سبتمبر الأسود ... ليلة القبض على1500 معارض للسادات
في الخامس من سبتمبر عام 1981، أي منذ ستة وثلاثين عاماً ، اتخذ الرئيس أنور السادات عدة قرارات في هذا اليوم ، أطلق عليها أقطاب المعارضة آنذاك "قرارات سبتمبر السوداء" حيث شملت القرارات اعتقال رموز المعارضة السياسية إلى جانب عدد كبير من الكتاب والصحفيين ورجال الدين .
الخطاب الأخير
ألقى الرئيس السادات خطاباً أمام مجلسي الشعب والشورى في 5 سبتمبر 1981 ولم يكن يدرك أن هذا خطابه الأخير ، مضمونه أن هناك فئة من الشعب حاولت إحداث فتنة طائفية وتهدد سلامة الوطن وأمنه ، لذا استلزم الأمر أن يقوم بتفعيل المادة 74 من الدستور التي تنص على أن يتخذ الرئيس إجراءات سريعة إذا وجد خطراً يهدد الوحدة الوطنية أو يعوق مؤسسات الدولة .. فند الرئيس السادات في خطابه مقالات لعدد من الكتاب والمثقفين منشورة بالصحف والمجلات وقرأ أجزاءً منها أمام الأعضاء وصفها بالجريئة والبذيئة ، منها مقالات تهاجم اتفاقية كامب ديفيد ومنها مقالات تهاجم ثورة يوليو وشخص الرئيس السادات كحاكم أفرزته ثورة يوليو ، وألقى السادات الضوء على المفاهيم التي يسير على نهجها جماعة الإخوان المسلمون والتي تهدد أمن الوطن .
حملة إبعاد واعتقالات
سبق خطاب الرئيس بيومان حملة اعتقالات واسعة لعدد 1536 أمر بها الرئيس السادات ، شملت رموز المعارضة السياسية وعدد من الكتاب والصحفيين والمثقفين ورجال الدين ، منهم الكاتب محمد حسنين هيكل الذي كان قريباً من دائرة صنع القرار السياسي والذي اختلف مع الرئيس السادات حول النتائج السياسية لحرب أكتوبر وشمل قرار الاعتقال أيضاً فؤاد سراج الدين وكان من أقطاب حزب الوفد آنذاك والكتاب صافي ناز كاظم ومصطفى بكري وحمدين صباحي وأيضاً عضو مكتب الإرشاد الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وفريدة النقاش وشاهنده مقلد ونوال السعداوي ومحمد عبد القدوس والدكتور جابر عصفور والدكتور عبد المنعم تليمة والدكتورة عواطف عبد الرحمن وعمر التلمساني مرشد جماعة الإخوان والشيخ عبد الحميد كشك والمفكر القبطي ميلاد حنا وغيرهم.
كما صدر قراراً بإيقاف البابا شنودة وعزله من منصبه وتعيين خمسة أساقفة مكانه، ومن ضمن القرارات أيضاً التحفظ على أموال ومقار بعض الهيئات والمنظمات التي تهدد سلامة الوطن، وإغلاق بعض صحف المعارضة وإلغاء تراخيص بعض الصحف والمطبوعات وأيضاً قراراً بنقل بعض أعضاء هيئات التدريس والصحفيين من مقار عملهم إلى أماكن أخرى ، لأنهم مارسوا أعمالاً رأى الرئيس أنها لها آثار ضارة في تكوين الرأي العام والتأثير المضاد للشباب وتهديد الوحدة الوطنية وسلامة الوطن.
تحليل السادات لقرارات سبتمبر
أعلن الرئيس السادات أن حملة الاعتقالات والإبعاد بأنها تحفظ على كل من له صلة أو ساعد أو سلك سلوكاً أدى إلى استشراء الفتنة الطائفية ، ومن ناحية أخرى بررها السادات بأنها كانت لحماية قرارات اتفاقية كامب ديفيد الخاصة بتعهدات الكيان الصهيوني بالانسحاب من سيناء، لأن رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحم بيجين شكك في التزام مصر بتنفيذ نص المعاهدة، وقال كيف نضمن أن تلتزم مصر بالسلام معنا وهناك معارضة شديدة له، لذا حاول الرئيس السادات أن يمحو أي ذريعة تتذرع بها إسرائيل للتنصل من الانسحاب من سيناء، كما صرح السادات بأنه كان سيفرج عن كل من تم اعتقاله بعد ساعة من تنفيذ إسرائيل لالتزامها بالانسحاب من سيناء، وبعد 33 يوماً من هذا الخطاب واتخاذ تلك القرارات ، تم اغتيال الرئيس السادات في السادس من أكتوبر عام 1981.
التسلسل الزمني لأحداث «سبتمبر السوداء» كما يصفها من عاشوا تلك الفترة وما سبقها من قرارات أدت لحدوثها، وحتى قرار الرئيس الجديد مبارك بالإفراج عنهم ومطالبته بصفحة جديدة معهم.
أبرز المعتقلين:
البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، الذى عُزل من منصبه ونُفِى إلى وادى النطرون، و16 أسقفًا من قيادات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية.
وأيضا فؤاد سراج الدين، حلمى مراد، محمد حسنين هيكل كاتب صحفى، عبد المنعم تلّيمة أستاذ جامعي، جابر عصفور أستاذ جامعي، محمد عبد القدوس صحفي، ميلاد حنا، حافظ سلامة داعية، خالد الكيلاني، عبد المحسن طه، سيد البحراوي، صبري المتولي، حسن حنفي، صافيناز كاظم، فريدة النقاش، شاهندة مقلد، أمينة رشيد، فتحى رضوان، نوال السعداوي، عواطف عبد الرحمن، لطيفة الزيات، أبو العز الحريرى، وحمدين صباحي.
قرارات السادت في خطابه الأخير:
أولاً: حظر استغلال الدين لتحقيق أهداف سياسية أو حزبية، وحظر استغلال دور العبادة لهذا الغرض أو في المساس بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي، أو سلامة الوطن، فلا سياسة في الدين ولا دين في السياسة.
ثانياً: التحفظ علي بعض الأشخاص الذين توافرت قبلهم دلائل جدية علي أنهم قد ارتكبوا أو شاركوا أو جندوا أو استغلوا علي أية صورة كانت الأحداث التي هددت الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن.. أسماء هؤلاء.. ده القرار الثاني.. أسماء هؤلاء الأشخاص مطبوعة في القرار والقرار جاهز في الصحف الآن وسيوزع عليهم.
ثالثاً: التحفظ علي أموال بعض الهيئات والمنظمات والجماعات والجمعيات التي مارست نشاطاً أو أعمالاً هددت الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن.. ووقعت قرار رئيس الجمهورية رقم ٤٧١٥ لسنة ٨١ في شأنها، وهي أيضاً جاهزة ستوزع عليكم وعلي الصحف.
رابعاً: حل بعض الجمعيات المشهرة، وفقاً لأحكام القانون رقم ٢٢ لسنة ١٤ في شأن الجمعيات والمؤسسات الخاصة والتي مارست نشاطاً هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن، وصدر قرار رقم ٤٩٢ لسنة ٨١.
خامساً: إلغاء التراخيص الممنوحة بإصدار بعض الصحف والمطبوعات مع التحفظ علي أموالها ومقارها.
سادساً: نقل بعض أعضاء هيئة التدريس والجامعات والمعاهد العليا الذين قامت دلائل جدية علي أنهم مارسوا نشاطاً له تأثير ضار في تكوين الرأي العام، أو تربية الشباب أو هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن، نقلهم إلي الوظائف التي يحددها وزير الدولة للتعليم والبحث العلمي بالاتفاق مع الوزراء المختصين.
سابعاً: نقل بعض الصحفيين وغيرهم من العاملين في المؤسسات الصحفية القومية وبعض العاملين في اتحاد الإذاعة والتليفزيون والمجلس الأعلي للثقافة الذين قامت دلائل جدية علي أنهم مارسوا نشاطاً له تأثير ضار في تكوين الرأي العام أو هدد الوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي أو سلامة الوطن، نقلهم إلي هيئة الاستعلامات أو غيرها من الجهات الحكومية التي يحددها رئيس مجلس الوزراء.
ثامناً: إلغاء قرار رئيس الجمهورية رقم ٢٧٨٢ لسنة ٧١ بتعيين الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، وتشكيل لجنة للقيام بالمهام الباباوية من خمسة من الأساقفة وهم:
١- الأنبا مكسيموس أسقف القليوبية، وهو عالم قبطي سبق أن ترشح للكرسي البابوي. ٢- الأنبا صموئيل أسقف الخدمات العامة وكنائس المهجر، وكان مرشحاً سابقاً للبطريركية.
٣- الأنبا غرغريوس أسقف البحث العلمي والدراسات القبطية العليا ومدير المعهد العالي للدراسات القبطية.
٤- الأنبا اثناسيوس أسقف بني سويف والبهنسة وهو يشغل حالياً منصب وكيل الهيئة العليا للأوقاف القبطية وسكرتير سابق للمجمع المقدس.
٥- الأنبا يوأنس أسقف الغربية وسكرتير حالي للمجمع المقدس.
وعقّب السادات علي القرار الأخير بقوله:
„
أجريت هذا بعد أن استشرت المخلصين للبلاد والكنيسة وعلي هؤلاء الأساقفة سرعة معالجة الشعور القبطي العام في الداخل والخارج لكسر حاجز التعصب والحقد والكراهية وبث روح المحبة والتسامح، وعلي هذه اللجنة أن تتقدم للحكومة بكل الاقتراحات المناسبة لإعادة الكنيسة إلي وضعها التقليدي الأصيل كنسيج حي في جسم الدولة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى