تتسارع خطوات التطبيع الإسرائيلي لدول الخليج، وتحديداً الإمارات والبحرين، بشكل واضح مع مرور كل يوم، لتشمل هذه المرة تطبيعاً أكاديمياً من خلال استعداد الجامعات الإسرائيلية لفتح أبوابها لاستقبال طلبة الخليج بدءاً من مطلع العام القادم.
وكان إيدي كوهين، الباحث بمركز بيغن-السادات، نشر تغريدة أشار فيها لوجود عدد “لا يستهان به” من الطلبة الإماراتيين والبحرينيين سيلتحقون بالجامعات الإسرائيلية ابتداءً من الفصل الدراسي القادم.
ورغم عدم صدور مواقف إسرائيلية أو خليجية حول هذه المعلومة، لكن الدلائل والمؤشرات الحالية للتقارب الحاصل بين الطرفين تعطي دليلاً بما لا يدعو مجالاً للشك، أن الإمارات والبحرين تجاوزتا كل الخطوط الحمراء بعلاقاتهما مع إسرائيل، سواء باستقبالهما لوفود من قادة المستوطنين في سابقة هي الأولى من نوعها على مستوى العلاقات الإسرائيلية مع محيطها الدولي، وسماح هاتين الدولتين بمرور منتجات المستوطنات إلى أسواق الخليج دون أي تحفظات.
بدء التطبيع الأكاديمي بين إسرائيل والإمارات
وكانت هند العتيبة مديرة الاتصالات الاستراتيجية بوزارة الخارجية والتعاون الدولي في الإمارات، وهي شقيقة السفير يوسف العتيبة أحد مقربي دوائر صنع القرار في الدولة، نشرت مقالاً بصحيفة هآرتس الإسرائيلية في 14 سبتمبر/ أيلول، أشارت فيه إلى أن “الإمارات تريد سلاماً دافئاً وحميمياً مع إسرائيل، لدرجة التحاق طلبة إسرائيليين للدراسة بجامعة بن زايد، وسفر طلبة إماراتيين للدراسة في الجامعات الإسرائيلية”.
قد يشير مضمون ما تحدثت به العتيبة لوجود موافقة رسمية إماراتية على بدء مسار جديد من التطبيع مع إسرائيل دون تحفظات، يشمل تبادلاً أكاديمياً بين الجامعات الإسرائيلية والإماراتية، والتحاق طلبة الإمارات للدراسة في الجامعات الإسرائيلية.
لا سبب منطقياً للتطبيع الأكاديمي
أحمد عثمان مدير عام التطوير والبحث العلمي بوزارة التربية والتعليم الفلسطينية قال لـ”عربي بوست” إنه لا يوجد تفسير منطقي لاندفاع دول الخليج لتسيير تطبيع أكاديمي بهذه السرعة مع إسرائيل، لأن الفارق في مستوى تصنيف الجامعات الخليجية والإسرائيلية ليس كبيراً، ولا يشكل حافزاً لتبني هذه الخطوة.
وأضاف “إذا نظرنا لمستوى تصنيف جامعات دولية أمريكية وأوروبية تنشط في الخليج، وينتسب إليها آلاف الطلبة الخليجيين، نجد أن هامش الفرق مع الجامعات الإسرائيلية سيتقلص بشكل كبير، وقد يجتاز تصنيف الجامعات الخليجية نظيراتها الإسرائيلية ببعض التخصصات”.
وأوضح أن “بيئة العمل بين المنطقتين مختلفة، إسرائيل والخليج، وليست متقاربة، فالتفوق الذي تحظى به الجامعات الإسرائيلية في تخصصات البرمجة والطب والزراعة والعلوم العسكرية والأمنية، مختلف عن بيئة سوق العمل في دول الخليج التي تحتاج أولويات في مجال الصناعة النفطية والبتروكيماويات، والهندسة الفندقية وخدمات السياحة والنقل”.
صورة للوفد الأمريكي الذي سيسافر على متن أول طائرة تطبيع من تل أبيب إلى الإمارات/ رويترز
بالنظر لمستوى تصنيف الجامعات والمعاهد الإسرائيلية نجدها متصدرة مقارنة بمحيطها الإقليمي على مستوى الشرق الأوسط، فوفقاً لتصنيف (CWUR) الذي يعتمد على سبعة معايير وهي: جودة التعليم، توظيف الخريجين، جودة أعضاء هيئة التدريس، منتجات البحث، جودة المنشورات، التأثير والاقتباسات.
احتلت مؤسسات أكاديمية إسرائيلية كمعهد وايزمان المرتبة 58، والجامعة العبرية المرتبة 62، التخنيون 111، تل أبيب 143، جامعة بن جوريون 337، بار إيلان 490، وجامعة حيفا 622، أما جامعات الخليج وفقاً لذات التصنيف فقد احتلت جامعات السعودية كجامعة الملك عبدالعزيز المركز الأول كأفضل ترتيب عربي على مستوى العالم بـ305، وتلتها جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية بـ326، أما في الإمارات فجاءت جامعة خليفة بترتيب 987 على مستوى العالم.
تحديات أمام الطلبة الخليجيين
نائل موسى أستاذ الاقتصاد بجامعة النجاح قال لـ”عربي بوست” إن هناك مجموعة من العوائق التي تعيق انخراط طلبة الخليج في الجامعات الإسرائيلية، فطلبتها أثبتوا فشلهم في الدراسة بجامعات أقل مستوى من الجامعات الإسرائيلية، حتى في بلدانهم ذات التصنيف المتدني.
وقال إن الطلبة الخليجيين يعتمدون على دراسة تخصصات العلوم الإنسانية كالتاريخ والشعر والجغرافيا وإدارة الأعمال، وهي تخصصات بعيدة عن المجالات التطبيقية التي تمتاز بها الجامعات الإسرائيلية في مجالات كالهايتك والهندسة والطب والفلك.
هدفان وراء التطبيع الأكاديمي الإماراتي البحريني
وأضاف أن “جهد دول الخليج المطبعة كالإمارات والبحرين سينصب على تمرير التطبيع الأكاديمي مع إسرائيل لتحقيق هدفين: الأول تنشيط السياحة بما يخدم إسرائيل من خلال رحلات الطلبة على مدار العام.
والثاني، وهو الأخطر، سعي الدول المطبعة لعقد مناقشات دورية على أكثر من مستوى بما يشمل مستوى الشارع والأكاديميين والطلبة لتشكيل رأي عام داخل حدودها يدعمها في قرار التطبيع، ويكبح أي محاولة للاعتراض على خطوات التقارب مع إسرائيل”.
وختم بالقول إن المستفيد الأكبر من التطبيع الأكاديمي سيكون إسرائيل نظراً لمستوى الدخل المرتفع الذي تحظى به دول الخليج، من حيث معاملتهم كطلبة أجانب، أي أنهم لن يستفيدوا من أي منح تقدمها الدولة كما تفعل مع مواطنيها، إضافة لتنشيط السياحة في الفنادق والمطاعم وقطاع المواصلات.
إضعاف إسرائيلي للمؤسسات الأكاديمية الفلسطينية
فيما تسارع دول الخليج لتطبيع علاقاتها بإسرائيل، تمارس الأخيرة سلطة القوة لتدمير المؤسسات الأكاديمية الفلسطينية. فقد أشار تقرير لمركز عدالة الحقوقي الإسرائيلي، ومؤسسة الحق الفلسطينية عن ارتفاع مطرد بمعدلات رفض سلطات الاحتلال منح تأشيرة الدخول للأكاديميين الأجانب الذين يعملون داخل مناطق السلطة الفلسطينية.
ويشير التقرير لارتفاع بنسبة 200% برفض منح تأشيرة الدخول للوافدين الأجانب لمعهد إدوار سعيد من 2017، أما جامعة بيرزيت فقد اضطر سبعة محاضرين أجانب فيها إلى مغادرة الضفة الغربية بسبب رفض إسرائيل منحهم تأشيرة الدخول عبر الحواجز التي تسيطر عليها، وتشمل سياسة التضييق الإسرائيلي حظر دخول الوفود التضامنية ومحققي الأمم المتحدة للتحقيق في جرائم الحرب، وتوسع القرار ليشمل المتضامنين مع حركة المقاطعة (BDS).
خالد الأزبط عضو الهيئة التنسيقية لحملة المقاطعة ضد إسرائيل قال لـ”عربي بوست” إن “رفع مستوى تطبيع دول الخليج مع إسرائيل ليشمل التبادل الأكاديمي يعد حرباً شرسة ضد أدبيات المقاطعة، التي تفترض أن الجامعات الإسرائيلية شريكة في الجرائم ضد الفلسطينيين، لأن نظريات عسكرية كعقيدة “الضاحية” التي طبقتها إسرائيل في حربها على لبنان صيف 2006، جاءت عبر دراسة أشرفت عليها جامعة تل أبيب”.
وأضاف أن “التطبيع الأكاديمي بين الإمارات وإسرائيل يهدف لكي وعي الشعوب، ومأسسة التطبيع، ووضعه في إطارات لا يجب أن تكون فيها، وهذا قد يخلق حالة من التوتر في المنطقة، ويضرب بعرض الحائط الأصوات المطالبة بتراجع الدول عن قرارات التطبيع”.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى