آخر المواضيع

آخر الأخبار

09‏/10‏/2016

من أخبار زمان : إنتفاضة الخبز سنة ١٩٧٧ بسبب إلغاء الدعم

كتب : أحمد تيمور

ثار المصريون عقب إعلان الصحف المصرية في 17 يناير 1977، الغاء الدعم ، عن بعض السلع الأساسية تحت شعار “ترشيد الأسعار”.

وبدأت المظاهرات صباح يوم 18 يناير من منطقة حلوان، حيث توقفت المصانع وأعلن العمال الإضراب ثم إنتقلت لشركة مصر حلوان للغزل والنسيج والمصانع الحربية وفى مصانع الغزل والنسيج في شبرا الخيمة وعمال شركة الترسانة البحرية في منطقة المكس بالأسكندرية وبدأ العمال يتجمعون ويعلنون رفضهم للقرارات الاقتصادية وخرجوا إلى الشوارع في مظاهرات حاشدة تهتف ضد الجوع والفقر وبسقوط الحكومة والنظام

وفى ظهر نفس اليوم، بدأت المظاهرات من كلية الهندسة عين شمس، متجهة لمجلس الشعب وانضم إليهم عدد من العمال والموظفين، وتصدت لهم قوات الأمن المركزى مستخدمة القنابل المسيلة للدموع وردد المتظاهرون هتافات مثل : 

“ياحاكمنا في عابدين فين الحق وفين الدين

سيد مرعى يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه

عبد الناصر ياما قال خللوا بالكم م العمال

هو بيلبس آخر موضة واحنا بنسكن عشرة ف أوضة

بالطول بالعرض حنجيب ممدوح الأرض

ياساكنين القصور الفقرا عايشين في قبور “

1977_Cairo_riots_and_fires

القرارات الإقتصادية

فى إحدى جلسات مجلس الوزراء تحدث الدكتور عبد المنعم القيسونى رئيس المجموعة الإقتصادية عن ضرورة رفع الدعم على بعض السلع استجابة لقرار من البنك الدولى بعدم إقراضنا 200 مليون جنيه ما لم يتم رفع الدعم وقال القيسونى أن المركب تميل الآن من الناحية الإقتصادية ويمكن أن تغرق وإنه لا مهرب من اتخاذ القرار وحدد القيسونى السلع التى يقترح رفع الدعم عنها ومنها سلع تموينية، وفى جلسة أخرى ردد القيسونى نفس الكلام وأضاف أن المشكلة ذاتها تتكرر مع الدول العربية بعد أن قررت عدم دفع أية مساعدات إلا بعد استشارة خبراء من البنك الدولى .. اعترضت الدكتورة عائشة راتب وزيرة الشئون الإجتماعية على ما يطرحه الدكتور القيسونى، وقال سيد فهمى وزير الداخلية إن الوزارة أُلفت لكى تثبت الأسعار، فكيف يفاجأ الناس بعد شهرين برفع الأسعار وقال إن هذا يؤثر على الوضع الأمنى .

بعد ذلك عقد السادات إجتماعاً، تحدث فيه الدكتور حامد السايح وزير الإقتصاد والإستثمارات، وقال إن رفع الأسعار إجراء لا مهرب منه وهو لازم اليوم قبل الغد وأى تأخير فى رفع الأسعار يمكن أن يعرضنا لكارثة اقتصادية.

قال السادات: إذا كان هذا هو الرأى الفنى، وإذا كان التأخير يعرضنا لكارثة، فإننى موافق، وفى أعقاب إعطاء الرئيس السادات الضؤ الأخضر للمضى فى خطة رفع الأسعار التى أوصى بها الدكتور القيسونى ووزراء المجموعة الإقتصادية، بدأت الأمور تتصاعد بصورة درامية .

فى يوم 12 يناير 1977 عقد ممدوح سالم رئيس مجلس الوزراء، بصفته رئيسا لحزب مصر ” الحزب الحاكم “، اجتماعا مع أعضاء الهيئة البرلمانية للحزب، شرح لهم الموقف وأوضح كل الظروف الإقتصادية المحيطة بالقرارات المرتقبة لرفع أسعار بعض السلع الغذائية

ممدوح سالم
                    ممدوح سالم

فى يوم 13 يناير كان ممدوح سالم رئيس الوزراء يعلن القرارات الإقتصادية فى مجلس الشعب وإذا بأعضاء حزب مصر ( الحزب الحاكم ) يهاجمون قرارات رئيس الوزراء فشعر بإنه يواجه التطورات بمفرده، وفسر رد فعل نواب الشعب بإنهم فضلوا مخاطبة ود الرأى العام والناخبين دوائرهم الإنتخابية على الإلتزام الحزبى، فلم يجد أمامه سوى وزير الداخلية، الذى إستشعر بما لديه من خبرات أمنيه أن البلاد مقبلة على حالة من عدم الإستقرار فشاطره نفس الهواجس واتفقا على اتخاذ احتياطات أمنية للحيلولة دون وقوع ما يخشيانه .

يبدو د. القيسوني، نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية، وهو الذي قدم المقترحات لمجلس الشعب يوم 17 يناير، على قناعة، بأنه قد أحسن تنظيم حزمته، وقد احتوت على استيراد أعلى وضرائب أخرى على سلع غير ضرورية، وزيادة في الرواتب والعلاوات للعاملين في قطاع الدولة، ورفع السقف المعفي من الضرائب، لجعل العبء يقع بصورة أكثر ثقلا على القادرين وتحجيم الأثر على الأكثر فقرا. ولم تتأثر مواد كثيرة من المواد التي تستهلكها الجماهير/مثل الرغيف البلدي، والفول، والعدس وبعض أنواع الشاي والسكر الخشن، وبعض أنواع الأرز، والقمح، واللحم المستورد وأنواع محددة من زيوت الطبخ النباتية، ومن هنا جاء جدل البعض، بأن أكثر المحرومين، والذين شكلوا على الأقل جزءا من المتظاهرين لم يتأثروا بصورة كبيرة بتلك الزيادات. من الصعب القطع تحديدا من يستهلك ماذا في مصر، ولكن ربما يستدعي توضيح هذا التناقض في مكان آخر. وهنا يبدو أنه وبحلول 17 يناير، كانت القاهرة، وبلا شك مدنا أخرى، ممتلئة بقصص عن زيادات في الأسعار واسعة المدى ووشيكة، وأن تجار التجزئة قد بدأوا وضع الاسعار على بعض السلع مقدما مستبقين التقديم الرسمي للميزانية، ومن هنا فربما كان رد فعل المتظاهرين أقل تجاه تفاصيل مقترحات الأسعار من رد فعلهم تجاه مخاطر الزيادات.

 عبد المنعم القيسوني
         عبد المنعم القيسوني

تطور الأحداث

بدأت المظاهرات تتجه إلى الاعتداء على المنشآت العامة والخاصة، وإستمرت أعمال التظاهر والتخريب فى القاهرة وفي والإسكندرية حتى ساعة متأخرة من الليل بشكل غير مسبوق وفى اليوم التالى 19 يناير تواصلت المظاهرات بالأسلوب نفسه منذ الصباح الباكر حيث بدأت فى القاهرة والاسكندرية ثم إتسع نطاقها إلى 9محافظات أخرى فى الوجهين البحرى والقبلى، وعند منتصف النهار قام اللواء أحمد رشدى مدير أمن القاهرة بإجراء اتصال تليفونى بوزير الداخلية ليبلغه بأن القاهرة تحترق وأنه يعتبر هذا الإتصال بمثابة آخر استغاثة منه، فقد تجاوزت المظاهرات وأعمال الشغب والتخريب قدرات قوات الشرطة بكثير، وبدا واضحا أن قوات الأمن ـ ليس فى القاهرة والاسكندرية فقط وإنما فى المحافظات الأخرى التى اشتعلت فيها الأحداث ـ لا تستطيع التصدى للموقف أو الحيلولة دون امتداد التظاهرات والأعمال التخريبية إلى محافظات جديدة .

اللواء أحمد رشدي مدير أمن القاهرة
       اللواء أحمد رشدي مدير أمن القاهرة

عندما اكتشف رئيس الوزراء ممدوح سالم أن قوات الشرطة لاتستطيع السيطرة على الموقف، وفوجىء برفض وزير الداخلية اللواء سيد فهمى إصدار الأمر لقوات الشرطة بإطلاق الرصاص الحى على المتظاهرين كتوجيهات الرئيس السادات، اتصل رئيس الوزراء بوزير الدفاع محمد عبد الغنى الجمسى، وطلب إليه اشتراك الجيش فى السيطرة على الموقف، رفض الجمسى مشيرا إلى ان قرار نزول قوات الجيش لابد أن يصدر من القائد الأعلى للقوات المسلحة وليس من وزير الدفاع ولا من مجلس الوزراء كله مجتمعا فأتصل رئيس الوزراء ممدوح سالم برئيس الجمهورية يطلب إليه إصدار الأمر إلى الجمسى بإنزال الجيش إلى الشوارع، وفوجئ الرئيس السادات عندما اتصل بالجمسى بأنه على استعداد بالطبع لإطاعة الأمر ولكنه يرجو أن يصدر الرئيس قرارا بإلغاء الزيادات التى طرأت على الأسعار لأنه لايستطيع أن يضمن موقف القوات إزاء الشعب إذا جرى نزولها إلى الشوارع لحفظ الأمن فى ظل تلك القرارات ولم يكن لدى الرئيس السادات وقت ليفكر، وقد وافق على عجل لأن الموقف كان يتطور بسرعة .

المشير الجمسي

               المشير الجمسي

إنتهاء الإنتفاضة

استمرت الانتفاضة يومي 18 و19 يناير وفي 19 يناير خرجت الصحف الثلاثة الكبري في مصر تتحدث عن مخطط شيوعي لاحداث بلبلةو اضطرابات في مصر وقلب نظام الحكم و قامت الشرطة بالقاء القبض علي الكثير من النشطاء وزاد العنف في ذلك اليوم ثم اعلن في نشرة اخبار الثانية والنصف عن الغاء القرارات الاقتصادية ونز ل الجيش المصري لقمع المظاهرات واعلنت حالة الطورايء وحظر التجول من السادسة مساءا حتي السادسة صباحا.

free-1846733103508123576

فيما بعد تم القبض علي‮ ‬176‮ ‬متهما ووجهت اليهم 7 تهم رئيسية كفيلة بوضعهم في‮ ‬السجن حتي‮ ‬آخر حياتهم إلا أن القاضي‮ ‬الذي‮ ‬اختير لنظر القضية كان مثالا‮ ‬يحتذي‮ ‬في‮ ‬النزاهة والوطنية والاستقلال وهو المستشار حكيم منير صليب ومعه عضوان هما المستشار علي‮ ‬عبد الحكم عمارة وأحمد محمد بكار وقد استمر نظر القضية منذ أبريل 1978 حتي‮ ‬أبريل 1980 وصدر الحكم بمعاقبة 11 متهما بالسجن ثلاث سنوات وحبس‮ 9 ‬متهمين سنة واحدة وبراءة الباقين تماما،‮ ‬ولم‮ ‬يكن من الغريب أن تضم قائمة المتهمين كثيرا من كوادر الحركة السياسية حاليا مثل المهندس كمال خليل،‮ ‬الحقوقي أمير سالم،‮ ‬الشاعر أحمد فؤاد نجم،‮ ‬الشاعر سمير عبد الباقي،‮ ‬المهندس أحمد بهاء الدين شعبان، طلعت رميح، محمد عزت عامر،‮ ‬ومن بين الصحفيين الأستاذ حسين عبد الرازق، عبد القادر شهيب، رشدي‮ ‬أبو الحسن، الفنان زهدي‮ ‬رسام الكاريكاتير‮.‬

الصفحة_الأولى_من_جريدة_الأهرام_20_يناير_1977

رئيس محكمة أمن الدولة يحكم بالبراءة في القضية

المستشار حكيم منير صليب، الذي قضى ببراءة جميع المتهمين في انتفاضة الخبر، واتهم نظام السادات بأنه السبب في اندلاع هذه الأحداث

حيثيات الحكم هي ما جعلت «صليب» يحظى بثقة الجماهير أو اعتباره رجلا تحدى السادات، كما أطلقوا عليه، فقال المستشار في حيثيات الحكم «إنه مما لا شك فيه أن تلك الأحداث الجسام التي وقعت يومي 18 و19 يناير 1977 كان سببها المباشر والوحيد إصدار القرارات الاقتصادية برفع الأسعار، فهي متصلة بتلك القرارات اتصال المعلول بالعلة والنتيجة بالأسباب، ولا يمكن في مجال العقل والمنطق أن ترد تلك الأحداث إلى سبب آخر غير تلك القرارات، فلقد أُصدرت على حين غِرّة وعلي غير توقع من أحد، وفوجئ بها الناس جميعا بمن فيهم رجال الأمن، فكيف يمكن في حكم العقل أن يستطيع أحد أن يتنبأ بها ثم يضع خطة لاستغلالها ثم ينزل إلى الشارع للناس محرضا ومهيجا»، وهكذا برّأ الـ”حكيم” شرفاء الوطن، واتهم النظام نفسه بالتسبب فيما حدث.

free-1478181886540522584

وأضاف «حكيم» أن المحكمة وهي تتصدي لتلك الأحداث بالبحث والاستقصاء لعلها تستكشف عللها وأسبابها وحقيقة أمرها، لابد أن تذكر ابتداء أن هناك معاناة اقتصادية كانت تأخذ بخناق الأمة المصرية في ذلك الحين وكانت هذه المعاناة تمتد لتشمل مجمل نواحي الحياة والضروريات الأساسية للإنسان المصري، فقد كان المصريون يلاقون العنت وهم يحاولون الحصول على طعامهم وشرابهم، ويجابهون الصعاب وهم يواجهون صعودا مستمرا في الأسعار مع ثبات في مقدار الدخول. وتابع: «إن المعاناة كانت تختلط بحياتهم اليومية وتمتزج بها امتزاجا، فهم مرهقون مكدودون في تنقلهم من مكان لآخر بسبب أزمة وسائل النقل، وهم يقاسون كل يوم وكل ساعة وكل لحظة من نقص في الخدمات، وفوق ذلك كان أن استحكمت أزمة الإسكان وتطرق اليأس إلى قلوب الناس والشباب منهم خاصة من الحصول على مسكن وهو مطلب أساسي تقوم عليه حياتهم وتنعقد آمالهم في بناء أسرة المستقبل». ولخص المستشار حكيم منير صليب السبب المباشر في اندلاع الانتفاضة وهو غلاء الأسعار في الوقت الذي كان يعد فيه النظام المصري برئاسة السادات بالرخاء والرفاهية، فيقول «وسط هذه المعاناة والصعاب كان يطرق أسماع المصريين أقوال المسئولين والسياسيين من رجال الحكومة في ذلك الوقت تبشرهم بإقبال الرخاء، وتعرض عليهم الحلول الجذرية التي سوف تنهي أزماتهم، وتزين لهم الحياة الرغدة الميسرة المقبلة عليهم، وبينما أولاد هذا الشعب غارقون في بحار الأمل التي تبثها فيهم أجهزة الإعلام صباح مساء، إذ بهم وعلي حين غرة يفاجأون بقرارات تصدرها الحكومة ترفع بها أسعار عديد من السلع الأساسية التي تمس حياتهم وأقواتهم اليومية»

. ويضيف «حكيم»: «هكذا دون إعداد أو تمهيد فأي انفعال زلزل قلوب هؤلاء الناس، وأي تناقض رهيب بين الآمال وقد بثت في قلوبهم قبل تلك القرارات، وبين الإحباط الذي أصابهم به صدورها، ومن أين لجل هذا الشعب ومعظمهم محدود الدخل أن يوائموا بين دخول ثابتة وبين أسعار أصيبت بالجنون وإذا بفجوة هائلة تمزق قلوب المصريين ونفوسهم بين الآمال المنهارة والواقع المرير. وأكد أن لهذا الانفعال وذلك التمزق كان السبب في الأعداد الهائلة من هذا الشعب تخرج مندفعة إلى الطرقات والميادين، وكان هذا الخروج توافقيا وتلقائيا محضا، وإذا بهذه الجموع تتلاحم هادرة زاحفة معلنة سخطها وغضبها على تلك القرارات التي وأدت الرخاء وحطمت الآمال وحاولت جهات الأمن أن تكبح الجماح وتسيطر على النظام ولكن أني لها هذا والغضب متأجج والآلام مهتاجة”.

من أخبار زمان : إنتفاضة الخبز سنة ١٩٧٧ بسبب إلغاء الدعم

أحمد تيمور

Mon, 03 Oct 2016 09:33:09 GMT

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

مدونة افتكاسات سينمائية .. قفشات افيهات لاشهر الافلام

مدونة افتكاسات للصور ... مجموعة هائلة من اجمل الصور فى جميع المجالات

مدونة افتكاسات خواطر مرسومة.. اقتباسات لاهم الشعراء فى الوطن العربى والعالم

مدونة لوحات زيتية ..لاشهر اللوحات الزيتية لاشهر رسامى العالم مجموعة هائلة من اللوحات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى