بشكل موسّع للغاية، مما أعطى انطباعا بأن مدينة شرم الشيخ ـ التي تقع في جنوب سيناء، حيث وقعت الطائرة ـ هي ساحة حرب، وهو ما ليس صحيحًا.
قامت قناة “إن بي سي” بنقل معلومات على لسان مسؤولين أمريكيين ـ لم تعلن أسماءهم ـ أن مصادر أمريكية حكومية رصدت اتصالات بين قيادات في داعش في محافظة الرقه السورية وآخرين في سيناء المصرية، يحتفلون بسقوط الطائرة ويتحدثون عن كيفية إسقاطها.
واليوم أعلنت المخابرات البريطانية ـ مكتب اتصالات الحكومية البريطانية ـ أن إرهابيين بريطانيين هم من أسقطوا الطائرة الروسية في جنوب سيناء، حيث رصدت أحاديث تدور بين جهاديين وقالت الهيئة: إن المكالمات تتضمنت لهجة بريطانية من منطقة برمنجهام ولندن.
وأضاف مصدر أمني في الوكالة: أن بريطانيا على علم بوجود بريطانيين يقاتلون لصالح داعش في مصر، وأنهم قد تلقوا تدريباتهم في سوريا، وأن الخوف الآن من استهداف مطارات بريطانية.
مع كل ما يثار الآن حول التكهنات وسبب سقوط الطائرة، يبدو أن الرأي العام العالمي قد وقف على نتيجة سقوط الطائرة وتبنوا فرضية سقوطها بقنبلة على يد داعش، وذلك قبل إعلان نتائج التحقيق الرسمية في الحادث الأكثر خطورة بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 ومن قبله لوكيربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى