وكالة أنباء روسية : "السعودية فريسة سهلة لدى الإدارة الأميركية الجديدة للانتقام بشكل استعراضي من سياسات ترامب"
"السعودية فريسة سهلة لدى الإدارة الأميركية الجديدة للانتقام بشكل استعراضي من سياسات ترامب"
أكدت وكالة أنباء روسية، أن الإدارة الجديدة في الولايات المتحدة ستتخذ "منحا جديدا" في التعامل مع ملف مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي، بناء على تقييم المستجدات خاصة مع نشر أجهزة الاستخبارات الأميركية لتقرير في 26 فبراير/شباط 2021، خلص إلى أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان "وافق على خطف أو قتل" خاشقجي.
وقالت وكالة "ريا نوفوستي" في مقال للصحفية إيرينا ألكسنس: إن "جامعة الدول العربية تقف إلى صف السعودية في نفي ما نشرته أجهزة الاستخبارات مؤخرا حول علاقة جهات رفيعة المستوى في الرياض بعملية الاغتيال (في 2 أكتوبر/ تشرين الأول 2018، داخل قنصلية المملكة بمدينة إسطنبول) وتلميحها إلى أن القرار صدر من قبل ابن سلمان".
وأشارت ألكسنس إلى "تصريحات الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط والتي قال فيها: إن استخبارات أميركا لا تعتبر جهة قضائية أو منظمة عالمية لها المصلحة في اتخاذ قرار بقضايا كقضية خاشقجي، وإن من يملك الحق في ملاحقة المتهمين في قضية خاشقجي هي الجهات القضائية السعودية".
ولفتت الصحفية الروسية إلى أنه "بمجرد صدور التقرير قامت واشنطن بفرض عقوبات على 76 شخصية سعودية في قائمة لا تضم ابن سلمان، وبحسب مصادر مطلعة في صحيفة "نيويورك تايمز تقول الكاتبة إن البيت الأبيض رفض، ولو بشكل مؤقت وقد يكون الأمر غير مستبعد مستقبلا، توجيه الاتهام مباشرة لولي العهد السعودي".
وأوضحت أن ذلك "كان سيعني قطع العلاقات الدبلوماسية مع حليف كبير للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وفي نفس الوقت فإن شخصيات كبيرة في الحزب الديموقراطي في الكونغرس الأميركي تطالب بشدة بمعاقبة ابن سلمان كما تشاركهم الرأي العديد من وسائل الإعلام الأميركية وعلى رأسها، نيويرك تايمز".
أول الغيث
وقالت ألكسنيس: إن "القرارات التي اتخذتها واشنطن بشأن العلاقة الجديدة مع المملكة ما هي إلا أول الغيث معلقة على تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن التي قال فيها إن الولايات المتحدة ستتخذ تغييرات جديدة في سياستها مع السعودية".
وأضافت أن "بايدن أشار إلى أنه ناقش المستجدات في 25 فبراير/شباط 2021، مع الملك سلمان بن عبد العزيز وليس مع ابنه ولي العهد، الذي كثيرا ما يصفه بالحاكم الفعلي للمملكة".
واستطردت الكاتبة قائلة: إن "الولايات المتحدة لا تعاني من أوهام وسوء رؤية للوضع السياسي للحكم في المملكة، غير أن ذلك لم يمنع البلدين يوما على أن يكونا إلا حليفين إستراتيجيين".
ولفتت ألكسنيس إلى أن "ردة الفعل الحادة على الاتهامات لم تصدر من الرياض فحسب بل من عدة دول خليجية وجامعة الدول العربية (التي لا تخلو من دول لا تتمنى الخير للنظام السعودي الحاكم) لمحت إلى أنها تنتظر من الولايات المتحدة دورا خارجا عن نطاق المقولة الروسية (الأحبة يرفعون صوتهم، يتضاربون ليهدؤوا)".
وترى أن "السعودية في الوقت الراهن تشكل فريسة سهلة للإدارة الأميركية الجديدة تمكنها من الانتقام من السياسات الخارجية للإدارة السابقة بشكل استعراضي، حيث عارض الرئيس الأسبق دونالد ترامب بحسب إدارة بايدن الشكل التقليدي للسياسات الخارجية الأميركية".
واعتبرت أن "ترامب تعامل مع كل القضايا كصفقات وأعمال تجارية دون الأخذ بعين الاعتبار المبادئ والأيدولوجيات التي تبنى عليها السياسة الخارجية في الولايات المتحدة وقد آن الأوان لتعود دولة السياسة الحقيقية والفكر المتقدم كمقياس ومحرك للعلاقات الخارجية مع كافة الدول".
وأضافت ألكسنيس أن "هذه ظاهرة جديدة تماما بالنسبة للولايات المتحدة التي دائما ما ادعت التشبث بحقوق الإنسان والمبادئ الديموقراطية والحرية في خطاباتها المتعلقة بالسياسة الخارجية، لكن كل ذلك لم يكن سوى أداة استخدمها الأميركان حين الحاجة إليها وصرفوا النظر عنها إذا تعارضت مع مطامعهم".
وتابعت: "لذلك فإن السعودية وغيرها من الدول التي بينها وبين الديموقراطية الحقيقية مسافات بعيدة ظلت في قائمة الحلفاء والدول الصديقة للولايات المتحدة".
عواقب دموية
وترى الكاتبة الروسية أن "ما يحدد السياسة الخارجية الأميركية ليس فقط المبادئ والأيدولوجيا، فقد كانت منطقة الشرق الأوسط على مر عشرات السنين تعتبر ساحة اختبارات زرعت فيها الخلافات التي سمحت لها باستنزاف كل ما يمكن استنزافه".
وشددت على أنه "قد يبدو الأمر غريبا، لكن الفترة الأخيرة لحكم ترامب اتسمت بانخفاض التوتر في المنطقة وتحسن العلاقات بين الدول الجيران رغم الأزمات والحروب في المنطقة التي استمرت طوال فترة حكمه".
واعتبرت ألكسنيس أن "تطبيع العلاقات بين إسرائيل وبعض الدول العربية فيما يعرف (بالاتفاقيات الإبراهيمية) يمكن أن تصل لدرجة إنجاز على مستوى القرن".
وتعزو هذا الأمر إلى أن "سياسة ترامب في إيجاد الموارد التي تحتاجها الولايات المتحدة قد ركزت جل جهدها على مصادر أخرى كالصين وأوروبا، وبلا شك فإن ترامب لم يفرط بحصته في الشرق الأوسط ولعل صفقات الأسلحة المقدرة بمئات المليارات خير دليل على ذلك".
واستدركت قائلة: "لكن بشكل عام فإن منطقة الشرق الأوسط في عهد ترامب قد حظيت ببعض الراحة، وحتى أصبح هناك أمل لانتهاء مفرمة اللحم التي تعيش فيها منذ عقود".
وأضافت الكاتبة "أما الآن وبوجود الديموقراطيين مجددا في البيت الأبيض وظهور سياستهم المعادية للنظام السعودي، فإنها تلمح بشكل واضح إلى إعادة الشرق الأوسط إلى وضع الملعب المفضل للاستنزاف الأميركي الذي دائما ما كان يؤدي إلى كوارث وعواقب دموية".
واختتمت ألكسنيس مقالها بالقول: "ليس من المستغرب أن تكون ردة فعل الرياض وغيرها من دول الشرق الأوسط حادة بخصوص التوجهات الجديدة للسياسات الأميركية".