أثارت وفاة الرئيس المصري المخلوع، محمد حسني مبارك، انقساماً كبيراً في أوساط المصريين ومن خلفهم العرب كذلك، في ظل الصراع المستمر بين مؤيدي ثورات الربيع العربي و"الثورات المضادة".
وظهر للقاصي والداني أن النظام المصري الحالي الذي يرأسه عبد الفتاح السيسي، ليس سوى امتداد لنظام مبارك، وهو ما تجسد في مشاركة الأول في الجنازة العسكرية التي أقيمت لـ"المخلوع" بحضور نجليه علاء وجمال، وكوكبة من رجالات نظامه، الذي ثار عليه المصريون في 25 يناير 2011.
ورغم الانقسام الحاصل في المشهد المصري فإن "إسرائيل" عرفت مشهداً مغايراً من خلال الإجماع والثناء على الرئيس الراحل؛ إذ كال أبرز قياداتها الحالية والسابقة المديح لمبارك ونظامه.
وفتحت التصريحات الإسرائيلية الواضحة بشأن مبارك الباب على تساؤلات كثيرة حول سر اهتمام "تل أبيب"، وما الذي قدمه الرئيس الأسبق لها مقابل الإشادة بمناقبه وطريقة إدارته لأكبر دولة عربية؟
كما أطلقت العنان لتساؤلات مفادها: "لماذا حظي مبارك بهذا القدر من الأهمية والتقدير والثناء من جانب الإسرائيليين؟"، و"هل ما فعله طوال 30 عاماً لم تكن تل أبيب تحلم به في يوم الأيام؟"، يقول مراقبون.
نتنياهو وباراك
وبعد ساعات من إعلان وفاة مبارك (25 فبراير 2020)، سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لنعيه، معرباً عن حزنه البالغ على رحيله، كما قدّم تعازيه بوفاته.
وقال: إن مبارك "كان زعيماً قاد شعبه نحو تحقيق السلام والأمن، ونحو تحقيق السلام مع إسرائيل"، مضيفاً أنه كان "صديقاً شخصياً لي، وقد التقيت به مرات عديدة، وأُعجبت بالتزامه من أجل السلام".
وأكد: "سنواصل المضي قدماً على هذا الطريق المشترك".
بدوره امتدح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق، إيهود باراك، الرئيس المصري الأسبق، مشيراً إلى أن مبارك كان دبلوماسياً "مؤثراً"، واصفاً إياه بـ"الفرعون".
وأبدى باراك أسفه الشديد من موقف الإدارة الأمريكية عندما تخلت عن مبارك إبان ثورة يناير؛ إذ قال في حوار مع شبكة "سي إن إن" الأمريكية: "لقد شعر (مبارك) بالخيانة من جانب الأمريكيين".
والتقى باراك ومبارك في عدة مناسبات خلال فترة وجودهما في السلطة، وقال الأول: "لقد رأى الطرق الاستبدادية التي اتبعها السيسي في آخر أيامه (مبارك)"، موضحاً: "كان هذاً دليلاً على أن سياسته كانت صحيحة، والآن يُدفع ثمن إزاحته عن السلطة مبكراً جداً"، على حد تعبيره.
وأشار إلى أن الرئيس المصري الراحل كان متمسكاً باتفاقية السلام مع "إسرائيل" حتى حين كانت "إسرائيل" تقتحم دولاً عربية أخرى.
وقال باراك إن مبارك اقترح على الرئيس الأسبق، أنور السادات، التوجه إلى دمشق لاصطحاب الرئيس السوري السابق، حافظ الأسد، إلى القدس المحتلة، قبل توجه الأخير إلى الكنيست عام 1977، مؤكداً أن مبارك كان "متحمساً جداً" لهذه الخطوة.
"كنز استراتيجي"
وتُعيد تصريحات نتنياهو وباراك إلى الأذهان ما قاله وزير التجارة والصناعة الإسرائيلي، بنيامين بن إليعازر، عن مبارك، في مايو 2010، حينما وصفه بأنه "كنز استراتيجي بالنسبة إلى (إسرائيل)"، وذلك خلال حديثه لإذاعة الجيش الإسرائيلي.
وشدد "بن إليعازر"، الذي تولى مناصب سياسية عليا في "إسرائيل" من بينها وزارة الجيش، وكان أحد أبرز قادة الدولة العبرية، على أن مصر في عهد مبارك "معنية أكثر من أي جهة أخرى باستقرار الأوضاع في الشرق الأوسط".
من جهته يقول الدكتور خالد سعيد في كتابه "مبارك كنز إسرائيل الاستراتيجي"، المنشور على موقع بوابة "مصر العربية": إن "أمن إسرائيل هو العمود الفقري السياسي الذي بنى عليه مبارك أركان دولته وحكمه 30 عاماً؛ من لعب دور الوسيط بين إسرائيل والوطن العربي لصالح العدو الصهيوني".
ويضيف قائلاً: "ثلاثون عاماً من الوفاء النادر، والإخلاص في العمل، والتفاني فيه، إذ يمثل بالنسبة لصاحبه شرط الإبقاء عليه من قبل الأمريكان، ثلاثون عاماً في خدمة تل أبيب".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى