الحرة - دبي -28 فبراير 2021
قوة التدخل السريع فرع من الحرس الملكي السعودي
خلال أغسطس 2020، نشب جدل حاد داخل موسوعة ويكيبيديا العربية حول صفحة تسمى "فرقة النمر".
الصفحة كانت تحوي معلومات وروابط حول فرقة اغتيالات تتبع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مباشرة، وهي من تولت مهمة اغتيال الصحافي جمال خاشقجي في تركيا.
ولأن موسوعة ويكيبيديا مفتوحة المصدر، أي أن كل المحررين المسجلين قادرين على إجراء التعديلات فيها، فقد اعترض البعض على وجود هذه الصفحة من الأساس، قائلين إن فرقة النمر هذه من وحي خيال وسائل إعلام معروفة بانحيازها ضد المملكة.
بعد نقاشات طويلة، عجز فيها محررو الصفحة على إثبات وجود ما يسمى بـ"فرقة النمر" من مصادر موثوقة، تقرر حذف الصفحة نهائيا.
قبل يومين، وضعت وزارة الخزانة الأميركية، أفراد قوة التدخل السريع السعودية على قائمة العقوبات، وذلك على خلفية دورهم في مقتل خاشقجي، وضمنت في قرارها الأسماء المختلفة للقوة، لتشمل أيضا "المجموعة السعودية للتدخل السريع"، و"فرقة النمر"، لتقطع الشك باليقين في أن الاسم مستخدم بالفعل للإشارة لمجموعة حقيقية.
ويبدو أن الجدل حول حقيقة وطبيعة وجود فرقة خاصة ذات طبيعة عسكرية تابعة مباشرة لمحمد بن سلمان قديم، صاحب صعود الأمير التدريجي حتى وصل لمنصب ولاية العهد في ظرف عامين ونيف.
وحدة التدخل السريع نفذت عشرات العمليات في الخارج لسحق المعارضة
"عملية خاشقجي لم تكن الوحيدة".. وحدة النخبة السعودية نفذت عشرات المهام بالخارج
كشف تقرير الاستخبارات الوطنية الأميركية أن سبعة سعوديين متورطين في مقتل الصحفي جمال خاشقجي ينتمون إلى وحدة النخبة أو ما تسمى ب"التدخل السريع" المكلفة بحماية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان.
غموض التسمية
مصطلح "قوات التدخل السريع" يستخدم عادة في العسكريات العربية لوصف قوات النخبة أو الكوماندوز أو غيرها من المسميات المتعلقة بفرق خاصة من الجنود المتميزين في الشرطة أو القوات المسلحة.
ورغم أن المواقع الرسمية للشرطة السعودية والقوات المسلحة السعودية تفصل أنواع الجنود والوحدات المختلفة، إلا أنه لم يرد فيها إشارة لفرقة تسمى "التدخل السريع".
ومع ذلك، كان هناك وسيلتان إعلاميتان سعوديتان استخدمتا هذا المسمى، المرة الأولى عبر قناة "العربية" التي قالت إن هذه القوات تتمركز على منافذ مكة المكرمة لخدمة ضيوف بيت الله الحرام.
في الفيديو المنشور للقناة القريبة من الحكومة خلال يونيو 2017، قال الرقيب صالح الرقيبان من وحدة التدخل السريع، إنه حصل على عدة دورات منها مطاردة واقتحام، واشتباك وسيطرة وعلميات خاصة وقناصة ورماية أثناء القيادة.
المرة الثانية كانت في أغسطس عام 2017، عندما نشرت صحيفة "عرب تايمز" السعودية الناطقة باللغة الإنكليزية مقطع فيديو عبر يوتيوب، لحفل تخرج مئات المجندين على "أساليب التدخل السريع" بجدة، دون إشارة إن كان هذا تدريبا عاما، أم تدريبا مؤهلا للانضمام إلى قوة خاصة.
وأظهر الفيديو عملية تدريب قتالية لهؤلاء المجندين تشمل الإنزال من الطائرة العمودية، وكيفية التعامل المفاجئ مع الأفراد المسلحين، بالإضافة إلى المطاردات عبر السيارات وتبادل إطلاق النار، علاوة على استخدام طائرات "درونز" الذكية بدون طيار، والمواجهات المباشرة اعتمادا على المهارات القتالية الشخصية.
ولا يوجد تأكيدات بأن قوات التدخل السريع التي ظهرت في الوسيلتين الإعلاميتين لها صلة بفرقة النمر التي تعرضت لعقوبات أميركية.
في يناير 2018، كشفت صحيفة "سبق" الإلكترونية السعودية، عن قوة عسكرية باسم "السيف الأجرب" ترتبط مباشرة بولي العهد، برز اسمها خلال عملية القبض على الأمراء الذين خالفوا التعليمات بالتجمهر أمام قصر الحكم.
وأشارت الصحيفة السعودية إلى أن قوة السيف الأجرب تابعة لإحدى كتائب الحرس الملكي، الذي يعتبر قوة عسكرية منفصلة يبلغ قوامها أكثر من 50 ألف فرد، ولها نظام تجنيد خاص وميزانية منفصلة عن وزارة الدفاع، وتضطلع بمهمة حماية الملك وولي العهد.
وطبقا للصحيفة، يبلغ عدد أفراد السيف الأجرب أكثر من 5 آلاف عنصر من مختلف الرتب العسكرية، وقالت الصحيفة إن قوة السيف الأجرب تأسست عندما تولى الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم.
والسيف الأجرب هو رمز تاريخي سعودي باعتباره يعود لمؤسس الدولة الثانية، تركي بن عبدالله آل سعود، قبل ما يقرب من 200 سنة خلال معاركه ضد الدولة العثمانية، لكن السيف أهدي للبحرين في وقت لاحق.
وعاد السيف إلى السعودية مرة أخرى لدى زيارة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للمنامة في عام 2010، فيما قدم أبناء الملك السعودي الراحل السيف الأجرب هدية للعاهل الحالي سلمان بن عبدالعزيز.
وتمت إزالة موقع الحرس الملكي بالكامل من على شبكة الإنترنت في أواخر 2019، ولا تحتوي الصفحات المؤرشفة المتبقية منه أي إشارة للأمير محمد بن سلمان، أو قوات التدخل السريع، أو وجود قوة أسسها بنفسه تحت أي مسمى.
تاريخ "النمر" وأبرز مهامها
المعلومات المتاحة عن فرقة النمر أو قوة التدخل السريع تقول إن تشكيلها كان غير تقليدي على الإطلاق، ولا يتبع أي ترتيب عسكري متعارف عليه. وقد صرح مسؤولون أميركيون لنيويورك تايمز، أن أحد المسؤولين عن قوة التدخل السريع كان سعود القحطاني، المستشار السابق بالديوان الملكي، والمسؤول الأول عما يعرف بـ "الذباب الإلكتروني" أو اللجان الإلكترونية المسؤولة عن نشر أخبار إيجابية في وقت معين، أو مهاجمة شخص أو جهة بعينها عبر الإنترنت، خاصة عبر منصة تويتر.
أما المسؤول الميداني لقوة التدخل السريع، فهو ماهر عبدالعزيز مطرب، وهو ضابط مخابرات مقرب من ولي العهد، وفي موقع القيادة أيضا ثائر غالب الحربي، الذي كان ضابطا في الحرس الملكي السعودي.
وتأسست هذه القوة عام 2015 وفقا لبيان وزارة الخزانة الأميركية، لكن ظهور اسمها في وسائل الإعلام السعودية كان عام 2017، وهو العام ذاته الذي ارتقى فيه الأمير محمد بن سلمان لمنصب ولاية العهد في المملكة الخليجية الثرية بالنفط.
ووفقا للكاتب بصحيفة "واشنطن بوست"، ديفيد أغناتيوس، فإن الحكومة الأميركية علمت أن نائب رئيس الاستخبارات السعودية، اللواء أحمد عسيري، كان يخطط لتشكيل فريقا للقيام بعمليات خاصة سرية، على الرغم من أن المسؤولين الأميركيين لا يعرفون أهدافها.
وأدرجت وزارة الخزانة الأميركية اللواء عسيري بصفته الشخصية ضمن المشمولين بعقوباتها أيضا.
وبحسب مسؤولين أميركيين، نفذت المجموعة عشرات العمليات داخل المملكة وخارجها، بما في ذلك الإعادة القسرية للسعوديين من دول عربية أخرى. كما يبدو أن المجموعة متورطة في اعتقال وإساءة معاملة نشطاء حقوق المرأة البارزين، مثل لجين الهذلول.
ووصفت صحيفة "نيويورك تايمز" هذه القوة بـ "وحدة القتل السعودي"، وأكدت أنها نفذت حملة وحشية لسحق المعارضة داخل المملكة وخارجها، بما فيها عملية خاشقجي.
ومن خلال دعوة قضائية رفعها ضد محمد بن سلمان أمام محكمة أميركية، سبق لمسؤول المخابرات الرفيع، سعد الجبري، الذي يعيش في منفاه بكندا، أن اتهم السلطات السعودية بمحاولة اغتياله في عام 2018، وهو المسؤول المقرب من ولي العهد السابق الأمير محمد بن نايف، على الرغم من منع السلطات الكندية لأفراد يعتقد أنهم جزء من قوة التدخل السريع، بدخول البلاد باستثناء شخص واحد يحمل الجواز الدبلوماسي.
كذلك، فشلت مهمة استدراج المعارض السعودي المقيم في كندا، عمر عبدالعزيز، الذي رفض الذهاب إلى سفارة بلاده في أوتاوا، ففي وقت سابق، قال عبدالعزيز، وهو صديق مقرب من خاشقجي أيضا، إن مسؤولين سعوديين اقتربوا منه وطلبوا منه زيارة السفارة للحصول على جواز سفر جديد.
وبحسب الكاتب في صحيفة "فزغلياد" الروسية، يفغيني كروتيكوف، فإن قوة التدخل السريع مسؤولة عن عملية اغتيال رئيس المحكمة العامة في مكة المكرمة، سليمان الثنيان، وذلك بعد حقنه بفيروس مجهول أثناء زيارة اعتيادية له للمستشفى.
قبل يوم واحد فقط من مقتل خاشقجي، توفي الثنيان في 1 أكتوبر 2018 بعد "صراع قصير مع المرض" كما أفادت وسائل إعلام محلية.
كذلك، يتهم الكاتب نفسه في مقال نشره عام 2018، قوة التدخل السريع باغتيال الأمير منصور بن مقرن الذي توفي في حادث تحطم طائرة عمودية، في حين يشير كروتيكوف ورجحت الصحيفة أن يكون الأمير السعودي قد حاول الفرار من البلاد على متن طائرته قبل إطلاق النار عليها.
والأمير منصور هو نجل ولي العهد الأسبق، الأمير مقرن بن عبدالعزيز، الأخ غير الشقيق للعاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، والذي أعفي من منصبه بعد أقل من 3 شهور على صعود الملك سلمان للعرش مطلع عام 2015.
ولفت الكاتب الروسي إلى أن القوة تغتال المعارضين باستخدام طرق مختلفة مثل حوادث السيارات المخطط لها، أو حرائق المنازل، أو حقن المواد السامة في أجسام المستهدفين أثناء الفحوصات الصحية المنتظمة.
وتلقى بعض أعضاء قوة التدخل السريع السعودية تدريبات في الولايات المتحدة خلال برامج، وفقا لأغناتيوس.
ووفقا لشبكة "بي بي سي" البريطانية، فإن "فرقة الموت" المكونة من 15 عنصرا والتي قتلت جمال خاشقجي، كانت جزءا من قوة التدخل السريع، التي يقدر عددها بخمسين عضوا، ولكن حتى بعض العقوبات الأميركية عن هذه القوة، فمن غير المعروف عدد أعضائها بالضبط، وتفاصيل علاقتها بالأجهزة الأمنية الأخرى في المملكة.
قالت صحيفة جيروازلوم بوست إن هناك مخاوف لدى عدد من المسؤولين الإسرائيليين إزاء "الضغوط المتزايدة" للإدارة الأميركية على السعودية، وهو ما من شأنه أن يساهم في تعزيز موقف إيران، وزعزعة التقارب الحاصل في العلاقات بين السعودية وإسرائيل، بحسب التقرير.
ورأت الصحيفة الإسرائيلية أن المواقف الأميركية الأخيرة من الرياض "تضعف التحالف الإقليمي ضد إيران في وقت تظهر فيه الولايات المتحدة استعدادا أقل لمواجهة نظام آية الله"، في إشارة إلى عزم إدارة بايدن العودة إلى الاتفاق النووي الذي انسحب منه الرئيس السابق، دونالد ترامب، في عام 2018.
وأشار التقرير إلى أن إسرائيل ستراقب بحذر ما ذكرته إدارة بايدن بأنها لن ترفع العقوبات حتى تتقيد طهران بواجباتها التي تنصلت منها في الاتفاق النووي، وقالت "الوقت سيحدد ما إذا كان ذلك سيحدث"
وذكلات جيروزاليم بوست أن العلاقات السعودية الإسرائيلية نمت في السنوات الأخيرة، بشكل وثيق، لدرجة أن رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو "التقى سرا" بولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في المملكة.
وقالت الصحيفة إن "السعودية، من دون مساعدة واشنطن، لن تكون متحمسة للتقارب مع إسرائيل"، التي عمقت علاقاتها مع دول عربية على رأسها الإمارات.
وأكدت أن السعوديين والإسرائيليين سيواصلون التقارب في مواجهة "عدو مشترك" في إيران.
الحرة / ترجمات - واشنطن
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى