مدحت أنور نافع الوفد : 13 - 07 - 2011
حالة من الخوف انتابت طفلى الصغير حينما شاهد واستمع إلى اللواء محسن الفنجرى وهو يلقى بيان الحرب..أقصد بيان المجلس الأعلى الأخير، فولدى "مالك" طفل رقيق المشاعر انفعل بشدة مع هتافات الثورة وتحمّس لأغانيها الوطنية. كثيراً ما راقه منظر اصطفاف الثوّار فى ميدان التحرير،
ولكنه أيضاً يلعب "البلاى ستيشن" ويعرف من بعض ألعابها هيئة الشرّير الذى يصارعه بطل اللعبة طوال الوقت دون جدوى، ولا أعرف على وجه التحديد أى وحوش الألعاب استحضرها ذهنه الصغير، وهو متسمّر فى هلع أمام شاشة التلفاز وقت إذاعة البيان الفنجرى..يووه أقصد العسكرى. اتصلت بى زوجتى مفزوعة عبثاً تحاول تهدئة الولد ولم تكن تعرف على وجه التحديد علّة ما يحدث، ولكننى استمعت فى خلفية المكالمة صوتاً جهورياً غير واضح يصدر عن التلفزيون فطلبت منها إغلاقه كى أسمعها بوضوح، فإذا بالطفل قد هدأ وذهب عنه الفزع!! عندئذ فقط اتضح كل شئ.
لم أكن أتصوّر أن خطاباً يُوجّه إلى الأمة المصرية التى أبهر شعبها العالم بثورته، يحمل كل هذا القدر من التهديد هيئةً وإلقاءً، بل ومضموناً أيضاً. لم أكن أتصوّر أن بياناً يُلقى على شعب مصر العظيم يتجاهل ثورته وغضبته، بل وينفخ فيها ويشعلها بلهجته الحادة المنفعلة!. لم أكن أتوقّع أن إصبع السبّابة الذى أشهره خطباء مصر العظام فى وجه الاحتلال والطغيان بغية تحرير الوطن، سيُشهَر بالتهديد والوعيد لأناس منّا، آثروا الإنصهار تحت شمس يوليو الحارقة، بغية استعادة الثورة والانتصار لمبادئها!. يا ولدى هذا إصبع عمّك "الفنجرى"، الذى أجّجت تحيته العسكرية لشهداء الثورة مشاعر الملايين منذ بضعة أشهر. يا ولدى هذا عمّك الفنجرى، الذى ألقى الرعب فى قلوب فلول النظام أيام ثورتنا الأولى، ولا أحسبه يقصد أن يلقى فى قلبك الصغير رعباً مثله. يا ولدى، هذا رجل عسكرى استأمنه المصريون على ثورتهم المدنية، وأمهله الثوّار ستة أشهر لتحقيق مطالبها، فمرّت وقد اشتعلت بعض الفتن ثم انطفأت ولم يتحقق من تلك المطالب شيء يذكر.
استطاع الشعب الذكى أن يمضى بسلام عبر محطات عديدة كانت واحدة منها كفيلة بتمزيق وحدة صفه وإزهاق ثورته، أذكر منها على سبيل المثال: بكائيات الرئيس السابق ودعوى آسفين يا ريس التى أعقبها معركة الجمل، ثم تشكيل لجنة التعديلات الدستورية وما أثارته من جدل، ثم الاستفتاء الماكر على التعديلات الدستورية، ثم إحراق بعض دور العبادة، ثم جدلية الدستور أولاً أم الانتخابات.. هذا الذكاء الثورى الذى باركه الله قطعاً وأيده بنصر من عنده لم يرق للكثيرين ممن وضعوا خطة للانقضاض على الثورة، أو لدعم جهود الثورة المضادة، التى لم ينكرها لا المجلس العسكرى ولا مجلس الوزراء، فما كان من هؤلاء إلا اللعب على أوتار قديمة بالية مثل عجلة الإنتاج، ووقف الحال الذى يحدثه الاعتصام مما يستنهض الكتلة الصامتة، التى لم تنتم إلى الثورة ولكنها لم تكن تعارضها. تلك الكتلة التى كانت تبكى مبارك مساءً فتمنحه شرعية البقاء ثم تبكى وائل غنيم فى الصباح فتنقم من مبارك وآله عنفهم وفسادهم! هذه كثرة لا تخيفكم أيها الثوّار، هم غئاء كغثاء السيل لا ينتصرون لحق ولا لبهتان. هم كثرة لا تغنى ولا تضر. هم يصدرون قعقعة وضجيجاً، ولكنهم أبداً لا يلتحمون ولا يغادرون "الكنبة" التى يصدرون من فوقها الأحكام. يقول قائلهم وقد انتفخت أوداجه، نحن شعب لا نُحكَم إلا بالكرباج وبالأحكام العرفية والتعذيب!..أهذا ما يصبو إليه بحق جموع المصريين أو كثرتهم الراشدة؟ يقول قائلهم اقتلوا المعتصمين بالتحرير أو حرّقوهم!، ألم تكن نلك دعواهم منذ أشهر قليلة، ثم ارتدّوا عنها بحجة أنهم كانوا مغيّبين أو مقهورين؟ هل تلك الكثرة المخزية هى ما يركن إليه المجلس العسكرى للتصدّى للثورة والثوّار؟ إذن فالنتيجة معروفة، فأعضاء حزب "الكنبة" لا ولن يقام عليهم بنيان، ولن ينجحوا فى تلوين مصر بصبغة الخنوع وذل العبيد والأتابكة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى