توفي صفوت الشريف (88 عاماً)، أشهر وزراء الإعلام في عهد الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك، مساء أمس 13 كانون الثاني/ يناير، في أحد مستشفيات العاصمة القاهرة إثر تدهور حالته الصحية إذ كان مصاباً بسرطان الدم منذ سنوات.
أظهر المصريون ارتياحاً لوفاته، قائلين إنه "ليس له شيء وعليه ما عليه"، وانتشرت موجة عارمة من الترحم على الفنانة المصرية الراحلة سعاد حسني والتعاطف معها كواحدة من "أشهر ضحاياه".
ورّط الشريف، الذي عمل في جهاز المخابرات المصرية خلال خمسينيات القرن الماضي وستينياته، الفنانة الراحلة وعدداً من فنانات جيلها في العمل المخابراتي والتجسسي. كما اتهم بالوقوف خلف مقتلها إذ عثر عليها بعدما ألقيت من نافذة منزل صديقتها في لندن عام 2001.
سيرة ذاتية مقيتة
تدرج الشريف، الذي ولد في محافظة الغربية (شمال مصر) نهاية العام 1933، في العديد من المناصب الرسمية التي اقترن وجوده في كل منها بالعديد من الجرائم والانتهاكات المخجلة لحقوق بعض أفراد الشعب المصري أو كله.
بعدما تخرج من الكلية الحربية، التحق عام 1957 بجهاز المخابرات العامة وعمل تحت إمرة أستاذه الطاغية صلاح نصر لمدة 10 سنوات تولى خلالها إدارة عمليات التجنيد لصالح الجهاز مشتهراً باسمه الحركي "الضابط موافي".
"الصندوق الأسود" لعهد مبارك و"أقذر من أنجبت الحقبة العسكرية"... عن 88 عاماً، توفي صفوت الشريف الذي فضحت ثورة 25 يناير جرائمه وقدمت الأدلة عليها. مصريون يُذكّرون بـ"موافي" أشهر قوّاد في جهاز مخابرات صلاح نصر
عام 1967، افتضحت الممارسات غير الأخلاقية للجهاز، وفُصل الشريف من العمل رفقة العديد من القيادات عقب التحقيقات في قضية "انحرافات المخابرات" عام 1968، ولم يكن عمره قد تجاوز الـ35 عاماً.
نظراً للصدمة والغضب اللذين فجرتهما القضية، اضطر الشريف إلى الاختفاء عدة سنوات، ليعود عام 1974 من خلال العمل ضمن هيئة الاستعلامات العامة المعنية بمخاطبة الإعلام الأجنبي، والتي ترأسها عام 1979. في غضون ذلك، شارك في تأسيس الحزب الوطني -المنحل الآن- عام 1977.
خلال عهد مبارك، تصدر الشريف المشهد فتولى منصب وزير الإعلام لمدة 22 عاماً؛ منذ بداية عهد مبارك حتى عام 2004 حين تولى رئاسة مجلس الشورى إلى عام 2011. كما قاد الحزب الوطني بين عامي 2002 و2011 حين قامت ثورة 25 يناير.
ثورة يناير وفضح جرائمه
انقلبت الآية تماماً عقب ثورة 25 يناير، وتكشفت الأدلة على جرائم الشريف تباعاً، إذ جرى اقتحام مبنى أمن الدولة وتسريب العديد من ملفات المخابرات السرية.
في آذار/ مارس عام 2011، نشرت صحيفة الوفد الحزبية المصرية نص التحقيقات مع "الضابط موافي" في قضية "انحرافات المخابرات" أقر فيها بأنه قاد عمليات السيطرة (الكنترول) لتجنيد عناصر نسائية لاستغلالهن في الإيقاع بدبلوماسيين عرب وأجانب والتجسس عليهم.
وأبرز أنه شارك بنفسه في تصوير الفنانات سعاد حسني وشريفة ماهر وبرلنتي عبد الحميد والمنتجة اعتماد خورشيد الزوجة السابقة لصلاح نصر في أوضاع جنسية لغرض ابتزازهن وإرغامهن على العمل لصالح المخابرات.
شرح الشريف أيضاً أن دوره كان يتلخص في إعداد المكان المفترض أن تتم فيه العلاقة الجنسية وتجهيزه لتنفيذ عمليات "الكنترول"، وأهمها التصوير ثم المداهمة والتهديد بالفضح، بالإضافة إلى ترشيح المندوبات المحتملات للعمل.
خلال اعترافاته في قضية "انحرافات المخابرات"، أقر صفوت الشريف أنه رتّب لتجنيد سعاد حسني عبر الإيقاع بها في علاقة غرامية مع ضابط تقمص شخصية فرنسي. وقف الشريف يصور العلاقة الجنسية في حضور صلاح نصر قبل مواجهتها وابتزازها
وأوضح أن عملية تجنيد سعاد حسني تمت في تشرين الأول/ أكتوبر عام 1963، عبر الإيقاع بها بتعريفها على شخص أوهمها أنه فرنسي الجنسية. وأضاف أنه شارك وأشرف على تصوير العلاقة الجنسية بين سعاد وهذا الشاب في حضور صلاح نصر، إذ اقتحموا الغرفة ثم اصطحبوها إلى مبنى الاستجواب بإدارة المخابرات وأوهموها بأن الشخص الذي كان معها هو "جاسوس فرنسي".
وبيّن أنه عُرض على سعاد حسني العمل لصالح المخابرات مقابل "ستر فضيحتها"، فوافقت وحررت إقراراً بذلك. لكن أوامر صدرت في صيف عام 1964 بوقف الاتصال بها نظراً لتسرب شائعات حول علاقتها بالجهاز، وهذا ما يهدد أمن عملياته السرية.
كشف الشريف أيضاً عن قيامه بتنظيم وتصوير حفلات شذوذ جنسي عام 1965 لبيعها في سوق بيروت حتى تدر "عملة صعبة"، وكذلك ترتيب عمليات "كنترول" انتقامية أخرى من مندوبات سابقات في الجهاز "لسّن" أي تحدثن عن صلتهن بالمخابرات.
خلال مقابلتها عبر برنامج "أنا والعسل" مع الإعلامي اللبناني نيشان عام 2012، أكدت اعتماد خورشيد العديد مما ورد في اعترافات "موافي". وكشفت عن "ليالي السمو الروحاني" التي كان يقيمها صلاح نصر للأشخاص الذين يريد السيطرة عليهم.
وأضافت أن الشريف كان يتولى تصوير هذه الليالي التي تشهد "كل أنواع الجنس"، قبل أن يتجه إلى بيع المصريات في الخارج مقابل عملة صعبة، على حد وصفها.
ورجحت خورشيد أن الشريف كان "مسيطراً" على عدد من السياسيين والوزراء في كل الحكومات، وحتى مبارك نفسه، قائلةً إنه استخدم معه الأسلوب نفسه الذي استعمله مع سعاد حسني، ويحتفظ بعدد من الشرائط، وهذا ما يجعل الجميع يخشونه حتى وهو داخل السجن.
واتهمت خورشيد في الحلقة نفسها الشريف بأنه وراء قتل الفنان عمر خورشيد -نجل زوجها- بسبب تهديده إياه للابتعاد عن سعاد حسني.
اغتيال سعاد حسني وعمر خورشيد، وتجنيد فنانات مصريات للتجسس على دبلوماسيين عرب وأجانب، وتصوير حفلات جنسية وبيعها من أجل العملة الصعبة… جرائم اتُّهم بها صفوت الشريف فضلاً عن الفساد واستغلال النفوذ والثراء غير المشروع
قتل السندريلا
وكانت جنجاه، شقيقة سعاد حسني من الأم، قد تحدث في كتاب لها نشر عام 2016، عن دور الشريف في قتل الفنانة الراحلة، مدعمةً اتهامها بوثائق سرية حصلت عليها عقب الثورة.
وكان الشريف واحداً من بين قلة أدينت بتضخم الثروة والكسب غير المشروع واستغلال النفوذ من رموز عصر مبارك.
عقب وفاته، اكتفى البعض بمشاركة صورة الفنانة الراحلة والشريف معلقين عليها: "وعند الله تجتمع الخصوم". وتداول آخرون صورة لسعاد حسني من فيلم "خللي بالك من زوزو" وهي ترقص، معلقين عليها: "موافي مات رقّصني يا جدع".
ووصفه المغردون بأنه "أقذر من أنجبت حقبة العسكر في تاريخ مصر الحديث" و"الصندوق الأسود لعهد من العهود المظلمة التي مرت على فقراء الشعب المصري". وغرد أحد المعلقين: "لقد فقدت مصر رجلاً من أع*ص رجالاتها على مر تاريخها".
يشار إلى أن أنباءً عن إصابة الشريف بفيروس كورونا، لكن نجله إيهاب نفى ذلك لموقع "اليوم السابع" المحلي. وكان آخر ظهور علني للشريف خلال عزاء مبارك العام الماضي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى