لمع نجمه مع ثورة ٢٥ يناير، ورافقها كظلها؛ فكان أول من اعتبرها مؤامرة وتصدّى لها وشهّر بالثوار، وأول من احتفل بنجاحها وكشف المؤامرة التي حيكت ضدها وضده شخصياً وجعلته يُشكّك فيها، ليعود مجدداً وينقلب عليها ويصفها بالـ “فشل”، احتراماً لذائقة الجمهور الذي ملّ من سماع مصطلح “مؤامرة” نفسه، وتحسباً من عودة الثوار إلى الميادين وطرده منها كما حصل عام ٢٠١١.
معرّص عابر للمراحل، لا يخشى في تعريصه لومة ثائر أو تسجيلاً أرشيفياً يفضح تقلبه. يقفز بخفة من موقف لآخر كما يقفز الأرنب بين المزارع باحثاً عن الملفوفة الأكبر. نجح بصناعة اسمه والتميّز بين نخبة الإعلاميين المصريين وتحوّل من فتى مغمور إلى نجم لامع يتلقى سيناريوهات برامجه من السلطة بشكل مباشر، يحقق مع المعارضين والسُياح على الهواء، ويتمتع بطبطبة/ضرب تركي آل الشيخ على كتفه.
ضيفنا هو المحقق المخبر الإعلامي، طبل السلطة وبوقها وفقاشاتها، لمبة الشاشات المصرية والعربية، الأستاذ الكبير عمرو أديب، يُحدثنا عن ثورة يناير وغيرها من المواضيع في الذكرى العاشرة على اندلاعها.
الحدود: أستاذ عمرو؛ هلّا أخبرتنا عن موقفك الأخير من ثورة ٢٥ يناير؟
عمرو: ما الذي تقصده بموقفي الأخير؟ موقفي الأخير هو موقفي الأول، لم أغيره في يوم من الأيام وأتحداك أتحداك أتحداك أن تثبت العكس. طوال عمري وأنا منحاز للثورة والثوار، لكنّني نضجت وتغير الثائر بالنسبة لي. انحزت لثورة الرئيس الأسبق حسني مبارك – رحمه الله – في وجه التخلّف والهتاف في الميادين العامة، ثمّ أدركت أنّه ليس ثائراً يُعتد به حين تنحى وتخلّى عن كرسي الثوار، ليملأه ويملأ قلبي وعيني وعيوننا جميعاً الثائر الأعظم، الرئيس الدكر السيسي، الذي نجح بقيادة ثورة أسطورية ضد الشعب والدستور والعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والثورة.
الحدود: ماذا عن المرحلة التي انحزت بها لثوار يناير وبكيت على الشاشة مؤكداً أنّك خُدعت وغُرّر بك؟
عمرو: خُدعت، بكل بساطة، خُدعت وسأُخدع تاني، عادي بتحصل، أغراني صوت الجمهور في الميادين وقدرتهم على معاقبة من يقف ضدهم بطرده من الميدان؛ فاعتقدت أنّ لديهم من القوة ما يكفي لقيادة البلد وإعلامه، ليتبيّن أنّهم مجرد شباب هزيل، يتساقطون قتلى في الميادين، لا تساوي قوتهم نصف قوة الرئيس والجيش المصري العظيم.
الحدود: هل تعتقد إذن أنّ ثورة يناير لم تأتِ بأي خير لمصر؟
عمرو: الثورة كانت شراً لا بُدّ منه، أنا لا أُنكر أهميتها، حتى بالنسبة لي شخصياً؛ فولاها كنت حتى الآن مجرد حكم في Arabs got talent أكرر جملة “فُلَّة شمعة مِنَوَّرة” لجميع المواهب، ولمَا صرت مُحللاً سياسياً مرموقاً واسماً مشهوراً في العالم العربي أظهر ساعات كاملة على الهواء لأتحدّث عن الثورة وأكشف مؤامرات الإخوان؛ ولولاها أيضاً، لما جاء مرسي العياط إلى الحكم وعيّن السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي وزيراً للدفاع، مهدياً بذلك مصر أعظم هدية تحظى بها في تاريخها.
الحدود: خلال فترة مرسي وصفت الشعب المصري بالـ “الفاشل”، وشدّدت على مخارج الحروف مؤكداً أنّك لا تستثني منهم أحداً، رغم أنّ الرئيس السيسي كان في صفوف الشعب آنذاك، كيف تُفسّر هذا؟
عمرو: الشعب فاشل وستين فاشل، ولا أسمح لك أن تضع الرئيس في خانتهم؛ فهو الرئيس والقائد والبطل والدكر، ليس جزءاً من الشعب حتى لو لم يكن رئيساً آنذاك؛ فقد كان يرتدي بزته العسكرية، هل تعتبر الجيش جزءاً من الشعب يا أستاذ؟
الحدود: لنعد لموضوع الثورة. بصراحة؛ هل تحمل أي ضغينة ضد ثوار يناير بسبب طردهم لك من ميدان التحرير عقب نجاح الثورة؟
عمرو: طبعا لأ، مش ححقد على شوية عيال وقحين سفلة لعنة الله عليهم فشلة محدودي التفكير عاجزون عن تطوير أفكارهم وينادون بذات الشعارات ضد أي حكم عسكري دون تمييز. أنا المخطئ بنزولي إلى الميدان؛ فأنا إعلامي، والإعلامي مكانه الاستوديو، حيث يستطيع الصراخ بما يشاء وعلى من يشاء، ورد اعتباره أمام كل من يهينه دون مواجهة أي خطر.
الحدود: ما سر نجاح الإعلامي برأيك؟
عمرو: هناك عدة عوامل لنجاح أي إعلامي، يتمثّل الأول في بقائه إعلامياً أصلاً وعدم إيقاف برنامجه وسحله وسجنه، ولا يُمكن تحقيق ذلك إلا بالدراسة وبذل جهود حقيقية في معرفة طبيعة السلطة التي تحكم البلد، وتحديد آليات واضحة لكسب ثقتها وطمأنتها لعدم قدرتك على الخوض في أي موضوع يزعجها. أمّا العامل الثاني فهو عدم الاكتراث للحقائق؛ فالحقيقة هي الفخ الذي يقع فيه الإعلامي الشعبوي الذي يلهث وراء رضا الجمهور بإخبارهم بها، دون إدراك أنّها نسبية كما نعرف جميعاً.
وأخيراً، هناك العفوية، تحدّث على الهواء وكأنّك تتحدث مع نفسك، ارفع حاجبيك، اشتم حين تشعر بالغضب، أخبر الجمهور حين تشعر بالجوع، حكّ رأسك، اضربها بيديك، اسرح خلال الحديث، تصرّف على راحتك، تحدث قليلاً في أي موضوع، واملأ بقية الوقت بأي شيء، فالهواء هواؤك، ابنِ قصر عال، اخطف نجم الليالي، اشغلك عقد غالي يضوي أحلى الصباااايا.
الحدود: ما هي المبادئ التي يجب أن يلتزم بها الإعلامي برأيك؟
عمرو: المبادئ؟
الحدود: المبادئ، المواقف، التي على الإعلامي الثبات عليها مهما تغيّرت الظروف
عمرو: يا أستاذ ربنا يكرمك، ما دايم إلا وجه الله. الثابت الوحيد هو التغيير.
الحدود: وماذا يعني لك الجمهور؟
عمرو: جمهوري أهم ما أملك، والحمدلله جمهوري العريض في رئاسة الجمهورية والحكومة والوزارات وإدارة القنوات التي عملت بها يتابعونني باستمرار ويثنون على عملي بدلالة حصولي على أعلى أجر بين الإعلاميين العرب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى