آخر المواضيع

15‏/01‏/2021

فى ذكرى الثورة التونيسية : الرحلة الأخيرة... وقائع هروب زين العابدين بن علي من خلال الملفات القضائية

 


في الليلة الفاصلة بين السادس والسابع من تشرين الثاني/ نوفمبر 1987، كان رئيس الوزراء التونسي زين العابدين بن علي أكثر تماسكاً ورصانة. جمع قادة الدولة في صالة فسيحة داخل وزارة الداخلية استعداداً لحدث جللّ.


على الجانب الآخر، كان الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة جالساً في إحدى صالات قصر قرطاج، صافي الذهن على غير عادته، يحدّث بنت أخته، سعيدة ساسي، وطبيب الخاص ومدير الديوان الرئاسي، عمر الشاذلي عن وقائع الحروب الصليبية التي كان يحب الحديث عنها واسترجاع أحداثها.


في الوقت نفسه، كانت عناصر الوحدة المختصة للحرس الوطني تغادر القاعدة الجوية في العوينة متوجهةً نحو القصر لتنهي ثلاثة عقود من حكم "المجاهد الأكبر"، كما كان يحلو لبورقيبة أن يصف نفسه.


بين عاميْ 1987 و2011، جرت مياه غزيرة تحت الجسور وتدفقت على مهل. أعاد بن علي إنتاج نظام بورقيبة بشكل آخر، لكنه لم ينسَ تكرار الخطأ الذي ارتكبه سلفه وهو تفويت المغادرة في الوقت المناسب.


مشيداً به، كتب الجنرال شارل ديغول في مذكراته: "بورقيبة يعرف كيف يكون دائماً على موعد مع التاريخ"، لكن هذه المعرفة خانته عندما احتاج إليها لحسم قرار الرحيل عن كرسي الحكم، كما خانت الجنرال بن علي تماماً.


مساء الرابع عشر من كانون الثاني/ يناير 2011، سار موكب الرئيس زين العابدين بن علي إلى مطار القاعدة العسكرية في العوينة وامتطى طائرته نحو المجهول بعيداً عن السلطة. وبينما كان يضرب كفاً بكف، ألقى نظرة أخيرة على البلاد من القاعدة العسكرية نفسها التي وصل من خلالها إلى الحُكم قبل 23 عاماً. مرّ شريط ذكرياته سريعاً أمامه في صمت، لم يشقّه سوى صوت أزيز محرك الرحلة الأخيرة. الرجل الذي لم يكلّفه الوصول إلى السلطة رصاصة واحدة، كلّفه الخروج منها كثيراً من الذخيرة والدماء.


رحيل بن علي المفاجئ فتح الباب واسعاً أمام تساؤلات حول أسبابه وتفاصيل حدوثه، ما زالت حتى اليوم لا تجد جواباً قاطعاً، حيث ما زالت وقائع يوم 14 كانون الثاني/ يناير 2011 غائمة يكللها الكثير من الضباب. بيد أن الوثائق القضائية التي تضم عدداً من إفادات رموز النظام أمام قاضي التحقيق بعد الثورة، تلقي بعض الضوء على ما حدث في ذلك اليوم.


صباح يوم الهروب

مساء الـ13 من كانون الثاني/ يناير، ظهر الرئيس التونسي على شاشة التلفزيون في محاولة أخيرة لإنقاذ الموقف. التظاهرات لا تتوقف والقتلى بالعشرات. تحدّث لأول مرة باللهجة العامية. بدا مرتبكاً وخائفاً. قدّم وعوداً بالحريات والمحاسبة والرفاه. وقال كلمته الشهيرة "فهمتكم". إعلان تأخر سنوات عديدة ولم يعد يجدي نفعاً. وما إنْ أنهى الرئيس خطابه حتى خرجت جموع من أنصار الحزب الحاكم تجوب الشوارع لتشكر "السيد الرئيس" على هذا "الإعلان التاريخي". وبموازاة ذلك زادت تظاهرات الاحتجاج والغضب حدة وتمرداً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى

ADDS'(9)

ADDS'(3)

 


-

اخر الموضوعات

من نحن

author ‏مدونة اخبارية تهتم بالتوثيق لثورة 25 يناير.الحقيقة.مازلت اسعى لنقلها كاملة بلا نقصان .اخطئ لكنى منحاز لها .لايعنينى سلفى ولا مسلم ولا اخوان يعنينى الانسان،
المزيد عني →

أنقر لمتابعتنا

تسوق من كمبيوتر شاك المعادى