ما جرى فى ميدان التحرير مساء أمس الأول كان تجربة عملية على حرق الثورة، وقد كان مشهد إضرام النيران فى مخيمات المعتصمين بالميدان بالغ الدلالة والإيجاز فيما يتم مع الثورة الآن.
وإذا كان المرابطون فى الميدان قد أظهروا نبلا وبسالة فى مقاومة القطعان السائبة التى هاجمتهم، فإن المشهد يظل حافلا بالعديد من الأسئلة وعلامات الاستفهام الحائرة.
لقد كان الحديث عن الدفع بأعداد من البلطجية على كل لسان، من وسائل إعلام إلى مصادر أمنية رسمية، وحتى حكومة عصام شرف والمجلس العسكرى، بل أن سيناريوهات الهجوم والانقضاض باتت معروفة منذ مأساة 28 يونيو الدامى، وعلى الرغم من ذلك وجد البلطجية الطريق سالكة إلى ميدان التحرير، بل ومفروشة بالإهمال والتقصير والاسترخاء، ولا أريد أن أقول التواطؤ ممن يفترض أن وظيفتهم فى الحياة هى حفظ الأمن والتصدى لميليشيات الإجرام المنظمة.
والمفاجئ فى الأمر أن البيانات الصادرة عن وزارة الداخلية تتحدث عن فلول تحركها عصابات منظمة للإجهاز على ما تبقى من مساحات ثقة بين الثوار والشرطة، وعلى الرغم من ذلك يتحرك البلطجية بمنتهى الحرية والأريحية ليضربوا ويحرقوا هنا وهناك دون أن يردعهم أحد.
ولا معنى لذلك إلا أن من بيدهم الأمر يبدون وكأنهم يقفون على مسافة واحدة من المتظاهرين والثوار من جانب، وعصابات الفلول والبلطجية التابعة للقوى المضادة للثورة من جانب آخر، ومن ثم يصبح مفهوما ذلك الغضب المشتعل فى الصدور والتشكك فى أن ثمة تواطؤا وترحيبا بعمليات إنهاك الثورة وتشويه الثوار بوصمهم بالبلطجة.
ولو أمعنت النظر فيما تسكبه بعض الأقلام المتسخة من سخائم ضد ميدان التحرير والمرابطين فيه ستدرك أن الثورة فعلا فى خطر، كونها واقعة بين خطرين يتربصان بها، الأول: تصاعد هجمات البلطجية المسلحين، مقترنا بتكثيف القصف من قبل الخلايا، التى كانت نائمة من إعلام النظام الساقط، التى استيقظت وشمرت عن سواعدها الآن لتشويه صورة الثوار والمتظاهرين واعتبار ميدان التحرير ــ قبلة الثورة ــ مصدرا للشرور والأخطار على البلد.
أما الخطر الثانى فهو تلك الحالة من الصمت المريب والاكتفاء بالفرجة من جانب أولئك الذين استمدوا شرعية حكمهم للبلاد من ميادين الثورة وهم يرون قطعان الوحوش تنهش فى لحم الثورة الحى وتعقر المتظاهرين فى سمعتهم ووطنيتهم ونقائهم، حتى بلغ الأمر ببعضهم حد التشكيك فى استشهاد الشهداء.. ولعل التعامل الرسمى مع قضية الشهداء والمصابين ما يؤكد أنهم ضجوا بهذه الثورة بعد أن نالوا مرادهم منها.
ولذلك كله تصبح مليونية الجمعة 8 يوليو بمثابة النداء الأخير على القوى السياسية بجميع أطيافها، وقطاعات الشعب المصرى بمختلف فئاته وطبقاته لإنقاذ الثورة من مخططات وأدها وسيناريوهات إجهاضها.
إن الحل سيبقى دائما فى الميدان، وها هى ميادين مصر تناديكم مرة أخرى: كونوا أو لا تكونوا.. أنقذوا ثورتكم أولا ثم فكروا فى عدد المقاعد والحصص.
إن الطائرة لا تزال مختطفة فأجلوا حسابات فرص الوصول إلى كابينة القيادة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى