من المهم الان ان نجيب عن السؤال: ما فائدة هذا للولايات المتحدة الامريكية؟ فمن ناحية صرفت واشنطن اموالا طائلة لدعم نظام مبارك الذي كانت تعتبره احد دعائم اساس وجودها في الشرق الاوسط. لقد كانت تقدم له مساعدات مباشرة (كل ثالث دولار في الاقتصاد المصري هو من امريكا) وكذلك المساعدات العسكرية. ومن ناحية ثانية لعبت المنظمات غير الحكومية التي تمولها الولايات المتحدة الامريكية، دورا رئيسيا بالاطاحة بهذا النظام. وطبعا المصاريف المالية لنشاط المنظمات غير الحكومية والتعاون العسكري – التقني ليست كبيرة، وهذا لايعني ان هذا الفرق يؤثر على الفعالية.
يبدو من هذا ان هناك تعارضا بين النهج الرسمي للادارة الامريكية (فمثلا لمساندة مبارك صرفت واشنطن مبلغ 1.5 مليار دولار سنويا) وبين النشاط " التخريبي " للمنظمات غير الحكومية التي تمولها نفس هذه الادارة. ومن المضحك ان تقوم السلطات البحرينية عام 2009 مثلا بمنع مبعوثي المعهد الوطني الديمقراطي من دخول البحرين بحجة قيامهم بتمويل ومساندة قادة المعارضة الشيعية حسب رأيهم. وهذه المعارضة الشيعية هي نفسها التي تعتبر تابعة " لايران " والتي بعد مرور سنتين كانت ستطيح بالنظام. لقد كان هذا سيحصل لولا التدخل العسكري المباشر من جانب المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة. انه لمن الغريب ان تسعى من جانب لمساندة الانظمة العربية ومن جانب اخر اعداد معارضة لهذه الانظمة وايضا مساعدة طهران التي ليست حليفة لواشنطن. ان تفسير هذه الظاهرة الشاذة برأي ليس في نظرية " المؤامرة العالمية "، بل في محاولة قوات الامن الامريكية استخدام المنظمات غير الحكومية ونشطاء المعارضة في تحقيق اهدافها الضيقة. أي اللعب على جميع الجبهات ووضع جميع طبقات الطيف السياسي " موضع اهتمامهم ". وبمعنى اخر ان الامريكان يدركون جيدا ان الانظمة في البلدان العربية ليست ابدية، ولذلك فهم يسعون الى اعداد انظمة جديدة من سياسيين موالين لهم. ان احد الاهداف الرئيسية لـ " فريدوم هاوس " (الذي كان يرأسه فولسي الرئيس السابق لوكالة المخابرات المركزية حتى عام 2005) هو الدعاية ونشر افكار انموذج الحياة الامريكية وقيمها ".
وكما يحدث دائما عند تنفيذ مشاريع عالمية ضخمة تصبح ادارتها سيئة، والبحرين خير مثال على ذلك. المنظمات غير الحكومية تتحول الى هياكل مستقلة ومبعوثيها الذين يبذرون الميزانية بمهارة دون ان يفكروا من يساندون ودون التعمق بمشاكل البلد الخاصة. ويمكن ان نفهم الى ماذا تؤدي هذه الامور، ولو على ضوء مثال اسامة بن لادن الذي كان في وقت ما " تحت سيطرتهم " والذي تحول خلال زمن قصير الى عدوهم الرئيسي. ان الذين سيستلمون السلطة بنتيجة " الثورات " في البلدان العربية لن يكونوا من خريجي المعهد الصربي لاعداد الثوار، بل هم اسلاميون من هذه او تلك من المجموعات. ومن الافضل ان يكونوا من " المعتدلين ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
اهلا بكم فى مدونة افتكاسات .من فضلك اكتب تعليقك مع مراعاه ان من الممكن السيدات والانسات يروا التعليق من فضلك اجعلة مناسب .. بدون الفاظ ... وشكرا لكم ... هشام حسنى