اهتز المشهد السياسي في تونس مساء الاثنين 23 أغسطس/ آب على وقع قرارين سياسيين من شأنهما أن يغيرا المسار والمشهد السياسيين في البلاد خلال الأسابيع والأشهر القليلة المقبلة.
فمن جهة أكد الرئيس قيس سعيد توقعات المتابعين لتطورات الأزمة في تونس، وأصدر "مرسوما جمهورياً يمدد الإجراءات الاستثنائية بشأن تعليق جلسات مجلس النواب ورفع الحصانة البرلمانية عن نوابه حتى إشعار آخر".
من جهة ثانية، وفي خطوة غير مسبوقة، أعلن رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي، في بيان صحفي عن قرار أعفى بموجبه كل أعضاء المكتب التنفيذي وإعادة تشكيله "بما يستجيب لمقتضيات المرحلة ويحقق النجاعة المطلوبة". حسبما جاء في البيان.
لم يشكل قرار الرئيس سعيد تمديد الإجراءات الاستثنائية مفاجأة. بل كان على ما يبدو، الخيار الوحيد أمامه. فقد كان رفعها سيعتبر نقضا للمبررات التي ساقها الرئيس قبل شهر، عندما أزاح البرلمان والحكومة جانبا وتولى هو السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية في البلاد، بهدف "منع انهيار البلاد" على حد تعبيره وتطهيرها من الفساد والمفسدين.
إعلان
علاوة على ذلك لم يصدر عن الرئيس أي قرار من شأنه أن يكون مؤشرا على أن البلاد بدأت تتلمس طريقها نحو العودة الى مسار سياسي دستوري طبيعي، وإن على المدى البعيد.
تخطى مواضيع قد تهمك وواصل القراءة
مواضيع قد تهمك
الأزمة في تونس: حركة النهضة تطالب الرئيس قيس سعيّد بالتراجع عن قراراته وإجراء حوار وطني
الأزمة في تونس: حركة النهضة تدعو إلى عودة البلاد إلى الوضع "الدستوري الطبيعي" رغم الخلافات داخلها
ما حقيقة الدور الإماراتي فيما تشهده تونس؟
قرارات الرئيس التونسي: تصحيح لمسار الثورة أم انقلاب على الدستور؟
مواضيع قد تهمك نهاية
فبعد مرور ثلاثين يوما على تعليق الحياة البرلمانية وإقالة الحكومة لا تزال معظم التنظيمات السياسية والنقابية في البلاد تنتظر كشف الرئيس سعيد عن "خارطة طريق" للخروج من الوضع الحالي. أضف إلى ذلك أن الرئيس لم يعين بعد لا رئيسا للوزراء ولا حكومة باستثناء وزير الداخلية، كونها وزارة تنطوي على بعد أمني خالص.
الآن وقد مر شهر على تجميد الحياة البرلمانية وحل الحكومة، ثمة تساؤلات عديدة حول نوايا الرئيس قيس سعيد وكفاءته وقدرته على العبور بتونس الى بر مسار ديمقراطي آمن.
وتتناسل الأسئلة. ماذا يريد الرئيس فعلا؟ هل سيتمكن من قطع دابر الفساد والمفسدين؟ هل تتجه نيته الى العودة إلى الحياة البرلمانية؟ هل يسعى الى إعادة هيكلة النظام السياسي وتغيير طبيعته من شبه برلماني حاليا الى رئاسي؟
أما القرار الثاني الذي زاد من الجدل السياسي القائم حول حركة النهضة فهو إعلان زعيمها راشد الغنوشي عن إعفاء كل أعضاء المكتب التنفيذي للحركة وإعادة تشكيله.
ويبدو القرار، لأول وهلة، تجاوبا مع مطلب واحد من أصل مطلبين تقدم بهما أعضاء في آخر اجتماع لمجلس الشورى. الأول يقضي بحل المكتب التنفيذي للحركة. والثاني ينص عل منح تفويض كامل الصلاحيات لقيادة جديدة مستقلة عن رئاسة الحركة، تدير الأزمة السياسية وتعالج القضايا الداخلية.
غير أن إعلان راشد الغنوشي لم يشر في بيانه الى التجاوب مع مطلب منحه تفويضا كامل الصلاحيات لقيادة جديدة تدير الأزمة السياسية الحالية.
وثمة أسئلة كثيرة حول ما إذا كانت هذه الخطوة كافية لرأب الصدع بين أجنحة الحركة والحفاظ على وحدتها؟ هل يمكن أن تعصف بزعيمها؟ هل هي إصلاحية؟ أو مجرد مناورة سياسية لدرء الانتقادات؟
هذه هي الديمقراطية التونسية اليوم بعد عشر سنوات على الثورة. وضعها شبيه بوضع المصاب بفيروس كورونا، الذي يقف في مفترق طرق في يومه العاشر: فإما أن تصمد أعضاؤه الداخلية في وجه الفيروس ويتماثل للشفاء وإما أن تنهار وتستلم ويقضى عليها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى