فتحي مجدي 24 يوليه 2018
نشرت صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية" على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك"، تقريرًا بعنوان: "من صفحات التاريخ المجهول: عبد الناصر ورابين على مائدة واحدة" يتحدث عن أن الرئيس الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر كان أول من جلس مع الزعماء الإسرائيليين وتواصل معهم".
ووفق التقرير، فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحاق رابين يكشف في الفيلم "شالوم رابين" الذي اهتمت الصحف الإسرائيلية بعرضه عن دعوته الضباط المصريين ممن تمت محاصرتهم في منطقة الفلوجة إبان حرب 1948 إلى تناول الغذاء بعد استسلامهم وهزيمتهم، وقمتما كان قائدًا لقوة "البالماح" أو النخبة القتالية، والتي توصف بأنها كانت واحدة من أشرس وأقوى الوحدات الإسرائيلية العسكرية.
رابين الذي كان برتبة عقيد في هذه الوحدة، بينما كان ناصر برتبة رائد يوضح تفاصيل اللقاء المزعوم، فيقول: "قدمنا لهم طعام الغذاء وتناولناه سويا في مستوطنة "جات".
وأضاف: "عبد الناصر كان يجلس بجواري. وقال إنه يتطلع في شعار الوحدة العسكرية البالماح، وسألني ما الذي يعنيه هذا الشعار وشرحت له تفاصيله".
ويقول رابين أيضًا عن هذا اللقاء: "قال لي عبد الناصر إن الحرب التي نخوضها هي حرب خاطئة ضد العدو الخطأ في الوقت الخطأ، واعتقدت من كلامه إننا الآن قريبين جدًا من السلام".
يقول التقرير: "صحيح أن اللقاء لم يتمخض عن اتفاق، إلا أن الإسرائيليين المشاركين فيه لمسوا من التعامل مع عبد الناصر روحًا إبداعية للسلام، وهي الروح التي دفعت بالعسكريين الإسرائيليين ممن شاركوا في هذا اللقاء إلى الاعتقاد الصريح بأن فرص السلام ستكون أفضل وأحسن عقب قيام ثورة الضباط عام 1952، وهي الثورة التي أطاحت بالحكم الملكي في مصر".
وما يدعو للاستغراب من وجهة النظر الإسرائيلية - كما ينقل التقرير- هو أن "الجانب المصري يؤكد هذه المعلومة، بل حتى عبدالناصر ذاته اعترف بأنه خاض مع الإسرائيليين مفاوضات في الحادي عشر من نوفمبر عام 1948 في مستوطنة جات، كما تؤيد هذه الحقيقة عدد من التقارير المصرية".
غير أن التقرير أثار عند نشره في العام الماضي غضب القيادي الناصري ضياء الدين داوود، وهو عضو في مجلس النواب، والذي قال إن ما جاء في الفيلم كذب ولا أساس له من الصحة، مضيفًا: "إسرائيل تحاول تشويه صورة جمال عبد الناصر الذي رفض السلام، واستمر في المقاومة إلى آخر يوم في حياته".
والمفاجأة التي يكشف عنها التقرير، أن هدى ابنة جمال عبدالناصر اعترفت بنفسها بهذه الواقعة في كتاب عن عبد الناصر حمل عنوان "60 عامًا على ثورة 23 يوليو".
وورد في الكتاب - نقلاً عن عبدالناصر - : "تم استقبالنا جيدًا على يد القائد اليهودي، حيث لم تكن إسرائيل قد أُعلنت بعد، وقال هذا القائد إنه يرغب في وقف إراقة الدماء. وطلب هذا القائد منا الاستسلام والانسحاب من عموم فلسطين وهو ما أدى إلى اعتراضي. كنت أرغب في سحب القوات المصرية إلى غزة أو رفح لالتقاط الأنفس ومعالجة الجرحى".
واعترف عبدالناصر في هذه المذكرات بالتعامل الإسرائيلي الجيد معه ومع جنوده، قائلاً: "طلبنا إجلاء الجرحى إلى غزة ولكن اليهود رفضوا ذلك وقالوا إنهم على استعداد لإعطائي الدواء الذي أحتاجه …. وعرضوا علينا أيضًا عصير البرتقال وشطائر وشوكولاتة، وحلوى وبسكويت".
غير أن الواضح ومع قراءة هذه المذكرات أن عبدالناصر لا يذكر رابين بالاسم، ولكنه يذكره فقط باسم "القائد اليهودي" أو قائدهم، دون أن يحدد أسمه أو حتى منصبه.
غير أن ما أثاره هذا الفيلم – وفق التقرير الإسرائيلي - يفتح الباب لمناقشة واحدة من أكثر القضايا حساسية، وهي علاقات عبدالناصر باليهود والإسرائيليين، وهو ما طرحته عدد من التقارير الإسرائيلية ذاتها وحتى صحيفة "الأهرام".
ففي 25 يناير عام 2009 وضع الكاتب والمحلل السياسي عبده مباشر مقالاً حمل عنوان "عبدالناصر.. والسلام.. وإسرائيل"، وهو المقال الذي قال فيه مباشر، وهو واحد من كبار الكتاب المصريين، إن عبد الناصر كانت له اتصالات وعلاقات مع الإسرائيليين بدأت في حرب1948, وفي أثناء معركة الفلوجا لم تنقطع, وعند بدء مفاوضات الانسحاب, أصر قائد القوات الإسرائيلية في غزة في ذلك الوقت على التفاوض مع جمال عبد الناصر مباشرة دون أي أحد آخر، وجلسا معًا، مؤكدًا أن ناصر صديق.
لكن مباشر استخدم مصطلحات أثارت وقتها انتقادات الناصريين والثوريين ليس فقط في مصر ولكن في عموم العالم العربي، حيث قال "أن ما جرى في حرب فلسطين واتصالات عبد الناصر مع اليهود تفتح الباب أمام إلقاء الضوء على تاريخ الاتصالات المصرية ـ الإسرائيلية طوال فترة حكم الرئيس عبدالناصر, والاتصالات الناصرية ـ الإسرائيلية التي حاول كثيرون إسدال ستائر كثيفة عليها ومنع الآخرين من الاقتراب منها مع الاستعداد لنهش كل من يحاول ازاحة الستار عنها".
وأشار مباشر إلى كتاب رشاد كامل، رئيس التحرير السابق لمجلة "صباح الخير"، والذي حمل عنوان "عبد الناصر في تل أبيب ـ القصة الكاملة لمشاريع التفاوض مع إسرائيل"، وهو الكتاب الذي يصفه مباشر بأنه كان واحدا من أهم الكتب المصرية.
اللافت في الكتاب، أن الكثيرين من كبار القادة المصريين يؤكدون الاتصالات المصرية الإسرائيلية في عهد عبد الناصر، والتي كان أبرزها ما ورد في كتاب الرئيس الراحل محمد نجيب أول رئيس جمهورية في مصر والذي قال في كتابه "كلمتي للتاريخ" إن بعض الكتاب الإسرائيليين، تفاءلوا عندما عرفوا أن جمال عبدالناصر الذي كان على اتصال ببعض ضباط المخابرات الإسرائيلية في حرب فلسطين, هو أحد رجال الثورة، وهذه العبارة مذكورة في صفحة 338 من هذا الكتاب.
وأكد مؤلف الكتاب أن الكاتب الصحفي الراحل محمد حسنين هيكل لم ينكر هذا اللقاء، موضحًا أنه نشر هذه القصة في مجلة "آخر ساعة" في 25 مارس 1953 في مقال خاص، تحدث فيه الكاتب المقرب من عبدالناصر، المقال عن القائد اليهودي الذي قابل الزعيم المصري والذي أعجب به.
كما كشف القائد المصري السيد طه، عبر يومياته في مجلة "آخر ساعة" في شهر ابريل1949، تفاصيل الاجتماعات بين عبد الناصر والإسرائيليين أيضا.
ومع ما أثاره لقاء رابين ناصر في فيلم "غيتاي" من جدل في الصحافة المصرية، غير أن التقرير الإسرائيلي يقول إن "هذا اللقاء، إن دل على شيء، فهو يعكس المرونة التي على القادة التحلي بها، حتى في أحلك الأوقات لإرساء أوطانهم على شاطئ البر".
وإضافة إلى ذلك، خلص التقرير إلى أن "ملف العلاقات السرية أو غير المعلنة بين العرب وإسرائيل لا يزال يشبه الصندوق الأسود، المليء بالأسرار التي لا يعرفها الملايين وربما آن الأوان لإطلاقها والتعاطي معها".
-=-
إسرائيل تنشر تفاصيله.. ومذكرات الزعيم الراحل تؤكده «عبدالناصر» و«رابين» على مائدة واحدة.. مفاجآت مثيرة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى