لندن - الخليج أونلاين (خاص)
منذ أن أُزيح الأمير محمد بن نايف عن منصبه ولياً لعهد السعودية، في يونيو 2017، ليحل محله محمد بن سلمان، أخذت توقعات مراقبين ومعارضين وأمراء من داخل العائلة المالكة تشير إلى أن الأمير الشاب يعمل على إخلاء الطريق أمامه لتولي الحكم خلال مدة قصيرة مهما كلف الأمر.
تلك التوقعات سريعاً ما أكدتها الخطوات التي اتخذها بن سلمان حين زج في السجون عدداً كبيراً من الأمراء والأثرياء والدعاة والناشطين؛ محولاً السعودية إلى مملكة يسودها الخوف.
صورة الإصلاح تلك التي صدّرها بن سلمان للرأي العام العالمي، ونجح في تسويقها، ما لبثت أن احترقت لاحقاً.
تؤكد جميع وسائل الإعلام العالمية، والهجمات التي يشنها مشرعون أمريكيون على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لوقف دعم السعودية والمطالبة بمحاسبة محمد بن سلمان، أن الأخير شوه سمعة بلاده كثيراً من خلال انفراده بالسلطة، وكانت جريمة اغتيال جمال خاشقجي عَرته تماماً من آخر وأكبر ورقة توت كان يغطي بها "جرائمه".
وليحمي نفسه من أي محاسبة، خاصة بعد الضغوط الكبيرة التي بدأ يواجهها الملك سلمان نتيجة سياسة ولده، والتي قد تُجبره على إزاحته من ولاية العرش؛ يحاول بن سلمان الاستيلاء على عرش والده بطريقة ما، وفق ما تذكر تسريبات مختلفة تتناقلها وسائل الإعلام.
جريمة الفغم.. التخلص من الحارس الأمين
في الأول من أكتوبر الجاري، تحدثت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عن مستقبل الحكم في السعودية، وأوجدت علاقة بينه وبين مقتل عبد العزيز الفغم الحارس الشخصي للملك سلمان، الذي أعلنت السعودية مقتله في 29 سبتمبر الماضي.
تشير المعلومات، بحسب ما تورد صحيفة "عكاظ" السعودية، إلى أن الفغم، الذي وصفته بـ"حارس الملوك"، كان حارساً شخصياً للملك عبد الله بن عبد العزيز (1924 -2015) خلفاً لوالده الذي كان في نفس المهنة، وبعد وفاة الملك عبد الله أصبح حارساً شخصياً للملك سلمان بن عبد العزيز.
وأصدر الملك سلمان بن عبد العزيز، في منتصف عام 2017، أمراً ملكياً بترقية عبد العزيز الفغم (ترقية استثنائية) إلى رتبة لواء.
ووصفت "عكاظ" الفغم بأنه أشهر حارس ملكي في العصر الحديث، ونسبت تلك التسمية إلى إعلام غربي، مشيرة إلى أنه حصل على لقب أفضل حارس شخصي على مستوى العالم من قبل منظمة الأكاديمية العالمية.
ووصفته كذلك بأنه كان ظلاً ملازماً للرجل الأول في الدولة الملك سلمان، وبمقتله يخسر الملك الحارس الذي عرف بأمانته وإخلاصه وتفانيه في واجبه.
وأشارت "لوفيغارو" إلى أن الشائعات والشكوك بوقوف ولي العهد محمد بن سلمان وراء الحادث ترجح هذه الفرضية، لا سيما أن الحادثة وقعت بعد تغيير رئيس الديوان الملكي هذا الصيف، ليحل محله فهد العيسى، الذي يعد مقرباً من بن سلمان، بحسب ما ذكرت.
وعُين فهد العيسى في 31 أغسطس الماضي، خلفاً لخالد بن عبد الرحمن العيسى، الذي ظل يشغل هذا المنصب منذ يوليو 2015، حتى إعفائه.
ويعتبر منصب رئيس الديوان الملكي نافذاً ومحورياً في المملكة، ومن يشغله يكون بمرتبة وزير.
بن سلمان وساعة ترامب الرملية
"لوفيغارو" أضافت أن "البعض يرى في جريمة اغتيال الحارس الشخصي مؤشراً إضافياً على رغبة ولي العهد في عزل والده، المريض، البالغ من العمر 83 عاماً، الذي يحمل مصير ابنه المفضل بين يديه".
وذكرت الصحيفة أنه "في هذه الأوقات المضطربة عاد الحديث عن سيناريو استبعاد أو عزل الملك سلمان من قبل ابنه"، مبينة أن "بن سلمان يريد أن يصبح ملكاً قبل هزيمة ترامب المحتملة في الانتخابات الرئاسية العام المقبل".
ولفتت الصحيفة النظر إلى أن "بن سلمان يسعى إلى أخذ المبادرة رغم التطورات الأخيرة التي أضعفته".
ويعتبر الرئيس الأمريكي داعماً كبيراً لمحمد بن سلمان، ووجوده في رئاسة البيت الأبيض أعطى السند لولي العهد، ويعد اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية في أمريكا بمثابة الساعة الرملية التي يتطلع بن سلمان إلى تحقيق أهدافه قبل نفاد رمل جزئها العلوي.
ومع ما يواجهه ترامب من ضغوطات قد تمنعه من الفوز بولاية ثانية، أبرزها اتهامات كبيرة تتعلق بدعمه للسعودية التي تشن حرباً في اليمن تستنكرها جهات دولية، يرى بن سلمان أن عليه الوصول إلى الحكم قبل الانتخابات الأمريكية، التي قد تطيح بترامب، وفقاً للتوقعات المختلفة، منها ما ذكرته "لوفيغارو".
وقد جاءت الأنباء الأخيرة وسط حراك في مجلس النواب الأمريكي لعزل الرئيس ترامب، بعد أن اتهم بخيانة الأمانة والقسم، وهو ما يبدو قد أقلق حلفاءه ومنهم بن سلمان.
"مجتهد" يكذّب الرواية الرسمية
حساب "مجتهد"، الذي دأب على نشر تسريبات من داخل أروقة النظام السعودي، على حسابه بموقع "تويتر"، ذكر بعد ساعات من إعلان مقتل حارس الملك أن "الفغم كان في القصر وقت الحادث وليس مع صديق"، كما تحدثت حسابات غير رسمية.
وأوضح أن بن سلمان يعتبر "الفغم من الحرس القديم الموالي لآل سعود عموماً"، مؤكداً أن الأخير "لا يثق بإخلاصه له شخصياً".
وكشف عن أن بن سلمان "ردد أكثر من مرةٍ رغبته في إبعاده عن موقعه الحالي"، في رواية تتفق مع ما ذكره المعارض السعودي محمد المسعري، عندما وجَّه تحذيراً إلى حارس الملك من نية ولي العهد تصفيته جسدياً، في تغريدة على "تويتر" قبل عدة أشهر من وقوع الجريمة.
توقعات معارضين
سعد الفقيه، المعارض السعودي البارز ورئيس الحركة الإسلامية للإصلاح، تحدث بدوره عن تورط بن سلمان في مقتل اللواء الفغم.
وأكد الفقيه، في تصريح لـ"الخليج أونلاين"، بعد ساعات من إعلان مقتل حارس الملك سلمان الخاص، أن العملية من تدبير بن سلمان، خاصة أنه قتل داخل القصر الذي هو فيه، برفقة الشخص الذي يدعى ممدوح بن مشعل آل علي، الذي أعلنت السلطات أنه القاتل.
وبيّن الفقيه أن "الفغم وآل علي قتلتهما جهة واحدة، دون أن يتضح سبب عدم قيام حارس الملك بأي مقاومة خلال عملية قتله".
في شأن ذي صلة، كشف الأمير السعودي المعارض خالد بن فرحان آل سعود، بعد يوم من اغتيال عبد العزيز الفغم، عن أن تعيين ولي العهد السعودي ملكاً على السعودية سيكون قريباً جداً.
وقال في تغريدة له على حسابه بموقع "تويتر": في "الأيام القليلة القادمة سوف نشهد إعلان الخائن التافه محمد بن سلمان ملكاً على المملكة، وقد كانت خطته مبنية بالتعاون والتنسيق مع CIA (جهاز الاستخبارات الأمريكية)".
وأضاف الأمير المعارض أن الخطة التي ستُنفذ "تتضمن تغيير حرس الملك الشخصي، وإحلالهم بالمرتزقة بلاك ووتر؛ وذلك تمهيداً لإعلان الخائن العميل ملكاً على بلاد الحرمين الشريفين"، في إشارة إلى بن سلمان.
حراس الملك أتباع ولي العهد
بتقاطع جميع المعلومات والتوقعات التي تذهب إلى أن ولي العهد يسعى بأي شكل للاستيلاء على العرش، تلتقي جميعها مع تعيين الحارس الخاص للملك سلمان، الذي خلف الفغم، لتقول إن يد بن سلمان أصبحت تملك كل شيء، حتى كيفية نهاية والده.
فبحسب صحيفة "المناطق" المحلية، تمّ تكليف العميد سعد بن مسفر القحطاني بمهام قائد قوة الحرس الخاص بديلاً عن الفغم، من تاريخ نفس اليوم الذي وقعت فيه جريمة قتل الأخير.
وانتشرت أنباء تُفيد بأنّ العميد سعد بن مسفر القحطاني هو ابن خال سعود القحطاني، المستشار في الديوان الملكي السعودي، وهو مقرب من بن سلمان، والمتهم في جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي، والذي تؤكد التقارير أنه ما زال على رأس مهامه.
وفي هذا الجانب كشف حساب "مجتهد" تفاصيل خطيرة عن الحارس الشخصي الجديد للملك سلمان، لافتاً النظر إلى أن وقوع الاختيار على هذا الشخص تحديداً يرجح سيناريو اغتيال اللواء "الفغم".
وقال في تغريدته: "الترتيبات الجديدة حول الملك التي أشرت إليها بتغريدة سابقة والتي كانت سبباً في مقتل الفغم، حصلت بتخطيط وإشراف سعود القحطاني، أما العميد سعيد القحطاني الذي عين حارساً شخصياً للملك فقريب شخصياً ونسباً منه، وليس الوحيد بل تم تعيين عدة أشخاص بترشيح سعود".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى