نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، الجمعة، محتوى وثائق ورسائل نصية لمحادثات جرت بين ولي العهد السعودي محمد بن سلمان ورئيس الاستخبارات السابق سعد الجبري.
وقالت الصحيفة إن الرسائل تأتي في إطار مساعي محمد بن سلمان لإعادة الجبري إلى السعودية عبر إغرائه بوظيفة جديدة، وأحيانا الاستعانة بالشرطة الدولية.
وظل الجبري لفترة طويلة مساعدا للأمير محمد بن نايف الذي كان وليا للعهد وأطيح به من ولاية العهد في 2017 ليصبح الأمير محمد بن سلمان حاكما فعليا للسعودية.
تشير الصحيفة إلى أنها حصلت على الرسائل من شركة محاماة عينها الجبري، المقيم في كندا حاليا.
وتضيف أنه "في عام 2017، بدأ الجبري في الخوف من نية الأمير الشاب الإطاحة بولي العهد محمد بن نايف واستهداف حلفائه المحليين، مما اضطره إلى مغادرة المملكة، والعيش في تركيا".
وتتابع "في 18 يونيو من ذلك العام، أرسل الأمير محمد بن سلمان رسالة نصية، يطلب فيها من الجبري العودة للمساعدة في حل مشكلة غير محددة مع محمد بن نايف"، وفقا لنسخ مترجمة من النصوص التي قدمها مكتب المحاماة لصحيفة نيويورك تايمز.
وكتب الأمير محمد بن سلمان: "أريد أن أشرح لك ما حدث مؤخرا والتوصل إلى اتفاق معك بشأن استراتيجية لحل كل هذه الصعوبات".
أبلغه أيضا "أنه يريد أن يجتمع الرجال الثلاثة حتى يتصالحوا ويمكن أن يعود كل شيء إلى ما كان عليه". رد الجابري "أنا مستعد لقبول ما تأمر به".
وفي 20 يونيو، تواصل الجبري مع محمد بن سلمان وأبلغه أنه لا يستطيع العودة إلى السعودية في الوقت الحالي بسبب العلاج الطبي". ليرد ولي العهد السعودي أنه استدعاه فقط لأنه "بحاجة ماسة لمساعدته".
ولكن في اليوم التالي، أطاح الأمير محمد بن سلمان بابن عمه الأمير محمد بن نايف ووضعه قيد الإقامة الجبرية، ومنع اثنين من أبناء الجبري، سارة، التي كانت تبلغ من العمر حينها 17 عاما، وعمر 18 عاما، من مغادرة السعودية.
وتشير الصحيفة إلى أن الجبري كتب مرة أخرى لمحمد بن سلمان وتعهد له بالولاء، فيما شجعه الأمير محمد على العودة والحصول على وظيفة جديدة مهمة.
كتب الأمير محمد بن سلمان: "عندما تعود بأمان، سأشرح لك خلفية المشكلة". "ما زلت بحاجة إليك للتعامل مع أي شخص يحاول خلق الفوضى."
وجه بعدها الجابري عدة طلبات لرفع الحظر عن سفر أبنائه ليتمكنوا من إكمال دراستهم، لكن ولي العهد السعودي لم يستجب.
وبعد عدة أشهر رد الأمير محمد بن سلمان طالبا من الجبري العودة وربط مسألة رفع الحظر عن أبنائه بتواجده في المملكة، وقال له "إنه ملف حساس، عندما أراك سأشرح لك ذلك".
وبعد فترة وجيزة، أرسل الأمير محمد مرة أخرى، رسالة للجبري ولكن هذه المرة هدد فيها باعتقاله في الخارج، بالقول: "أنت متورط في كثير من حالات الفساد الكبرى التي تم إثباتها. لا توجد دولة في العالم ترفض تسليمك".
وبالفعل استعانت السلطات السعودية بالشرطة الدولية، لكن ذلك لم ينجح لأنها أبلغت الرياض أن القضية تحمل أبعادا سياسية، كما تقول الصحيفة نقلا عن وثائق حصلت عليها من الإنتربول.
تشير الصحيفة أيضا إلى أن هذه الرسائل النصية والوثائق، التي لم يتم الكشف عنها سابقا، تسلط الضوء مجددا على المدى الذي وصل إليه الأمير محمد بن سلمان في محاولاته السيطرة على السعوديين وممارسة الضغط على كل من يعارضه.
يذكر أنه في السادس من مارس الماضي اعتقلت السلطات السعودية ولي العهد السابق محمد بن نايف واثنين آخرين من كبار أفراد الأسرة الحاكمة في أحدث حلقة من سلسلة من الإجراءات الاستثنائية التي تهدف فيما يبدو إلى تعزيز نفوذ الأمير محمد بن سلمان داخل أسرة آل سعود الحاكمة والتخلص مما قد يبدو تهديدا لسلطته قبل أن يخلف الملك سلمان سواء بوفاته أو بتنازله عن العرش، وفقا لرويترز.
وفي العاشر من هذا الشهر طلب أربعة من أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي من الرئيس دونالد ترامب المساعدة في الإفراج عن نجلي الجبري.
ووصف أعضاء مجلس الشيوخ في رسالتهم الجبري بأنه "شريك يلقى تقديرا كبيرا" من قبل وكالات الاستخبارات الأميركية.
ولم تعلق السلطات السعودية حتى الآن على القضية. وقال مصدر مقرب من عائلة الجبري لفرانس برس إن مكان وجود ساره وعمر، لا يزال مجهولا، موضحا أن دعوات الأسرة المتكررة للقادة السعوديين للإفراج عنهم لم تلق استجابة.
وأفادت صحيفة "ذي غلوب أند ميل" مطلع هذا الشهر بأن السعودية ضغطت على كندا لتسليم الجبري رغم أن أوتاوا ليس لديها معاهدة تسليم هاربين مع المملكة.
وتقول أسرة الجبري إن ولي العهد عمد في الشهور الأخيرة إلى زيادة الضغط على أقاربه بما في ذلك اعتقال ابنيه البالغين لمحاولة إرغامه على العودة إلى المملكة من منفاه في كندا.
وقالت أربعة مصادر مطلعة على الأمر، لرويترز في 23 يونيو الماضي، إن أنظار ولي العهد تنصب على وثائق متاحة للجابري تتضمن معلومات حساسة.
وأضافت المصادر الأربعة المطلعة إن ولي العهد يعتقد أن بإمكانه استخدام الوثائق الموجودة بحوزة الجبري ضد منافسيه الحاليين على العرش. وتابعت أنه يخشى أيضا أن تتضمن هذه الوثائق معلومات إضافية قد تمسه هو ووالده الملك.
وقال أحد المصدرين السعوديين ومسؤول الأمن الإقليمي السابق ودبلوماسي إن الملفات الحساسة تتعلق بالمعاملات المالية لأفراد كبار في الأسرة الحاكمة من بينهم الملك سلمان وابنه ولي العهد.
وقال الدبلوماسي إن بعض المعلومات يتعلق بصفقات أراض ومعاملات، لكنه اكتفى بالقول إنها تتعلق بالملك سلمان في الفترة التي كان فيها أميرا للرياض وهو منصب أمضى فيه قرابة أربعة عقود قبل ارتقاء العرش في العام 2015.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى